و ما الموقف إذا اختلفت الروایات فی سبب النزول نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

و ما الموقف إذا اختلفت الروایات فی سبب النزول - نسخه متنی

عبدالمنعم النمر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. عبد المنعم

وما الموقف إذا اختلفت الروايات في سبب النزول


إن المتتبع لأسباب النزول سواء في الكتب الخاصة بها أم في كتب التفسير يجدأنها تذكر سببين أو أكثر، كل رواية تذكر سببا خلاف ما تذكره الرواية الأخرى، ويجد القارىء شيئا من الحيرة في اعتماد إحداهما. كذلك يجد القارىء للرواية عدة أساليب فهيتارة تقول: سبب نزول هذه الآية.. كذا أو يحكي الراوي حادثة. ثم يقول عقبها: فنزلت الآية.

وأحياناً يقولون نزلت الآية أو الآيات في كذا، ويذكرون الحادثة.

فهل يوجد فرقبين هذه الصيغ أو انها كلها واحدة؟

وعلى هذا نبحث في حالة ما إذا اختلفت الروايات في بيان السبب ولذلك حالات:

1_ أن تكون رواية منهما أو منها تفيد النص في السببوالأخرى تفيد الاحتمال.

2_ فإذا كانت كل رواية من الروايات التي أمامنا تفيد النص في السبب وتذكر كل منهما سببا يخالف الآخر أمكن لنا الخروج من هذا التضارب بطريقة منالطرق الآتية:

البحث في سند الرواية. فإذا عرفنا أن رواية صحيحة والأخرى غير صحيحة أو ضعيفة قدمنا بالطبع الرواية الصحيحة ومثال ذلك:

ما ذكر في سبب نزول سورة'والضحى' فقد وردت رواية تفيد أن السبب هو قول امرأة قيل إنها أم جميل زوجة أبي لهب للنبي(ص) لما تأخر عليه الوحي: ما أرى ربك إلا قد قلاك.. أي تركك وهجرك. فنزلت السورة تردعليها وفيها: (ما ودعك ربك وما قلى)...

وسند هذه الرواية صحيح مذكور في كتب السنة الصحيحة:

ولكن توجد رواية أخرى تذكر سببا آخر وهو أنه لما مات جرو صغير في بيت رسولالله (ص) دون أن يدري أحد، وتأخر نزول الوحي عليه، ولاحظ ذلك هو ومن حوله، وتساءلوا عن السبب في تأخر الوحي، هل ترك الله رسوله وأهمله؟ ولما قامت الخادمة بكنس البيتوتنظيفه أخرجت الجرو فنزل الوحي... الخ.. وهذه رواية باطلة ممجوجة تحمل في طياتها دلائل كذبها، فالوحي قد تأخر مدة لا يمكن أن يموت الجرو فيها ويبقى في البيت هذه المدة ولايدري به أحد!!! إنه يكون قد تحول إلى جيفة فكيف لا يدرون به إلا عندما قامت الخادمة بكنس البيت؟!.

وهذه الرواية كما ترى ممجوجة غير معقولة فوق أن سندها غير صحيح، لكنحملني على ذكرها مضطرا ما ذكره ابن حجر في شرحه للبخاري من أنها مشهورة على ألسنة الناس لكنه قال أيضاً: إنها غريبة وفي إسنادها مجهولون لا يعرفون.

3_ فإذا كان سند كلمنهما صحيحا، ولإحداهما مرجح يرجحها على الأخرى، اعتمدنا الرواية التي لها مرجح وتركنا الأخرى...

وذلك مثل ما روى في أسباب نزول الآية.

(ويَسئَلونكَ عن الرُّوحِقُلِ الرُّوحُ مِن أمرِ رَبّي).

فقد روى أنها مكية. وأنها نزلت ردا على المتسائلين من مكة الذين أوعز إليهم بعض اليهود المتصلين بهم ليسألوا الرسول عن الروح.

وروىبجانب هذه رواية أخرى تقول: إنها نزلت في المدينة ردا على سؤال اليهود أنفسهم. وكلتا الروايتين صحيحة السند، فكيف نرجح بينهما وكيف نختار.

لقد اختار العلماء أن الآيةنزلت بالمدينة ردا على اليهود فيها، والذي حملهم على هذا الترجيح هو وجود مرجح في هذه الرواية وهو _أولا _ ما ذكر فيها من أن عبد الله بن مسعود كان حاضراً وقت نزولها.

أما الرواية الأخرى فعن ابن عباس، وهو لم يكن شاهدا للواقعة في مكة وثانيا. الذي روى رواية ابن مسعود واثبتها هو البخاري، وأما الثانية فقد رواها الترمذي ونحن نقدمرواية البخاري على رواية الترمذي.

