• عدد المراجعات :
  • 463
  • 4/16/2011 6:00:00 PM
  • تاريخ :

حرب بارك أوباما في القرن الحادي والعشرين

الرئيس الامريکي بارک اوباما

لم تكن حروب القرن العشرين سهلة على الرؤساء الأميركيين، باستثناء الرئيسيين وودرو ويلسون وفرانكلين روزفلت، لكن يبدو أن حروب القرن الواحد والعشرين ستكون أكثر وحشية بعد. أهلاً بك في ليبيا يا حضرة الرئيس! لقد حصلتَ أخيراً على حربك الخاصة في القرن الواحد والعشرين، حيث الأهداف غامضة بقدر غموض الوسائل الموجودة في متناولك لتحقيقها. بعد قرار زيادة عدد القوات في أفغانستان، ها قد أصبحتَ سيّد حربَين الآن، أفغانستان وليبيا. للخروج من الحرب الأولى، رأى مستشاروك العسكريون ضرورة التعمق في الصراع، وقد اخترتَ القيام بذلك.

لم تكن حروب القرن العشرين سهلة على الرؤساء الأميركيين، باستثناء الرئيسيين وودرو ويلسون وفرانكلين روزفلت، لكن يبدو أن حروب القرن الواحد والعشرين ستكون أكثر وحشية بعد.

في ليبيا، حيث انطلقت حرب اختيارية جديدة، ها أنت تواجه الآن عدداً من التناقضات والخيارات المستحيلة والقرارات الصعبة المشابهة لتلك التي تطرحها الصراعات الأخرى. ليبيا لا تشبه العراق ولا أفعانستان في شيء، وقد تكون الحرب مبررة فيها كونها انطلقت على أساس أخلاقي وإنساني، ولكنها تبقى حرباً معقدة. كما حصل في الصراعين الآخرين، قد يكون دخول تلك الحرب أسهل بكثير من الخروج منها على رغم جميع الخطابات التي تؤكد على عكس ذلك. تُعتبر الحروب الأميركية في القرن الواحد والعشرين مختلفة تماماً ولكنها تطرح تحديات مماثلة. لا يتعلق معيار النجاح في هذه الحروب بقدرة الولايات المتحدة على الفوز بشكلٍ حاسم، بل بتحديد توقيت مغادرتها للبلاد التي غزتها. ويُعتبر التحرر من تلك الحروب والخروج منها نهائياً- وهي العناوين الرئيسية التي تصف تلك الصراعات- كابوساً تكتيكياً بحق، وتحديداً إذا أرادت واشنطن إقناع حلفائها وخصومها بأنها تخطط للبقاء حتى تفرض سيطرتها بشكل كامل. ثم تبرز مسألة تحديد هدف الحرب بوضوح.

 ما كان هدف الولايات المتحدة في العراق؟ ألم يكن تدمير أسلحة الدمار الشامل التي كان يملكها صدام حسين؟ أم التخلص منه شخصياً؟ أم بناء دولة عراقية جديدة؟ أم نشر الديمقراطية في صميم الشرق الأوسط؟ أم جميع الخيارات السابق ذكرها؟ في أفغانستان، انحرف الأميركيون عن الهدف الأساسي الذي كان يقضي بالتخلص من 'القاعدة' وإضعاف حركة 'طالبان'، لينتقلوا إلى بذل جهود مقنعة هزيلة لبناء دولة، وإنشاء نظام صالح، وإنهاء الفساد، وتدريب القوى الأمنية والعسكرية حتى تستطيع تدبر شؤون البلاد بنفسها. أما في ليبيا، فلم تتضح أهداف العملية منذ البداية. هل تدخل الأميركيون لحماية المدنيين أم لتقوية المعارضة؟ أم فعلوا ذلك لهزم القذافي والتمهيد لنشوء دولة ليبية حديثة وديمقراطية؟

ما كان هدف الولايات المتحدة في العراق؟ ألم يكن تدمير أسلحة الدمار الشامل التي كان يملكها صدام حسين؟ أم التخلص منه شخصياً؟ أم بناء دولة عراقية جديدة؟ أم نشر الديمقراطية في صميم الشرق الأوسط؟ أم جميع الخيارات السابق ذكرها؟ في أفغانستان،

 

