مقدمة المجلد الثاني - عقائد الإسلامیة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 2

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




مقدمة المجلد الثاني


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين


وبعد، فهذا هو المجلد الثاني من العقائد الإسلامية وقد اشتمل على مجموعة مسائل: الرؤية والتشبيه والتجسيم، وعدد من البحوث النافعة فيها.


وقد حرصنا فيه على استقصاء الأحاديث والآراء من مصادرها الأساسية في التفسير، والحديث، والفقه، واللغة، والتاريخ، وغيرها.. لأن غرضنا
أن يكون مرجعاً لكل باحث في هذا الموضوع، يجد فيه بغيته بدون تعب، وله بعد ذلك أن يوافقنا في الفهم والإستنتاج أو يخالفنا.


إن توفير المادة العلمية للباحث عمل محترم.. خاصة إذا كانت تعجز عنها قدرة
الشخص الواحد لأنها موزعة في المصادر الكثيرة، ومبثوثة في المتون الطويلة، كما
ترى في مسائل هذا المجلد.


وبهذا المناسبة ندعو القائمين على مراكز البحوث الإسلامية لأن يهتموا بهذا
المنهج، ويوجهوا طاقاتهم إلى هذا الهدف.. ففي ذلك خدمة كبيرة للبحث المقارن،
وعونٌ على فهم حقائق العقيدة والشريعة المقدسة، والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين.


مركز المصطفى للدراسات الإسلامية


علي الكوراني العاملي





الباب الثاني


في التوحيد





الفصل الاَول


جذور مسألة الرؤية والتشبيه والتجسيم


اعتقاد إخواننا السنة أن الله تعالى يرى بالعين


المقصود بمسألة الرؤية: إمكان أن يرى الاِنسان الله تعالى بحاسة العين في الدنيا
أو في الآخرة.


والمقصود بالتشبيه والتجسيم: تشبيه ذات الله تعالى بشيَ من مخلوقاته.


وقد نفى كل ذلك نفياً مطلقاً أهل البيت عليهم السلام وأم المؤمنين عائشة وجمهور
الصحابة، وبه قال الفلاسفة والمعتزلة وغيرهم، واستدلوا على ذلك بالقرآن بمثل
قوله تعالى (ليس كمثله شيء) وقوله تعالى (لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار)..
إلخ. واستدلوا أيضاً بالعقل فقالوا إن القول بإمكان رؤيته سبحانه بالعين يستلزم
تشبيهه وتجسيمه لا محالة، لاَن ما يرى بالعين لا يكون إلا وجوداً مادياً يشبه غيره
بأنه محدود بالمكان والزمان.


بينما تبنى الحنابلة وأتباع المذاهب الاَشعرية وهم أكثر الحنفية والمالكية
والشافعية، القول برؤية الله تعالى بالعين في الدنيا أو في الآخرة بسبب روايات



رووها، وبعض الآيات المتشابهة التي يبدو منها ذلك، وحاولوا أن يؤولوا الآيات
المحكمة والاَحاديث الصحيحة النافية لاِمكان الرؤية بالعين.


وبسبب الاِرتباط بين مسائل الرؤية والتشبيه والتجسيم والاِشتراك في بحوثها
ونصوصها جعلناها تحت عنوان واحد.


متى ظهرت أحاديث الرؤية والتشبيه


تدل نصوص الحديث والتاريخ على أن الجو الذي كان سائداً في صحابة النبي
في عهده صلى الله عليه وآله وعهد الخليفة أبي بكر هو الاِنسجام مع آيات القرآن النافية لاِمكان
الرؤية، وأن الله تعالى ليس من نوع الاَشياء التي ترى بالعين أو تحس بالحواس
الخمس.. لاَنه وجود أعلى من الاَشياء المادية، فهو يدرك بالعقل ويحس بالقلب
والبصيرة لا بالبصر.


