• عدد المراجعات :
  • 3379
  • 8/23/2011
  • تاريخ :

لماذا تصبح الآلهة التي يعبدها المشركون من دون الله سبباً لهلاكهم ؟

عباده

قال الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُمِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) (الروم: 43)

لماذا تصبح الآلهة التي يعبدها المشركون من دون الله سبباً لهلاكهم ؟

أهذه سنة إلهية ضمن النظام الموجودوالحاكم في الكون؟

أم أن الله عز وجل يريد أنيُري البشر قدرته في إهلاك المخالفين؟

قبل الإجابة لابد لنا من بيان أن منصفات الله عز وجل هو "التكبر". فلو حاربه شخص في صفة التكبر لأخذه الله أخذ عزيز مقتدر ولقمعه بجدية، فلا ينازعه في صفاته احد. جاء في الرواية أن الله تعالى سيرمي بالشمس في نار جهنم لأن جماعة من المشركين عبدوها من دونه، فتئنّ الشمس من حرارة جهنم. قال تعالى: (إِنَّكُمْ وَماتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ)(الأنبياء: 98).

وهنالك سببان لعذاب المشركين بمايعبدون، هما:

أولاً:التقدير الإلهي

فقد شاءت مشيئة الرب بأن يكون المشركون عبرة لغيرهم، ففرعون الذي ادّعى الربوبية قال له الله تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِك لِتَكُوْنَ لِمَنْ خَلْفَكَ آية) (يونس: 92) لأنه ادّعى الربوبية، فجعله الله عبرة وآية للأجيال القادمة بعده.

ثانياً: السنة الإلهية

بينّا سابقا أن الله سخّر الطبيعة من أجل البشر، فإذا انعكس الوضع وأصبح البشرخاضعاً وعابداً لها يغتر بها ويتخذها أرباباً من دون الله، فسوف تتسلط وتقضي عليه حينما يأتي أمر الله.

أنّ هناك ثلاث حالات من الإهلاك بالماء:

1- فرعون مصر، لأنه قال: (يا قَوْمِ أَلَيْسَ لي‏مُلْكُ مِصْرَ وَ هذِهِ الأنْهارُ تَجْري مِنْ تَحْتي‏ أَ فَلا تُبْصِرُونَ)(الزخرف: 51).

2- حضارة بلاد الرافدين الذين أغرقوا لأنهم اغتروا بنعم الله عليهم وتفاخروا بما يملكون من فضل الله.

3- قوم سبأ في اليمن لأنهم اغتروا بسد مأرب فانكسر السد وأغرقهم الماء.

و كل من يذنب يُعذّبه الله بعذاب يتناسب مع الذنب الذي يرتكبه، وهذه بعض الأمثلة:

قوم عاد:إغتروا بالجبل ليعصمهم من الله، فأهلكهم الله بالحجارة.

أصحاب الأيكة: قداغتروا ببساتينهم التي كانت تُسقى بماء المطر، واغتروا بالمطر، فأمطر الله عليهما لعذاب من سحابة ظنوا بأنها نعمة عليهم.

قوم لوط:كانوا يفتخرون بحضارتهم، فأهلكهم الله بقلب سبع قرى فأهلكت جميعها مرة واحدة .

قارون الذي أُعجب بزينته: خُسِفت به وبزينته الأرض.

وهكذا يقول الله عزّ وجل: (وَما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(البقرة: 57).

فالعبرة أن لا نغترّ بأنعم الله وأن لانجعلها سداً بيننا وبين ربنا. ولكي لا نُبتلى بالشرك يجب أن نفصل بيننا وبين مانحب بفاصلةٍ هي ذكر الله عز وجل، فلا نحب إلا ما يحبه الله، ولا نتّبع من أحببنامن ولدنا أو مالنا أو جاهنا أو... فربما يكون سبباً في هلاكنا يوما ما.

وأحد الأمور التي يحذّرنا النبي (ص)منها ويخاف على أمته منها هو إتباع زلّة العالم، وذلك بإتباعه من دون وعي وإدراك.!مثل ما فعل أهل الكوفة بإتباعهم شريح القاضي الذي كان يُظهر الإيمان ويُبطن النفاق، ففي حقيقة الأمر فإنّ شريح هو الذي قتل الإمام الحسين (ع) بفتواه حيث اتبعه الجاهلون من أهل الكوفة.