فهنا مرجحان لإحدى الروايتين الصحيحتين، وطبعا نعتمد الرواية التي لها مرجح وهي رواية ابن مسعود.

4_ وقد تستوي الروايتان فيالصحة ولا يوجد مرجح يرجح إحداهما على الأخرى.

وفي هذه الحالة لا يستطيع العلماء رد إحدى الروايتين فماذا يكون الموقف إذن؟

للخروج من هذا طريقتان:

الطريقةالأولى هي البحث في إمكان الجمع بين الروايتين، فإذا أمكن كان كل مما ذكرته الروايتان هو السبب. ومثال ذلك ما روى في سبب نزول آيات اللعان:

(والَّذين يرمونَ أزواجَهُمولم يَكُن لَّهم شُهداء إلا أنفسُهُم فَشَهادةُ أحدِهِم أربعُ شهاداتٍ بالله إنَّهُ لَمِنَ الصّادقين* والخامِسَةُ أنَّ لَعنَتَ اللهِ عليهِ إن كان من الكاذبين*ويَدرَؤُا عنها العَذابَ أن تَشهَدَ أربَعَ شهاداتٍ باللهِ إنَّهُ لَمِنَ الكاذبينَ* والخامِسةُ أنَّ غَضَبَ اللهِ عليها إن كانَ مِنَ الصّادقينَ).

فقد روى في سببنزولها روايتان..

رواية تقول إن سبب نزولها هو شكوى هلال بن أمية لرسول الله ما رآه من أمر زوجته 'إن جئت عشاء فوجدت معها رجلا رأيته بعيني وسمعته بأذني' ويروى البخاريأن الرسول (ص) قال له: 'البينة أو حدّ في ظهرك'.

وكانت الآية قد نزلت قبل ذلك في شأن رمي العفيفات المحصنات بالزنى وأن جزاء الرامي جلده ثمانين جلدة ما لم يأت بأربعةشهداء شاهدوا الحادثة وهي (والَّذينَ يَرمونَ المُحصناتِ ثمَّ لم يأتُوا بِأربعةِ شُهداءَ فاجلِدوهُم ثمانينَ جلدةً ولا تَقبلوا لَهُم شهادةً أبداً وأولئكَ هُمُالفاسقُونَ* إلاّ الذين تَابُوا...).

فقال هلال لرسول الله: إذا وجد أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة؟ وأقسم إنه لصادق ولينزلن الله تعالى ما يبرىء ظهري منالحد..

وكانت فعلا مشكلة. وتكلم غير هلال بما تكلم به. أنذهب نلتمس البينة ونترك الرجل على الزوجة يقضي حاجته؟!! فالزوج إما أن يبلعها ويسكت على مضض ومرارة، وهذا لايتحمله أحد إلا الشواذ، وإما أن يتكلم، وهو مطالب حينئذ بأن يأتي بأربعة شهداء شاهدوا عيانا نفس العمل. وكيف يتركهما بعد أن رآهما ويذهب يلتمس الشهداء؟! فإذا لم يأتبالشهداء فإنه يحد بضربه ثمانين جلدة وسقوط عدالته فلا تقبل له شهادة باعتبار أنه قذف امرأة محصنة ولو كانت زوجته..

فأنزل الله العليم الحكيم الرحيم هذه الآياتالخاصة بحالات الأزواج الذين لا يستطيعون الإتيان بأربعة شهداء ليكون للطريقة التي جاءت فيها وهي 'الملاعنة' مخرج للزوج من الحد، ومن زوجته كذلك بعد أن رآها كما رأها..

هذه رواية البخاري عن حادثة هلال بن أمية.. وهي رواية صحيحة.. ولكنه، أي البخاري، روى أيضاً وانضم إليه مسلم في صحيحه: أن عويمرا أتى عاصم بن عدي وكان سيد بني عجلان، فقال:كيف تقولون في رجل وجد مع امرأته رجلاً؟ أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع؟ سل لي رسول الله (ص) عن ذلك، فأتى عاصم النبي (ص) فسأله فكره رسول الله (ص) المساءلة وعابها.. فقال عويمر:والله لا أنتهي حتى أسأل رسول الله عن ذلك، فجاءه عويمر، فقال يارسول الله: رجل وجد مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع؟ فقال رسول الله: (قد أنزل الله القرآن فيكوفي صاحبتك، فأمرهما بالملاعنة بما سمي الله في كتابه فلاعنها).

فهذه الرواية صحيحة أيضاً، ورواها البخاري ومسلم، ولا يمكن ردها أو ردّ الاولى.. ولكن يمكن الجمعبينهما، بأن يقال: إن الحادثتين كانتا سببا في نزول الآية، ولا مانع من أن تتعدد الحوادث المتشابهة، فتنزل الآية تعالج هذه الحوادث المتعددة..

