• عدد المراجعات :
  • 607
  • 10/23/2011
  • تاريخ :

حوار مع الباحث والمترجم عبد المحمد آيتي – 2

حوار مع الباحث والمترجم عبد المحمد آیتی

بدأ نشاطک الجاد بعد تخرجک من کلية العلوم المعقولة والمنقولة. أول أعمالک هو ترجمة (المعلقات السبع).

بعد الکلية، درست الصرف والنحو، واردت تطبيقها. کنت قد درست العربية بعمق وجد، وألفيت أن الوقت قد حان لاستخدام تجاربي. شرعت علاقتي باللغة العربية القديمة عبر قراءة کليلة ودمنة لابن المقفع. وتابعت قراءة الأعمال المعاصرة بمطالعة آثار جبران خليل جبران. هاتان المدرستان اللغويتان کانتا فاتحة جيدة بالنسبة لي. العربية لغة صعبة. وأعلم جيداً أن ما تعلمته ليس الا قطرات من بحر عظيم. اطلقوا على طه حسين لقب عميد الأدب العربي. فقال معترضاً: وهل يمکن أن يکون للغة العربية عميد؟

کان في زمانک أساتذة کبار ترکوا بصماتهم ولا شک على استيعابک للغة العربية وآدابهم.

طبعاً؛ في مشهد کان هنالک المرحوم أديب نيشابوري الذي تخرج على يديه العديد من الاساتذة المبرزين مثل بديع الزمان فروزانفر، وبروين کنابادي، ومدرس رضوي، وملک الشعراء بهار وآخرون. وقد تتلمذت على يـد بروين کنابادي الذي کان بحق أديباً قديراً لا يدانيه في العربية أستاذ. کان هؤلاء خيرة أساتذة العربية.

أول أعمالک الکبرى کان ترجمة "المعلقات السبع": في أية سنة انجزته؟

ترجمت المعلقات لـ "کتاب الأسبوع" الذي کان يصدره أحمد شاملو. ثم نشرت الترجمة في مجلة "صدف". السبب هو تأثير المعلقات والشعر الجاهلي في الأدب الفارسي. حينما نقرأ في الأدب الفارسي لشاعر قوله "کسنجنجل تراب" ففي ذلک إشارة إلى بيت معروف لامرؤ القيسي يقول فيه "مصقولة کالسجنجلِ". وکذا حينما يقول منوجهري في بيته:

من بسي ديوان شعر تازيان دارم زبر

تو نداني خواند "الا هبي بصحنک فاصبحين".

ومعناه:

ما اکثر ما حفظته من دواوين شعر العرب

وأنت لا تستطيع قراءة "الا هبي بصحنک فاصبحينا".

وهو إشارة إلى معلقة عمرو بن کلثوم.

کانت المعلقات تُدرّس في المدارس الإيرانية ضمن مادة العربية. وکان بمقدور ترجمة جزلة لهذه المعلقات أن تسلط مزيداً من الأضواء الإيضاحية على الشعر العربي الجاهلي. نظمت المعلقات من قبل شعراء عرب قبل الإسلام، وکانت تعد نصوصاً ذات قيمة روحية ومعنوية عالية لدى العرب. کان العرب الجاهليون ينظرون لها بعين الاحترام. وإذا ظهر شاعر في قبيلة أقاموا له الاحتفالات. في کل الأحوال ترجمة هذه النصوص الشعرية إلى الفارسية کان أمراً ضرورياً.

عاش شاعران جاهليان في عهد الإسلام أيضاً وعرفوا بالشعراء المخضرمين.

نعم؛ عاشوا الجزء الثاني من أعمارهم بعد ظهور الإسلام. مثل حسان بن ثابت الذي أدرک الرسول ورد على هجاء الکفار للرسول والمسلمين. وکعب بن زهير أدرک الإسلام هو الآخر وکان نجل الشاعر الجاهلي الکبير زهير بن ابي سلمى.

کعب بن زهير وشعراء آخرون کانوا في البداية يهجون النبي (ص).

