مقدّمة - خطبه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خطبه - نسخه متنی

السید جعفر الحسینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الامام امير المؤمْنين


علي بن أبي طالب عليه السلام


نهـــج البــــلاغة


ظبط نصه وقابله

السيد جعفر الحسيني

مقدّمة

السيّد الشريف
الرّضي رضي الله عنه

أما بعد حمد الله الذي جعل الحمد ثمناً
لنعمائه ، ومَعاذاً[1] من بلائه ،
ووسيلاً إلى جنانه[2] ، وسبباً لزيادة إحسانه .
والصلاة على رسوله نبي الرحمة ، وإمام
الائمة ، وسراج الامة المنتخب من طينة
الكرم ، وسلالة المجد الاقدم[3] ،
ومَغرِس الفخار المُعْرِق[4] ، وفرع العَلاء
المثمر المورق . وعلى أهل بيته مصابيح
الظُّلم ، وعِصَم الامم[5] ، ومنار[6] الدين الواضحة ،
ومثاقيل[7] الفضل الراجحة . صلى الله عليهم
أجمعين ، صلاة تكون إزاءً لفضلهم[8] ،
ومكافأة لعملهم ، وكفاء لطيب فرعهم وأصلهم ،
ما أنار فجر ساطع ، وخوى نجم طالع[9]
فإني كنت في عنفوان السن[10] ، وغضاضة الغصن[11]
ابتدأت بتأليف كتاب في خصائص الائمة عليهم
السلام : يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر
كلامهم ، حداني[12] عليه غرض ذكرته في صدر
الكتاب . وجعلته أمام الكلام . وفرغت من
الخصائص التي تخص أمير المؤمنين عَليّاً عليه
السلام ، وعاقت عن إتمام بقية الكتاب
محاجزاتُ الايام ومماطلات الزمان[13] .
وكنت قد بوّبتُ ما خرج من ذلك أبواباً ،
وفصّلته فصولاً فجاء في آخرها فصل يتضمن
محاسن ما نقل عنه عليه السلام من الكلام
القصير في المواعظ والحِكمَ والامثال
والاداب ; دون الخطب الطويلة ، والكتب
المبسوطة فاستحسن جماعة من الاصدقاء ما اشتمل
عليه الفصلُ المقدم ذكره معجَبين ببدائعه
ومتعجبين من نواصعه[14] وسألوني عند ذلك أن
أبتدىء بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام
مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في جميع
فنونه . ومتشعّبات غصونه : من خطب ، وكتب ،
ومواعظ ، وأدب . علماً أن ذلك يتضمن من
عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ،
وجواهر العربية ، وثواقب[15] الكلم الدينية
والدنيوية ، ما لا يوجد مجتمعاً في كلام ،
ولا مجموعَ الاطراف في كتاب ; إذ كان أمير
المؤمنين عليه السلام مشرَعَ الفصاحة
وموردها[16] ومنشأ البلاغة ومولدها ; ومنه عليه
السلام ظهر مكنونها ، وعنه أخذت قوانينُها
; وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب[17]
وبكلامه استعان كل واعظ بليغ . ومع ذلك فقد
سبق وقصروا ، وقد تقدم وتأخروا ، لان
كلامه عليه السلام الكلامُ الذي عليه مَسْحة[18]
من العلم الالهي وفيه عَبْقَة[19]
من الكلام النبوي ، فأجبتهم إلى الابتداء
بذلك عالماً بما فيه من عظيم النفع ،
ومنشور الذكر ، ومذخور الاجر . واعتمدت
به[20]
أن أبين عن عظيم قدر أمير المؤمنين عليه
السلام في هذه الفضيلة ، مضافةً إلى
المحاسن الدّثرَة[21] والفضائل الجمة . وأنه
عليه السلام انفرد ببلوغ غايتها عن جميع
السلف الاولين الَذين إنما يؤثرُ[22]
عنهم منها القليل النادر ، والشاذ والشارد[23] ،
فأما كلامه فهو البحر الذي لا يُساجَل[24] ،
والجم الذي لا يحافَل[25] .

