• عدد المراجعات :
  • 795
  • 3/6/2011
  • تاريخ :

التوبة وشرائطها - وجوب التوبة

الورد

اتفقت العدلية على وجوب التوبة واستدلوا على ذلك بأمرين:

 

أ- انها دافعة للضرر الّذي هو العقاب، ودفع الضرر الاخروى واجب عقلا.

ب- إن العزم على ارتكاب القبائح وترك الفرائض قبيح عقلا فيجب اجتنابه، وهو لا يحصل إلا بالتوبة.

 

والدليل الثاني لا يفيد إلا وجوب العزم وهو أحد جزئي التوبة أو شرطها.

وكيف كان، فكل من قال بالحسن والقبح العقليين، لا مناص له عن القول بوجوب التوبة وجوباً عقلياً، وما جاء من طريق السمع يكون مرشداً إلى هذا الحكم العقلي.

وأما المنكرون لهما، فيذهبون الى وجوبها شرعاً، قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً"(التحريم:8).

 

 هل تجب التوبة من الصغائر؟

إنّ ارتكاب أي معصية، صغيرة كانت أو كبيرة، جرأة على اللّه وخروج عن رسم العبودية وزيّ الرّقية، وهي تترك أثراً سيئاً في النفس بلا ريب، فيجب التوبة منها لإزالة أثرها من النفس. واليه ذهب أبو علي الجبائي، من المعتزلة، ولكن الظاهر من ابنه أبي هاشم، عدم وجوب التوبة من الصغائر إلاّ سمعاً، واختاره القاضي عبد الجبار، قائلا بأنّ التوبة انّما تجب لدفع الضرر عن النفس، ولا ضرر في ا لمعصية، فلا تجب التوبة منها، غاية الأمر انّ للصغيرة تأثيراً في تقليل الثواب، ولا ضرر في ذلك1.

يلاحظ عليه: انّ ما ذكر مبني على أمرين غير ثابتين:

 

أ- أنّ المعاصي بالذات تنقسم الى صغائر وكبائر، وأنّ صغر المعاصي وكبرها ليس من الأُمور الاضافية النسبية، بل هناك صنفان من المعاصي لا يتداخل أحدهما في الآخر.

ب- انّ المعاصي الصغيرة لا يعاقب عليها ما لم يكن عليها إصرار. وكل ذلك مورد تأمّل وتردد.

 

أضف إلى ذلك: أنّ وجه تشريع التوبة ليس منحصراً بالاجتناب عن العذاب حتى يقال: انه لا عقاب على الصغيرة، بل قد عرفت أنّ الوجه فيها مضافاً الى الخلاص من العذاب حسن الندم على كل قبيح أو إخلال بالواجب، وقبح العزم على الاستدامة، وهذا مشترك بين الصغيرة والكبيرة.

وبذلك يظهر الجواب عما ربّما يقال من أنّ عقاب الصغيرة مكفّر باجتناب الكبيرة اذا لم يصر عليها، لقوله سبحانه:"إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُم"( النساء:31)2.

وعندئذ، لا يحتاج الى التوبة منها، لما عرفت من انّ وجه التوبة لا ينحصر بالخلاص من العذاب.

الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني

-------------------------------------------------

الهوامش:

1- شرح الأُصول الخمسة، ص 789.

2- وقد نقله العلامة المجلسي عن الشيخ البهائي، لاحظ البحار، ج 6، ص 48.


عقيدتنا في البعث والمعاد

حقيقة الشفاعة وأقسامها

المعاد والإيمان وأحكامه (2)

محكمة الآخرة

في اعماقنا مثال لمحكمة القيامة

المعاد و التقية

من أدلة وجوب المعاد : صيانة الخلقة عن العبث

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)