• عدد المراجعات :
  • 332
  • 4/26/2011
  • تاريخ :

الحملة الإعلامية على إيران أو مشهدية صناعة الأوهام

ايران

يبدو المشهد الإعلامي في بعض دول الخليج وکأنه رقصة إغريقية، تسعرّ لها طبول الحرب إيقاعا مجنونا، لکن من ينظر إلى هذا المشهد البئيس من خلال الزمن العربي الناهض لا يفهم لمن تدق کلّ هذه الطبول.

تزايدت الحملة السياسية والإعلامية على إيران في المدة الأخيرة، وهي في الواقع لا تهدأ إلا کي تُستأنف من جديد، ولعلّ الحملات المغرضة وبتعدد عناوينها تکاد تکون الثابت في موقف وسلوک بعض دول الجوار الإقليمي ولبعض الدول المشکلّة لما يعرف بدول الاعتدال التي انفرط عقدها بخروج مصر من مربع العمالة وعودتها المتدرجة إلى صفها الطبيعي المتناسب مع تاريخها وعمقها الحضاري.

تزايدت الحملة السياسية والإعلامية على إيران في المدة الأخيرة، وهي في الواقع لا تهدأ إلا کي تُستأنف من جديد، ولعلّ الحملات المغرضة وبتعدد عناوينها تکاد تکون الثابت في موقف وسلوک بعض دول الجوار الإقليمي ولبعض الدول المشکلّة لما يعرف بدول الاعتدال التي انفرط عقدها بخروج مصر من مربع العمالة وعودتها المتدرجة إلى صفها الطبيعي المتناسب مع تاريخها وعمقها الحضاري.

والحملة على إيران هذه الأيام تريد أن تستدراک على حرکة التاريخ في ما منحته هذه الحرکة من أوضاع ثورية لا زالت متفاعلة حتى الآن؛ فکان من ثمراتها المبارکة الأولى ومُحصّلات دينامياتها الهادرة سقوط نظامين في مغرب العالم الإسلامي ومشرقه، حيث کان لسقوط الأخير بالأخص وهو النظام المصري؛ الذي وصف بنيامين بن اليعازر رئيسه "مبارک" بأنه أعظم کنز استراتيجي ل(إسرائيل)؛ وقع الخسارة الفادحة على قادة أمريکا والکيان الصهيوني وزعماء الأنظمة العربية الحليفة.

سقوط نظام مبارک يعني في الميزان الاستراتجي کسبا إقليميا مضافا لإيران وخسارة مؤلمة للسعودية التي انحسر دورها حتى أنها استشعرت الخطر على حدودها فبادرت إلى التدخل العسکري في البحرين تحت غطاء ما يسمى بقوات درع الجزيرة لتحسم بالقوة العسکرية مشکلة سياسية -جوهرها إصلاحي- بين نظام آل خليفة ومعارضة سياسية لم تحد عن أساليب التحرک المدني والسلمي في المطالبة بتطوير النظام السياسي ودمقرطته.

ولأن السعودية کما نظام أل خليفة؛ الذي وجد في هذا التدخل العسکري استظهارا بالقوة على شعب مسالم لقهره ومصادرة حقه في إقرار النظام الذي يحکمه؛ لن يستطيعا تبرير هذه "الغزوة" کما يرد في أدبيات السلفيين إلا بافتعال رابط بين ما يجري في البحرين من انتفاضة وبين إيران، وکأن الأوضاع السياسية والاقتصادية وغيرها التي حملت شباب الثورة في تونس ومصر وغيرها من البلاد على خوض رهانات التغيير لا يوجد لها نظائر في مملکة البحرين إذا لم نقل ما هو أفظع منها ؟!

لکنه الاستبداد الغارق في منطق القبيلة وأساليبها يحسب کلّ موقف يصدر عن إيران دعما لحق الشعوب في تقرير مصيرها، تدخلا في الشأن الداخلي وإثارة للفتنة، وهو المنطق الذي يعيش خارج التاريخ إذ يقيم معادلة لا علاقة مباشرة بين طرفيها، فکلما ارتفع صوت للتنديد بنظام الحکم في دولة من دول الخليج عدّ ذلک الصوت موجهّا بل ومموّلا من إيران، مع أن درس التاريخ البسيط يفيد بأن الطغيان يصنع نقائضه في مطالب الحرية والکرامة بموجب سنن التکوين.

فهذا الردح الإعلامي الخليجي الذي نعيش على طنينه هذه الأيام والذي ينهل من أساليب عقيمة في الدعاية، ويريد أن يقحم المعرکة من أجل الحقوق والديمقراطية في الإطار المذهبي بدا وکأن مهندسيه أدرکوا محدودية مفاعيله

فهذا الردح الإعلامي الخليجي الذي نعيش على طنينه هذه الأيام والذي ينهل من أساليب عقيمة في الدعاية، ويريد أن يقحم المعرکة من أجل الحقوق والديمقراطية في الإطار المذهبي بدا وکأن مهندسيه أدرکوا محدودية مفاعيله.. لذلک اقتضى منهم الأمر اللجوء إلى خدمات وکيل کان إلى الأمس القريب يثير الضحک والشفقة کلما کان يقرأ خطبة من خطبه المکتوبة، هذا الوکيل ليس سوى رئيس حکومة تصريف الأعمال الشيخ سعد الحريري والذي قرأ علينا نصّا ليس من تأليفه طبعا؛ وهذا لا يخفى على من يعرف ممکنات الرجل اللغوية، وحتى مضمونا فقد نطق الرجل بکلام مختلف عن هذا عند زيارته لإيران قبل أشهر، يقول هذا الوکيل:" لبنان والعديد من الدول العربية، في الخليج وغير الخليج، تعاني سياسياً، واقتصادياً وأمنياً، من التدخل الإيراني السافر في الداخل العربي، بل إن أحد أکبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية، وبينها لبنان يتمثل في الخروقات الإيرانية المتمادية للنسيج الإجتماعي للمنطقة العربية.." إلى أن يقول:" ونحن في لبنان، لا نرضى أن نکون محمية إيرانية"، لکن الذين لقنّوه هذا الکلام لم يفکروا إلاّ في توسيع دائرة الهجمة على إيران، حتى تبدو وکأنها قضية اقليمية وليست قضية محور اسرائيلي/عربي معروف، ولم ينتبهوا إلى أن هذا الکلام لا يسوغ في لبنان، لأنّ الجميع يدرک أنّه لولا الدعم الإيراني للمقاومة لکان لبنان حديقة خلفية لـ(إسرائيل). کما لا يسوغ في غيره من البلدان الأخرى لأنّ المعاناة التي يتحدث عنها الحريري قد وجد الشعب العربي لها الدواء المناسب و صاغ له وصفة؛ لا نظن أنها تغيب على نظر الشيخ الحريري نفسه:" الشعب يريد إسقاط النظام".

للأبواق المتصهينة نقول: في زمن الثورات تکسد بضاعة الدجل المذهبي، وفي زمن الثورات الهادرة لن تصمد طويلا قلاع الاستبداد، والتاريخ ليس کلبا جبانا تفزعه أصوات الأبواق الصدئة من أعلى أسوار البوابات المغلقة حتى يغيّر مساره.

المصدر: وكالة رسا للأنباء

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)