ويبدو أن أفكار التشبيه والرؤية ظهرت بين المسلمين في عهد الخليفة عمر وما
بعده، فنهض أهل البيت عليهم السلام وبعض الصحابة لردها وتكذيبها.


وتدل أحاديث التكذيب التي رويت عن أم المؤمنين عائشة أنها كغيرها فوجئت
وصدمت بهذه المقولات الغريبة عن عقائد الاِسلام، المناقضة لما بَلَّغه النبي صلى الله عليه وآله
عن ربه تعالى، سواء في آيات القرآن أو في أحاديثه الشريفة ! ولذلك أعلنت أم
المؤمنين أن هذه الاَحاديث مكذوبة، بل هي فرية عظيمة على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله
ومن واجب المسلمين ردها وتكذيبها ! !


عائشة تكذب أحاديث الرؤية والتشبيه


ـ صحيح البخاري ج 6 ص 50


... عن عامر عن مسروق قال قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه هل رأى محمد
صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فقالت لقد قَفَّ شعري مما قلت ! أين أنت من ثلاث من
حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب



ثم قرأت: لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار وهو اللطيف الخبير، وما كان لبشر
أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب، ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب
ثم قرأت: وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ثم
قرأت: يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل اليك من ربك الآية، ولكنه رأى جبرئيل عليه السلام في
صورته مرتين.


ـ صحيح البخاري ج 8 ص 166


... عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن
محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، وهو يقول: لا تدركه الاَبصار، ومن
حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب، وهو يقول: لا يعلم الغيب إلا الله. انتهى. وروى
نحوه في ج 2 جزء 4 ص 83 وج 3 جزء 6 ص 50 وج 4 ص 83 وقد استوفينا بقية مصادره
في كتاب (الوهابية والتوحيد).


موج الفرية جاء من الشام


مع أن الخليفة عمر أخذ من ثقافة كعب الاَحبار وجماعته وأجاز لهم رسمياً أن
يحدثوا المسلمين في مساجدهم، وأن يكتب المسلمون عنهم، ولكن روايات
الرؤية واجهت سداً من الصحابة فبقي انتشارها محدوداً في زمن الخليفة عمر،
ولكن الدولة الاَموية تبنت نشرها بقوة فارتفعت موجتها من الشام، ووصلت إلى
المدينة فاستنكرها أهل البيت وعائشة والصحابة !


تدل الرواية التالية على أن الشام كانت مركز القول بالتشبيه والتجسيم، وسبب
ذلك أن كعب الاَحبار وجماعته اتخذوا الشام قاعدة لهم وكانوا مقربين من معاوية،
وقد أطلق يدهم ليملوا أفكارهم وثقافتهم على المسلمين، ويظهر أن أول من تأثر
بهم وتبعهم أهل الشام حتى تأصلت أفكارهم فيهم.


ومن الظواهر الملفتة أن الشام في تاريخنا الاِسلامي كانت موطناً للتشبيه



والتجسيم أكثر من أي قطر إسلامي آخر ! فلا توجد في العالم الاِسلامي منطقة يعتبر
فيها تأويل صفات الله تعالى التي يتوهم منها التشبيه والتجسيم جريمةً وخروجاً عن
الدين إلا الشام، فقد صارت كلمة (متاولة) تساوي كلمة كفار أو أسوأ منها، وكم من
مسلم قتل في بلاد الشام بجرم أنه (متوالي) أي متأول ! وما زالت هذه الكلمة إرثاً
عند العوام ينبزون بها شيعة أهل البيت عليهم السلام وهي في فهم عوامهم أسوأ من الكفر أو
مساوقة له !


