• عدد المراجعات :
  • 1102
  • 6/6/2011
  • تاريخ :

الاستخارات المأثورة مظهراً من مظاهر الإيمان باللّه

القرآن

الحمد للّه رب العالمين ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله الأمين الذي ترك في اُمّته ما إن تمسكوا به لن يَضلّوا أبدا ، كتاب اللّه ، و عترته أهل بيته صلى الله عليه و على آله الطاهرين .

﴿  حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  ﴾ [1]

قرأت في ( رسالة الإسلام ) [2] التي تُصدرها دار التقريب بالقاهرة جزءاً في تفسير القرآن الكريم للأستاذ الشهير ( الشيخ محمود شلتوت ) [3] ، و وقفت فيه على ما كتب حول تفسير هذه الآية الكريمة و قوله تعالى ( وَأن تَسْتَقْسِموا بِالأزلام ) ، و ما اختاره فيه . و قد ألحق فيما ألحق بالاستقسام بالأزلام [4] ، من الطرق بالحَصَى و ضرب الفول و الرمل ، الاستخارةَ من اللّه تعالى بالقرآن الكريم ، و حَبات السبحة المأثورة من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و زعم أن كل ذلك ينافي احتفاظ الإنسان بعقله ، و أن القرآن المجيد يصير بذلك و العياذ باللّه أداة الشعوذة .

و لا يخفى عليك أنه إنما قال ما قال ، لأنه لم يتحصل أولا معنى الاستقسام بالأزلام ، و ثانياً لم يتفهم حقيقة الاستخارة ، و أنها لم ترد في مورد استقل العقل بحسن فعله أو تركه ، أو حكم الشرع برجحان فعله أو تركه ، و لا تنافي كرامة القرآن المجيد و كونه كتاب الهدايه و الإرشاد بالتي هي أقوم ، كما أنه لا ينافي ذلك التبرك به و بآياته ، و قرائته لأجل الثواب ، و حصول بعض المقاصد كشفاء الأمراض مما هو مجرب و مأثور في الأحاديث الكثيرة المتواترة .

غير أن التأثر بالثقافة المادية المسيطرة على الأفهام و المشاعر ، يريد أن لا يقبل تأثير عالم الغيب في عالَم الشهادة ، و يريد أن لا يؤمن بعلل غير مادية و تأثيرات غيبية ، فينكر أثر التوكل و التفويض و الدعاء و الصدقة . و لذا ترى بعضهم يُنكرون معجزات الأنبياء ، و ما صدر منهم من خرق العادات في عالم المادة ، كقلب العصا بالثُعبان ، و معجزة صالح ، و حوت يونُس ، و إحياء الموتى ، و إبراء الأكمه و الأبرص ، و نصرة النبي ( صلى الله عليه و آله ) بالملائكة .

و من لا يُنكر ذلك منهم يؤوله ، و يرى الإيمان به ضرباً من الإيمان بالخرافات ، و يعد إنكاره نوعاً من الثقافة . و فتح باب ذلك في الكتاب و السنة ، يقلب الشريعة ظهراً لبطن ـ أعاذنا اللّه من شر هذه الثقافات ـ .

و في الاستخارات المأثورة التي هي ليست إلا مظهراً من مظاهر الإيمان باللّه و طلب الخير أو معرفته منه أيضاً يتبعون هذه الثقافة التي ليست من التفكير الإسلامي بشيء ، فينكرونها ، و يلحقونها تارة بأفعال المشركين و عاداتهم ، و تارة بما لم يرد فيه حديث و رواية ، و لم يثبت شرعيته من جانب الشرع .

------------------------------------------------------------------------

المصادر:

 1-  القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 107 .

2-  العدد الأول من السنة الخامسة .

3-  شيخ الأزهر الأسبق ، توفى سنة 1383 . و هذا النقد كتب في حياته عندما نشر هذا العدد ، و اُرسل إليه و هذا الذي بيد قارينا العزيز هو ما اُرسل إليه مع إضافات اُضيفت إليه عند عرضه للطبع .

4-  الأزلام جمع زلم بفتح الزاء كجمل و ضمها كصرد ، و هي قداح لا ريش لها و لا نصل ، كانوا يتفاءلون بها في أسفارهم و أعمالهم ، قيل مكتوب على بعضها أمرني ربي ، و على بعضها نهاني ربي ، و بعضها غفل لم يكتب عليها شي‏ء ، فإذا خرج ما ليس عليه شي‏ء أعادها ، و المراد بها في المشهور ، و دلالة الرواية عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) هو أن الأزلام : القداح العشرة المعروفة فيما بينهم في الجاهلية .

و القصة في ذلك : أنه كان يجتمع العشرة من الرجال فيشترون بعيرا فيما بينهم و ينحرونه ، و يقسمونه عشرة أجزاء و كان لهم عشرة قداح ، لها أسماء و هي الفذ و له سهم ، و التوأم و له سهمان ، و الرقيب و له ثلاثة ، و الحلس و له أربعة ، و النافس و له خمسة ، و المسبل و له ستة ، و المعلى و له سبعة ، و ثلاثة لا أنصباء لها ، و هي المنيح و السفيح و الوغد .

قال: هي فذ و توأم و رقيب ، ثم حلس و نافس ثم مسبل و المعلى و الوغد ثم منيح ، و سفيح و ذي الثلاثة تهمل .

و كانوا يجعلون القداح في خريطة ، و يضعونها على يد من يثقون به فيحركها و يدخل يده في تلك الخريطة و يخرج باسم كل قدحا ، فمن خرج له قدح من الأقداح التي لا أنصباء لها لم يأخذ شيئا و ألزم بأداء ثلث قيمة البعير، فلا يزال يخرج واحدا بعد واحد حتى يأخذ أصحاب الأنصباء السبعة أنصباءهم ، و يغرم الثلاثة الذين لا أنصباء لهم ، قيمة البعير ، و هو القمار الذي حرم الله تعالى فقال : " و أن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق " يعني حراما .

و معنى الاستقسام بالأزلام : طلب معرفة ما يقسم لهم بها . مجمع البحرين : 6 / 80 .


النزاع بين الميول النفسانية والوجدان الأخلاقي

القواعد والأسس المعنوية والنفسية للتوبة الحقيقية

التغذية السليمة في القران

التحليل النفسي في الاسلام

قابلية المقاومة للجسم والروح

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)