وأردت أن يسوغ لي التمثل في الافتخار
به عليه السلام بقول الفرزدق :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جَمَعتْنا يا جرير المجامعُ

ورأيت كلامه عليه السلام يدور على
أقطاب[26]
ثلاثة : أولها : الخطب والاوامر ، وثانيها :
الكتب والرسائل ، وثالثها : الحكم والمواعظ
; فاجمعتُ[27] بتوفيق الله تعالى على الابتداء
باختيار محاسن الخطب ، ثم محاسن الكتب ،
ثم محاسن الحِكمَ والادب . مفرداً لكل صنف
من ذلك باباً ، ومفصّلاً فيه أوراقاً ،
لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عني عاجلاً
ويقع إليّ آجلاً . وإذا جاء شيء من كلامه ـ
عليه السلام ـ الخارج في أثناء حوار ، أو
جواب سؤال ، أو غرض آخر من الاغراض ـ في غير
الانحاء التي ذكرتها ، وقررت القاعدة
عليها ـ نسبته إلى أليق الابواب به ،
وأشدها ملامحة[28] لغرضه . وربما جاء فيما
أختارُهُ من ذلك فصول غير مُتسِقة[29] ،
ومحاسن كَلِم غير منتظمة ; لاني أورد النكت
واللّمع[30] ، ولا أقصد التتالي والنسَق[31] .

ومن عجائبه عليه السلام ، التي
انفرد بها ، وأمِنَ المشاركةَ فيها ، أن
كلامه الوارد في الزهد والمواعظ ، والتذكر
والزواجر ، إذا تأمله المتأمل وفكر فيه
المتفكر ، وخلع من قلبه أنه كلام مثله ممن
عظم قدره ، ونفذ أمره ، وأحاط بالرقاب
ملكه ، لم يعترضه الشك في أنه كلام مَنْ لا
حَظّ له في غير الزّهادة ، ولا شغل له بغير
العبادة ، قد قبع[32] في كسر بيت[33] أو انقطع إلى
سفح جبل[34] ، ولا يسمع إلا حسّه ، ولا يرى
إلا نفسه ، ولا يكاد يوقن بأنه كلامُ من
ينغمس في الحرب مصْلِتاً سيفه[35] ،
فيقُطّ الرقاب[36] ويُجَدِّل الابطال[37] ،
يعود به ينْطُفُ[38] دماً ، ويقطر مُهَجاً[39] ،
وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد ، وبدَلُ
الابدال[40] . وهذه من فضائله العجيبة ،
وخصائصه اللطيفة ، التي جمع بها بين
الاضدادوألف بين الاشتات[41] ، وكثيراً ما
أُذاكر الاخوان بها، وأستخرج عجبهم منهاوهي
موضع للعبرة بها ، والفكرة فيها .

وربما جاء في أثناء هذا الاختيار
اللفظُ المردد ، والمعنى المكرر ; والعذر
في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافاً
شديداً : فربما اتفق الكلام المختار في رواية
فنُقِلَ على وجهه ، ثم وُجد بعد ذلك في
رواية أخرى موضوعاً غير موضعه الاول : إما
بزيادة مختارة ، أو بلفظ أحسن عبارة ،
فتقتضي الحال أن يعاد ، استظهاراً
للاختيار ، وغَيْرةً على عقائل الكلام[42] .
وربما بَعُدَ العهدُ أيضاً بما اختير
أولاً فأُعيدَ بعضُه سهواً أو نسياناً ،
لا قصداً واعتماداً .

ولا أدعي ـ مع ذلك ـ أني أحيط بأقطار[43]
جميع كلامه عليه السلام حتى لا يشذ عني منه
شاذ ، ولا يَنِدّ نادّ[44] . بل لا أبعد أن
يكون القاصر عني فوق الواقع إليّ ، والحاصل
في رِبْقي[45] دون الخارج من يديّ ; وما
عليّ إلا بذل الجهد ، وبلاغ الوسع ، وعلى
الله سبحانه وتعالى نهج السبيل[46] ،
وإرشاد الدليل ، إن شاء الله .

ورأيت من بعدُ تسمية هذا الكتاب بـ «نهج
البلاغة» إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها ،
ويقرّب عليه طِلابها ، فيه حاجة العالم
والمتعلم ، وبغية البليغ والزاهد ،
ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد
والعدل ، وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن
شَبَهِ الخلق ، ما هو بِلال كل غلْة[47] وشفاء كل علة ،
وجِلاء كل شبهة .

ومن الله سبحانه أستمد التوفيق
والعصمة ، وأتنجّزُ التسديد والمعونة ،
واستعيذه من خطأ الجنان ، قبل خطأ اللسان ،
ومن زلة الكَلِم ، قبل زلة القدم[48] ،
وهو حسبي ونعم الوكيل .

[1]
المعاذ : الملجأ.

[2]
وسيلا : جمع وسيلة : وهي ما يتقرب به.

