• عدد المراجعات :
  • 744
  • 6/7/2011
  • تاريخ :

مناظرة الشيخ مغنية مع الشيخ عبد العزيز بن صالح

الورد

يقول الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله تعالى :

ذهبت إلى المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة ، وفيها جميع قضاتها وهم خمسة ، وعليهم رئيس ، كما هي الحال بمكة المكرمة ، دخلت غرفة أحدهم ، وجلست على بعض مقاعدها ، فنظر إليّ القاضي ، وقال : هل من حاجة ؟

قلت له : هل أنت قاض ٍ ؟

قال : نعم ، ونائب الرئيس.

سألته عن اسمه ؟

قال : عبد المجيد بن حسن.

قلت : هل تسمح بالاطلاع على سجل الاحكام ، فإني أحب أن أقارن بينها وبين الاحكام في لبنان ؟

قال : هل أنت قاضٍ ؟

قلت : أجل.

قال : في المحاكم الحنفية ، أو الجعفرية ؟

قلت : أنا جعفري ، وشرعت بالحديث عن الاسلام والمسلمين ، وبأي شيء يؤكدون أنفسهم ، ويطورون قواهم اجتماعيا وسياسيا ، وكان يردد قول طيب طيب ، ولا يزيد ، وحين هممت بوداعه قال : إلى أين ؟.

قلت : إلى الرئيس الشيخ عبدالعزيز بن صالح ، فأرسل معي شرطيا أرشدني إلى غرفته ، فتحت الباب ، ودخلت ، فأهل ورحب.

وابتدأت الحديث بهذا السؤال : كيف تفسرون قول الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : اختلاف أمتي رحمة (2) ؟

قال : اختلافهم في الفروع ، لا في الاصول.

قلت : إذن جميع الطوائف الاسلامية من أمة محمد ، لان الاصول هي الايمان بالله ، والرسول ، واليوم الاخر ، والكل يؤمنون بذلك دون استثناء.

قال : وهناك أصل آخر.

قلت : ما هو ؟

قال : خلافة أبي بكر ، وأنها حق له بعد الرسول بلا فاصل.

قلت : الخلافة من الاصول ؟!

قال : نعم.

قلت : لقد نفى السنة عنهم هذا القول ، ونسبوه إلى الشيعة الامامية ، وأنكروه عليهم.

قال : أجمع أهل السنة على أن خلافة أبي بكر من الاصول ، وأصرّ !!

قلت : لا يثبت أصل من أصول الدين إلاّ ببديهة العقل ، أو بنصّ الكتاب نصا صريحا ، أو بسنّة تكون بقوّة القرآن ثبوتا ، وبدلالة لا اله الا الله وضوحا ، أما أخبار الاحاد فليست بشيء في باب الاصول ، وإن كانت حجة في الفروع.

قال : هذا صحيح ، وقد تواتر عن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ إنه قال : يأبى الله ورسوله إلاّ أبا بكر (3).

قلت : كيف يكون هذا متواترا ، ولم يروه البخاري ، ولا احتج به أبو بكر ، ولا عمر ، ولا أحد يوم السقيفة حين رأى الانصار أنهم أولى من أبي بكر بالخلافة ؟

فشرع يتكلم عن الحديث وأقسامه ، ثم أكد مصرا على تواتره ، وأنه لم يخالف في ذلك إلا الشيعة.

ولما لم أجد وسيلة لاقناعه ، قلت له : هل من شرط صحة الحديث أن يثبت عند الجميع ، أو عند من يعمل به فقط ؟

قال : بل عند من يعمل به.

قلت : هذا الحديث لم يثبت عند الشيعة لا بطريق التواتر ، ولا بطريق الاحاد ، ولذا لم تكن خلافة أبي بكر عندهم من الاصول ، ولا من الفروع (4).

--------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) هو : العلاّمة الجليل والمفكر الاسلامي الكبير الشيخ محمد جواد بن الشيخ محمود مغنية ، من أبرز علماء لبنان ، ولد سنة 1322 هـ في قرية طير دبا من جبل عامل ، درس على شيوخ قريته ثم سافر إلى النجف الاشرف ، وأنهى هناك دراسته ، ومن أبرز أساتذته ، السيد حسين الحمامي ( قدس سره ) ، والسيد الخوئي ( قدس سره ) ثم عاد إلى جبل عامل وسكن قرية طير حرفا ، ثم عين قاضيا شرعيا في بيروت ثم مستشارا للمحكمة الشرعية العليا فرئيسا لها بالوكالة ، إلى أن أحيل للتقاعد.

والشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ من الذين أبدعوا في شتى الميادين الاسلامية والاجتماعية والوطنية ، توجَّه بإنتاجه وأفكاره بصورة خاصة إلى جيل الشباب في المدارس والجامعات والحياة العامة ، فكان يعالج في كتبه المشاكل والمسائل التي تؤرقهم وتثير قلقهم كمسائل العلم والايمان ، ومسائل الحضارة والدين ، ومشاكل الحياة المادية والعصرية ، وكان يقضي في مكتبته بين 14 إلى 18 ساعة من اليوم والليلة ، وأما مؤلفاته فإنها تربو على اثنين وستين كتابا ، أشهرها ، الشيعة في الميزان ، الفقه على المذاهب الخمسة ، عقليات إسلامية ، فقه الامام الصادق ـ عليه السلام ـ ، تفسير الكاشف ، في ظلال نهج البلاغة ، وله الكثير من المقالات والنشرات ، وكان كثير الذب عن التشيع بلسانه وقلمه ضد التجني والافتراءات ، توفي ليلة السبت في التاسع عشر من محرم الحرام سنة 1400 هـ ، ونقل جثمانه إلى النجف الاشرف وشيع تشييعا باهرا حيث صلّى عليه السيد الخوئي ( قدس سره ) ، ودفن في إحدى غرف مقام الامام علي ـ عليه السلام.

اقتطفنا هذه الترجمة من كتاب تجارب محمد جواد مغنية بقلمه ، وأعيان الشيعة : ج9 ص205.

(2) كنز العمال ج10 ص136 ح28686 ، تذكرة الموضوعات ص90 ، إتحاف السادة المتقين ج1 ص240.

(3) كنز العمال ج11 ص550 ح32583 ، بتفاوت.

وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج11 ص49 ، عن هذا الحديث : إنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه : « أئتوني بدواة وبياض أكتب لكم مالا تضلون بعده أبداً » ، فاختلفوا عنده ، وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله !!

(4) تجارب الشيخ محمد جواد مغنية بقلمه ص374


مناظرة الشيخ المفيد مع بعض فقهاء العامّة في حكم الإجتهاد والتصويب

مناظرة السيد محمد تقي الحكيم مع بعض علماء الأزهر في حكم

مناظرة الدكتور التيجاني مع بعض أهل السنّة في أمر بعض الصحابة

مناظرة محمد بن أبي بكر مع معاوية

الماركسية واللاأخلاق

طريقة إثبات الإسلام والشرائع السابقة

علم الكلام و رصد الحركات الإلحادية

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)