العلائم المحتومه في سنة الظهور
أمّا العلائم المحتومة
فهي ما في حديث الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« قبل قيام القائم خمس علامات محتومات : اليماني ، والسفياني ، والصيحة وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء ».
فلنشير إلى شيء من بيان العلائم الحتمية الخمسة للظهور المبارك :
1-الصيحة السماوية
وهي النداء السماوي الذي ينادي به جبرئيل ( عليه السلام ) في ليلة الجمعة ، ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك :
« يا عباد الله ! اسمعوا ما أقول : إنّ هذا مهدي آل محمد خارج من أرض مكة فأجيبوه » ، كما في خطبة البيان (1).
وهذا من أبرز الآيات وأوضح العلامات على ظهوره الشريف.
يكون بصوت مفهوم ومسموع ، يسمعه جميع أهل العالم ، كلّ قوم بلسانهم ؛ كما في حديث زرارة عن الامام الصادق ( عليه السلام ) 2).
وفي حديث آخر : ينادي مناد من السماء باسم القائم ، فيسمع ما بين المشرق والمغرب فلا يبقى راقد إلاّ قام ، ولا قائم إلاّ قعد ، ولا قاعد إلاّ قام على رجليه من ذلك الصوت ، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين ( عليه السلام ) (3).
وتكون هذه الصيحة أعظم بشرى وسرور للمؤمنين ، حتى تسمعه العذراء في 1 ـ كمال الدين ، ص 650 ، باب 57 ، حديث 7خدرها ، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج لنصرة الامام المهدي ( عليه السلام ).
في حين هي أكبر تهديد وانذار للظالمين والمتكبرين ، حيث يأخذهم الفزع والخوف ، كما قد يستفاد من حديث الامام الباقر ( عليه السلام )(4).
2 ـ خروج السفياني
وهو رجل سفّاك للدماء ، أمويّ النسب ، حقود على أهل البيت ( عليهم السلام ) ، اسمه عثمان بن عنبسة من وُلد أبي سفيان.
وهو وحش الوجه ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر الجدري ، يخرج من الوادي اليابس بالشام ، كما في حديث أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) (5).
وله محنة كبرى وبلاءٌ عظيم وقتل ذريع وهتك للحرمات ، يفعلها هو وجيشه الذي يكون في الشام ويبعثه إلى العراق وإلى المدينة ، كما يستفاد من خطبة البيان (6).
ويكون خروجه في رجب ، ورايته حمراء ، كما في حديث البحار (7).
أما جيشه إلى العراق فيرجع الى الشام بعد إفساد كثير ، وأما جيشه إلى المدينة فيُخسف بهم في البيداء ، كما يأتي في العلامة الثالثة.
ونهاية أمره هو الخسران المبين ، كما تلاحظ مفصل بيانه في كتاب الامام المهدي (8) وحاصله :
توجه الامام المهدي ( عليه السلام ) بعد الكوفة إلى الشام وقضاءه على السفياني وأصحابه وجيشه الراجع الى الشام ، ويريح الله العباد من شرّه.
3 ـ خسف البيداء
البيداء اسم للمفازة التي لا شيء فيها ، وهي اسم أرض خاصة بين مكة والمدينة ، على ميل ـ أي 1860 متراً ـ من ذي الحليفة نحو مكة ، وكأنها مأخوذة من الإبادة أي الاهلاك.
وفي الحديث نُهي عن الصلاة فيها ، وعلل بأنها من الأماكن المغضوب عليها ، كما في مجمع البحرين (9).
ومن العلامات الحتميّة انخساف هذه الأرض بجيش السفياني وابتلاعها لهم ، فان السفياني يبعث جيشه إلى المدينة ـ كما عرفت ـ فيبغي فيها الظلم والفساد.
ويخرج الامام المهدي ( عليه السلام ) من المدينة إلى مكة على سُنّة موسى بن عمران ، فيبلغ قائد جيش السفياني ان الامام المهدي ( عليه السلام ) قد خرج إلى مكة ، فيبعث جيشه على أثره ليهدم الكعبة.
وينزل الجيش البيداء ، فتبيدهم الأرض ، كما يشير إليه حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) (10).
وينجو من هذا الخسف رجلان ، أحدهما يبشر الامام المهدي بهلاك الظالمين ، والآخر ينذر السفياني بهلاك جيشه ، كما في حديث المفضل حيث جاء فيه :
ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِمِ ( عليه السلام ) رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ وَ قَفَاهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ : يَا سَيِّدِي أَنَا بَشِيرٌ ، أَمَرَنِي مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ ، وَأُبَشِّرَكَ بِهَلاَكِ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ بِالْبَيْدَاءِ.
فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ ( عليه السلام ) بَيِّنْ قِصَّتَكَ وَ قِصَّةَ أَخِيكَ.
فَيَقُولُ الرَّجُلُ : كُنْتُ وَأَخِي فِي جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ وَ خَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ ...
وَخَرَجْنَا مِنْهَا ، وَعَدَدُنَا ثَلاَثُمِائَةِ أَلْفِ رَجُل نُرِيدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ وَ قَتْلَ أَهْلِهِ ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا ، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ : يَا بَيْدَاءُ أَبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
فَانْفَجَرَتِ الاَْرْضُ وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْشِ ، فَوَ اللهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الاَْرْضِ عِقَالُ نَاقَة فَمَا سِوَاهُ غَيْرِي وَ غَيْرُ أَخِي.