ـ قال الصدوق في التوحيد ص 179


حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال: حدثنا الحسين
بن أشكيب قال: أخبرني هارون بن عقبة الخزاعي، عن أسد بن سعيد النخعي قال:
أخبرني عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال محمد بن علي
الباقر عليهما السلام: يا جابر ما أعظم فرية أهل الشام على الله عز وجل، يزعمون أن الله تبارك
وتعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس، ولقد وضع
عبد من عباد الله قدمه على حجر فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتخذه مصلى، يا جابر
إن الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه، تعالى عن صفة الواصفين، وجلَّ عن أوهام
المتوهمين، واحتجب عن أعين الناظرين، لا يزول مع الزائلين، ولا يأفل مع
الآفلين، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم.


ـ ورواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 59، ورواه المجلسي في بحار الاَنوار ج 102
ص270 وقال: بيان: الظاهر أن المراد بالعبد النبي صلى الله عليه وآله حيث وضع قدمه الشريف
عليه ليلة المعراج وعرج منه كما هو المشهور ويحتمل غيره من الاَنبياء
والاَوصياء عليهم السلام وعلى أي حال يدل على استحباب الصلاة عليه. انتهى. ولكن
الصحيح ما قاله الرباني في هامش بحار الاَنوار:




بل الظاهر من الحجر أن المراد به مقام إبراهيم وبه أثر قدمه الشريف، وقد أمرنا
الله عز وجل بقوله: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى، أن نتخذه مصلى. انتهى.


ولا يبعد أن يكون مقصود الاِمام الباقر عليه السلام بتعبيره (أهل الشام) بني أمية، وهو
تعبير يستعمله عنهم أهل البيت عليهم السلام وهذا يدعونا إلى القول بأن سبب عدم نجاح
أفكار كعب في المدينة المنورة أو في الكوفة أو محدودية نجاحها في القرن الاَول،
الخليفة عمر رغم أنه أعطى كعباً مكانة عظيمة في دولة الخلافة وكان يقبل أفكاره،
ولكن كان يوجد في عهده صحابة كثيرون يجابهون كعباً ويردون إسرائيلياته كما
شاهدنا في موقف عائشة، وكما نرى في الموقف التالي لعلي عليه السلام حيث غضب من
كلام كعب ونهض ليخرج من مجلس الخليفة عمر محتجاً على أفكاره التجسيمية
اليهودية !


ـ فقد روى المجلسي في بحار الاَنوار ج 44 ص 194


عن ابن عباس أنه حضر مجلس عمر بن الخطاب يوماً وعنده كعب الحبر إذ قال:
يا كعب أحافظ أنت للتوراة.


قال كعب: إني لاَحفظ منها كثيراً.


فقال رجل من جنبة المجلس: يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن
يخلق عرشه، ومم خلق الماء الذي جعل عليه عرشه. فقال عمر: يا كعب هل عندك
من هذا علم ؟


فقال كعب: نعم يا أمير المؤمنين نجد في الاَصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان
قديماً قبل خلق العرش وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء، فلما أراد أن
يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة، فهناك خلق عرشه
من بعض الصخرة التي كانت تحته، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه !


قال ابن عباس: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضراً فعظم على ربه وقام على
قدميه ونفض ثيابه فأقسم عليه عمر لما عاد إلى مجلسه ففعله.




قال عمر: غص عليها يا غواص، ما تقول يا أبا الحسن فما علمتك إلا مفرجاً للغم.


فالتفت علي عليه السلام إلى كعب فقال:


غلط أصحابك وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه ! يا كعب ويحك إن الصخرة
التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره،
ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما قدمته، وعز الله وجل أن يقال له
مكان يومى إليه، والله ليس كما يقول الملحدون ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان
ولا مكان بحيث لا تبلغه الاَذهان، وقولي (كان) عجز عن كونه وهو مما علم من
البيان يقول الله عز وجل (خلق الاِنسان علمه البيان) فقولي له (كان) ما علمني من
البيان لاَنطق بحججه وعظمته، وكان ولم يزل ربنا مقتدراً على ما يشاء محيطاً بكل
الاَشياء، ثم كوَّن ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد،
وإنه عز وجل خلق نوراً ابتدعه من غير شيء، ثم خلق منه ظلمة، وكان قديراً أن
يخلق الظلمة لا من شيء كما خلق النور من غير شيء، ثم خلق من الظلمة نوراً وخلق
من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين، ثم زجر الياقوتة فماعت
لهيبته فصارت ماء مرتعداً ولا يزال مرتعداً إلى يوم القيامة، ثم خلق عرشه من نوره
وجعله على الماء، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف
لغة ليس فيها لغة تشبه الاَخرى، وكان العرش على الماء من دونه حجب الضباب،
وذلك قوله: وكان عرشه على الماء ليبلوكم.


