• عدد المراجعات :
  • 2659
  • 11/1/2011
  • تاريخ :

فَأيُّكُمُ لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِي‌

فَأيُّكُمُ لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِي‌

لقد تربّي‌  الإمام‌علي بن ابي طالب(عليه السلام) في‌ احضان‌ رسول‌ الله‌ منذ الطفولة‌، و كان‌ تحت‌ تربيته‌ و تعليمه‌؛ يقول‌ محمّد بن‌ طلحة‌ و هو شافعي‌ّ المذهب‌ توفّي‌ سنة‌ 654 هـ، و ابن‌ الصبّاغ‌ المالكي‌ المذهب‌ المتوفّي‌ سنة‌855 هـ:  لمّا نشأ علي بن‌ أبي‌ طالب‌ ( عليه‌ السلام‌)  و بلغ‌ سنّ التمييز، أصاب‌ أهل‌ مكّة‌ جدبٌ شديد و قحطٌ أجحف‌ بذوي‌ المروة‌ و أضرّ بذوي‌ العيال‌ إلي‌ الغاية‌؛ فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌  واله‌  و سلّم‌ لعمّه‌ العبّاس‌ ـ و كان‌ من‌ أيسر بني‌ هاشم‌ ـ يا عمّ إنّ أخاك‌ أباطالب‌ كثير العيال‌ و قد أصاب‌ الناس‌ ما تري‌، فانطلق‌ بنا إلي‌ بيته‌ لنخفّف‌ من‌ عياله‌ فتأخذ أنت‌ رجلاً واحداً و ءاخذ أنا رجلاً فنكفلهما عنه‌.

 قال‌ العبّاس‌: أفعلُ. فانطلقا حتّي‌ أتيا أبا طالب‌ فقالا: إنّا نريد أن‌ نخفّف‌ عنك‌ من‌ عيالك‌ حتّي‌ ينكشف‌ عن‌ الناس‌ ما هم‌ فيه‌. فقال‌ لهما أبوطالب‌: اذا تركتما لي‌ عقيلاً و طالباً فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ واله‌ و سلّم‌ علياً و ضمّه‌ إليه‌، و أخذ العبّاسُ جعفراً فضمّه‌ إليه‌؛ فلم‌ يزل‌ علي مع‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و اله‌  و سلّم‌ حتّي‌ بعث‌ الله‌ عزّوجل‌ محمّداً نبيّاً فاتّبعه‌ علي عليه‌ السلام‌ و ءامن‌ به‌ و صدّقه‌ و كان‌ إذ ذاك‌ في‌ السنة‌ الثالثة‌ عشر من‌ عمره‌ لم‌ يبلغ‌ الحلم‌ و قيل‌ غير ذلك‌. و أكثر الاقوال‌ و أشهرها انّه‌ لم‌ يبلغ‌ الحلم‌، و أنّه‌ أوّل‌ من‌ أسلم‌ و ءامن‌ برسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ واله‌  وسلّم‌ من‌ الذكور...

 قاله‌ الثعالبي  في‌ تفسير قوله‌ تعإلي‌: السَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَـ'جِرِينَ وَ الاْنصَار ، و هو قول‌ ابن‌ عبّاس‌ و جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاري‌ و زيد بن‌ أرقم‌ و محمّد بن‌ المنكدر و ربيعة‌ المرائي‌؛ و قد أشار علي بن‌ أبي‌ طالب‌ (عليه‌ السلام‌ ) إلي‌ شي‌ء من‌ ذلك‌ في‌ أبيات‌ قالها رواها عنه‌ الثقاة‌ الاثبات‌، وهي‌ هذه‌ الابيات‌:

 مُحَمَّدٌ النَّبِي‌ُ أَخِي‌ وَ صِنْوِي                 وَ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَداءِ عَمِّي‌

 وَ جَعْفَرٌ الَّذِي‌ يُضْحِي‌ وَ يُمْسِي‌           يَطِيرُ مَعَ الْمَلَئِكَةِ ابْنُ أُمِّي‌

 وَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ سَكَنِي‌ وَ عِرْسِي‌           مَنُوطٌ لَحْمُهَا بِدَمِي‌ وَ لَحْمِي‌

 وَ سِبْطَا أَحْمَدٍ وَلَدَايَ مِنْهَا                  فَأيُّكُمُ لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِي‌

 سَبَقْتُكُمُ إلي‌ الإسْلاَمِ طُرَّاً                غُلاَمَاً مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلْمِي‌

 وَ أَوْجَبَ لِي‌ وِلاَيَتَهُ عليكُمْ                  رَسُولُ اللَهُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمِّ

 فَوَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ ثُمَّ وَيْلٌ                         لِمَن‌ يَلْقَي‌ الإلَهَ غَدَاً بِظُلْمِي

 والعجب‌ من‌ هذين‌ العالمين‌ السنيّين‌ كيف‌ يعدّان‌ هذه‌ الاشعار لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ يقيناً و كيف‌ سيعترفان‌ و يقرّان‌ بدخول‌ ظالميه‌ إلي‌ جهنّم‌ تبعاً لقوله‌ عليه‌ السلام‌!!

