• عدد المراجعات :
  • 408
  • 4/27/2010
  • تاريخ :

ديون اميركا الكارثية، اختبار مصيري لأوباما

الدولار الأمريکي

أصبح النظام المالي العالمي مشلولاً مرة أخرى بمخاطر الديون السيادية. ويثير ذلك ذكريات سيئة لحالات العجز والحالات القريبة من ذلك لدى بلدان ناشئة، مثل الأرجنتين، وروسيا، والمكسيك. لكن القضية الحقيقية ليس ما إذا كانت اليونان، أو أي بلد صغير آخر يمكن أن يفشل. وبدلاً من ذلك، فإن الأمر هو ما إذا كان الموقف الائتماني واستقرار العملة لدى أكبر مقترض في العالم؛ الولايات المتحدة، سيصابان بكارثة بسبب صورتها المتردية فيما يتعلق بالعجوزات والديون.

 إن صورة اميركا المالية أسوأ ممّا تبدو عليه. وتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس ـ الذي يعمل وفقاً لتوافق الحزبين ـ للتو أن السنوات العشرة المقبلة ستشهد عجوزات متراكمة تبلغ 9700 مليار دولار، وأن الدين الفيدرالي سيبلغ 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل تقريباً الوضع في إيطاليا. ومن غير المحتمل أن تقبل أسواق رأس المال العالمية بذلك التآكل الائتماني. وإذا ثارت الأسواق على ذلك، كما حدث عام 1979، فإن تغييرات قبيحة في السياستين المالية والنقدية سيتم فرضها على واشنطن. وهذا الأمر هو أعظم عوامل انكشاف الرئيس باراك أوباما، ويزيد أثره على تأثير الوضع في أفغانستان، أو البطالة في الولايات المتحدة.

إن صورة اميركا المالية أسوأ ممّا تبدو عليه. وتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس ـ الذي يعمل وفقاً لتوافق الحزبين ـ للتو أن السنوات العشرة المقبلة ستشهد عجوزات متراكمة تبلغ 9700 مليار دولار، وأن الدين الفيدرالي سيبلغ 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل تقريباً الوضع في إيطاليا. ومن غير المحتمل أن تقبل أسواق رأس المال العالمية بذلك التآكل الائتماني.

 ما مدى بشاعة الصورة؟ سيزداد حجم الدين الفيدرالي بما يقارب 250 في المائة خلال عشر سنوات ـ من 7500 مليار دولار إلى 20 ألف مليار دولار. وباستثناء ما حصل خلال الحرب العالمية الثانية، لم تسجل مثل هذه الزيادة في المديونية في الولايات المتحدة منذ أن بدأت بتسجيل ذلك في دفاترها الرسمية عام 1792. وهي زيادة تتم بوتيرة عالية للغاية، بحيث من المتوقع أن تقترض وزارة الخزانة 5000 مليار دولار سنوياً لإعادة تمويل الديون المستحقة، وجمع أموال جديدة. وستزيد تكاليف دفع فوائد هذه الأموال على كل بنود النفقات المحلية الاختيارية، كما تنافس ميزانية وزارة الدفاع. ومن سوء الحظ أنه ليس لقانون الرعاية الصحية سوى أثر بسيط على الميزانية في هذه الفترة. فلماذا تعتبر هذه الصورة خطيرة؟ لأن الفوائد الدولارية يمكن أن تبلغ من الارتفاع الشديد ما يخنق الاستثمار الخاص والنمو العالمي.

 ومن سوء حظ أوباما أن يكون الرئيس المطلوب منه تدبير هذه الأمور. ويعكس التراجع المالي الشديد في 2009 – 2010 استمراراً لعجوزات إدارة بوش، والعوائد الأدنى، والإنفاق المضاد للدورة الاقتصادية الذي أشعله الركود. وكانت المبادرات الخاصة بأوباما مسؤولة عن 15 في المائة فقط من التدهور. ومع ذلك، فإن الأزمة أصبحت من مسوؤلياته في الوقت الراهن.

 والاقتصاد الآن أضعف من أن يتحمل الأثر الانكماشي لتقليص العجز. وحتى صقور العجز يوافقون على ذلك. يضاف إلى ذلك أن أوباما عين لجنة ميزانية، وحدد كانون الأول (ديسمبر) موعدا نهائيا لصدور تقريرها، غير أن التوقعات الخاصة بها ضعيفة، كما لا يمكن القيام بأي خطوات قبل عام 2011.