يا كعب ويحك، إن من كانت البحار تفلته على قولك، كان أعظم من أن تحويه
صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه، فضحك عمر بن
الخطاب وقال: هذا هو الاَمر وهكذا يكون العلم لا كعلمك يا كعب، لاعشت إلى
زمان لا أرى فيه أبا حسن. انتهى.


وفي هذه الرواية مادة غنية للبحث نكتفي منها بأن كعب الاَحبار طرح التجسيم
رسمياً في دار الخلافة ومجلس الخليفة ولم يرده إلا علي عليه السلام وقد قبل الخليفة تنزيه



عليّ لله تعالى ووبخ كعب الاَحبار في ذلك المجلس، ولكن يظهر أنه قبل منه
التجسيم بعد ذلك كما سيأتي في أحاديث الخليفة عن تجسيم الله تعالى، وأنه
يجلس على عرشه ويطقطق العرش من ثقله.. إلخ.


وابن عباس يحكم بشرك من يشبه الله تعالى بغيره


ـ قال الديلمي في فردوس الاَخبار ج 4 ص 206


ابن عباس: من شبه الله عز وجل بشيء أو ظن أن الله عز وجل يشبهه شيء، فهو من
المشركين.


ـ وروى الطبري في تفسيره ج 9 ص 38


عن ابن عباس قوله تعالى: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين يقول: أنا أول
من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك.


ـ وقال النويري في نهاية الاِرب ج 7 جزء 13 ص 211


قال وهب: واختلف العلماء في معنى التجلي، قال ابن عباس: ظهر نوره للجبل.


ـ وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج 3 ص 29 ـ 30


واختلف الصحابة رضي الله عنهم هل رأى ربه تلك الليلة أم لا ؟ فصح عن ابن
عباس أنه رأى ربه، وصح عنه أنه قال: رآه بفؤاده. انتهى.


وقال ناشر الكتاب الشيخ عبد القادر عرفان في هامشه:


لم أقف على هذه الرواية في الصحيح بل الذي صح عن ابن عباس رضي الله عنه ما جاء
عند مسلم في الاِيمان 176|285 في قوله تعالى: ما كذب الفؤاد ما رأى وقوله تعالى:
ولقد رأه نزلة أخرى قال: رآه بفؤاده مرتين. وأخرجه الترمذي في التفسير. (3280).


ثم قال ابن قيم الجوزية: وصح عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك وقالا: إن قوله
ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى إنما هو جبريل. وصح عن أبي ذر أنه سأله
هل رأيت ربك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نور، أنى أراه ! أي: حال بيني وبين



رؤيته النور، كما قال في لفظ آخر: رأيت نوراً. وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي
اتفاق الصحابة على أنه لم يره.


ثم قال ابن قيم الجوزية: قال شيخ الاِسلام ابن تيمية قدس الله روحه: وليس قول
ابن عباس: إنه رآه مناقضاً لهذا ولا قوله رآه بفؤاده وقد صح عنه أنه قال: رأيت ربي
تبارك وتعالى ولكن لم يكن هذا في الاِسراء ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم
في صلاة الصبح ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه، وعلى
هذا بنى الاِمام أحمد قدس سره وقال: نعم رآه حقاً فإن رؤيا الاَنبياء حق ولا بد، ولكن لم
يقل أحمد قدس سره أنه رآه بعيني رأسه يقظة، ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه، ولكن
قال مرة رآه، ومرة قال رآه بفؤاده، فحكيت عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة من
تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه، وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها
ذلك. انتهى.