 من دون تحديد أي أهداف واضحة، يستحيل اللجوء إلى الوسائل الضرورية لتحقيق تلك الأهداف. كيف نعرف أن تكاليف الخطط المطبقة ستكون مقنعة وواقعية أو تستحق الجهود المبذولة في سبيلها إذا كانت الأهداف غير واضحة أصلاً؟ وكيف يمكن وضع استراتيجية فاعلة للخروج من الصراع؟ تُعتبر حرب أفغانستان الآن أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة في تاريخها. هذه المعلومة وحدها تكفي للتأكيد على صحة ما يُقال بأن الولايات المتحدة لم تملك أي استراتيجية فعلية أو فكرة واضحة عن ما تتورط به. كذلك، تبرز مسألة الأهداف السياسية في جميع تلك الحروب. عادةً ما تكون القوة العسكرية وسيلة لتحقيق هدف محدد في جميع الصراعات، لكن لسوء الحظ، يرتكز نجاح الولايات المتحدة في حروبها خلال القرن الواحد والعشرين على مبدأ بناء الدول- أو ربما إعادة ترميمها. لكن كيف يمكن أن تحقق الولايات المتحدة ذلك الهدف إذا كانت تخطط أصلاً لمغادرة ساحة المعركة؟ يتوقف نجاحها في تلك المساعي على إرساء الشرعية والسلطة والأمن والقيادة المستنيرة- وهي عناصر يجب إنتاجها من داخل البلد المعني بدل أن تفرضها قوة خارجية سيبقى تورطها في الصراع مشبوهاً (بغض النظر عن حسن نواياها) وسيتم التشكيك دوماً بنفوذها المستمر في البلاد. لقد تفاقمت المشكلة التي يواجهها الرئيس باراك أوباما بسبب تعامله مع قادة سيسعون وراء مصالحهم الخاصة، لا مصالحه هو. لا عجب في ذلك طبعاً! ، يتعين على واشنطن أن تتعاون مع قادة يهتمون أساساً بصمودهم السياسي ويتأثرون بالمطالب القبلية والمناطقية والطائفية في الدول المجاورة.

كان يُفترض أن تكون حرب أوباما في ليبيا مختلفة، وهي كذلك على مستويات عدة: صدور قرار عن مجلس الأمن، وكسب دعم حلف شمال الأطلسي والجامعة العربية، وشن مهمة إنسانية محدودة، وامتناع الأميركيين عن دخول الأراضي الليبية ميدانياً، وتشارك المسؤولية في العمليات العسكرية. بالتالي، كان يُفترض أن تساهم هذه العوامل في تسهيل الوضع.

 كان يُفترض أن تكون حرب أوباما في ليبيا مختلفة، وهي كذلك على مستويات عدة: صدور قرار عن مجلس الأمن، وكسب دعم حلف شمال الأطلسي والجامعة العربية، وشن مهمة إنسانية محدودة، وامتناع الأميركيين عن دخول الأراضي الليبية ميدانياً، وتشارك المسؤولية في العمليات العسكرية. بالتالي، كان يُفترض أن تساهم هذه العوامل في تسهيل الوضع.

 لكن حتى هذا الصراع المحدود لديه نقاط مشتركة مع الحربين الأخرتين اللتين تخوضهما الولايات المتحدة راهناً: عدم وضوح الهدف من الحرب، وتحمل مسؤولية حماية المدنيين من دون التمتع بالوسائل اللازمة لضمان سلامتهم، وتوقف نجاح المهمة على شعب لا تعرفه الولايات المتحدة ولا تستطيع الوثوق به، ومواجهة رأي عام محلي لا يعتبر هذا الصراع حرباً مقنعة تستحق دفع تكاليف مادية باهظة والمجازفة بحياة الناس. ما لم يسقط نظام معمر القذافي فجأةً أو تنتج الجهود الدولية تسوية متفاوَض عليها لطرده من ليبيا، ستبقى الولايات المتحدة داخل الصراع لفترة مطولة، ومن المتوقع أن تتحمل مسؤوليات أكبر لمساعدة ذلك البلد المنقسم والشائب والغارق في حرب أهلية قاتمة وفوضوية.

 من الواضح أن أوباما أطلق حرباً اختيارية لأغراض إنسانية في الأساس. قد يتبين أنها حرب مفيدة، ولكنها عشوائية بلا شك، فقد شكّل غياب الوضوح منذ البداية عاملاً سلبياً. إذا نجحت المهمة كلها، بكلفة مقبولة، سيُعتبر الرئيس عبقرياً في مجال السياسة الخارجية. أما إذا علق في وضع من المراوحة الطويلة الأمد، فسيصبح أشبه بكبش المحرقة وسيُلام على كل ما حصل. لكنه للأسف فقد منذ الآن القدرة على فرض النتائج التي يريدها، تماماً كما حصل في أفغانستان والعراق.

آرون ديفيد ميلر- مجلة فورين باليسي الاميركية

مصدر: العالم

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)