• عدد المراجعات :
  • 904
  • 11/29/2010
  • تاريخ :

المسلمون ووحي القرآن (3)

الورد

4- صرخة الضمير: يستفاد من التفسير المذكور سابقاً أن النبوة والرسالة هي صرخة الضمير للاصلاح الاجتماعي العام الشامل، والسعي في رفع المساوىء الاجتماعية وابدالها بما يضمن للمجتمع السعادة والرفاه. ولكن المستفاد من القرآن الكريم خلاف هذا المعنى فانه يقول: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾(الشمس:7-8).

ومعنى هذا أن كل انسان يعرف أعماله الحسنة والسيئة بما أوتي من صفاء الضمير فيدرك به صرخة الوجدان الاصلاحية الا أن هناك من يهتم بهذه الصرخة فيصبح من السعداء ومن لايعتني بها فيعود من الأشقياء، كما قال تعالى:﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾(الشمس:9-10).

فلو كانت النبوة والرسالة أثر من تلك الصرخة لكانت عامة في الناس مودعة في كل الضمائر، وكان جميع الناس أنبياء ورسلاً، مع العلم انا نجد أن الله تعالى يختص بعض عباده بهما فيقول: ﴿وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾(الأنعام:124).. تدل الآية الكريمة على أن الكفار كانوا يشترطون لايمانهم عمومية الرسالة ليكون لهم حصة منها، فيرد عز شأنه عليهم مثبتاً أن الرسالة خاصة بفئة مختارة.

5- حول التفسير الثاني: لقد كررنا القول اننا لانحاول في هذه البحوث المختصرة اثبات أن الدين الاسلامي حق ودعوى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صدق، بل نريد أن نذكر أن تفسير أولئك الباحثين الوحي والنبوة والرسالة بمافسروه به خاطىء لايطابق ما جاء في القرآن العظيم، فنقول بصدد التفسير الثاني:

يحاول التفسير الثاني أن يفسر الأصول الاعتقادية التي أتى بها الرسول بأنها مجموعة من العقائد الخرافية التي ألقيت على الناس بشكل دين سماوي، ذلك لأن الناس كانوا في جهل وأمية ولم تتوفر فيهم الثقافة والعلم فلم يمكن اصلاحهم الا من هذا الطريق. كانت هذه التعاليم الخرافية من صالح الناس، وكان من الضروري أن يلقي عليهم بهذا اللون العقائدي الذي يحفه الخوف من الله ورجاء الجزاء في العالم الآخر ووجود الجنة والنار والحساب والكتاب، ولولا هذا اللون المزيج بالخرافة لما أمكن اصلاحهم بما ينجيهم من واقعهم الأليم.

نقول: اننا لانعلم الشيء الكثير عن حياة الأنبياء الماضين عليهم السلام، الا أن حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مدروسة بصورة واضحة جلية، ويتبين من خلالها للمراجع الدقيق أنه عليه الصلاة والسلام كان شديد الايمان بدعوته وكان يطمئن إلى صحتها كامل الاطمئنان. فلو كانت العقائد الاسلامية خرافية كما يزعمون لم يكن هناك حاجة إلى مثل هذه الأدلة الكثيرة التي يقيمها القرآن الكريم عليها، كأدلة اثبات الصانع وتوحيده تعالى وبقية الصفات الالهية وسائر العقائد العائدة إلى موضوع النبوة والمعاد وغيرهما.

6- ماذا يقول القرآن في الوحي والنبوة: ملخص ما نستفيده من الآيات الكريمة أنها تعتبر القرآن كتاباً سماوياً ألقي إلى الرسول من طريق الوحي، والوحي هو كلام سماوي (غير مادي) ليس للحواس الظاهرية والعقل أن تصل اليه، بل ربما يوجد في بعض من يختاره الله تعالى ما يدرك بواسطة قوى ربانية الأوامر الالهية والدستور الغيبي (غير المحسوس بالعقل والحواس الأخرى)، وهذه الحالة هي من حالات النبوة وبها يتلقى النبي الشريعة الالهية.


المسلمون ووحي القرآن (2)

المسلمون ووحي القرآن (1)

أدلة منكري بعثة الإنبياء

اللطف الإلهي ( 1)  

الأدلة النقلية على وجوب الدعوة

النبوه العامة - الفرق بين المعجزة والكرامة (4)

الظاهرة العامّة للنبوّة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)