وقد كفانا ناشر الكتاب الجواب على كلام ابن تيمية أيضاً حيث قال في هامشه:


(6) جزء من حديث ضعيف أخرجه أحمد في مسنده 3484|1 من طريق أبي
قلابة عن ابن عباس رضي الله عنه. وأبو قلابة ـ واسمه عبدالله بن زيد الجرمي ـ لم يسمع من
ابن عباس ـ التهذيب 5 ـ 197 ومن طريقه أخرجه الترمذي 3233 وقال: وقد ذكر بين
أبي قلابة وبين ابن عباس في هذا الحديث رجلاً. وقد رواه قتادة عن أبي قلابة عن
خالد بن اللجلاج عن ابن عباس اهـ. أقول: لم يسمع قتادة من أبي قلابة. تهذيب
الكمال 3266|10 ط. دار الفكر وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية رقم 12
و13 و14 وتعقبه بقوله: أصل هذا الحديث وطرقه مضطربة قال الدار قطني: كل
أسانيده مضطربة ليس فيها صحيح... وقال أبوبكر البيهقي: قد روي من أوجه كلها
ضعاف... وقال أبو زرعة فيما نقله عنه المزي في تحفة الاَشراف 4|383 عن أحمد
بن حنبل: حديث قتادة هنا ليس بشيء... وأخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص
319 ـ 320 والآجري في الشريعة ص 496 والترمذي بنحوه 3234 وابن أبي عاصم
في السنة 469 وأبو يعلى 2608 من طرق عن ابن عباس.




وتعقبه الحافظ ابن حجر في (النكت الظراف 4|382 نقلاً عن محمد بن نصر في
تعظيم قدر الصلاة قوله: هذا حديث اضطرب الرواة في إسناده وليس يثبت عند
أهل المعرفة. وفي الباب عن جابر بن سمرة رضي الله عنه عند ابن أبي عاصم في السنة 465
وعن أبي أمامة رضي الله عنه في المصدر المذكور 466 وعن ثوبان رضي الله عنه أيضاً برقم 470 وعند
البزار 2128 وعن أم الطفيل عن ابن أبي عاصم 471 وعن أبي رافع عند الطبراني في
الكبير 938 وعن ابن عمر عند البزار 2129 من طرق ضعيفة أو واهية لا يعتد بها ولا
تصح للاِحتجاج بها، والله تعالى أعلم. وقد تقدم القول في هذا الحديث في أول
الكتاب. راجع الفهرس أخي الكريم رحمك الله تعالى. انتهى.


ـ وروى المجلسي في بحار الاَنوار ج 3 ص 36


25 ـ لي يد: ابن المتوكل عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن أحمد
ابن النضر، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن
عبدالله بن عباس في قوله عز وجل: فلما أفاق قال سبحانك إني تبت إليك وأنا أول
المؤمنين، قال يقول: سبحانك تبت إليك من أن أسألك رؤية، وأنا أول المؤمنين
بأنك لا ترى. انتهى.


والظاهر أن قصد ابن عباس من إنكار التشبيه والرؤية هو ما ادعوه في زمانه وردت
عليه عائشة وأكدت أنه إفتراء. وهذه الرواية وغيرها تعارض ما رووه عن ابن عباس
من القول بأن الله تعالى يرى بالعين أو أن النبي صلى الله عليه وآله رأى ربه بعينه.


