• عدد المراجعات :
  • 362
  • 5/23/2011
  • تاريخ :

آفــاق انتفاضــة فلسطينيــة جديــدة

انتفاضــة فلسطينيــة جديــدة

مرت ذكرى نكبة فلسطين الثالثة و الستين و احيا الفلسطينيون هذه الذكرى باحتجاجات و مظاهرات و مهرجانات في الضفة الغربية و قطاع غزة و شارك لاجئوا لبنان و سوريا في مظاهرات عند حدود فلسطين في جنوب لبنان و الجولان شاركهم فيها جماهير من اللبنانيين و السوريين كما شاركت جماهير الثورة المصرية في احياء الذكرى و حاولت الوصول الى رفح و لكن السلطات المصرية منعتها و اقيمت التظاهرات في مدينة العريش و امام سفارة اسرائيل في القاهرة و سقط في هذه الذكرى عشرات الشهداء و مئات الجرحى و في هذا المقال نناقش موضوع انتفاضة فلسطينية جديدة .

 

عوامل و معوقــات الانتفاضة :

تتوفر عوامل للانتفاضة ضد الاحتلال الاسرائيلي يمليها الواقع الذي تعيشه القضية الفلسطينية و الذي كما هو معروف اغتصاب فلسطين و تشريد معظم سكانها و حرمانهم من الحق في تقرير المصير و يمكن تلخيص عوامل الثورة كما يلي :

 

سياسيا :

وصلت العملية السياسية التي استندت الى مشاريع التسوية برعاية اميركا و التي جسدها اتفاق اوسلو و اقامة السلطة الفلسطينية الى طريق مسدود بسبب اقدام فريق اوسلو على تأجيل القضايا الاساسية و المتمثلة بقضايا حدود الدولة الفلسطينية و القدس و اللاجئين و الاستيطان و الاسرى و غيرها الى التفاوض لاحقا و امتناع اسرائيل عن تقديم اية تنازلات بخصوص القضايا الاساسية و عدم توفر أي مصدر قوة مؤثر لدى الفلسطينيين يجبر اسرائيل على التنازل و اضحت السلطة الفلسطينية و م.ت.ف. و القضية الفلسطينية عموما رهينة بايدي اسرائيل و حلفاءها اميركا و اوروبا .

 

اقتصاديا :

يعاني اقتصاد الاراضي الفلسطينية من مشكلات كثيرة من التبعية للاقتصاد الاسرائيلي و حصار اسرائيلي و تدمير منظم لمعظم فروعه و سيطرة فئات فاسدة و منتفعة من الواقع القائم الحقت اضرار فادحة به و تراجعت معه اغلب نشاطات الصناعة و الزراعة و السياحة و غيرها و اصبح الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على مساعدات ما يسمى الدول المانحة و هي مساعدات لها ثمن سياسي يقوم على الحفاظ على الامن و الاستقرار و المقصود طبعا امن و استقرار اسرائيل و حلفاءها و ادى الى ازدياد كبير في معدل البطالة الى حوالي ربع حجم القوى العاملة . و في المنظور لا حل لذلك الا بنشاط اقتصادي وطني و هو ما تحاربه اسرائيل لانه بالضرورة سيؤدي للاستغناء عن الدول المانحة و اسرائيل و التحرر من التبعية و القيود التي تكبل بها الفلسطينيين و تجعل قضيتهم الكبرى رهينة بايدي الاعداء .

 

اجتماعيا :

بعد اقامة السلطة جرت تحولات كبيرة داخل المجتمع الفلسطيني حيث جرى تدمير للبنى الاجتماعية باتجاه سلبي و تحولت اعداد كبيرة من العمال العاملين في اسرائيل و العاملين في المشاريع العربية و المزارعين و التجار و اصحاب الصناعات و الحرف الى العمل في مؤسسات السلطة و المؤسسات غير الحكومية و جميعها تعتمد على دعم ما يسمى بالدول المانحة الحليفة للعدو الاسرائيلي حيث غدا نحو نصف القوى العاملة يعمل في هذه المؤسسات و اصبح رزقه مرتبط بها بينما يعيش نحو ربع القوى العاملة واقع البطالة و الربع الاخير هو القوى الحية المنتجة و الوطنية المعنية حقا بمعاداة اسرائيل و هو يشمل فئات العمال و الفلاحين و التجار و اصحاب الصناعة و الحرف .

