و یبقی الخیار قائماً نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

و یبقی الخیار قائماً - نسخه متنی

ترکی الحمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تركي الحمد

تركي الحمد

الاسلام الحزبي


عندما يتحدث البعض عن التيارات السياسية الاسلامية المعاصرة فإنهم يصفونها بـ(الاسلام السياسي)وذلك تمييزاً لها عن (الاسلام غير السياسي) وذلك كما يتضح من مضمون التسمية، دون الحاجة إلى التصريح. والحقيقة أن هذه التسمية، أي الاسلام السياسي، تسمية غير دقيقةلطبيعة هذه التيارات، كما أنها تجرد الاسلام ضمناً من طبيعته السياسية التي وإن كانت عامة إلا أنها موجودة ومدركة. فالاسلام بطبيعته سياسي حيث إنه لم يغفل المسألةالسياسية من قريب أو بعيد، وإن كان قد تركها لظروف الزمان والمكان وفهم جماعة المسلمين حسب أحوالهم وظروفهم، وهذا هو فهم أهل السنة والجماعة على الأقل. وبذلك فإن قصرتسمية الاسلام السياسي على تلك التيارات والجماعات المعاصرة فيه الكثير من قصر النظر، كما أنه يعطيهم شرعية اسلامية خاصة لا تتوفر ضمناً للأغلبية الصامتة من المسلمين.لذلك فالتسمية الأقرب إلى الصحة بالنسبة لهذه التيارات وتلك الجماعات هي (الاسلام الحزبي) أو (الحزبية الاسلامية) وذلك للدلالة على أن هذه التيارات والجماعات عبارة عنتنظيمات معينة إنما تمثل المنخرطين فيها أو المتعاطفين معها، دون أن تكون ممثلة لعموم الجماعة أو الأمة كما تحاول أن تقول. فالحزب، وفق التعريف السائد في الأدبياتالسياسية، عبارة عن مجموعة من الأفراد يشتركون في الأهداف والمبادئ، ويسعون إلى التأثير على السلطة السياسية أو الحصول عليها. وعندما نطبق مثل هذا التعريف البسيط للحزبالسياسي، دون الدخول في لجة نقاش بنية هذه الأحزاب وأقسامها وأنواعها، أقول: عندما نطبق مثل هذا التعريف على التيارات والجماعات الاسلامية المعاصرة (تيارات الصحوة)فإننا نجده ينطبق تمام الانطباق. فجماعة الجهاد أو التبليغ، أو الأخوان المسلمون، أو حزب التحرير، أو شباب محمد، أو الناجون من النار، أو الإنقاذ، أو النهضة أو الجبهةالقومية الاسلامية، كلها في الحقيقة أحزاب سياسية وفق التعريف السابق قبل أن تكون مجرد جماعات (مدنية) إسلامية. وكلامنا هذا لا يعني نزع صفة الاسلامية عن هذه الأحزاب، بلهي أحزاب سياسية واسلامية في ذات الوقت، ولكن (اسلاميتها) ذات بعد خاص وليس عاماً كما تحاول أن تصور نفسها، بل وكما يحاول أي حزب سياسي، سواء كان إسلامياً أو غير ذلك، أنيصور نفسه معبراً عن عموم الأمة أو الجماعة أو المجتمع. إن اسلامية هذه الأحزاب ذات بعد خاص، بمعنى أن الأطروحة الفكرية الاسلامية (الأيديولوجيا) وما يتفرغ عن هذهالأطروحة من أهداف وغايات بعيدة المدى وقصيرته إنما هي أطروحة خاصة بهذه الأحزاب من حيث فهمها (البشري) وتفسيرها وتأويلها للمبادئ العامة في الاسلام، وذلك بما يحققإضفاء شرعية معينة على الأهداف والغايات التي تقول بها هذه الأحزاب، والمبررة أيديولوجياً وفكرياً، أي إن (الاسلام) المطروح من قبل هذه الأحزاب هو (فهم) هذه الأحزابللاسلام ومبادئه وتطويع هذه المبادئ لخدمة أهداف وغايات أعضاء الحزب والمتعاطفين معه وليس الاسلام ذاته الذي هو أشمل وأعم من هذه الأحزاب. ألا ترى هذه الصراعات بينالأحزاب والتنظيمات (الاسلامية)، والانشقاقات التي تحدث داخل كل حزب من هذه الأحزاب، وكل الأحزاب الأخرى، سواء كانت اسلامية أو غير ذلك؟ ثم ألا ترى كيف يتهم كل فريقالفريق الآخر بالخروج عن الملة والجماعة؟ وكل فريق، بطبيعة الحال، يتحدث بصفته صاحب الاسلام النقي الصحيح وبالتالي فإن أي خروج عن أطروحاته وغايته إنما هو خروج على ذاتالاسلام. ونحن هنا، كي لا يساء الفهم، لا نقلل من اسلامية هذه الأحزاب ولا نتهم أصحابها بالمكر والغايات السيئة، بقدر ما أننا نحلل، أو نحاول أن نحلل موضوعياً في أذهاناعموم الصورة. فقد يكون أصحاب هذه الأحزاب والتيارات من مريدي الخير ومحبيه والساعين إلى الصلاح والإصلاح، ولكن ما كل مَن أراد الخير وصل إليه، بل قد يكون العكس. هذا منناحية، ومن ناحية أخرى، ومن أجل جلاء الصورة، فان المراد قوله هنا هو أن اسلامية هذه الأحزاب هي اسلامية (خاصة) وليست بالضرورة معبرة عن الاسلام ذاته، وإن انتمت إليه.باختصار، فإن هذه الأحزاب (اسلامية)، نعم، ولكنها ليست (الاسلامية) وبالتالي فإنها أحد المعبرين والمفسرين لمبادئ الاسلام العامة ولكنها ليست كل المفسرين أو المعبرين،فالآخرون لهم شرعيتهم الاجتماعية والاسلامية بمثل ما لهؤلاء، والكل إلى الاسلام ينتمي دون احتكار من أحد أو فرض وصاية من هنا أو هناك.