وأبو هريرة يوافق عائشة وابن عباس وابن مسعود


يظهر أن أبا هريرة كان يوافق عائشة وابن عباس ويروي أحاديث نفي التشبيه
والرؤية.. إلى أن غلب الجو القائل بالرؤية فرويت عنه أحاديثها ! قال ابن ماجة في
سننه ج 2 ص 1426:... عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: إن الميت يصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا



مشعوف، ثم يقال له فيم كنت ؟ فيقول: كنت في الاِسلام فيقال له: ما هذا الرجل
فيقول: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه
فيقال له: هل رأيت الله فيقول: ما ينبغي لاَحد أن يرى الله، فيفرج له فرجة قبل النار
فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً فيقال له: أنظر إلى ما وقاك الله، ثم يفرج له قبل الجنة
فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له: هذا مقعدك، ويقال له: على اليقين كنت وعليه
مت وعليه تبعث إن شاء الله.


وكان الجمهور يرون رأي عائشة ويكذبون أحاديث الرؤية بالعين


ـ قال الثعالبي في الجواهر الحسان ج 3 ص 253


ولقد رآه... فقالت عائشة والجمهور هو عائد على جبرئيل.


ـ وقال الشاطبي في الاِعتصام ج 2 ص 176


الاَولون ردوا كثيراً من الاَحاديث الصحيحه بعقولهم وأساؤوا الظن (...) بما
صح عن النبي (ص) حتى ردوا كثيراً من الاَمور الاَخرى... وأنكروا رؤية الباري.


ـ وقال في الاِعتصام ج 2 ص 197


بعض علماء الكلام.. عدوا من البدعة قول من يصف الباري تعالى بالعلو وبأنه
على عرشه... وهذا هو عين السنة المأثورة عن الصحابة.


ـ وقال في الاِعتصام ج 2 ص 334


ـ وذهب جماعة من العلماء إلى أن المراد بالرأي المذموم في هذه الاَخبار البدع
المحدثة كرأي أبي جهم وغيره.. فقالوا لا يجوز أن يرى الله في الآخرة لاَنه تعالى
يقول: لا تدركه الاَبصار..


ـ وقال الذهبي في تاريخ الاِسلام ج 20 ص 153


محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان: أبو عبد الله البخاري عالم أهل بخارى
وشيخهم وكان فقيها ورعاً زاهداً، ويكفر من قال بخلق القرآن ويثبت أحاديث الرؤية



والنزول، ويحرم المسكر توفي سنة 264 هـ في رمضان. انتهى. ومدحه للبخاري بأنه
يثبت أحاديث الرؤية والنزول يدل على أنه يوجد كثيرون ينفونها.


ـ وقال الطوسي في تفسير التبيان ج 4 ص 226


روى مسروق عن عائشة أنها قالت: من حدثك أن رسول الله رأى ربه فقد كذب:
لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء
حجاب ولكن رأى جبرئيل في صورته مرتين. وفي رواية أخرى أن مسروقاً لما قال
لها: هل رأى محمد ربه قالت: سبحان الله لقد قف شعري مما قلت ! ثم قرأت الآية.
وقال الشعبي: قالت عائشة: من قال إن أحداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله،
وقرأت الآية، وهو قول السدي وجماعة أهل العدل من المفسرين كالحسن والبلخي
والجبائي والرماني وغيرهم. وقال أهل الحشو والمجبرة بجواز الرؤية على الله تعالى
في الآخرة، وتأولوا الآية على الاِحاطة، وقد بينا فساد ذلك.


علي عليه السلام يوضح ما لم توضحه عائشة


ـ نهج البلاغة ج 1 ص 14


الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعمه العادون، ولا يؤدي
حقه المجتهدون.


الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حد
محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود.


فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور ميدان أرضه.


أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده،
وكمال توحيده الاِخلاص له، وكمال الاِخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل
صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله
سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله،



ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال فيم
فقد ضمنه، ومن قال علام فقد أخلى منه.


كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا
بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ
لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده. انتهى.


وسيأتي في الفصل الرابع المزيد من جواهر النبي وآله في التوحيد ونفيهم
المطلق للرؤية والتشبيه والتجسيم عن الله تبارك وتعالى.


