• عدد المراجعات :
  • 2454
  • 4/18/2010
  • تاريخ :

تحــــــاور ولا تخــــــف

الورد

-  تكلم حتى أراك

-هذا لا يكفي، فقد تكلمت، بل وصرحت ولم تراني

-الأفضل أن نتحاور معاً حتى يكتشف كل منا الآخر، ولنحدد موضوعاً للحوار يكون فيه صالحنا، ولنتفق مسبقاً على أن نصل بالحوار إلى مشروع مشترك ننفذه معاً، ونتقاسم فيه المنافع .

-إذا فلنفعل،  ونبدأ الحوار .

-لا .. لا أستطيع أن أتحاور معك .

- لماذا لا تستطيع ؟

-لأنى خائف منك،  فقد تبطش بى،  إذا ما عبرت عن آرائى التى قد تخالفك، وقد لا أستطيع أن أطرح مصالحى التى قد تتعارض مع مصالحك ،  كما أننى لا أشعر أننا على قدم المساواة.. أنى أشعر أنك الأقوى.

-إذا فماذا تريد أن أفعل حتى نتحاور كما طلبت أنت ؟

-أريد الأمان،  فلا حوار دون أمان .

-وماذا تعنى بالأمان قبل الحوار ؟

-أن تسمح لى أن أعبر عن آرائي بكل حرية، وأن أعرض مصالحي حتى لو كانت تتعارض مع مصالحك .

- قد تتجاوز، ويكون الأمر فوضى .

- إذا لنضع قواعد تضبط الحوار بيننا نلتزم بها معاً .

- وما هى هذه القواعد ؟

-لتكن أدب الحوار ، والاحترام المتبادل ، والثقة المتبادلة وحقوق كل منا وحدوده أثناء الحوار .

-هذه كلمات ومصطلحات غير محددة المعانى .

-ليست مشكلة ،  يمكن أن نحدد معانيها وأن نضبط المقصود منها .

فعلى سبيل المثال، لا للأسئلة الاستنكارية، ولا للاستفزاز والتهكم .

- وماذا يعنى الاستفزاز والتهكم ؟

-يعنى التقليل من شأن الآخر، والحض من قيمته .

-وماذا تعنى الثقة المتبادلة، والاحترام المتبادل ؟

-يعنى الاعتقاد فيما يقوله كل منا إلى أن يأتى بالحقائق التى تثبت عكس ذلك.

وكما يعنى الاحترام بالشعور المسبق بأن الآخر قيمة جديرة بالتقدير

وكما يمكن أيضاً أن نحدد ضوابط للمناقشة نتفق عليها ونعمل بها، مثل متى يبدأ كل منا بالكلام؟ ومتى يتوقف؟ وكيف يعترض أو يحتج عليه الآخر؟

- وهل يكفى هذا للحوار الفعال بيننا ؟

-لا .. لا يكفي .

-إذا ، وماذا بعد؟

- أن يستند موضوع الحوار إلى الحقائق وليس أحكام القيم ، وإلى المعرفة وليس الآراء، وإلى المنطق، والعلم .

-وماذا تقصد بالحقائق وأحكام القيم والمعرفة والآراء ؟

- أحكام القيم هي معاييرك أنت التى تحكم بها على الأمور

أما الحقائق فهي كل ما يطابق الواقع، أو ما يكون عليه إجماع

أما المنطق فهو النتائج التى تسبقها مقدمات مساوية لها ومؤدية إليها .

-أوافق على كل ما طلبت ، ولنبدأ الحوار .

- لا .. ليس بعد .

-وماذا بعد ؟

-العلانية، والشفافية، والمصداقية وإعلان النتائج ومشاركة المجتمع، أو الجماعة أو المجموعة التى تتأثر بحوارنا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .

- وماذا تعنى بكل ما سبق؟

- العلانية أن يعرف كل أصحاب المصلحة فى هذا الحوار بأننا نتحاور

والشفافية هى أننا لن نخفي شيئاً عن أصحاب المصلحة فيما يتعلق بالحوار ونتائجه

والمصداقية هى أن كل ما نعلنه صحيح .

- أوافق، إذا لم يكن لك مطالب أخرى؟

- لا، هذا يكفي لأن نتحاور، وأن نتفق، وأن نشترك، وأن نصل معاً إلى تحقيق مصالحنا المشتركة .

- أفضل قبل أن نبدأ الحوار أن نحدد كل ما سبق فى نقاط واضحة .

 

- كل ما سبق يعنى :

أنه لا سبيل إلى اكتشاف الآخر إلا بالحوار معه .

وأنه لا مشاركة دون حوار .

ولا حوار دون أمان ، وقواعد تنظم الحوار ، ومضمون للحوار يستند إلى العلم والمنطق .

وأنه لا ضمان لفاعلية الحوار إلا بالعلانية والشفافية والمصداقية .

ومتابعة وتقييم المجموعة المستهدفة بنتائج للحوار .

- لقد فهمت تماماً كل ما سبق، واتفق معه، وأقبله.