وعندما يكون الحديث عن الاسلام(الحزبي) فإن ذلك يقود إلى حديث آخر ألا وهو الاسلام (الحضاري) الذي هو أوسع وأشمل وأرقى من الاسلام الحزبي. الاسلام الحضاري هذا هو الذي بسيادته ساد المسلمون العالموقدموا حضارة من أرقى الحضارات التي بناها بنو الانسان، والذي عندما انحدر وساد الاسلام الحزبي قبع المسلمون في الدرك الأسفل من سلّم الرقي البشري. والاسلام الحضاري هووحده الذي تنطبق عليه مقولة (الاسلام صالح لكل زمان ومكان) إذ إن الاسلام الحضاري هو تلك المبادئ العامة والقيم الشاملة المجردة التي في حدودها تنبع (تعددية) معينة، وكلهااسلامية، مناقضة كل التناقض تلك الشمولية والأحادية وسلطة الرأي الواحد التي تقول بها (الأحزاب) الاسلامية، كل على اختلاف مشربه واختلاف إدراكه واختلاف هدفه.

من أجلإيضاح المقصود بـ(الاسلام الحضاري) فإن ضرب المثل وعقد المقارنة مسألة لازمة. فعندما نتحدث عن (الحضارة الغربية)، فهل نتحدث في هذا المجال عن حضارة الإغريق والرومان منالناحية الزمنية، أم إننا نتحدث عن (الأسلوب) الأميركي في الحياة أو الروسي أو الانكليزي أو الفرنسي أو الأوروبي الغربي أو الشرقي؟ وعندما نتحدث عن الحضارة الغربية، فهلنحن نتحدث عن الليبرالية أم الشمولية، الرأسمالية أم الشيوعية، عن هيغل أم عن جون ستيوارت مل، أم عن إدموند برك وغيرهم؟

الحقيقة أننا عندما نفعل ذلك فإننا نتحدث عنكل هؤلاء وكل تلك التيارات والأنظمة: كلها إفرازات للحضارة الغربية، بمعنى أنها تدور في فلك المبادئ العامة والقيم الشاملة للحضارة الغربية وتتحدد بحدود تلك الحضارةالتي هي ذات المبادئ والمثل والقيم.

