• عدد المراجعات :
  • 1047
  • 12/19/2010
  • تاريخ :

حكم التقية عن غير مذهب المخالفين

الورد

لا إشكال في التقية عن غير مذهب المخالفين ، مثل التقية في العمل على طبق عمل عوام المخالفين الذين لا يوافق مذهب مجتهدهم ، بل وكذا التقية في العمل على طبق الموضوع الخارجي الذي اعتقدوا تحققه في الخارج مع عدم تحققه في الواقع ، كالوقوف بعرفات يوم الثامن والافاضة منها ومن المشعر يوم التاسع موافقا للعامة إذا اعتقدوا رؤية هلال ذي الحجة في الليلة الاخيرة من ذي القعدة.

فإن الظاهر خروج هذا عن منصرف أدلة الاذن في ارتفاع الاعمال على وجه التقية لو فرضنا هنا إطلاقا ، فإن هذا لا دخل له في المذهب ، وإنما هو اعتقاد خطأ في موضوع خارجي.

نعم ، العمل على طبق الموضوعات العامة الثابتة على مذهب المخالفين داخل في التقية عن المذهب ، فيدخل في الاطلاق لو فرض هناك إطلاق ، كالصلاة عند اختفاء الشمس ، لذهابهم إلى أنه هو المغرب.

ويمكن إرجاع الموضوع الخارجي أيضا في بعض الموارد إلى الحكم ، مثل ما إذا حكم الحاكم بثبوت الهلال من جهة شهادة من لا تقبل شهادته إذا كان مذهب الحاكم القبول ، فإن ترك العمل بهذا الحكم قدح في المذهب ، فيدخل في أدلة التقية.

وكيف كان ففي هذا الوجه لا بد من ملاحظة إطلاق دليل الترخيص لاتيان العبادة على وجه التقية وتقييده والعمل على ما يقتضيه الدليل.

وأما في الوجه الثاني ، فهذا الشرط غير معتبر قطعا ، لان مبناه على العمل المخالف للواقع من جهة تعذر الواقع ، سواء كان تعذره للتقية من مخالف أو كافر أو موافق ، وسواء كان في الموضوع أم في الحكم.

كل ذلك لان المناط في مسألة اولي الاعذار العذرية ، من غير فرق بين الاعذار.

بقي الكلام : في اعتبار عدم المندوحة الذي اعتبرناه في الوجه الثاني.

فإن الاصحاب فيه بين غير معتبر له ، كالشهيدين (1) والمحقق الثاني (2) في البيان (3) والروض (4) وجامع المقاصد (5).

وبين معتبر له ، كصاحب المدارك (6).

وبين مفصل ، كما عن المحقق الثاني : بأنه إذا كان متعلق التقية مأذونا فيه بخصوصه كغسل الرجلين في الوضوء والتكتف في الصلاة ، فإنه إذا فعل على الوجه المأذون فيه كان صحيحا مجزيا ، وإن كان للمكلف مندوحة ، التفاتا إلى أن الشارع أقام ذلك مقام المأمور به حين التقية ، فكان الاتيان به امتثالا ، وعلى هذا فلا تجب الاعادة وإن تمكن من فعله على غير وجه التقية قبل خروج الوقت.

قال : ولا أعلم خلافا في ذلك بين الاصحاب.

وأما إذا كان متعلقها مما لم يرد فيه نص بالخصوص ، كفعل الصلاة إلى غير القبلة والوضوء بالنبيذ ومع الاخلال بالموالاة فيجف الوضوء كما يراه بعض العامة ، فإن المكلف يجب عليه إذا اقتضت الضرورة موافقة أهل الخلاف فيه وإظهار الموافقة لهم ، ثم إن أمكن له الاعادة في الوقت وجب ، ولو خرج الوقت ينظر في دليل يدل على القضاء ، فإن حصل الظفر به أوجبناه ، وإلا فلا ، لان القضاء إنما يجب بفرض جديد ، انتهى.

ثم نقل عن بعض اصحابنا القول بعدم وجوب الاعادة ، لكون المأتي به شرعيا.

ثم رده : بأن الاذن في التقية من جهة الاطلاق لا يقتضي أزيد من إظهار الموافقة مع الحاجة (7) ، انتهى.

الشيخ مرتضى الانصاري

-----------------------------------------------------------------------

هوامش:

1 ـ مرت ترجمة الشهيد الاول ، وهو صاحب كتاب البيان الذي نقل عنه هنا ، وكتاب البيان في الفقه خرج منه الطهارة والصلاة والزكاة والخمس وأول الاركان الاربعة من الصوم فيما يجب الامساك عنه.

وأما الشهيد الثاني فهو : الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد بن محمد العاملي ، عالم كبير من أعيان هذه الطائفة ورؤسائها وأعاظم فضائلها وثقاتها ، له عدة مؤلفات ، منها : روض الجنان في شرح إرشاد

2 ـ هو : الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي ، ويعرف بالمحقق الثاني ، شيخ الطائفة وعلامة وقته صاحب التحقيق والتدقيق ، له عدة مؤلفات ، منها : جامع المقاصد في شرح القواعد ، وهو شرح مبسوط خرج منه ست مجلدات مع أنه لم يتجاوز مبحث تفويض البضع من كتاب النكاح ، توفي سنة 940 في النجف.

نقد الرجال : 238 ، هدية الاحباب : 236 ، الذريعة 5 / 72.

3 ـ البيان : 10.

4 ـ روض الجنان : 37.

5 ـ جامع المقاصد 1 / 222.

6 ـ المدارك : 33.

وكتاب مدارك الاحكام في شرح عبارات شرائع الاسلام في الفقه ، خرج منه العبادات إلى آخر كتاب الحج في ثلاث مجلدات.

وهو تأليف السيد محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي ، عالم عامل زاهد صاحب تأليفات وتحقيقات قيمة ، توفي سنة 1009 ه‍.

هدية الاحباب : 119 ، الذريعة 20 / 239.

7 ـ رسائل المحقق الكركي ـ الرسالة الثامنة في التقية ـ 2 / 51 و 52.


المستحب من التقية

التقية ومقامتها

فلسفة الحج في الأحاديث الشريفة

ما أكثر الضجيج و أقل الحجيج

آداب الإفطار والسحور

استهلال شهر رمضان

رجب ،أفضل أوقات العمرة‏

 

 

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)