خلق القرآن نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خلق القرآن - نسخه متنی

محمد عمارة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

صورة الأمة الإسلامية عند المستشار العشماوي

محمد عمارة

خلق القرآن

وكثيرون من الذين سمعوا بالصراع الفكري الذي دار بين 'المعتزلة' وبين خصومهم حول القضية، وخاصة زمنالخليفة العباسي المأمون (218ه‍)، لا يعلمون عنها إلا أن 'المعتزلة' قد اضطهدوا بسببها عدداً كبيراً من الخصوم، وأن بعض الأئمة من الفقهاء ـ ابن حنبل وغيره ـ قد لقوا صنوفاًكثيرة وقاسية من الاضطهاد والتعذيب، وأن المعتزلة قد نقضوا بذلك مبدأهم في حرية الإنسان في الرأي والإرادة والمشيئة والاعتقاد.

ولكن هذه الصورة المبسطة والسطحيةليست بأهم ما في هذا الموضوع.. ذلك أن المعنى الذي أراده 'المعتزلة' من وراء القول بأن 'القرآن مخلوق' إنما كان مقصوداً به بالدرجة الأولى 'تنزيه' الذات الإلهية، والحفاظعلى نقاء عقيدة 'التوحيد' كما جاء بها الإسلام وحدث عنها القرآن.. ذلك أن 'المعتزلة' قد رأوا في القول 'بقدم' القرآن الاعتراف بوجود 'قديم' آخر غير الله، وهي شبهة وثنية وتعدديتنافى مع عقيدة 'التوحيد'.. ولذلك قالوا: إن القرآن من حيث هو كلمات وحروف وأصوات ومداد مكتوب في الصحائف، هو محدث (بفتح الدال) مخلوق، بل هو، بهذه الصفات، فعل للإنسانالمتكلم به والقارئ له والكاتب لآياته.. وقال أغلبهم: إن القرآن كما 'نحكيه' نحن الآن ليس هو ذات 'المحكي' من الله سبحانه، وأن الحكاية في 'المحكي'، والذي نحكيه نحن: كلاموصوت وحرف ومداد، أما 'المحكي' عن الله سبحانه فهو المعنى، ولقد عبر الرسول عليه الصلاة والسلام عن هذا 'المعنى' بلغة العرب التي جاء بها القرآن الكريم.. بينما قال خصومالمعتزلة أن 'كلام الله، هذا المسموع 'قديم' أنه غير مخلوق ولا محدث' (بفتح الدال).. ولقد كانت حجة 'المعتزلة' في ذلك أقوى من حجة خصومهم، لأن القرآن من حيث هو كلام وصوت وحرفومداد ـ يمكن أن يتجزأ، وأن يتحدد، وأن يضاف إلى اللغات، ولذلك قالوا: أنه 'لا يجوز من عاقل الشك في حدوث كلام البارئ سبحانه'، مع إقراره بأنه جنس هذه الأصوات لأن إمارةالحدوث في الأصوات المسموعة أقوى وأظهر منها في الأجسام وباقي الأعراض وكيف يشك محصل في حدوث ما ينقسم ويتجزأ ويتحدد ويضاف إلى العربية، وهي متحددة؟ وقد وصفه البارئسبحانه بأنه: منزل ومعقول ومحكم ومحدث.. وإنما جاء الخلاف في هذا من قوم مقلدين يأبون النظر ويمتنعون من التأمل'.. .

ولقد كان لهذا الخلاف من حول هذه القضية صلة وثيقةبصراع المعتزلة ضد الفرق 'المشبهة والمجسمة' والتي تقول باتحاد ذات الله مع غيره، أو حلول هذه الذات في ذوات المخلوقات.. وكان فكر 'التشبيه' هذا ذائعاً في مختلف الأديانوكثير من الفرق يومئذ، كما أن اعتماد المسيحية قد كان ولا يزال ـ في القول بألوهية المسيح ـ على عقيدة خصوم المعتزلة هؤلاء، إذ أن التسليم يقدم 'الكلمة'، مع الاعتراف بأنالمسيح هو 'كلمة الله'، إنما يعني وجود قديم آخر يشارك الله صفة القدم، فينفتح بذلك باب التشبيه والتعدد، مما رآه المعتزلة ذاهباً بنقد عقيدة 'التوحيد والتنزيه' كما جاءبها الإسلام.. .

أما صلة هذه القضية بالمنهج العقلي الذي قدمه المعتزلة في النظر إلى القرآن، وعلاقتها بترجيح وجود 'النظرة العصرية' إلى كتاب الله، فأنها صلة قائمةوعلاقة وثيقة.. ذلك أن القول بخلق القرآن يعني، في مقدمة ما يعني، القول 'ببشرية' هذا الكتاب من حيث اللغة والأصوات والحروف واللهجات.. وبما أن هذه الأشياء هي ثمرة جهد بشريأثمر قواعد اتفق عليها الناس و(تواضعوا) عليها، (ووضعوا) لها القواعد والأصول.. فأن ذلك يجعل للعقل الإنساني مجالاً أكبر في النظر إلى هذا الكتاب وبالتفسير والتأويل.. .

