• عدد المراجعات :
  • 1899
  • 8/6/2011
  • تاريخ :

إشكال وجواب حول العباده

عبادة

قد يقال: إن العبادة تعني السير التكاملي الذي عينه الله لكل موجود ليحصل على كماله، ويشمل جميع الموجودات ?يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ? الجمعة:1 ، ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون? الذاريات:56 ، فإنه تعالى مستغن عن هذه الصلاة والصيام، إنه خلق الموجودات لأجل أن يطوي كل إنسان طريق تكامله ويصل إلى هدف الخلقة.

والجواب: إن لدينا ثلاثة مطالب: وفي الوقت ذاته تلزم تكملة.

أحدها: ما ذكر في القرآن في باب العبادة التكوينية، فإن القرآن يسمي كل عمل يقوم به أي موجود، في أي مكان ورتبة ومقام كان تسبيحاً وعبادة، وهذا على أساس أن كل الموجودات تسير نحو الكمال. والكمال المطلق هو الله تعالى، أي أن كل شيء يتحرك، نحو الله. وهذا موضوع خارج عن بحثنا.

الثاني: عبادة الإنسان، أي أعماله الاختيارية، وقد قال الفقهاء: إن أي عمل يقوم به الإنسان بداعي رضى الله تعالى يكون عبادة. طبعاً العمل الذي يكون ذا صلاحية في وجوده، أي الذي يكون حسناً وصالحاً بحد ذاته، فلو فعله الإنسان لله، وكان الداعي لذلك والهدف منه هو الله، فهو عبادة. ولهذا يمكن أن يكون نوم الإنسان عبادة أيضاً. قيل: إن الإنسان لو نظم حياته بحيث يقوم بكل عمل في محله ووقته، ويربي نفسه بحيث تكون جميع أعماله لله واقعاً فهو في حالة عبادة ليلاً ونهاراً، فنومه عبادة، ويقظته عبادة، وأكله ومشيه وارتداؤه الملابس عبادة، وكل أعماله عبادة....

وعلى هذا الأساس لا تكون للإنسان لحظة لا يكون فيها مجال للعبادة....

في الإسلام نوعان من العمل: فواحد يسمى "محض العبادة" أي العمل الذي لا نفع فيه غير العبادة، كالصلاة. والآخر فيه مصالح ومنافع للحياة، ويمكننا (بل يجب علينا) أن نصوغه بصورة العبادة، فإذن أي عمل عندما يكون لله ولأجل رضاه فهو عبادة، هذا صحيح جداً، ولكن بشرط أن لا نتوهم أن هذا العمل يغنينا عن تلك العبادة التي تختص بالتوجه إلى الله واستغفاره تعالى. لا، فهذه لا تغني الإنسان عن تلك، كما لم يستغن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام عن تلك، فكل إنسان لا يستغني عن تلك العبادة.

وثمة سؤال آخر: وهو هل يقع الإنسان تحت تأثير الميل في أعماله؟ عندما يقوم الإنسان بعمل، فهو اما لحفظ اعتباره وشرفه أو لأجل مصلحته أو لأجل الأوامر الدينية، وإنه لو لم يفعله سوف يحزن ويتألم، إذن فإن الإنسان يقوم بالعمل تحت تأثير قوة جاذبة، وان الإرادة ليست مستقلة.

والجواب: هذا السؤال يناسب بحث الإرادة. وقد بينا في مسألة الإرادة الجانب التربوي فقط، فعندما تطرح مسألة الإرادة في باب التربية فسيبحث عنها من جانب واحد. وفي أماكن ومواضيع أخرى تطرح بقية جوانبها. وان ما يطرحه السؤال واقع في باب الجبر والاختيار ولا يمكننا الآن بحثه، وقد بينا معنى الاختيار في الجزء الثاني من كتاب (اُصول الفلسفة) وذكرنا هناك مسائل جديدة لم تذكر في كلام القدماء، ولم نشاهدها في كلام المعاصرين أيضاً. وهكذا ما هو ملاك المسؤولية؟ ومعنى كون الإنسان مسؤولاً، وكيف يجب أن يكون حتى يعد مسؤولاً؟ وكيف يكون لكي لا يعتبر مسؤولاً؟ ثم تطرح مسألة رابطة الإرادة بأنه هل يقع الإنسان تحت تأثير الميل عندما يريد استخدام إرادته، أو أن دور الإرادة هو اختيار ميل واحد من بين الميول المختلفة والمضادة، فلم نقل: إن الإرادة هي من شؤون العقل، قلنا إن الإرادة مرتبطة بالعقل هي القوة التنفيذية للعقل، وليست الإرادة هي عين العقل. الإرادة قوة أخرى في الإنسان. فما أكثر أصحاب العقول القوية لكن إرادتهم ضعيفة، وما أكثر أصحاب الإرادة القوية ولكن عقولهم ضعيفة، فهما قوتان، لكن عمل الإرادة تنفيذ نظريات العقل. أحياناً يحكم العقل بشيء لا يميل له الطبع، أي أن كل الميول معاكسة له. إن الميل لا يعرف المستقبل أصلاً، وهذا من خصائصه، الميل موجود عند الطفل، فعندما يريد الطعام، فإنه يريده الآن، فعندما يقال له: لا تأكل الآن حتى تشفى من المرض، فإنه يعاند ويقول: لا، أريد أن آكل الآن حتماً.

الميل متعلق بالزمن الحاضر، أي لا توجد الآن شهية لأربعين عاماً القادمة، فالشهوة الموجودة تتعلق بالآن الحاضر، ولكن العقل يقول: رب أكلة منعت أكلات. فمع أنه لا يوجد ميل للأكل الآن، إلا أن العقل يفكر ويبرمج ويختار.

 


أبعاد الروح الإنسانية– العبادة

معني الايمان لغويا

معني الإيمان اصطلاحاً

ما هي الخطوات المعتبرة لمعرفة الدين؟

الطريق الثاني لمعرفة الله الطريق من خارج

لماذا نبحث عن وجود الله سبحانه؟

لماذا نبحث ونفكر لمعرفة خالق الكون

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)