• عدد المراجعات :
  • 773
  • 9/14/2011
  • تاريخ :

معالجة ضعف السيطرة الحقوقية في الدستور

ايران

من الانجازات المهمة لدستور الجمهورية الاسلامية في ايران تعيين نظام تلقائي لمطابقة القوانين العادية مع الدستور . فمن أجل التأكد من عدم تناقض القوانين العادية مع الدستور ، تمّ انشاء مؤسسة باسم مجلس صيانة الدستور ، لها مسؤوليات محددة في المادة 91 من الدستور ضمن محورين :

بهدف صيانة أحكام الاسلام والدستور من حيث عدم مغايرة مصوبات مجلس الشورى الاسلامي معها ... [1] .

وجاء أيضاً في المادة 94 : ينبغي ارسال كافة مصوبات مجلس الشورى الاسلامي إلى مجلس صيانة الدستور ... [2] .

وهكذا عولجت قضية السيطرة على القوانين العادية بنحو جيد عبر التشديد على «كافة المصوبات» . بينما نلاحظ أن صورية الدستور في النظام السابق ، جعل من غير الضروري أن يكون له آلية سيطرة حقوقية . فالدستور السابق (1906 ومتممه في عام 1907م) لم يصرح بوجود مؤسسة خاصة للسيطرة السياسية على مصوبات السلطة التشريعية فيما يتعلق بانسجامها مع الدستور [3] . وعليه فكما ذكر الدكتور قاضي بدقة : يمكن اعتبار مجلس صيانة الدستور جزءاً لا يتجزء من السلطة التشريعية [4] .

بغية صيانة الدستور والتثبت من السعي لتحقيق ما يحتويه من أهداف ، غالباً ما تنشئ البلدان مؤسسة تضطلع بهذه المهمة والمسؤولية . فمثلاً ، في دستور الجمهورية الخامسة (1958) تمّ ايجاد مجلس باسم «مجلس الدستور» يحمل على عاتقه مسؤولية التوفيق بين القوانين العادية ومواد الدستور . وفيما يلي نسوق أمثلة من الدستور الفرنسي على هذا الصعيد ، ليتاح لنا تقييم أفضل وأوضح لمكانة مجلس صيانة الدستور وأهميته .

في مجلس الدستور تسعة أعضاء ، مدة عضيوتهم تسع سنوات ، ولا يجوز أن يكونوا أعضاء لدورة ثانية ... وعلاوة على الأعضاء التسعة المذكورين أعلاه ، يضم مجلس الدستور في عضويته رؤساء الجمهورية السابقين قانونياً وإلى مدى العمر . ويعني رئيسُ الجمهورية رئيسَ مجلس الدستور ... (المادة 56) . يشرف ملجس الدستور على حسن تنفيذ قانون انتخابات رئاسة الجمهورية ، ويتولى متابعة الاعتراضات ، ويعلن عن نتائج الانتخابات (المادة 58) ، يشرف ملجس الدستور على حسن تنفيذ الاستفتاءات ، ويعلن عن نتائجها (المادة 60) ينبغي ارجاع القوانين الأصلية بعد الامضاء واصدار أمر التنفيذ ، وكذلك الأنظمة الداخلية للمجلسين قبل التنفيذ ، إلى مجلس الدستور ليعلن عن رأيه بخصوص تطابقها مع الدستور ... (المادة 61) القرارات التي يُعلن عن تعارضها مع الدستور ، لا يجوز امضاؤها أو اصدار الأمر بتنفيذها . ولا يمكن الاعتراض على قرارات مجلس الدستور ، ومن واجب القوى العامة والشخصيات الادارية والقضائية تطبيقها [5] .

إن مثل هذه المقارنات تكشف النقاب عن سذاجة أو سوء نية بعض المطالبين بالغاء آلية السيطرة في دستور الجمهورية الاسلامية . وحيث إن ثمة فريقاً يفضِّل رؤية الآخرين عنّا على رؤيتنا لأنفسنا ، لذلك تتضاعف الأخطاء وتتراكم . فمثلاً يتغافل استيفان دي تشي في تعريفه مجلس صيانة الدستور عن واجباته القانونية الخطيرة المرسومة له في دستور الجمهورية الاسلامية في ايران ، ليشدد فقط على مسؤولياته الدينية ، ما ينم عن مقارنة ايديولوجية لثورة ايران الاسلامية والمكانة القانونية لمجلس صيانة الدستور من ناحية ، وعن نسيان العلائق الطبيعية والبديهية التي تشد كل المجتمعات وخصوصاً الثائرة منها إلى دستورها من ناحية أخرى . كتب يقول :

توزعت الطاقات التنفيذية بين مجلس الشورى الوطني ] الاسلامي [ ومجلس صيانة الدستور ـ علماء الاسلام ، التي تعيد النظر في مصوبات المجلس بهدف التثبت من مطابقتها للاسلام [6] . وكما يلاحظ فقد تمّ النظر لمجلس صيانة الدستور هاهنا كونه منفصلاً عن السلطة التشريعية وغير ذي صلة بالدستور (الميثاق الوطني) .

الهوامش:

[1] ـ دستور الجمهورية الاسلامية في ايران ، م س ، ص68 .

[2] ـ م س .

[3] ـ د. أبوالفضل قاضي ، م س ، ص112 .

[4] ـ م س ، ص113 .

[5] ـ الدائرة العام للمعاهدات الدولية ، دستور الجمهورية الفرنسية ، الدائرة العامة لقوانين ومقررات البلاد ، ط1 ، 1997 ، ص40 ـ 42 .

[6] ـ استيفان دي تشي ، أسس علم السياسة ، ترجمة الدكتور حميدرضا ملك محمدي ، منشورات دادگستر ، ط1 ، 2000 ، ص181 .


النشاط الاقتصادي بعد الثورة الاسلامية (1)

نبذة عن النشاط الاقتصادي بعد الثورة الاسلامية (2)

الدين والسياسة وكفاءة الحكومة الدينية (1)

الدين والسياسة وكفاءة الحكومة الدينية (2)

مراجعة للمساعي العلمية بعد انتصار الثورة (1)

الثورة الاسلامية، التصدير والتأثيرات الاقليمية والعالمية (2)

دستور الجمهورية الاسلامية

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)