• عدد المراجعات :
  • 816
  • 2/1/2011
  • تاريخ :

كيف يخلد الإنسان، مع أنّ المادة تفنى؟

الورد

دلّت الآيات والروايات على خلود الإنسان في الآخرة، إما في جنتها ونعيمها، أو في جحيمها وعذابها، هذا من جانب.

ومن جانب آخر، دلت القوانين العلمية على أنّ المادة، حسب تفجر طاقاتها، على مدى أزمنة طويلة، تبلغ إلى حد تنفذ طاقتها فلا يمكن أنْ يكون للجنة والنار بقاء، كما لا يكون للإنسان خلود كذلك، لأنّ مكونات الكون تفقد حرارتها تدريجياً، وتصير الأجسام على درجة بالغة الانخفاض1، وبالتالي تنعدم الطاقة وتستحيل الحياة.

 

الجواب

إنّ السؤال ناش من مقايسة الآخرة بالدنيا، وهو خطأ فادح، لأنّ التجارب العلمية لا تتجاوز نتائجها المادة الدنيوية. وإسراء حكم هذا العالم إلى العالم الآخر، وإن كان مادياً وعنصرياً مثلها، قياس لا دليل عليه. كيف، وقد تعلقت قدرته سبحانه بإخلاد الجنة والنار، وله إفاضة الطاقة، إفاضة بعد إفاضة، على العالم الأُخروي بجحيمه وجنته، ومؤمنه وكافره. ويعرب عن ذلك قوله سبحانه: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً﴾(النساء:56).

ويعزز ذلك ما جاء في آخر الآية من الإتكاء على كونه عزيزاً، فإنّ معناه: مقتدراً على إمداد المادة. فلأجل ذلك لو كانت الحركة والعمل مفنيين لطاقات المادة الدنيوية، فليسا كذلك في المادة الأُخروية، لدعمها بطاقات جديدة، فلو نضج جلد يأتي مكانه جلد آخر، وهكذا.

وهذا السؤال من أوضح موارد قياس الغيب على الحس أوّلاً، وعدم التعرف على قدرته سبحانه ثانياً، يقول تعالى: ﴿مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾(الحج:74).

آية الله جعفر السبحاني

---------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- هي درجة الصفر المطلق البالغة (269) درجة مئوية تحت الصفر، وهي درجة سيلان غاز الهيليوم.


 أشراط الساعة (1)

المعاد في الملل والشرائع السابقة

الإيمان وأحكامه (1)

أهمية معرفة العاقبة

المعاد يعطي الحياة مفهومها

الثاني: عدم التناسخ بين النفس والبدن

البعث في ميزان العدالة

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)