داود (علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

داود (علیه السلام) - نسخه متنی

أحمد بهجت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أحمد بهجت

أحمد بهجت

داود.. عليه السلام


مرت سنوات عديدة على وفاة موسى عليه السلام..

انهزم أبناء إسرائيل بعد موسى.. ضاع منهم كتابهمالمقدس، وهو التوراة.. استولى عليه أعداؤهم وساءت حالهم وتشردوا في الأرض..

ذهبوا يوما لأحد أنبيائهم، وقالوا له:

_ ألسنا مظلومين؟ قال: بلى.

قالوا: ابعث لناملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.

قال نبيهم، وكان أعلم بهم:

_ هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟

قالوا: ولماذالا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟!

(وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا).

(قالوا أنّى يكون له الملك علينا ونحن أحقبالملك منه)، وليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟

قال نبيهم:

(إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء).

قالوا: ما هى آية ملكه؟

_ قال:

_ ستعود إليكم التوراة التي سلبها منكم العدو.. ستحملها الملائكة إليكم.. هذه هي آية ملكه.

ووقعت هذه المعجزة، وعادت إليهم التوراة يوما، وبدأ تكوين جيش'طالوت'. وكان طالوت قد جهز جيشه ليحارب 'جالوت'.. وكان جالوت مبارزا جبارا لا يهزمه أحد، ولا يناله أحد، ويخاف منه أشجع الجنود.

تم تجهيز جيش طالوت، وسار الجيش طويلاوسط صحراء وجبال حتى أحس الجنود بالعطش..

قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، من شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه أو بل ريقه بيده فقط فليبق معي فيالجيش..

وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش. وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصيه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش،وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة.

وقال طالوت لنفسه: الآن عرفنا الجبناء، ولم يبق معي إلا الشجعان.

وجاءت اللحظة الحاسمة، ووقف جيش طالوت أمام جيش عدوه جالوت..

كان عدد أفراد جيش طالوت قليلاً، وكان جيش العدو كبيراً وقوياً.. وقال بعض الضعفاء من جنود طالوت:

_ كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟!

قال المؤمنون من جيش طالوت:

_المهم في الجيش هو الإيمان والشجاعة..

وبرز جالوت في دروعه الحديدية، ومعه سيفه وفأسه وخنجره، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعاً.. وهنا برز من جيشطالوت راعي غنم صغير هو 'داود'.. كان 'داود' مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم، ولامظهر الباطل.

وتقدم داود يطلب من الملك طالوت إذنه لمبارزة جالوت.

ورفض الملك في اليوم الأول.. لم يكن داود جنديا، إنما كان راعي غنم صغيرا، ولم تكن له خبرة فيالقتال أو الحرب، ولم يكن عنده سيف، كل سلاحه كان قطع الطوب 'التي كان يهش بها على غنمه'.. وبرغم هذا كله كان داود يعرف أن الله هو مصدر القوة الحقيقية في هذه الدنيا.. ولماكان مؤمنا بالله فهو إذن أقوى من جالوت.

وجاء اليوم الثاني، وطلب 'داود' الإذن بقتال جالوت، وأذن له الملك. قال له: لو قتلته فسوف تصير قائدا على الجيش، وتتزوج ابنتي..

وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجاز ومقلاعه 'وهي نبلة يستخدمها الرعاة'.. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داودوأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء، وأطلق الحجر.

كانت الرياح صديقة لداود لأنه يحب الله، وحملت الرياح الحجر نحو جبهة جالوت فقتلهالحجر. سقط جالوت على الأرض، وتقدم منه داود فأخذ سيفه وأعلن هزيمة جالوت وجيشه.

وصار داود أشهر رجل في المملكة.. صار قائدا للجيش، وزوجا لابنة الملك.. غير أن داود لميفرح بهذا كله.. لم يكن مهتما بالشهرة أو المجد أو الرئاسة.. كان يحب شيئا واحدا، هو تسبيح الله وتمجيده بصوته الجميل، وكان يعبد الله ويشكره ولا يتوقف عن شكره.. لهذا اختفىداود بعد أن هزم جالوت..

ذهب إلى الصحراء والغابة ليسبح الله وسط الطبيعة..

كان صوته هو أجمل صوت في الدنيا. وكان إحساسه بحب الله يضيف إلى صوته خشوعا وحلاوة. واختارالله داود نبيا ومنحه نعما كثيرة..

وقف داود يوما وبدأ يرتل آيات من كتاب الله، واكتشف أن الجبال تسبح معه.. ليس صدى صوته هو الذي يسمعه.. لأن صدى الصوت هو الصوت نفسهمكررا.. أما الجبال فكانت تكمل له ترتيل الآيات.. وأحيانا كانت الجبال إذا سكت هو أكملت هي التسبيح.. ولم تكن الجبال وحدها هي التي تسبح معه، إنما كانت الطيور تشترك أيضا فيالتسبيح.. كان داود إذا بدأ قراءة كتابه المقدس اجتمعت حوله الطيور والوحوش والأشجار والجبال وراحت تقوم بتسبيح الله وتمجيده.

