• عدد المراجعات :
  • 1141
  • 1/2/2011
  • تاريخ :

الاخبار العامة عن التقية (2)

الورد

ومنها : ما رواه في أصول الكافي (1) بسنده عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « التقية في كل شيء إلا في شرب المسكر والمسح على الخفين » (2).

دلت الرواية على ثبوت التقية ومشروعيتها في كل شيء ممنوع لولا التقية ، إلا في الفعلين المذكورين ، فاستثناء المسح على الخفين مع كون المنع فيه عند عدم التقية منعا غيريا دليل على عموم الشئ لكل ما يشبهه من الممنوعات لاجل التوصل بتركها إلى صحة العمل ، فدل على رفع التقية لمثل هذا المنع الغيري وتأثيرها في ارتفاع أثر ذلك الممنوع منه ، فيدل على أن التقية ثابتة في التكفير في الصلاة مثلا ، بمعنى عدم كونه ممنوعا عليه فيها عند التقية ، وكذا في غسل الرجلين واستعمال النبيذ في الوضوء ونحوهما.

وفي معنى هذه الرواية روايات أخر واردة في هذا الباب :

مثل قوله عليه السلام : « ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا : المسح على الخفين ، وشرب النبيذ ، ومتعة الحج » (3).

فإن معناه ثبوت التقية فيما عدا الثلاث من الامور الممنوعة في الشريعة ، و رفعها للمنع الثابت فيها بحالها من المنع النفسي والغيري كما تقدم.

ثم إن مخالفة ظاهر المستثنى في هذه الروايات لما أجمع عليه ـ من ثبوت التقية في المسح على الخفين وشرب النبيذ ـ لا يقدح فيما نحن بصدده.

لان ما ذكرنا في تقريب دلالتها على المطلب لا يتفاوت الحال فيه بين إبقاء الاستثناء على ظاهره أو حمله على بعض المحامل ، مثل اختصاص الاستثناء بنفس الامام عليه السلام ، كما يظهر من الرواية المذكورة ، وتفسير الراوي في بعضها الآخر (4) ، والتنبيه على عدم تحقق التقية فيها ، لوجود المندوحة أو لموافقة بعض الصحابة أو التابعين على المنع من هذه الامور ، إلى غير ذلك من المحامل الغير القادحة في استدلالنا المتقدم.

 ومنها : موثقة سماعة (5) عن الرجل يصلي ، فدخل (6) الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة الفريضة ، قال (7) : « إن كان إماما عادلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو ، وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلي ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله ، ثم يتم صلاته معه على ما استطاع ، فان التقية واسعة ، ولبس إلا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله » (8).

فإن الامر باتمام الصلاة على ما استطاع مع عدم الاضطرار إلى فعل الفريضة في ذلك الوقت معللا بأن التقية واسعة ، يدل على جواز أداء الصلاة في سعة الوقت على جميع وجوه التقية ، بل على جواز كل عمل على وجه التقية وإن لم يضطر إلى ذلك العمل ، لتمكنه من تأخيره إلى وقت الامن.

ومنها : قوله عليه السلام في موثقة مسعدة بن صدقة وتفسير ما يتقى فيه : « أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على خلاف حكم الحق وفعله » (9).

فكل شيء يعمله المؤمن منهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى فساد الدين فهو جائز ، بناء على أن المراد بالجواز في كل شيء بالقياس إلى المنع المتحقق فيه لولا التقية ، فيصدق على التكفير في الصلاة الذي يفعله المصلي في محل التقية أنه جائز وغير ممنوع عنه بالمنع الثابت فيه لولا التقية.

ودعوى أن الداعي على التكفير ليس التقية ، لامكان التحرز عن الخوف بترك الصلاة في هذا الجزء من الوقت ، فلا يكون عمل التكفير لمكان التقية.

مدفوعة بنظير ما عرفت في الرواية الاولى (10) : من أنه يصدق على المصلي أنه يكفر لمكان التقية وإن قدر على ترك الصلاة.

ومنها : قوله عليه السلام في رواية أبي الصباح (11) : « ما صنعتم [ من ] (12) شيء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة » (13).

فيدل على أن المتقي في سعة من الجزء والشرط المتروكين تقية ، ولا يترتب عليه من جهتهما تكليف بالاعادة والقضاء ، نظير قوله عليه السلام : « الناس في سعة ما لم يعلموا » بناء على شموله لما لم تعلم جزئيته أو شرطيته كما هو الحق.

------------------------------------------

الهوامش: 

1 ـ كتاب الكافي في الحديث من أجل الكتب الاربعة المعتمد عليها ، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول عليهم السلام ، وهو على ثلاثة أقسام : الاصول ، والفروع ، والروضة.

وهو تأليف ثقة الاسلام محمد بن يعقوب بن أبي اسحاق الكليني الرازي ، ثقة عارف بالاخبار ، توفي سنة 328 ببغداد.

خلاصة الاقوال : 135 ، الذريعة 17 / 245.

2 ـ الكافي 2 / 172 حديث 2 باب التقية ، وفيه : عن أبي عمر الاعجمي قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : « ... والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين ».

3 ـ الكافي 3 / 32 حديث 1 باب مسح الخف ، الفقيه 1 / 30 حديث 95 ، التهذيب 1 / 362 حديث 1093 ، الاستبصار 1 / 76 حديث 236.

4 ـ ففي الكافي والتهذيب والاستبصار : أن زرارة بن أعين قال بعد الحديث السابق : ولم يقل الواجب عليكم ألا تتقوا فيهن أحدا.

5 ـ هو : سماعة بن مهران بن عبد الرحمن الحضرمي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ، ثقة ثقة ، له كتاب يرويه عنه جماعة كثيرة توفي بالمدينة المنورة.

رجال النجاشي : 193.

6 ـ في المصدر : فخرج.

7 ـ في ( ط ) والكافي : من صلاة فريضة فقال.

8 ـ الكافي 3 / 380 حديث 7 باب الرجل يصلي وحده ثم يعيد ... ، التهذيب 3 / 51 حديث 177 ، الوسائل 5 / 458 حديث 2 من باب 56 من أبواب صلاة الجماعة.

9 ـ الكافي 2 / 134 و 135 حديث 1 باب فيما يوجب الحق ممن انتحل...

10 ـ راجع هامش ( 4 ) من الصفحة السابقة.

11 ـ هو : أبو الصباح الكناني ، روى عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام ، وروى عنه جماعة كثيرة من الرواة.

معجم رجال الحديث 21 / 189 و 191.

12 ـ في ( ط ) و ( ك ) : في ، المثبت من المصدر.

13 ـ الكافي 7 / 4420 حديث 15 باب ما لا يلزم من الايمان والنذور ، التهذيب 8 / 286 حديث 1052.


اعتبار المندوحة وعدمه (1)

التقية ومقامتها

فلسفة الحج في الأحاديث الشريفة

ما أكثر الضجيج و أقل الحجيج

آداب الإفطار والسحور

استهلال شهر رمضان

رجب ،أفضل أوقات العمرة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)