أجل؛ وقد أهدر الرسول دماءهم. إلا أن کعباً استشفع أبا بکر وجاء إلى المدينة فألقى قصيدة رائعة في المسجد مدح بها الرسول الأکرم (ص) وأعلن إسلامه، ومنها البيت القائل:

أنبئتُ أن رسول الله أوعدني

 والعفو عند رسول الله مقبولُ

وقد عفا عنه الرسول بعد سماعه هذه القصيدة.

إنجازک اللاحق کان ترجمة " غزليات أبي نؤاس".

أبو نؤاس عظيم الشهرة في بلدان العرب. ولعله في مصاف سعدي الشيرازي عنـد الإيرانيين. حينما ترجمت نماذج من قصائده الغزلية، لاحظت أن نظير هذه الأشعار التي نظمها شعراء عرب قلما تحظى في إيران باهتمام الباحثيـن والمترجمين، والحال أن من الضروري جداً أن ينقل مترجمونا قصائد أخرى لهؤلاء الشعراء العرب إلـى الفارسية بأقرب وقت ممکن.

من أعمالک الأخرى ترجمة "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري في جزئين، ماذا هن هذا المنجز؟

"رسالة الغفران" التي ترجمتُها، من تحقيق السيدة بنت الشاطئ تلميذة الدکتور طه حسين. تتوزع الرسالة إلى جزئين. الأول بعنوان سياحة أبن القارح في الجنة والجحيم والبرزخ. فيما يشبه جنة دانتي وجحيمه وبرزخه. وقد اخترت لها في الترجمة عنوان "آمرزش" أي الرحمة.

والکتاب الآخر الذي ترجمته هو "العبر" لأبن خلدون. اما مقدمة هذا الکتاب المعروفة والتي اودعها ابن خلدون نظرياته في علم الاجتماع فقد ترجمها استاذي المرحوم بروين کنابادي. وقد أفدت من ترجمته في ترجمتي للعبر، والتي صدرت في ستة مجلدات. بالإضافة إلى الترجمة، حاولت التنبيه إلى بعض المؤاخذات الإنشائية في ذلک الکتاب. من المعروف أن الخط العربي في المشرق يختلف عنه في المغرب، إلى درجة أن أبن خلدون ذاته يروي أن شاعراً من المغرب (الاندلس) أعطانـي قصيدة لأعطيها لأحد حکام المشرق، وکان الخط الذي کتبت به القصيدة مختلفاً إلى درجة اضطررت معها لنقلها إلى الخط المشرقي کي اسلمها لذلک الحاکم.

کتب أبن خلدون تاريخ "العبر" بالخط المغربي، ولأن الذين طبعوا الکتاب لم يکونوا عارفين بالخط المغربي ظهر الکتاب مليئاً بالأخطاء الإملائية. فمثلاً في موضع ما من الکتاب تحولت "الشجاع لجماله" إلى "الشعاع بجماعة" وهي کلمة بلا معنى. لقد اطلعت على المصادر التي اعتمدها أبن خلدون، وقارنتها، ومنها العهد العتيق، وأبن العبّار، وأبن الأثير، وغيرها من المصادر.

ترجمت أيضاً "معجم الأدباء" في مجلدين، و"تقويم البلدان" ، و"الحوادث الجامعة"، واجزاء من رسائل أخوان الصفا. مضافاً إلى ترجمة ونشر کتابين لحنا الفاخوري.

نعم؛ ترجمت کتابين لحنا الفاخوري. الأول "الفلسفة العربية" الذي عنونته في الترجمة الفارسية "تاريخ الفلسفة في العالم الإسلامي" وقد صدر. باستثناء الکندي لم يکن أي من الفلاسفة المذکورين في الکتاب عرباً: ابن رشد، وابن سينا، والفارابي، لم يکن أي منهم عربياً. لذلک عنونتُ الکتاب في الترجمة الفارسية "تاريخ الفلسفة في العالم الإسلامي". وقد زار حنا الفاخوري إيران في الفترة الأخيرة فاعطيته نسخة من الترجمة الفارسية.