 مع ذلك، الجميع يعرفون بالفعل العناصر الرئيسية للحل. فلا بد من تقليص نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2 في المائة على الأقل، أو 300 مليار دولار على صعيد النفقات السنوية. ولا بد أن يتضمن ذلك تخفيضات على الإنفاق، مثل النفقات الملتزم بها، كما يجب الحصول على عوائد جديدة من زيادات ضريبية على الدخل، والمكاسب الرأسمالية، والأرباح الموزعة، أو من خلال ضريبة مثل ضريبة قيمة مضافة تصاعدية.

 والعوامل السياسية والمالية هي التي ستقرر أياً من مسارات الميزانية الثلاثة هو الذي تسير عليه الولايات المتحدة في الوقت الراهن. الأول هو المسار المثالي. وبموجبه يتبني القادة في العام المقبل التغيرات الضرورية في مجالي الإنفاق والضرائب، إضافة إلى قواعد للميزانية، لتطبيقها جميعا كي يتوصلوا، مثلا، إلى ميزانية متوازنة بالفعل بحلول عام 2020. وقد استطاع الرئيس بيل كلينتون تحقيق نتيجة تشريعية يمكن مقارنتها بذلك خلال فترته الرئاسية الأولى. غير أن اميركا أشد استقطاباً في أيامنا هذه، ولا سيما بخصوص الضرائب.

 إن إدمان اميركا على الديون يمثل تهديداً مشابهاً في الوقت الراهن. وسيضطر أوباما كي يتجنب حلاً قبيحاً مفروضاً عليه، إلى استثمار كل رأسماله السياسي في اتفاق حول الميزانية في العام المقبل. وسيتم نُصحه بأن تقليص الإنفاق وزيادة الضرائب أمران في غاية الخطورة على إعادة انتخابه في 2012. غير أن البديل يمكن أن يكون أسوأ من ذلك بكثير.

 المسار الممكن الثاني عكس ذلك، أي شلل حكومي وعشر سنوات من التآكل المالي، بحيث تبلغ الديون 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وستصعد أسعار الفائدة بصورة شديدة، لكن أسواق رأس المال العالمية تمول هذه المتطلبات دون أن يكون هناك عدم استقرار خطير.

 يفيد التاريخ بأن حصيلة ثالثة هي الأعلى احتمالاً، وهي حصيلة تفرضها الأسواق العالمية. ويمكن بالفعل أن تكون هناك حالة من الهدوء في أسواق الصرف والائتمان في العام التالي، أو العامين المقبلين. غير أن فرص قبول تلك الأسواق بمثل ذلك الانزلاق المالي طويل الأجل تظل متدنية. وانهيار الدولار عام 1979 مفيد في تقديم الدليل والمعرفة في هذه الظروف. وحينها كان حظر النفط الإيراني، والتضخم المصحوب بالركود، وضعف الدولار، عوامل تدفع حركة الأسواق. وقدم الرئيس جيمي كارتر ميزانيته وسط كل ذلك الجو العصبي، متضمنة عجزاً فاق ما كان متوقعاً. وأدى ذلك إلى إشعال تراجع إضافي ومؤلم في قيمة الدولار، الأمر الذي زعزع استقرار الأسواق. واضطر ذلك كارتر إلى تقديم ميزانية أشد، كما اضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة أسعار الفائدة. وعمل الإجراءان على إلحاق الأذى بالاقتصاد، وأصابا الرئاسة بجراح عميقة.

 إن إدمان اميركا على الديون يمثل تهديداً مشابهاً في الوقت الراهن. وسيضطر أوباما كي يتجنب حلاً قبيحاً مفروضاً عليه، إلى استثمار كل رأسماله السياسي في اتفاق حول الميزانية في العام المقبل. وسيتم نُصحه بأن تقليص الإنفاق وزيادة الضرائب أمران في غاية الخطورة على إعادة انتخابه في 2012. غير أن البديل يمكن أن يكون أسوأ من ذلك بكثير.

 المصدر: العالم الاخباري


الأرضيّة العسكرية للسياسة العسكرية الأميركية

الأرضيّة السياسية للسياسة العسكرية الأميركية

الأرضيّة الاقتصادية للسياسة العسكرية الأميركية

الأرضيّة التاريخية للسياسة العسكرية الأميركية

الحرب المعلنة بعد الحادي عشر من سبتمبر

سنة 2010... عام التحديات الأميركية

عام الحسم في أزمات الشرق الأوسط ... 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)