فَإِذَا نَحْنُ بِمَلَك قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى فَقَالَ لاَِخِي :
وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ ! امْضِ إِلَى الْمَلْعُونِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ فَأَنْذِرْهُ بِظُهُورِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد ( عليه السلام ) وَعَرِّفْهُ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ.
وَقَالَ لِي : يَا بَشِيرُ الْحَقْ ، بِالْمَهْدِيِّ بِمَكَّةَ وَبَشِّرْهُ بِهَلاَكِ الظَّالِمِينَ ، وَتُبْ عَلَى يَدِهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ.
فَيُمِرُّ الْقَائِمُ ( عليه السلام ) يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَوِيّاً كَمَا كَانَ ، وَ يُبَايِعُهُ وَ يَكُونُ مَعَهُ » (11).
4 ـ خروج اليماني
من العلائم المحتومة خروج اليماني الذي يدعو إلى الحق وإلى الطريق المستقيم ، كما صرّحت به الأحاديث مثل :
حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) :
« وَ لَيْسَ فِي الرَّايَاتِ أَهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيِّ ، هِيَ رَايَةُ هُدًى ، لاَِنَّهُ يَدْعُو إِلَى صَاحِبِكُمْ ، فَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ حَرَّمَ بَيْعَ السِّلاَحِ عَلَى [ النَّاسِ وَ ] كُلِّ مُسْلِم.
وَ إِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ فَانْهَضْ إِلَيْهِ فَإِنَّ رَايَتَهُ رَايَةُ هُدًى ، وَ لا يَحِلُّ لِمُسْلِم أَنْ يَلْتَوِيَ عَلَيْهِ ، فَمَنْ فَعَلَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، لاَِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ وَ إِلى طَرِيق مُسْتَقِيم » (12).
واستفيد من بعض الأخبار الشريفة أن خروجه من صنعاء اليمن (13).
كما جاء في بعض الأحاديث انه من ذريّة زيد الشهيد ( عليه السلام ) (14).
5 ـ قتل النفس الزكيّة
وهو غلام من آل محمد ( عليهم السلام ) ، اسمه محمد بن الحسن النفس الزكيّة ، يُقتل بين الركن والمقام بدون أيّ ذنب ، كما يستفاد من حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) (15).
يرسله الامام المهدي ( عليه السلام ) إلى أهل مكة ـ قبل وصوله إليها ـ إتماماً للحجة واستنصاراً لمظلومية أهل البيت ( عليهم السلام ) ، كما يستفاد من حديث الامام الباقر ( عليه السلام ) جاء فيه :
يَقُولُ الْقَائِمُ ( عليه السلام ) لاَِصْحَابِهِ يَا قَوْمِ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لا يُرِيدُونَنِي ، وَ لَكِنِّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لاَِحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ.
فَيَدْعُو رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ امْضِ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَقُلْ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ! أَنَا رَسُولُ فُلاَن إِلَيْكُمْ وَ هُوَ يَقُولُ لَكُمْ : إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ ، وَمَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَالْخِلاَفَةِ ، وَنَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّد وَسُلاَلَةُ النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاضْطُهِدْنَا وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا ، فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ
فَانْصُرُونَا.
فَإِذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلاَمِ ، أَتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ ، وَ هِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ.
فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الاِْمَامَ قَالَ لاَِصْحَابِهِ : أَلا أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لاَ يُرِيدُونَنَا. فَلاَ يَدَعُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ طُوًى فِي ثَلاَثِمِائَة وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً ـ عِدَّةِ أَهْلِ بَدْر ـ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيُصَلِّي فِيهِ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَرْبَعَ رَكَعَات ، وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَرِ الاَْسْوَدِ ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ وَ يُثْنِي عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ النَّبِيَّ ( صلى الله عليه وآله ) وَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَم لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاس ».
وهذه العلائم الخمسة من علامات الظهور المحتّمات ـ كما تقدم ـ تكون في سنة الظهور ويكون بعده القيام .
------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
1 ـ الزام الناصب ، ج 2 ، ص 200.
2 ـ كمال الدين ، ص 650 ، باب 57 ، حديث 8.
3 ـ البحار ، ج 52 ، ص 290.
4 ـ الغيبة للشيخ النعماني ، ص 254 ، باب 14 ، حديث 13.
5 ـ كمال الدين ، ص 651 ، باب 57 ، حديث 188.
6 ـ الزام الناصب ، ج 2 ، ص 188.
7 ـ البحار ، ج 53 ، ص 248 ، حديث 131 وص 273 ، حديث 167.
8 ـ الامام المهدي من المهد إلى الظهور ، ص 433.
9 ـ مجمع البحرين ، ص 198.
10 ـ البحار ، ج 52 ، ص 238 ، باب 25 ، حديث 105.
11 ـ البحار ، ج 53 ، ص 10 ، باب 25 ، حديث 1.
12 ـ البحار ، ج 52 ، ص 232 ، باب 25 ، حديث 96.
13 ـ مهدى منتظر ، ص 175.
14 ـ بشارة الاسلام ، ص 175.
15 ـ البحار ، ج 52 ، ص 192 ، باب 25 ، حديث 24.
کتاب عِند قدمي الإمام المهدي