 و قد نُقل‌ عن‌ جابر بن‌ عبدالله‌ الانصاري‌ انه‌ قال‌: سمعتُ علي بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ يُنشِد و رسول‌ الله‌ يسمع‌:

 أَنَا أَخُو الْمُصطَفَي‌ لاَ شَكَّ فِي‌ نَسَبِي         بِهِ رُبِّيتُ وَ سِبْطَاهُ هُمَا وُلْدِي‌

 جَدِّي‌ وَ جَدُّ رَسُولِ اللَهِ مُنْفَرِدٌ         وَ فَاطِمٌ زَوْجَتِي‌ لاَ قَوْلَ ذِي‌ فَنَذِ

 صَدَّقْتُهُ وَ جَمِيعُ النَّاسِ فِي‌ بُهَمٍ         مِنَ الضَّلاَلَةِ وَ الإشْرَاكِ وَ النَّكَدِ

 قال‌: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَهُ وَ قَالَ: صَدَقْتَ يَا علي! و يشرح‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ (نهج‌ البلاغة‌) ضمن‌ خطبته‌ (القاصعة‌) فترة‌ صباه‌ في‌ صُحبته‌ لرسول‌ الله‌:

وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي‌ مِنْ رَسوُلِ اللَهِ صلّي‌ اللهُ عليه‌ و ءاله‌ بِالقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَ الْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ، وَضَعَنِي‌ فِي‌ حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ وَ يَضُمُّنِي‌ إلي‌ صَدْرِهِ، وَيَكْنُفُنِي‌ إلي‌ فِرَاشِهِ وَ يَمُسُّنِي‌ جَسَدَهُ، وَ يَشُمُّنِي‌ عُرْفَهُ، وَ كَانَ يَمْضَغُ الطَّعَامَ ثُمَّ يُلَقِّمنِيهِ، وَ مَا وَجَدَ لِي‌ كِذْبَةً فِي‌ قَوْلٍ، وَ لاَ خَطْلَةً فِي‌ فِعْلٍ.

 وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَهُ بِهِ صَلّي‌ اللَهُ عليه‌ و ءاله‌ مِن‌ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيمًا أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ، يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنِ أَخْلاَقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ اَثَرَ أمَّهِ، يَرْفَعُ لِي‌ فِي‌ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلاَقِهِ عِلْمًا وَيَأْمُرُنِي‌ بِالإقْتِدَاءِ بِهِ.

 وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي‌ كُلِّ سَنَةٍ بِحَرَاءَ، فَأَرَاهُ وَ لاَ يَرَاهُ غَيْرِي‌، وَ لَمْ يَجْتَمِعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي‌ الإسْلاَمِ، غَيْرَ رَسُولِ اللَهِ صَلّي‌ اللهُ عليه‌ وءاله‌ وَ خَدِيجَةَ، وَ أَنَا ثَالِثُهمَا، أَرَي‌ نُورَ الْوَحي‌ِ وَ الرِّسَالَةِ، وَ أَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ، وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحي‌ عليهِ صلّي‌ اللَهُ عليه‌ وءاله‌، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ: هَذَا الشَّيطَانُ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ، إنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَي‌ مَا أَرَي‌، إلاَّ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِي‌ٍّ ولَكِنَّكَ وَزِيرٌ وَ إنَّكَ لَعلي‌ خَيْرٍ..

 والعجب‌ انّه‌ مع‌ هذا المقام‌ و المنزلة‌ و الوصايا التي‌ أكّد عليها الرسول‌ و جعلِهِ علياً وصيّاً و وزيراً و وليّاً للمؤمنين‌ و خليفته‌ من‌ بعده‌، فانّهم‌ اجتمعوا في‌ سقيفة بني‌ ساعدة‌ قبل‌ أن‌ يُدفن‌ جسد الرسول‌ المطهّر، ففعلوا ما فعلوا، و لم‌ يكتفوا بسلب‌ الخلافة‌، بل‌ عمدوا إلي‌ مصادرة‌ بُستان‌ الصدّيقة‌ الطاهرة‌ فاطمة‌ بنت‌ رسول‌ الله‌، فسلبوا نِحلة‌ رسول‌ الله‌ و كسروا فؤاد بنت‌ رسول‌ الله‌.


أمير النحل 

علي عليه السلام مثال في الزهد 

علي في حرب أحد 

أن الله اختار النبيّ وعلياً (عليهما السلام)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)