• عدد المراجعات :
  • 1350
  • 9/17/2011
  • تاريخ :

هل الدنيا هي الغاية والهدف؟

الدنیا

يمر الإنسان في عمره بمراحل من الطفولة إلى المراهقة فالشباب فالرجولة فالكهولة.. ولكل مرحلة من هذه المراحل سمة خاصة يكون ميل الإنسان فيها إلى تصرف ما أو هوى ما، فهو صغيراً مولع باللعب ثم لا يلبث أن يكبر بعض الشي‏ء حتى إذا بلغ تعلق باللهو والملاهي، ثم إذا ازداد عمراً اشتغل بتحصيل الزينة من الملابس والمراكب (السيارات وغيرها) والمنازل وتعلق بالحسن والجمال، ثم إذا كان كهلاً أخذ بالتفاخر بين أقرانه بحسبه ونسبه وعلمه ومنصبه وماله.. ثم إذا شاب مال إلى الاستكثار من المال والولد. يقول تعالى عن ذلك: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ...) ثم يكمل المولى موضحاً نهاية هذا كله بقوله: (...كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) هذا في الدنيا... (وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)2.

 

فالدنيا بكل مباهجها فانية ومن وما عليها فان..

إذا كنت لا تصدق انظر حولك.. إلى أمك.. إلى أبيك.. إلى جدك.. لقد كانوا أطفالاً ومراهقين وشباناً و.. وها هم اليوم أمام عينيك شيوخ غزا مفارقهم الشيب وخطت سنوات العمر على وجوههم آثارها وهم الآن في ضعف ومرض.. أين الشباب؟.. أين القوة؟.. أين الجمال؟.. أين النضارة؟..

هل تركت لهم الدنيا شيئاً؟ هل منع مالهم أو عشيرتهم أو قوتهم عنهم الهرم والكبر؟ أبداً..

فهل تريد أن تكون مثل أولئك الذين فنوا في الدنيا فأفنتهم... أم يكونون لك مثالاً وموعظة..

هذه حال الدنيا فهل تستحق أن نفني أعمارنا وقوانا على تحصيلها بدون اعتناء بالحياة الحقة.

يقول الإمام الخميني (هذا الخبير المجرب للحياة): "كر الدنيا وفرها وصعودها وهبوطها (كل ذلك) ينقضي بسرعة وكلنا نسحق تحت عجلات الزمن... ومن خلال ملاحظاتي ومطالعاتي في حال الشرائح المختلفة وصلت إلى هذه النتيجة وهي أن الشريحة المقتدرة والثرية آلامها الداخلية والنفسية والروحية أكبر من سائر الشرائح إن لهؤلاء آمالاً وتمنيات كثيرة لم يحققوها وهي أشد إيلاماً بل وتحرق الأكباد"3.

والإمام الصادق عليه السلام أيضاً يخبرنا: "مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان إزداد عطشاً حتى يقتله"4.

وعن مثل هؤلاء المنكبين على الدنيا الذين جعلوها هدفهم يقول تعالى: (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ)5.

فالدنيا لا تشبع جوعاً، ولا تروي ظمأً، لأن هناك ظمأً إلى الحق أشدَّ من الظمأ إلى الماء وهناك ظمأ إلى الحقيقة أشد من ظمأ الأكباد.

ما السبيل إلى الخلاص؟

إذن الدنيا ليست هدفاً ولا تستحق أن تكون هدفاً لأنها فانية ونحن عنها راحلون ولها مفارقون والحياة الحقيقية ليست حياة الأبدان وإنما هي حياة الأنفس.

وأما السبيل إلى هذه الحياة فيقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)6.

الحياة التي يدعونا إليها اللَّه والرسول هي الحياة الحقة والتي ننعم فيها باللذائذ التي لا تنتهي وهي التعرف على الذي خلقنا والإهتداء إلى معرفته إذ هو الحقيقة ومعرفته هي الغرض والهدف.

عن الإمام الصادق عليه السلام: "لو يعلم الناس ما في فضل معرفة اللَّه عزّ وجلّ لما مدوا أعينهم إلى ما متع اللَّه به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها وكانت دنياهم أقل عندهم مما يطؤونه بأرجلهم ولنعموا بمعرفة اللَّه عزّ وجلّ وتلذذوا بها تلذذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء اللَّه...".

ولماذا يا إمامنا؟ يكمل الإمام عليه السلام: ".. إن معرفة اللَّه عزّ وجلّ أنس من كل وحشة" فلا نستوحش ولا نعيش الغربة.

"وصاحب من كل وحدة" لأن اللَّه معنا نشعر بوجوده ونعرفه.

