• عدد المراجعات :
  • 2196
  • 1/29/2011
  • تاريخ :

آية اليوم يئس الذين ومسألة الإمامة - رأي الشيعة

الورد

للشيعة رأي يذهبون فيه إلى أن مضمون الآية يلتقي مع الشواهد التاريخية في تأييده. ولما كان المضمون والتاريخ يجتمعان في تأييد هذا الرأي، فإن البحث فيه يقع في قسمين، الأول: مضمون الآية، والثاني: الشواهد التاريخية.

 

1 - البُعد التاريخي

إذا أردنا أن نبحث في القسم الثاني، فأمامنا قضية تاريخية مفصلة جدا. لقد استندت أكثر الكتب التي دُوّنت بهذا الشأن - أكثر ما استندت - إلى البعد التاريخي والبعد الحديثي اللذين أثبتا أن آية (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا) نزلت في غدير خم.

وكتاب الغدير (11) مجلدا اضطلع بإثبات هذه الفكرة.

وقد نهض المؤرخون بإثبات الواقعة، بالإضافة إلى كتب الحديث. فعندما نعود إلى (تاريخ اليعقوبي)1، الذي يُعد من اقدم الكتب في تاريخ الإسلام العام، وأكثرها اعتبارا عند الشيعة والسنة، نجده توفر على ذكر قصّة غدير خم 2.

والذي تذكره الرواية: أن النبي حين عودته إلى المدينة من مكة بعد حجة الوداع3، صار إلى موقع بالقرب من الجحفة4، يقال له غدير خم، أوقف فيه القافلة وجمع المسلمين ليخطبهم (الآية المعنية نزلت هنا) وقد أمر بمنبر فعمل له من أحداج الإبل، فعلاه وتحدث معهم، فكان مما قال: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يارسول الله.قال: فمن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه.

بعد أن أتم الرسول إبلاغه، نزل قوله تعالى: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)5 إذا أردنا أن نبحث القضية من الزاوية التاريخية، فيجب علينا أن نستعرض كتب الشيعة والسنة واحداً واحداً، خصوصا كتب أهل السنّة التي نقلت الواقعة وذكرتها.

وهذه الأمور بحثت في كتب من أمثال الغدير والعبقات وثم كتاب نشره قبل عدة سنوات شباب مؤسسة نشر الحقائق، فيه - تقريبا - زبدة الكلام في مسألة الغدير، ربما كانت مطالعته مفيدة للسادة الحضور.

فما يستدل به الشيعة من زاوية البعد التاريخي هو العودة إلى التاريخ لمعرفة "اليوم" المراد في قوله تعالى: :(اليوم أكملت لكم دينكم)، وعندها نجد أن ثمرة العودة إلى التاريخ ليس رواية أو روايتين، ولا حتى عشر روايات، بل هناك تواتر على أن الآية نزلت في يوم غدير خم، بعد أن نصّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام خليفة له.

 

2 - القرائن الموجودة في الآية

والآن نريد أن ننظر إلى الآية لنجد هل تنطوي على قرائن تؤيد ما أثبته التاريخ أم لا؟

تنص الآية على قوله: (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم)، وهذا النص نضمّه إلى آيات أخرى في القرآن تحذر المسلمين وتخوّفهم من أن الكفار في كيدٍ دائمٍ لهم ولدينهم، وهم يودون أن ترجعوا عن دينكم، وهذا التحذير القرآني شمل أهل الكتاب وغيرهم. يقول تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ)6 في ضوء ذلك، نجد أن الله - من جهة- يحذر المسلمين في آيات من القرآن، أن الكفار يطمعون باستئصال دينكم، ثم يأتي (جل اسمه) في هذه الآية ليذكر يأسهم من الإسلام، فقد انتهى نشاطهم المعادي لدينكم (فلا تخشوهم واخشون).

فإذا ضعف دينكم بعدئذ أو استؤصل، وإذا أصابكم أي شيء، فـ"اخشَونِ ". فماذا يعني هذا؟ هل إن الله عدوّ لدينه؟ كلا، وإنما هذه الآية تتحدث عن مفهوم عرضه القرآن في آيات كثيرة، وطرحه بصيغة أصل أساسي يشمل النعم التي أنعم بها على عباده. قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)7، وقال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)8 والمراد أن الله لا يزيل نعمه عن الناس، إلا إذا أرادوا هم ذلك. وهذه الفكرة تعبير عن أصل أساسي في القرآن الكريم.

الامامة،الشيخ مرتضى مطهري، المترجم :جواد علي كسّار

---------------------------------------------------

الهوامش:

1- يعد تاريخ اليعقوبي من الكتب المتقنة جدا، حيث كتب أوائل القرن الهجري الثالث، بعد عهد المأمون وفي حدود عهد المتوكل فيما يبدو، وهذا الكتاب لا يقتصر على كونه مؤلفا تاريخيا وحديثيا وحسب.

2- تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 112،دار صادر، بيروت المترجم

3- كانت حجة الوداع في آخر سنة من حياة النبي، قبل شهرين من وفاته، وقد وصل النبي إلى غدير خم في 18 ذي الحجة، أي قبل شهرين وعشرة أيام من وفاته، إذا كانت الوفاة - حسب الشيعة -في 28/ صفر سنة 10 للهجرة ، أو قبل شهرين وعشرين يوما منهما إذا كانت الوفاة - حسب أهل السنة- 12/ ربيع الأول

4- الجحفة: هي ميقات أهل الشام، فالحاج الآتي عن طريق الشام الواقع في الشمال الغربي من مكة، يصل الجحفة بعد طيّ قليل من الطريق، والجحفة هي ميقات عيّنه النبي للوافدين إلى مكة عن هذا الطريق، وغدير خم منطقة قريبة من الجحفة، وهي بمنزلة مفترق طرق، حيث كان المسلمون يذهبون منها صوب مناطقهم، أهل المدينة إلى المدينة، والآخرون إلى مدنهم. بعد ذلك يذكر المؤلف كلاما عن جدة يمكن اتخاذها ميقاتا أو لا، ثم يوضح أن الاختلاف في المسألة ليس فتوائيا بل هو اختلاف جغرافي، فإذا ثبت أنها محاذية لأحد المواقيت أمكن الإحرام منها إلى مكة, المترجم

5- البقرة:109

6- الرعد:11

7- الأنفال: 53

8- آل عمران:7


الناس وفق تصنيف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

آية اليوم يئس الذين ومسألة الإمامة- يوم فتح مكة

آية اليوم يئس الذين ومسألة الإمامة - ما المراد باليوم؟

آية اليوم يئس الذين ومسألة الإمامة

السنّة النبويّة تنصّ على الإمامة

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)