5_ ونعود لحديث الرواياتونقول: فإذا لم يمكن الجمع بين الروايتين الصحيحتين لتباعد الزمن بين الحادثتين أو السببين مثلا، فإننا لا يمكننا حينئذ أن نقول: إن كلاً من الحادثين كان سبباً.. كيفوالزمن بينهما متباعد؟ فماذا يكون الموقف إذن؟.

إن العلماء لم يقفوا مكتوفي اليدين أمام هذه الحالة، بل فكروا في حل لها ماداموا لم يستطيعوا رد الروايتين الصحيحتينكما لم يستطيعوا الجمع بينهما.. لقد قالوا: إنه لم يبق أمامنا إلا القول بأن كلا من الحادثتين كانت سبباً لنزول الآية، وتكون الآية قد نزلت مرتين..

لكن كيف ولماذا؟

أليست أمامهم الآية كافية في علاج الموضوع المشابه للموضوع الحادث الذي نزلت من أجله الآية من قبل؟

بلى، إنها أمامهم.. ولكن لشدة العناية بالموضوع الذي تعالجه الآيةوإظهاراً للاهتمام به، وربما لمعاتبتهم على العودة للموضوع الذي نزلت بعلاجه الآية من قبل، تنزل للمرة الثانية..

ولو ذهبنا نلتمس من واقعنا أو واقع نفسياتناوتصرفاتنا شاهدا لوجدنا حالات يمكن أن تعيننا على هذا الفهم وتقربه إلينا..

وكما يحصل أحيانا من تكرار الأستاذ أو الرئيس أو الزعيم مثلا لما قاله من قبل على مسامعالطلاب أو الشعب بنصه حين تأتى المناسبة المشابهة.. يلقيه بنصه مرة ثانية بدلا من أن يحيلهم على ما قاله من قبل، ولذلك وقعه ومغزاه.. فقد قلت كذا وكذا من قبل وما كان لكم أنتنسوه أو تهملوا تنفيذه أو تتجاهلوه.. نقول _ولله المثل الأعلى _ إن هذا أمر مقبول فقد نزلت الآية لعلاج حالة ومرت الأيام.. وعاد الناس أو المسلمون يتكلمون بمثل ما تكلموابه حين نزلت الآية الأولى دون التزام بما وجهتهم إليه، لظروف معينة، فأنزل الله الآية نفسها. وفي ذلك ما فيه من تذكير، بل وما هو أكثر من تذكير وتأكيد وتوجيه ليلتزمواتماما بما نزل، ولا يخرجوا عنه لظرف من الظروف مهما يكن..

والآية التي يذكرها العلماء مثلا لهذه الحالة هي قوله تعالى:

(وإن عاقَبتُم فَعاقِبوا بِمِثلِ ماعُوقبتُم به ولَئن صبَرتُم لَهُوَ خيرٌ للصّابرين* واصبِروا وما صَبرُكَ إلا باللهِ ولا تحزَن عليهِم ولا تكُ في ضيقٍ ممَّا يمكُرُون* إنَّ اللهَ مَعَ الَّذين اتَّقواوالَّذينَ هُم مُّحسِنون).

ففيه رواية تقول: إنها نزلت عقب غزوة أحد لما توعد الرسول (ص) نفسه قريشا بالانتقام منهم والتمثيل بهم، عقابا لهم على ما حدث لعمه حمزة رضىالله عنه.

وهناك رواية أخرى تقول إنها نزلت عند فتح مكة وهي مروية عن أُبي بن كعب. 'لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون ومن المهاجرين ستة. فقال أصحاب رسول الله (ص): لئنكان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنمثلن بهم.. فلما كان يوم الفتح قال رجل: لا تُعرف قريش بعد اليوم (كأنه سيبيدهم) فنادى مناد إن رسول الله (ص) قد أمن الأبيض والأسود إلافلانا وفلانا _ناسا سماهم _ فأنزل الله تبارك وتعالى (وإن عاقبتم فعَاقِبوا..) إلى آخر السورة.. فقال رسول الله: (نصبر ولا نعاقب)'..

ومؤدى هذه الرواية أن الآيات نزلت فيمكة.

ويقول المشتغلون بعلوم القرآن إن الروايتين صحيحتان ولا يمكن الجمع بينهما. وعلى ذلك فلا مندوحة من أن يقال: إنها نزلت مرتين، مرة عقب أحد. ومرة يوم الفتح.. خضوعاللروايتين الصحيحتين المتعادلتين..



المصدر : علوم القرآن الكريم

/ 1