• عدد المراجعات :
  • 1219
  • 1/9/2012
  • تاريخ :

الصلاة ومعالجة النسيان

الصلاة ومعالجة النسيان

يكون مفهوم التذكر والنسيان قضية أساسية يجعلها الله تعالى مصطلحا ويطرح الإسلام من زاويتها ويسميه " ذكرا " ويسمي المستجيبين له " متذكرين " ويسمي الكافرين به والمنحرفين عنه " ناسين ".

كيف يعالج الإسلام " حالة النسيان " الخطيرة في الإنسان؟

 طبعا ليس السؤال عن علاج يكون ضمانا كاملا لتذكر الإنسان وعدم نسيانه، لأن الضمان في هذا المجال يعني الاجبار أو شبه الاجبار على التذكرالعقيدي والسلوكي، ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا، ولكنه تعالى لم ينشئ عالم الإنسان على هذا الأساس بل على أساس إبقاء معادلة التذكر والنسيان قائمة، كي يكسب الإنسان بإرادته ومعاناته فضيلة الاهتداء، ويتحمل بسوء إرادته مسؤولية الكفر والمعصية. بل نجد في كثير من نصوص الإسلام ودلائل العقل وآيات الحياة أن مسألة التكامل بالمعاناة، والتناقص بسوء الاختيار قانون ثابت لا يمس: (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غيرممنون).

فالمعالجة الإسلامية لحالة النسيان إذن مجالها فيما دون الضمان الكلي الاجبار أي في تهيئة الأجواء المتعددة المحيطة بالإنسان من عالمه الداخلي والخارجي التي تساعده وتدفعه إلى التذكر.

أما القسم العقيدي من هذا النسيان، ويرافقه النسيان السلوكي طبعا، بمعنى نسيان الإنسان لربه وآخرته فيعالجها الإسلام فيما يعالجها ب ‍ " الذكر " أي بالقرآن وما فيه من آيات الدعوة إلى الإيمان التي لا تدع أفقا من آفاق التذكر إلا وتفتحه ولا لونا من ألوان معالجة النسيان إلا اتبعته: فمنها ما يلطف حتى يلمس أعماق القلب فيضيؤها، أو أعماق النفس فيثيرها. ومنها ما يشف حتى يجري الدمعة الحري، أو يرفرف بالروح في الملأ الأعلى. ومنها ما يضع يد الإنسان على مكنون نفسه وأسرار محيطه وحقائق حياته.. ومنها ما ينزل على هذا الغافل خطابا منصبا من أعلى السماوات. ومنها ما يقرع أعماق هذا الناسي وجلده بالمقارع. وما يتذكر إلا من ينيب.

وليست معالجة حالة هذا " النسيان الأكبر " من صلب حديثنا عن الصلاة، فالصلاة يأتي دورها في معالجة " النسيان السلوكي " الذي يتعرض له الإنسان بعد تذكره العقيدي وإيمانه بالله تعالى ورسوله واليوم الآخر، فيعرض عن تطبيق شريعته و " ينسى " أوامر الله ونواهيه في سلوكه. أي أن دور الصلاة هو في معالجة حالة الانحراف في المسلمين أو الوقاية منها ما شئت فعبر وهو دور هام جدا لأن الانتقال من الكفر إلى الإسلام، من حالة النسيان الكبرى إلى التذكر العقيدي، يبقى انتقالا شكليا ما لم يتم معه التذكر السلوكي.

إذا نظرنا إلى المجتمع الإسلامي نجد أن الضمانات النسبية التي يعتمدها الإسلام لتطبيق أحكامه وقوانينه متفوقة في الكم والنوعية على الضمانات التي تعتمدها كل المبادئ المعروفة بما فيها أحدث المبادئ والتشريعات في إقامة المجتمعات والدول.

فهناك ضمانة السلطة، ففي الحديث الشريف

" أما أنه لا بد للناس من سلطان، وأن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.. "

 وهذه الضمانة مشتركة في أصلها بين الإسلام وغيره.

وهناك ضمانة ضمير التقوي في المسلم، ويقابلها في المبادئ الأخرى ما تستطيع أن تحققه في نفس أفرادها من ضمير بقيمها إن كانت، وبقايا الفطرة.

وهناك ضمانة المجتمع، المتمثلة بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرالتي يتفرد بها الإسلام، والتي هي مشاركة شعبية كاملة ومسؤولية عن سلوك الدولة والأفراد.

هذه الضمانات النسبية الثلاث تشكل أجواء هامة تحيط بالإنسان المسلم فتعالج فيه حالة " النسيان السلوكي " وتذكره بالسلوك القويم. ولكن موقع الصلاة من هذه الضمانات كما تدلنا نصوص الإسلام يأتي في القلب منها.


تنمية القابليات في باطن الإنسان

القابليات الروحية لدى الإنسان

التربية البدنية من وجهة نظر الإسلام

مناقشة نظرية نسبية الأخلاق

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)