وأصل روايات الرؤية بالعين لا تتجاوز العشرة


ـ قال الذهبي في سيره ج 10 ص 455


قال أحمد بن حنبل: أخبرني رجل من أصحاب الحديث أن يحيى بن صالح قال:
لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث يعني هذه التي في الرؤية، ثم قال أحمد:
كأنه نزع إلى رأي جهم... قلت: والمعتزلة تقول لو أن المحدثين تركوا ألف حديث
في الصفات والاَسماء والرؤية والنزول لاَصابوا. والقدرية تقول أنهم تركوا سبعين
حديثاً في إثبات القدر. والرافضة تقول لو أن الجمهور تركوا من الاَحاديث التي
يدعون صحتها ألف حديث لاَصابوا، وكثير من ذوي الرأي يردون أحاديث شافه بها
الحافظ المفتي المجتهد أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويزعمون أنه ما
كان فقيهاً ويأتوننا بأحاديث ساقطة أو لا يعرف لها إسناد أصلاً محتجين بها.


قلنا: وللكل موقف بين يدي الله تعالى، يا سبحان الله أحاديث رؤية الله في
الآخرة متواترة والقرآن مصدق لها، فأين الاِنصاف. انتهى.


نقول: الاِنصاف أن في القرآن آيات تنفي الرؤية بالعين بشكل قاطع فهي محكمة،
وفيه آيات يفهم من ظاهرها الرؤية بالعين فيجب تأويلها لاَنها متشابه يحمل على
المحكم، أما أحاديث الرؤية بالعين فهي مهما كثرت مخالفة للقرآن، مضافاً إلى أن



بعضها كذبه الصحابة، وجميعها كذبها أهل بيت النبي الذين أمر النبي أمته أن تأخذ
معالم دينها منهم صلوات الله عليه وعليهم، وكذبتها عائشة وغيرها من الصحابة.
فهذا هو الاِنصاف ! جعلنا الله جميعاً من المنصفين في الاَمور العلمية والعملية.


ـ الاَحاديث القدسية من الصحاح ج 1 ص 147


اختلف العلماء في الحديث أعلاه لاَنه حديث من أحاديث الصفات، قال الاِمام
أبو بكر بن فورك: إنها غير ثابته عند أهل النقل ولكن قد رواها مسلم وغيره فهي
صحيحة.. وقول أهل السلف إنه حق ولا يتكلم في تأويلها. انتهى.


ولا بد أن المقصود بقوله أهل النقل الذين لم تثبت عندهم: علماء الجرح
والتعديل وأئمة الحديث النقاد، بينما هي ثابتة عند المتساهلين، وعند الذين
يميلون إلى ما تريده الدولة. كما أن شهادة ابن فورك بأن مسلماً روى في صحيحه ما
لم يثبت عند أهل النقل يجب أن تفتح الباب لاِعادة تقييم روايات مسلم.


وغلبت موجة كعب ودخلت الرؤية والتشبيه في عقائد المسلمين


كانت موجة التشبيه التي ساندتها الدولة أقوى من مواجهة الراوين فقد استطاع
الخليفة عمر ومن سار على خطه أن يحدثوا موجة من القول بالرؤية كما ستعرف،
وقد غلبت هذه الموجة رأي عائشة وكل الصحابة ورجحت عليهم، وصارت الرؤية
بالعين جزءً من عقيدة جمهور المسلمين إلى يومنا هذا، وتبرع علماء إخواننا السنة
بتأويل كلام عائشة رغم صراحته، بل تجرؤوا على رد كلامها رغم ثقتهم بها ومكانتها
في عقائدهم، وقالوا إنها قالت ذلك باجتهادها ! ! مع أن الطبري وغيره رووا أنها لم
تنف الرؤية من اجتهادها بل روت ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله.


