قالـوا بأنّ الشـعر لهـو مرفَّـه |
وسـبيل مرتـزق بــه يتـذرّع |
وإذا تسـامينا بـه فهو الصـدى |
للنفـس يلبـس ما تريـد ويخلـع |
أن تطرب الأرواح فهو عنـاؤها |
وإذا شـجاها الحزن فهو الأدمـع |
فذروه حيـث يعيش غريـداً على |
فَنَــن وملتاعـاً يئــنّ فيوجـع |
لا تطلبـوا منـه فما هـو بالذي |
يبنـي ويهـدم أو يضـرُّ وينفـع |
أكبرت دور الشـعر عمّا صوّروا |
وعرفت رزء الفكر في من لم يعوا |
فالشعر أجّـج ألف نار وانبـرى |
يلوي أُنـوف الظالميـن ويجـدع |
لو شاء صاغ النجم عقداً ناصـعاً |
يزهـو بـه عنـق أرقّ وأنصـع |
أو شـاءَ ردَّ الرمـل من نفحاته |
خضـلاً بأنفاس الشـذى يتضـوّع |
أو شـاء ردَّ الليـل في أسـماره |
واحـات نـور تسـتشفّ وتلمـع |
أو شاء قاد من الشـعوب كتائبـاً |
يعنـو لهـا مـن كلّ أُفـق مطلع |
أنا لا أُريد الشـعر إنجـدَّت بنـا |
نـوبٌ يخلّـى مـا عنـاه ويقبـع |
أو أن يوش الكأس في سمر الهوى |
ليضـاء ليـل المترفيـن فيسـطع |
بغداد يا زهـو الربيع على الرُّبى |
بالعطـر تعبــق والسَّـنا تتلفَّـع |
يا ألف ليلـة ما تـزال طيوفهـا |
سَـمَراً على شـطآن دجلـة يمتع |
يا لحن معبـد والقيـان عيونهـا |
وصـلٌ كما شـاء الهـوء وتمنُّـع |
بغـداد يومـك لا يزال كأمسـه |
صوَرٌ على طرفَي نقيـض تُجمـع |
يطغى النَّعيـم بجانب وبجانـب |
يطغَـى الشِّـقا فمرفَّـهٌ ومضـيّع |
في القصر أُغنية على شفةِ الهوى |
والكوخ دمـعٌ في المحاجـر يلذع |
ومن الطّوى جنب البيادر صرَّع |
وبجنـب زق أبـي نؤاس صـرَّع |
ويد تُكبَّـل وهـي ممّا يُفتـدى |
ويـد تُقبَّـل وهـي ممّـا يُقطـع |
وبـراءة بيـد الطّغـاة مهانـة |
ودنـاءة بيـد المبـرِّر تصــنع |
ويصـان ذاك لأنّه من معشـر |
ويضـام ذاك لأنّـه لا يركــع |
كبرت مفارقـة يمثّـل دورُها |
باسـم العروبةِ والعروبةُ أرفـع |