لم يكن صدق داود هو وحده المسئول عنتسبيح الجبال معه أو الطير.. لم تكن حلاوة صوته هي المسئولة عن تسبيح بقية المخلوقات معه.. إنما كان هذا معجزة من الله له كنبي عظيم الإيمان، صادق الحب لله.. ولم تكن هذهوحدها معجزاته.. إنما أعطاه الله قدرة على فهم لغة الطيور والحيوانات.. كان يوما جالسا يتأمل فسمع عصفورا يخاطب عصفورا آخر.. واكتشف أنه يفهم لغة العصفورين.. قذف الله فيقلبه نورا ففهم لغة الطيور ولغة الحيوانات. وكان داود يحب الحيوانات والطيور ويعطف عليها ويطعمها ويداويها إذا مرضت. وكانت الطيور والحيوانات تحبه وتقصده لحل مشاكلهاوفض منازعاتها. ومع لغة الطيور علم الله داود الحكمة.. وكان داود إذا علمه الله شيئا أو أعطاه معجزة زاد في حبه لله، وزاد من شكره لله، وزاد من إيمانه بالله، وزادت عبادتهلله. حتى أصبح يصوم يوما ويفطر يوما..

وأحب الله داود ومنحه ملكا عظيما.. وكانت مشكلة قومه هي كثرة الحروب في زمانهم، وكانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروعثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يشاء.

وجلس داود يوما يفكر في هذه المشكلة، وأمامه قطعة من الحديد يعبث بها بيديه.. ثم اكتشف فجأة أنيده تغوص في الحديد.. ألان الله له الحديد، فراح يقطعه ويشكله قطعا صغيرة يصلها بعضها ببعض، حتى إذا انتهى كان أمامه درع جديد من الحديد.. درع يتكون من حلقات حديدية تسمحللمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها..

وسجد داود شكرا لله.

وبدأ يشتغل في صناعة الدروع الجديدة.. حتىإذا انتهى منها أعطاها لجيشه بوصفه قائد الجيش، واكتشف أعداء داود وجيشه أن سيوفهم لا تؤثر في هذه الدروع، وأن دروعهم ثقيلة، وتنفذ منها السيوف.. إنها تمنعهم من الحركةولا تحميهم من القتل، بعكس الدروع التي صنعها داود.

وفي كل المرات التي حارب فيها جيش داود أعداءه، كان النصر ينعقد لداود وجيشه.. لم يدخل داود معركة إلا انتصر فيها،وكان يعلم أن هذا النصر من عند الله.. وكان يزيد من شكره لله ويزيد من تسبيحه لله ويزيد حبا لله.

ورأى الملك هذا، فثارت في نفسه الغيرة.. وبدأ يحاول إيذاء داود وقتله..وجهز جيشا ليقاتل داود.. وفهم داود أن الملك يغار منه.. ولهذا لم يحارب الملك. كل ما في الأمر أنه أخذ سيف الملك وهو نائم، وقطع جزءا من ثيابه بالسيف ثم أيقظ الملك وقال له:

_ أيها الملك.. لقد خرجت لقتلي، وأنا لا أكرهك ولا أريد قتلك، ولو كنت أريد قتلك لفعلت هذا وأنت نائم. هذه قطعة من ثيابك قطعتها وأنت نائم وكنت أستطيع أن أقطع رقبتك بدلامنها، ولكني لم أفعل.. أنا لا أحب أن أوذي أحدا.. إن رسالتي هي الحب وليس الكراهية. وأحس الملك أنه أخطأ وطلب من داود العفو، وتركه ومضى..

ثم مرت الأيام، وقتل هذا الملكفي حرب لم يشترك فيها داود. لأن الملك كان يغار منه ورفض الاستعانة به.. وصار داود بعد ذلك ملكا.. تذكر الناس كل ما فعله من أجلهم واختاروه ملكا عليهم، وبذلك كان داود نبياأرسله الله، وملكا في الوقت نفسه.

وشد الله ملك داود.. جعله الله منصورا على أعدائه دائما، وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب.. وزاد الله من نعمه على داودفأعطاه الحكمة وفصل الخطاب. وأعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساعدته.

وكان لداود ابن سماه سليمان.. وكان سليمان ذكيامن طفولته وصباه.

كان عمر سليمان إحدى عشرة سنة حين وقعت هذه القصة..

جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشاكلهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..

وقال لهصاحب الحقل:

_ سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض.

قال داود لصاحب الغنم: هلصحيح أن غنمك قد أكلت حقل هذا الرجل؟

قال صاحب الغنم:

_ نعم ياسيدي..

قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.

قال سليمان.. وكان الله قدعلمه الحكمة، وكان هو قد ورث حكمة والده:

عندى حكم آخر يا أبي..

قال داود:

_ قله يا سليمان..

قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلتهالغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب.. وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه. فإذا كبرت عناقيد العنب وعاد الحقل سليما كما كان،أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..

قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك هذه الحكمة. أنت سليمان الحكيم حقا.

وكان داود برغم قربه من اللهوحب الله له، يتعلم دائما من الله. وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين..

جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه. وكانإذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجىء داود يوما في محرابه أنه أمام اثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا برغم أنهأمر ألا يدخل أحد.. سألهما من أنتما؟

قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.

سأل داود: قل لي القضية..

قالالرجل الأول:

_ (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة).. وقد أخذها مني. قال اعطها لي وأخذها مني..

قال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته:

_ (لقد ظلمكبسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا...) من الشركاء ليظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا.

وفوجىء داود باختفاء الرجلين فجأة من أمامه.. اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة تبخرتفي الجو. وأدرك داود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا.. فلا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا، فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجةمعه الحق.. وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه..

ولم يعد يحكم بين الناس إلا إذا سمع أقوال كل من جاءوه.

واستمر داود يعبد الله ويقوم بتسبيحه ويتغنى بحبه ويمجدهحتى مات.. وورث سليمان داود.



المصدر: أنبياء الله

/ 1