ما هي رؤية حنا الفاخوري للأدب الفارسي أو الفلسفة في إيران؟

المؤسف أن العرب لا يتوفرون على معلومات تذکر حول الآداب والثقافة الإيرانية. اعتقد أنه کما يجب على الباحث الإيراني المختص بالتاريخ أن يجيد العربية، کذلک يتعين علـى الباحث العربي أن يجيد الفارسية، فالعديد من الکتب التاريخية دوّنت باللغة الفارسية. المؤسف هو أن تيار البحث والتحقيق في البلدان العربية على العکس من ذلک. اننا في إيران نعرف المتنبي، وأبا تمام، والمعري جيداً، ولنا معرفة واسعة بالآداب والثقافة العربية والتاريخ العربي. لکن العرب لا يولون أهمية للآداب والثقافة الإيرانية، بينما نرى المستشرقين تعلموا اللغة الفارسية بلا استثناء، وأسدوا خدمات جليلة للثقافة والآداب الإيرانية. مع أن هذه الخدمات کانت غالباً من الطرفين.

طبعاً ترجم الکاتب العربي "البنداري" قصص الشاهنامة إلى العربية.

نعم؛ وانا أيضاً نقلت هذا الکتاب إلى الفارسية، ولکن قيل قديماً أن زهرة واحدة لا تحقق الربيع، اننا نتحدث عن علاقات بحثية ثقافية متقابلة.

کتابک التالي هو "رندا" الذي ضم عشرين قصة قصيرة لکتاب سوريين.

"رندا" عنوان قصة قصيرة لزکريا تامر. تعلمون أن هذا الکتاب يحتوي عشرين قصة قصيرة لکتاب سوريين معاصرين. قصص لکوليت الخوري، وليد اخلاصي، رياض عصمت، وداد سکاکيني، وغيرهم. ترجمة قصة واحدة لکل منهم ليتعرِّف القارئ الإيراني على القصة العربية المعاصرة من خلال هذه النماذج. وقد ترجمت مجموعة أخرى بعنوان "سر الصخور" تضمنت قصصاً لجبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وامينة السعيد، وتوفيق الحکيم، وعبدالله الدوخي، وسواهم من الکتاب العرب.

لکن عملک المهم ترجمة جديدة للقرآن الکريم قيمة جداً، هذا بالإضافة إلى ترجمتک الصحيفة السجادية ونهج البلاغة.

ترجم القرآن الکريم کثيراً إلى الفارسية في السابق، ودونت الکثير من الشروح والتفاسير له. حاولت في ترجمة القرآن الکريم الرجوع بنحو جامع إلى معظم التفاسير والترجمات الموجودة.

 وقد أعيدت طباعة ترجمتي مرات عديدة. راجعت لهذه الترجمة تفسير "التبيان" للشيخ الطوسي، وتفسير أبي الفتوح، وتفسير الإمام الفخر الرازي، وتفسير الميزان للعلامة الطباطبائي، والتفسير الأمثل لمجموعة من علماء قم. وحيث أن الترجمة ذوق وقريحة، حاولت أن تخرج هذه الترجمة بأسلوب سردي جديد ومميز، ذلک أنني کنت أتعامل مع الکلام الإلهي. وقد سعيت أن يتضح للقارئ من أول سطور يقرؤها من الترجمة أنه حيال کلام إلهي. طبعت هذه الترجمة من قبل اللجنة الثقافية في اليونسکو طباعة جد قيمة ونادرة.

وثمنها کان غالٍ أيضاً.

نعم؛ کل نسخة من هذه الترجمة بلغ ثمنه 000ر110 تومان (نحو 100 دولار). انجز القرآن الکريم الخطاط أحمد خان تبذريزي، وخط نصوص الترجمة علي فلسفي، زينت کل صفحات هذه الترجمة بفنون تذهيبية زخرفية باهرة وخرجت عملاً فنياً رائعاً في عشرة آلاف نسخة.

اعداد وتقديم : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي – تبيان


حوار مع الباحث والمترجم عبد المحمد آيتي – 1

 ميرزا تقي خان امير کبير

حافظ الشيرازي - الشاعر العارف 

فارابي المعلم الثاني

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)