• عدد المراجعات :
  • 1282
  • 6/7/2011
  • تاريخ :

المستبصر منصف الحامدي

المستبصر منصف الحامدي

تونس - مالكي

ولد عام 1966م بمدينة " سيدي خليف " في دولة تونس، من أسرة تعتنق المذهب المالكي، واصل دراسته الأكاديمية حتى نال شهادة الديبلوم في الهندسة الميكانيكية، ثم شغل منصب رئيس قسم الدراسات لهذا الفرع.

تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام 1984م في مدينة " سيدي بو زيد " التونسية.

 

البحث الجاد والمعمّق:

كان دأب الأخ منصف التساؤل والبحث والاستفهام لاسيما في الأمور العقائدية والفكرية، ومن هذا أندفع للبحث الجاد والمعمق حتى آل به الأمر في نهاية المطاف إلى الاستبصار.

فيقول الأخ منصف: " قد لا تحمل قصة استبصاري شيئاً مثيراً ولا تضم في طياتها ما يلفت النظر، ولا سيما أنّها تحمل أموراً شخصية لا أحبذ الخوض فيها، ولكن أكتفي بالاشارة إلى الحركة الفكرية التي دفعتني إلى تغيير ركائزي العقائدية وصياغة مبادئها من جديد وفق الأسس التي توصلت إليها عبر البحث والتحقيق.

كان منشأ هذه الحركة هو مجموعة تأملات ونقاط استفهام طرحت نفسها لتكون دافعاً نحو البحث، وعندها طوّعت نفسي لرحلة استمرت سنوات، قرأت فيها جملة من كتب أبناء العامة المعتبرة عندهم، لأرفع بذلك الاستفهامات العالقة في ذهني، فاكتشفت عبر ذلك الكثير من الحقائق التي لم أكن مطلعاً عليها من قبل ".

 

البحث عن الفرقة الناجية:

ويقول الأخ منصف: " في الحقيقة كان لاستقامتي في البحث أثر في استبصاري، فكنت كثير التساؤل والاستفسار، وكان من جملة التساؤلات التي كان البحث عنها ذا تأثير كبير في صياغة مرتكزاتي العقائدية الجديدة هو الحديث المشهور المروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ أمته تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلّهم في النار إلاّ فرقة واحدة(1).

ومن هذا الحديث أنطلقت نحو البحث والتتبع، لعليّ أصل إلى معرفة هذه الفرقة الناجية، وقد كنت مهتمّاً لإيماني أنّ عدم معرفة هذه الفرقة يعني الهلاك في النار، لذلك انطلقت في البحث بعزيمة قويّة وأصرار لكي أصل إلى النتيجة بعون الله سبحانه وتعالى.

وكان لابد لي من معرفة أسباب وتاريخ حدوث الفرقة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّها تمثّل لي معرفة جذور الانحراف التي منها تتبين معالم الفرق الضالة بعد معرفة أسباب نشأتها ودوافع ظهورها في الساحة الإسلامية ".

 

لماذا لم يكتب الرسول الكتاب:

إنّ سبب عدم كتابة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الكتاب، لأنه وجدهم قد طعنوا به وهو لايزال على قيد الحياة، فإذا كان كذلك فكيف يكون الأمر بعد وفاته!.

والحقيقة أنّ الذين منعوا الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من كتابة ذلك الكتاب لم يفعلوا ذلك إلاّ لأنّهم علموا أنّ الرسول يريد أن يؤكد استخلاف عليّ بن أبي طالب من بعده. ولأنّه سبق لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن قال: " إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا "، وقال(صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه: " هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده "، ففهم الحاضرون أنّ الرسول يريد أن يؤكد ماذكره فيما سبق وهو التمسك بالكتاب وعترته، وسيد العترة هو عليّ (عليه السلام) ، وأغلبية قريش لا يرضون بعليّ (عليه السلام) ، فتقدمهم عمر ليصرح برفضه للعترة قائلاً: " حسبنا كتاب الله ".

 

أثر رزية الخميس بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):

تعتبر رزية الخميس أوّل بروز رفض خلافة عليّ (عليه السلام) ! حتى ظهر بصورة عملية بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) واتفقت آراء رؤساء القوم على عدم الائتمار بقول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا المجال.

ومن هنا بدأت الفرقة في أوساط الأمة الإسلامية بدأت واتسعت يوماً بعد يوم حتى ظهرت البدع نتيجة الأهواء لفقدان الساحة للخلافة الرشيدة الموجهة للمسلمين، حيث مهّدت الأرضية لوقوع الخلافة بيد بني أميّة أئمة الضلال، ووقع التحريف في شريعة سيد المرسلين، ونشأت الفرق وابتلت الأمة الإسلامية بأئمة الجور والضلال.