[3]
طينة الكرم : أصله ، وسلالة المجد : فرعه .

[4]
الفخار المعرق : الطيب العرق والنبت .

[5] العصم : جمع عصمة ، وهو ما
يعتصم به .

[6]
المنار : الاعلام واحدها منارة .

[7]
المثاقيل : جمع مثقال وهو مقدار وزن الشيء ،
فمثاقيل زنانه ، والمراد أن الفضل يعرف
بهم مقداره .

[8]
إزاء لفضلهم : أي مقابلة له .

[9] خوى النجم
بالتخفيف : سقط ، وبالتشديد : إذا مال
للمغيب ، وخوت النجوم : أمحلت فلم تمطر ،
كأخوت وخوت بالتشديد .

[10]
عنفوان السن : أولها .

[11]
غضاضة الغصن : طراوته ولينه .

[12]
حداني عليه : بعثني وحملني ، وهو مأخوذ من
حداء الابل .

[13] محاجزات الايام : ممانعاته .
ومماطلات الزمان : مدافعاتها .

[14] البدائع : جمع
بديعة وهي الفعل على غير مثال ، ثم صار
يستعمل في الفعل الحسن وإن سبق إليه مبالغة
في حسنه ، والنواصع جمع ناصعة ،
والنواصع : الخالصة ، وناصع كل شيء خالصه .

[15] الثواقب : المضيئة ، ومنه
الشهاب الثاقب . ومن الكلم ما يضيء
لسامعها طريق الوصول إلى ما دلت عليه .
فيهتدي بها إليه.

[16] المشرع : تذكير المشرعة ،
وهو المورد .

[17]
حذا كل قائل : اقتضى واتبع .

[18]
عليه مسحة : أثر أو علامة . وكأنه يريد «بهاء
منه وضياء» .

[19]
العبقة : الرائحة اللاصقة بالشيء والمنتشرة
عنه .

[20]
اعتمدت : قصدت .

[21] الدثرة بفتح فكسر : الكثيرة ،
وكذلك الجمة .

[22] يؤثر : أي ينقل عنهم ويحكى .

[23] الشاذ الشارد : المنفرد الذي
ليس له أمثال .

[24] لا يساجل : لا يغالب في
الامتلاء وكثرة الماء.

[25] لا يحافل : لا يغالب في الكثرة ،
من قولهم : ضرع حافل : ممتلىء كثير اللبن
والمراد أن كلامه لا يقبل لكلام غيره لكثرة
فضائله

[26]
أقطاب : أصول .

[27]
أجمع عليه : عزم .

[28]
الملامحة : الابصار والنظر ، والمراد هنا
المناسبة والمشابهة .

[29]
المتسق : المنتظم يتلو بعضه بعضاً .

[30]
النكت : الاثار التي يتميز بها الشيء ،
واللمع : الاثار المميزة للاشياء بإضاءَتها
وبريقها .

[31]
النسق : التتابع والتتالي .

[32]
قبع القنفذ ، كمنع : أدخل رأسه في جلده ،
والرجل أدخل رأسه في قميصه ، أراد منه :
انزوى .

[33]
كسر البيت : جانب الخباء .

[34]
سفح الجبل : أسفله وجوانبه .

[35]
اصلت سيفه : جرده من غمده .

[36]
يقط الرقاب : يقطعها عرضاً ، فان كان القطع
طولا قيل : يقد .

[37]
يجدل الابطال : يلقيهم على الجدالة كسحابة :
وهي وجه الارض .

[38]
ينطف : من نطف كنصر وضرب ، ونطفاً
وتنطافاً : سال .

[39]
المهج : جمع مهجةٌ وهي : دم القلب ، والروح .

[40] الابدال : قوم صالحون لا
تخلو الارض منهم ، إذا مات منهم ، واحد
بدل الله مكانه آخر ، والواحد بدل أو بديل .

[41]
الاشتات : جمع شتيت : ما تفرق من الاشياء .

[42]
عقائل الكلام : كرائمه ـ وعقيلة الحي : كريمته
.

[43]
أقطار الكلام : جوانبه .

[44]
الناد : المنفرد الشاذ .

[45]
الربقة : عروة حبل يجعل فيها رأس البهيمة .

[46]
نهج السبيل : إبانته وإيضاحه .

[47]
الغلة : العطش ، وبلالها : ما تبل به وتروى .

[48]
زلة الكلم : الخطأ في القول ، وزلة القدم :
خطأ الطريق والانحراف عنه .

/ 35