المحكم والمتشابه

ولقد كان لزاماً على المنهج الذي يعتمد على الحجج القرآنية اعتماده على الحجج العقلية، أن يتخذ موقفاً من الآيات التي توحي ظواهرها بوجود تناقضبينها وبين ظواهر آيات أخرى تناولت ذات القضايا ونفس الموضوع.. وهو الموقف الذي جعلهم يفصلون في أمر تقسيم القرآن آياته إلى (محكمة ومتشابه)، وقالوا أن في هذه الآيات ما هو(واضح) وما هو (خفي)، وما هو (أصل) وما هو (فرع)، ومن ثم فإن علينا أن نفسر المتشابه والخفي والفروع على ضوء المحكم والواضح من الأصول التي جاء بها القرآن الكريم.

فعندالإمام القاسم الرسي نجد أن منزلة المحكم من المتشابه هي منزلة الأصل من الفرع، وعند الإمام يحيى نجده يشبه المحكم بالإمام والمتشابه بالمأموم.. .

والأول يقول: أنالأصل هو 'ما أجمع عليه العقلاء، ولم يختلفوا فيه، والفرع ما اختلفوا فيه'، ومن ثم فإن (مرجع الفروع إلى الأصول.. ومرجع المتشابه إلى المحكم، لأن المتشابه كالفرع بالنسبةللمحكم ـ على عكس ما زعمت الحشوية ـ والمجمع عليه من السنة بمثابة الأصل للمختلف عليه منها).. فعلى العبد أن يرجع إلى المحكمات من الآيات.. ويؤمن بالمتشابهات، ولا يظنأنها، وأن جهل تأويلها، وصرف عن تفسيرها، أنها تنقض المحكمات)، و(ليس ينبغي لعاقل أن يدع ما علم لما جهل، وليس لك أن تشك في الواضح إذا ذهب عنك الخفي.

أما الإمام يحيىفإنه يحدثنا عن (أن القرآن: محكم ومتشابه، وتنزيل وتأويل، وناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، وحلال وحرام، وأمثال وعبر، وأخبار وقصص، وظاهر وباطن، وكل ما ذكرنا يصدق بعضه بعضا،فأوله كآخره، وظاهره كباطنه، ليس فيه تناقض.. فإذا فهم الرجل ذلك، أخذ حينئذ بمحكم القرآن، وأقر بمتشابهه، أنه من الله، كما قال الله 'سبحانه: (هو الذي أنزل عليك الكتابمنه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه).. فلذلك جعل المحكم اماماً للمتشابه'.

ثم نراه بعد هذا التحديد يورد لناعدداً من الأمثلة التوضيحية للآيات المحكمة والمتشابهة:

ففي باب (التوحيد)، وبصدد قضية (الرؤية) من الخلق للخالق، نجد من الآيات المحكمة، مثلاً، قوله تعالى: (ولم يكنله كفواً أحد) و(ليس كمثله شيء) و(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)،ومن الآيات المتشابهة، مثلاً، قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) و(فمن كان يرجو لقاء ربه).

وكمثال على كيفية رد المتشابهة إلى المحكم، هنا يقول الإمام يحيى: إن الآية الأولى تفسر على معنى (ان الوجوه يومئذ تكون نضرة مشرقة ناعمة، إلى ثواب ربها منتظرة، وعلىأن المراد من رجاء لقاء الله في الآية الثانية، هو رجاء لقاء ثوابه. وليس لقاء ذات الله.

ومثال آخر في باب 'العدل' يسوق لنا فيه الآيات المحكمة قوله تعالى: (إن الله لايأمر بالفحشاء) و(لا يرضى لعباده الكفر) ومن الآيات المتشابهة قوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض) و(قضينا إليه ذلك الأمر) و(قضى ربك أن لاتعبدوا إلا إياه) و(فقضاهن سبع سماوات في يومين).

ثم يقدم التفسيرات التي ترد هذه الآيات المتشابهات إلى الآيات المحكمات، فيقول: أن معنى (لتفسدن في الأرض) 'أي تختاروناسم الفساد'، ومعنى 'القضاء' في الآيات الثلاث الأخيرة هو: التعليم، والأمر، والخلق.. على الترتيب فلا جبر هنا، ومن ثم فلا تجوير، والمعنى هنا متفق مع معنى الآيات المحكمةالتي تشهد بالعدل للخالق سبحانه وتعالى. وهكذا يحل الأشكال، وينفي عن الله سبحانه أن يكون قد 'قضى وحكم' بفعل الإنسان للفساد وغيره من المعاصي والمنكرات.

وليس المجبرةمن المتكلمين فقط هم الذين رفضوا الحكم على بعض القرآن ببعضه الآخر، وتفسير خفيه بواضحه، ومتشابهه ومحكمه، بل لقد ذهب إلى ذلك (ابن رشد) كذلك، عندما رأى أن (التعارض) قائمبين ظواهر النصوص، بل (ربما ظهر في الآية الواحدة التعارض في هذا المعنى، وأن الأدلة العقلية (تتعارض) هي الأخرى في هذه المسألة، وأن الواجب ليس تفسير جانب بآخر، وآيةبأخرى، وإنما هو اتخاذ الموقف الوسط الذي (يجمع) بين طرفي الخلاف، وأن ذلك (هو الذي قصده الشرع بتلك الآيات العامة والأحاديث التي يظن بها التعارض).

ومن ثم فإن موقف أهلالعدل والتوحيد هذا متميز عن كثير من المواقف التي وردت في هذا المقام. وهو الموقف الوحيد الذي ينفي شبهة التناقض والتعارض عن آيات القرآن، ويفسر (المتشابه) (بالمحكم)استناداً إلى معايير العقل ومقاييس لغة القرآن.

المصدر : القرآن ـ نظرة عصرية جديدة


/ 1