وبنفس المنطق، فإننا وعندما نتحدث عن الحضارة الاسلامية أو الاسلام الحضاري فإننا نتحدث عن الراشدين والأمويين والعباسيين (منناحية الأنظمة السياسية)، كما أننا نتحدث عن فقه أهل السنة وكلام المعتزلة والأشاعرة وفلسفة الفارابي وابن سينا، والكندي، وأدب الجاحظ والاصبهاني، وتاريخ الطبريوالمسعودي وابن خلدون وغير ذلك. فهذه الأشياء كلها إنما تنتمي إلى الحضارة الاسلامية وفي فلكها تدور، وضمن حدودها أنتجت وانبعثت، بمعنى ا، كل هذه النظم والتياراتوالمذاهب والمجهودات الفردية والجماعية إنما هي خاضعة (وفق تفسيرات مختلفة وإدراك مختلف) للمبادئ العامة والقيم الشاملة للاسلام وفق تعددية معينة كانت، أي هذهالتعددية، مهماز الحركة وباعث التقدم والإنتاج في حضارة الاسلام عندما كانت سيدة العالم وروح عصر ذلك الزمان.

هذا الفهم للاسلام، أي الفهم الحضاري، والذي يشكل فياعتقادنا روح الاسلام وجوهر الدين الخالد، هو الشيء الذي لا يراه أصحاب الاسلام الحزبي، وذلك لأنهم (يؤدلجون) الاسلام وفق فهم ضيق لا يرى إلا الاتجاه الواحد، رغم أن كلالاتجاهات متاحة، ولأجل ذلك تراهم يتصارعون وينشقون عندما لا يجدون عدواً مشتركاً يجمعهم، إذ إن الاتجاه الواحد دائماً ما يقود إلى سلطة وزعامة الفرد الواحد في نهايةالمطاف الذي يملك مفاتيح المعرفة الحقة والتفسير الصحيح، وهذا، في اعتقادنا، ليس من روح الاسلام أو جوهره في شيء. فهؤلاء، أي أصحاب الاسلام الحزبي، يثبتون ما لا يثبت(فترة زمنية معينة أو فكرة معينة) ويبنون عليه بناء (أيديولوجياً) محدداً يرغمون الآخرين عليه إن استطاعوا، وذلك كما حاولت النازية أن تبرز نفسها معبراً أوحد عن الحضارةالغربية، أو كما حاولت الشيوعية أن تبرز نفسها المعبر الأوحد عن الانسان وتاريخه، وكلا التيارين سقط في نهاية المطاف. ليس هناك في الاسلام ما هو مقدس إلا المقدس ذاته مننصوص في القرآن الكريم أو السنة المطهرة، أما فهم هذه النصوص وتطبيقها فمسألة بشرية بحتة خاضعة لظروف الزمان والمكان ومتاحة لكافة المسلمين وليس لفريق منهم أو شخصبعينه، إذ إنه لا كهنوت في الاسلام، وفي هذا تكمن عظمة الاسلام التي يحاول البعض، عن وعي أو غير وعي، أن يطمسوها بقول أو فعل لم ينزل الله بهما من سلطان. الاسلام دينوحضارة وتاريخ وليس حزباً أو أيديولوجياً لهذا أو ذاك من الفرق والأشخاص، فهو دين الله (لكل) خلق الله.

المصدر : السياسة بين الحلال والحرام

/ 1