وسأتحاور معك على أساسه ولكن كم أرجو أن تعطيني بعض الأمثلة لما سيكون عليه الحوار، ونتائجه إذا تم على هذه الأسس؟

 

- فى هذا الإطار، إجابة على طلبك، أعرض عليك ما يلى:

ماذا يحدث .. على سبيل المثال ، عندما تكتشف بالحوار وفقاً للأسس السابقة أن الحكومة أو الإدارة العليا ومن يمثلوها ليسوا وحوشاً طامعين باحثين عن مصلحة ذاتية على حساب الآخرين، وعندما يكتشف أفراد الحكومة أو الإدارة العليا ومن يمثلوها أن ممثلي جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والنقابات، أو أى فئة لها مطالب أيا كانت، أن هؤلاء ليسوا طامعين فى مكانة اجتماعية على غير أساس، أو فى مطالب على غير حق، وأنهم ليسوا متمسكين بمناصبهم، وأن كل أهدافهم هو الصالح العام للمجتمع، والصالح الخاص لمجموعتهم المستهدفة؟

وماذا يحدث عندما يكتشف الطرفين أنهما تماماً مثل بعضهما البعض مع اختلاف المجال والمكان، وتوحد الهدف، حيث لا يسعى كل منهما إلا على بقائه فى منصبه أولاً، وخدمة مصالحه الذاتية على حساب مصالح المجموعة المستهدفة ثانياً، وأن شرعية وجود كل منهما هو الإدعاء غير الحقيقي بتحقيق مصالح الناس ؟

وماذا يحدث عندما يكتشف أطراف الحوار أيا كانوا من الحكومة أو المطالبين بحقوق منها أو من الإدارة العليا والعاملين، أنهم لا يملكون لا القدرة، ولا الرغبة، ولا الإرادة الصادقة للعمل المشترك من خلال مشروعات حقيقية فاعلة، وأن السبب الحقيقي للدعوة للحوار والعمل المشترك هو تدعيم موقف كل منهما أمام مجموعاته المستهدفة ( المجتمع أو المنظمة )؟

-والإجابة هي، مع الأخذ في الاعتبار أنها ستتوقف على مدى شفافية ومصداقية الحوار، من حيث تعرف المجتمع عليه، ومتابعة نتائجه، بل وربما مشاركة المجموعات المستهدفة منه والمتأثرة به، بشكل أو بآخر :

 

فى الحالة الأولى

سيكون التعاون المشترك والفاعل بين الطرفين أيا كانوا ( حكومة – أهالى – إدارة عليا – عاملين ... ) ، وسيكون النجاح المثمر هو محصلة هذا التعاون، والأهم هو التدعيم المشترك والمتبادل للطرفين، والأكثر أهمية هو التأييد من قبل الجماهير والمجتمع والمجموعة المستهدفة للطرفين .

 

وفى الحالة الثانية

إذا كان الحوار معلن ومراقب من المجموعات المستهدفة، سينكشف الخداع والإدعاء، وسيرفض المجتمع، أو المجموعة المستهدفة قياداتها لتحل محلها قيادات أكثر مصداقية، وكذلك ستكتشف المجموعات المستهدفة خداع وكذب المسئولين الحكوميين أو ممثلي الإدارة، وسترفع أصواتها إلى المستويات الأعلى لاستبدالهم بمسئولين أكثر مصداقية، لتكون النتيجة تعاون بين أطراف أكثر مصداقية فى المرات التالية .

ولكن هذا يتوقف على مشاركة، ووعى، وجدية وإصرار المجموعات المستهدفة على تحقيق مصالحها، والذى بدونه لن نصل إلى هذه النتيجة .

 

والحالة الثالثة

ينطبق عليها ما جاء فى الحالة الثانية، حيث سيؤدى انكشاف الدوافع الحقيقية للحوار والمشاركة إلى التغيير الصحيح والواعي للقيادات الحالية، بالقيادات الصادقة والفاعلة، ولكن هذا تحت شرط مدى وعي ومشاركة المجموعات المستهدفة فى متابعة الحوار الذى يجرى .

-والآن وبعد تقديم كل هذه الأمثلة والسيناريوهات لكل نتائج الحوار فلنبدأ الحوار، استناداً للأسس السابقة .

-أشعر بالخوف، فالأمثلة والحالات التى ذكرتها، وخصوصاً الحالة الثانية والثالثة قد أشعرتني بأن الأمور قد لا تسير على ما يرام، فقد يساء الفهم أثناء الحوار، وقد لا يستطيع أطراف الحوار التعبير الجيد عن أرائهم، فتحدث الحالة الثانية أو الثالثة .

-لا تخف مطلقاً إذا كان بالفعل كل أطراف الحوار صادقين فى تعبيرهم عن مصالح من يمثلوهم من المجموعات المستهدفة فلن تحدث إلا الحالة الأولى وهى التعاون الفاعل والمشترك، والتأييد الإيجابي من المجتمع .

-أبدأ ولا تخف .

-لا .. أنا أشعر بالخوف .

-لعله من الغريب أنني كنت أنا الخائف فى أول هذا الحوار، لتكون أنت الخائف فى آخره .

د. محمد كمال مصطفى، استشاري إدارة تنمية الموارد البشرية


من أهمّ عوامل النجاح في حياتك

قال المجربون 

فوق الشوك ورد؟ أم تحت الورد شوك؟

من صديق عن صديق

القناعات

قد لا تكون المشكلة عند الآخرين بل عندنا نحن 

عشرة أسرار تجذب الأشخاص باتجاهك

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)