فالمفروض قراءة القران وروايات أهل البيت (ع) والتدبر فيهما لكي نعرف متى وأين نتوقف.

ولكي لا نقع في فخ الشيطان يجب أن نكون حذرين من إتّباع كل ناعق، فأحد صفات المؤمن أنه (حذرمن أقرب إخوانه) وأن نعمل كما " أراد الله " أي ما يكون فيأمر الله وطاعته.

 (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ)

(وجه)الإنسان يعني طريق تحركه، و(القيّم) يعني ما به القوام، أي أن الدين الذي نتبع جوهره سيكون لنا قواماً وحافظاً من الزلاّت.

يقول الإمام الرضا (ع) في حديث سلسلة الذهب: (لا اله إلا الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي... بشروطها، وأنا من شروطها) أي من قال: (لا اله إلا الله) قلباً ولساناً وعملاً وكان توجهه إلى الرب سيدخل حصناً يحفظه من الهلاك.

وفي هذه الآية يأمرنا ربنا بأن نتبع جوهر الدين (القيّم)، فإذا رأيتم أحدهم لا يصلي اعلموا بأن مشكلته تكمن في عقيدته وليس في صلاته، أي إن جذور إيمانه ليست راسخة وقوية.

(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ)

علينا إصلاح أنفسنا وحياتنا قبل أن نصل إلى نهاية المطاف حيث لا مردّ لنا ولا طريق أمامنا لإصلاح ما أفسدناه.

وعند تلقين الميت، الذي وصل إلى نهاية المطاف في حياته الدنيا، نحاول أن نذكّر الأحياء بعقائد الدين، لأننا سنصل في يوم من الأيام إلى هذه النهاية ونوضع في قبر مظلم ويأتينا الملكان ليسألونا عنها،فبماذا نجيبهم؟

قال تعالى: (اسْتَجيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّلَهُ مِنَ اللَّهِ) (الشورى: 47).

فلنصلح أنفسنا ولا نستخف بالدين منقبل  أن يأتينا يوم لا فرار منه.

(يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ)

هل رأيتم الكأس الزجاجي حينما يسقط كيف يتصدّع ويتلاشى ويتحول إلى قطع صغيرة؟ ففي ذلك اليوم ستسقط الروابط العائلية والاجتماعية والدنيوية ليصّدّع الإنسان إلى قطع صغيرة.

ففي رواية أن الأب يأتي أبنه يوم القيامة فيقول له: هل تعرفني؟

فيجيب: نعم أنت أبي.

فيقول الأب: أنا ربيتك وأفنيت عمري من أجلك واليوم نقصت حسناتي وأريد منك أن تعطيني حسنة واحدة.

فيجيبه الابن: أنا أحوج إلى الحسنات منك، فيرجع من عنده خائباً باكياً.

وكذلك الأم تأتي ولدها أو بنتها فتقوللهم مثل هذا الكلام وتطلب منهم أن يأخذوا سيئة واحدة من سيئاتها فيتحملوا وزرهاعنها، فتُجاب بأن سيئاتهم أكثر ولا يستطيعون أن يُثقلوا أكتافهم بسيئات غيرهم، فترجع باكية خائبة. قال تعالى: (يَوْمً يفرُّ الْمَرْءُمِنْ أخيهِ. وَأُمّهِ وَأبيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَبَنيِهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنيهِ) (عبس: 34- 37)

لا تفكروا بأن ذلك اليوم بعيد،"فكل آت قريب". وهناك البعض من الناس يأتيه الملكان في الليلة الأولى فيقبره ومن ثم يُغفل عنه حتى يفتح عينيه في القيامة.

وفي سورة يس نقرأ في أحوال المشركين قول الله عنهم: (ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةًواحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَ هُمْ يَخِصِّمُونَ) (يس: 49)

آية الله محمد تقي المدرسي

اعداد سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان


أبعاد الروح الإنسانية– العبادة

معني الايمان لغويا

معني الإيمان اصطلاحاً

ما هي الخطوات المعتبرة لمعرفة الدين؟

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)