"ونور من كل ظلمة" فلا نخاف الظلام.

"وقوة من كل ضعف وشفاء من كل سقم"7 فلا مرض ولا من يحزنون.

فمن ذا يا ترى يبدل ويختار دنيا تفنى وتزول ثم تكون حطاماً على ما يبقى ويدوم ولا يفنى؟ من يختار الدنيا على اللَّه؟ إلا الأحمق.

عن الإمام الصادق عليه السلام: "من تعلق قلبه بالدنيا تعلق قلبه بثلاث خصال: هم لا يفنى وأمل لا يدرك ورجاء لا ينال"8.

فيا أيها العزيز توقف لحظة وتفكر هل تختار الحياة الحقة واللذة الدائمة والأمن الذي لا خوف معه وتأتي إلى اللَّه طالباً قربه ملتمساً رحمته خاطباً وده أو تفني عمرك فيما لا يبقي ولا يسمن ولا يغني من جوع؟!! هل تبصر طريقك الموصل إلى اللَّه أم تظل حائراً تائهاً في ظلمات الدنيا بين شهوة وأخرى حتى يأتي أمر اللَّه وتلقى حتفك؟!! قرر فبيدك القرار...

خلاصة

إن الإنسان لا يتلاءم مع المجهول، لأنه إذا بقي في المجهول بقي في الظلمة والجهل وهو لا يحب ذلك.

الدنيا بكل مباهجها فانية ومن عليها، والدنيا لم تترك لأحد شي‏ء ولم تمنعهم من الفناء. لا تستحق الدنيا أن تكون هدفاً لأنها فانية والحياة الحقيقية ليست حياة الأبدان وإنما هي حياة الأنفس. والحياة الحقيقية هي بالتعرف والاهتداء إلى الخالق الرحيم ومعرفته يجب أن تكون الهدف الحقيقي لنا.

 أسئلة

1- هل الدنيا غاية الإنسان وهدفه؟

2- ما هي الحياة التي يدعونا اللَّه إليها ورسوله؟

3- أجب بـ(صح) أو (خطأ):

أ- الإنسان يحب معرفة الجواب عن كل سؤال ...........................

ب- من يحصل على السعادة في الدنيا فلن يحصل عليها في الآخرة ...........................

ج- كل فقير فهو تعيس وكل غني فهو سعيد ...........................

د- الإنسان يحب الدنيا لأنه يظن أنها كاملة لا نقص فيها ...........................

إيّاك وتحقير المؤمن‏

قال العالم التقي الحاج الشيخ محمد باقر شيخ الإسلام رحمة اللَّه تعالى عليه:

كان من عادتي مصافحة من يجلس عن يميني وشمالي، بعد الانتهاء من صلاة الجماعة.

وفي أحد الأيام عندما انتهيت من الصلاة وراء المرحوم الميرزا الشيرازي أعلى اللَّه مقامه التفتّ وصافحت الرجل الذي كان جالساً إلى يميني، وكان واحداً من أهل العلم الأجلاّء. بينما كان يجلس عن شمالي رجل قرويّ‏ِ استصغرت قدره ولم أصافحه.

ثم ما لبثت أن لمتُ نفسي على تصورها الضال ذاك وقلت لها: ربما يكون هذا الرجل المستهان به في نظرك، محترماً وعزيزاً عند اللَّه!!

ثم التفت إليه على الفور وصافحته بكل أدب، وإذا بي أشمّ‏ُ منه رائحة مسك عجيب لا يشبه المسك الدنيويّ، فغمرتني حالة من البهجة الشديدة والفرح الغامر، فسألته احتياطاً: هل معك مسك؟

قال: لا أنا لم أحمل معي مسكاً على الإطلاق.

فأيقنت حينئذٍ أنها من الروائح الروحانية والمعنوية، وأيقنت أيضاً أنه رجل روحاني جليل القدر.

ومنذ ذلك اليوم عاهدت نفسي أن لا أنظر أبداً إلى مؤمن نظرة احتقار.

اعداد وتقديم : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي – تبيان

هوامش

1- الأنعام: 122.

2- الحديد:20.

3- وصايا عرفانية.

4- الكافي، ج‏2، ص‏136.

5- الرعد: 14.

6- الأنفال: 24.

7- الكافي، ج‏8، ص‏247.

8- الكافي، ج2، ص320.


أثر الطعام في روح الانسان

الهدوء النفسي

النزاع بين الميول النفسانية والوجدان الأخلاقي

القواعد والأسس المعنوية والنفسية للتوبة الحقيقية

التغذية السليمة في القران

التحليل النفسي في الاسلام

علينا ان نكشف الحجب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)