و في الشتات يعيش الفلسطينيين ضمن ظروف البلدان التي يسكنون فيها و يعانون غالبا اوضاعا صعبة من الحصار و التقييدات المختلفة .

 

عــربيا :

مرت المنطقة العربية خلال العقود الاخيرة بسلسلة احداث ادت ال تراجع كبير لحركة التحرر العربية كان ابرزها توقيع اتفاق كامب ديفيد و معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية و التي اخرجت مصر من جبهة المقاومة ضد اسرائيل و قوى الاستعمار اوائل الثمانينات و اخضاع م.ت.ف. و توقيعها لاتفاق اوسلو و اقامة السلطة الفلسطينية عام 1993 و احتلال العراق عام 2003 و غدت المنطقة تحت هيمنة القوى الاستعمارية عدا بعض القوى كسوريا و المقاومة في لبنان و غزة .

و في هذا العام جرت احتجاجات و ثورات في معظم الدول العربية ضد الانظمة الحاكمة تعبيرا عن عمق الازمات الحضارية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في تلك الدول حققت بعض النجاح كما في مصر و تونس و لم تتطور في البعض الاخر بينما تطورت لحرب اهلية كما في ليبيا مع تدخل قوى الاستعمار ضد النظام . و لا تزال الاوضاع مضطربة و غير مستقرة وسط هيمنة قوى الاستعمار على المنطقة التي تحاول اخضاع آخر دولة عربية ممانعة و هي سوريا .

 

دوليــا :

يشهد العالم هيمنة كبيرة من قبل قوى الاستعمار و الاستغلال تتقدمها اميركا و حلفاءها الاوروبيين و الانظمة الموالية في دول العالم الثالث تمارس فيها استغلالا و نهبا للعالم و تفرض بقواها الجبارة الاقتصادية و العسكرية سطوة ظالمة . و في المقابل توجد قوى معارضة لها تتمثل في دول تتناقض مصالحها مع تلك القوى و تتمثل في بعض الدول القوية مثل روسيا و الصين و دول متفرقة في اميركا اللاتينية و مثل كوبا و فنزويلا و غيرها و افريقيا و الشرق الاوسط مثل ايران و سوريا و كذلك حركات تحررية و حقوق انسان و غيرها .

 

القوى المحركة للانتفاضة :

القوى المؤهلة للاحتجاج و المشاركة في الانتفاضة فلسطينيا هي الفئات الحية و المنتجة من عمال و فلاحين و تجار و اصحاب صناعة و حرف ممن اضر بهم الوضع القائم و الفئات التي تعاني من البطالة و اغلبهم من فئات الشباب و هؤلاء يشكلون نحو 50% من حجم القوى العاملة في مناطق السلطة الفلسطينية . كما ان لاجئي الشتات مؤهلين لدعم الانتفاضة لان الوضع القائم اضر و يضر بقضاياهم . كما ان فلسطينيي الداخل يمكن ان ينخرطوا في الانتفاضة بسبب المارسات ضدهم من قبل الحكومة الاسرائيلية .

و عربيا يمكن للقوى المناهضة لاميركا و اسرائيل دعم الانتفاضة كما يمكن للثورات العربية و خاصة في مصر ان تشكل عاملا مهما لاسناد الانتفاضة .

و دوليا يمكن للقوى المناهضة لاميركا و اسرائيل في العالم من دول و احزاب و مؤسسات اجتماعية و حقوقية و غيرها تقديم المساندة للانتفاضة .

 

 القوى المضادة للانتفاضة :

القوى الفلسطينية التي يمكن ان تشكل عاملا كابحا و مثبطا للانتفاضة هي القوى المنتفعة من الوضع القائم و تتركز في الفئات المهيمنة على م.ت.ف. و السلطة و فئات العاملين في المؤسسات الحكومية و المؤسسات غير الحكومية و الذين يشكلون نحو 50% من القوى العاملة داخل الاراضي الفلسطينية .

عربيا من المؤكد ان الانظمة الموالية لاميركا ستعمل على كبح الانتفاضة و منع تطورها لانها بالضرورة تتضرر من الانتفاضة التي يمكن ان تحرك مشاعر التضامن لدى الشعوب المكبوتة التي تحكمها .

دوليا ستحارب اميركا و اوروربا الانتفاضة لانها تعني الاضطراب و انعدام الامن و الاستقرار في المنطقة و تضر بحليفتها اسرائيل و بمصالح جميع هؤلاء في المنطقة .

* محمد نمر مفارجة

مصدر: العالم

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)