وكان سبب وقوع كل هذا الكم الهائل من التشتت والتمزق في الساحة الإسلامية هو عدم تلبية أولئك الصحابة في قبول من يعصم الأمة من الوقوع في الضلال.

 

البحث لمعرفة الإمام:

يقول الأخ منصف: " وهكذا بدأت تتجلى لي بوضوح أسباب نشأة الفرق في الإسلام، كما عرفت أنّ الخلافة التي أرادها الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن كما ذهب إليه أبناء العامة، بأنّها مسؤولية إجتماعية ترتبط بحفظ شؤون النظام، بل هي شكلا من الولاية الإلهية وعهد إلهي كالنبوّة لمن يصطفيه الله من عباده، مع التأكيد على فارق هام هو أنّ النبوّة تأسيس للرسالة والإمامة حراسة لها ".

ويضيف الأخ منصف: " خلال مطالعتي للأحاديث النبوية الشريفة قرأت قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية "، فدفعني ذلك لمعرفة إمام زماني، فطالعت جملة من كتب الفريقين حتى تجلّت لي حقيقة وجود الإمام المهدي (عليه السلام) بوضوح، وكنت أنذاك في المرحلة الأولى في معهد الهندسة الميكانيكيّة.

وبمرور الزمان اكتملت صورة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في ذهني، فعرفت أنّ الإمام الذي جعله الله بلطفه حجّة على العباد، كما عرفت أنّ السبب الذي حجبنا عن رؤيته والاتصال به هو الظروف المتردية الحاكمة على المجتمع، وأنّه تعالى قد تمت حجّته على العباد، وأنّه عزّوجلّ حذّر الناس من الوقوع في الفتن التي تمنع وصول ألطافه تعالى إلى العباد، وذلك بقوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) (الأنفال: 25).

 

اجتياز بعض العقبات المانعة من الاستبصار:

يقول الأخ منصف: " إنّ من أهم الأسباب الموجبة للاهتداء ومعرفة الحقّ التقوى، وذلك لقوله تعالى: ( إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ) (الأنفال: 29)، والفرقان هو النور الذي يقذفه الله في قلب الأتقياء فيتمكنوا به أن يميّزوا بين الحقّ والباطل، وبه يكشف الله الحجب عن فطرتهم لتميل قلوبهم وتندفع إلى الحقّ.

والعامل الوحيد الذي يدفع الإنسان للبحث عن الحقيقة بإخلاص ومن دون نيل أغراض أخرى الشعور بالحاجة إلى الهداية، وهو شعور ينطلق من الفطرة السليمة ومن النفس التي هذبها صاحبها لتكون مستعدة لتلقي الحقائق.

ولهذا بذلت غاية جهدي لأعيش حالة الاتصال الدائم بالله، وأظن أن هذا الرصيد المعنوي هو الذي مكنني للاهتداء والاستبصار، والذي جعلني متمكناً من التغلب على جميع الموانع التي اعترتني في هذا الطريق ".

وحيث كان الأخ منصف مجيداً للغة الإنجليزية والفرنسية أتاح له ذلك أن يوسع دائرة عمله التوجيهي في التبليغ والحوار مع الجاليات المختلفة، وهذا الأمر دفعه لمواصلة تتبعه في البحث والتوسع في معارف أهل البيت (عليهم السلام) ومنحه الرؤية الشمولية التي تمكّن بها من مواصلة طريق السمو والكمال في عبودية الله تعالى.

المصدر: مرکز الابحاث العقائدية

--------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- هذا الحديث كثر نقله في المجاميع الحديثية، وكثر تصحيحه فيها، بل ادعى غير واحد من الأعلام تواتره وقد أخرج بعبارات مختلفة كما في: سنن الترمذي: 4 / 381 (2641) كتاب الايمان، سنن أبي داود: 4 / 202 (4597) كتاب السنة، سنن ابن ماجه: 2 / 932 (3992) كتاب الفتن، مسند أحمد بن حنبل: 2 / 332، 3 / 120، 145، مستدرك الحاكم: 1 / 47 (10)، الجامع الصغير للسيوطي: 1 / 184 (1223، 083 1) و 1 / 516 (2641)، مجمع الزوائد للهيثمي: 1 / 189، وقد صحح هذا الحديث الترمذي في سننه، والبغوي في شرح السنة، والسخاوي في المقاصد الحسنة، والشاطبي في الاعتصام، وادعى السيوطي تواتره على ما ذكره المناوى في فيض القدير، وكذا الكتاني في نظم المتناثر.


المستبصرهاشم رمضان

المستبصر يحيى طالب مشارى

المستبصرنرسيسو اتونيو 

 

 

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)