ـ قال الدميري في حياة الحيوان ج 2 ص 72


واختلف العلماء من السلف والخلف في أنه هل رأى نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم ربه تعالى أم لا، فأنكرته عائشة وأبو هريرة وابن مسعود وجماعة من السلف،



وبه قال جماعة من المتكلمين والمحدثين، وأجازه جماعة من السلف وأنه صلى الله
عليه وسلم رأى ربه ليلة الاَسراء بعيني رأسه، وهو قول ابن عباس وأبي ذر وكعب
الاَحبار والحسن البصري والشافعي وأحمد بن حنبل، وحكي أيضاً عن ابن مسعود
وأبي هريرة، والمشهور عنهما الاَول، وبهذا القول الثاني قال أبو الحسن وجماعة من
أصحابه، وهو الاَصح، وهو مذهب المحققين من السادة الصوفية... قلت: رؤية الله
تعالى في الدنيا والآخرة جائزة بالاَدلة العقلية والنقلية... وأما استدلال عائشة رضي
الله عنها على عدم الرؤية بقوله تعالى: لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار، ففيه
بُعْدٌ، إذ يقال بين الاِدراك والاِبصار فرق، فيكون معنى لا تدركه الاَبصار أي لا تحيط
به مع أنها تبصره، قاله سعيد بن المسيب وغيره. وقد نفى الاِدراك مع وجود الرؤية
في قوله تعالى: فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا، أي لا
يدركونكم. وأيضاً فإن الاَبصار عموم وهو قابل للتخصيص فيختص المنع بالكافرين
كما قال تعالى عنهم: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، ويكرم المؤمنين أو من
شاء الله منهم بالرؤية كما قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة. وبالجملة
فالآية ليست نصاً ولا من الظواهر الجلية في عدم جواز الرؤية، فلا حجة فيها والله
أعلم. انتهى.


وقد لاحظت كيف صاغ صاحب حياة الحيوان الموضوع، وجعله مسألة ذات
وجهين وكثَّر القائلين بالرؤية من السلف والخلف، ثم خلط الاِدراك بمعنى اللحوق
بالاِدراك بمعنى الرؤية، وجعل إمكان تخصيص الله تعالى لعموم آية تخصيصاً
بالفعل، ثم كابر في إنكار الظاهر.. ثم جعل رواية عائشة استدلالاً من زميلة له.. كل
ذلك لاَنه يريد مذهب كعب الاَحبار في الرؤية بالعين بأي ثمن ! !


ـ وقال في عارضة الاَحوذي ج 6 جزء 11 هامش ص 188


عن ابن عربي إن الله أنزل هذه الآية لا لنفي الرؤية لله ولا قالت به عائشة، فإنه
يرى في الدنيا والآخرة جوازاً ووقوعاً ! !




ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 2 جزء 3 ص 4 ـ 5


قال القاضي عياض: اختلف السلف والخلف هل رأى نبينا (ص) ربه ليلة
الاَسراء فأنكرته عائشة.. وجاء مثله عن أبي هريرة..


... الراجح عند أكثر العلماء أن رسول الله (ص) رأى ربه بعيني رأسه ليلة الاَسراء
... عائشة لم تنف الرؤية وإنما اعتمدت الاِستنباط من الآيات... أما احتجاج عائشة
بقول الله: لا تدركه الاَبصار فإن الاِدراك هو الاِحاطة !


ـ وقال النووي في شرح مسلم ج 2 ص 94 ـ هامش الساري


عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى قال: رأى جبريل
له ستمائة جناح وهو مذهبه في هذه الآية.. وذهب الجمهور من المفسرين إلى أن
المراد أنه رأى ربه سبحانه وتعالى ! انتهى.


ـ وقال الطبري في تفسيره ج 7 ص 201 ـ 202


... إلا أنه جائز أن يكون معنى الآية: لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة
وتدركه أبصار المؤمنين وأولياء الله ! قالوا وجائز أن يكون معناها لا تدركه الاَبصار
بالنهاية والاِحاطة وأما الرؤية فبلى. وقال آخرون الآية على العموم ولن يدرك الله
بصر أحد في الدنيا والآخرة، ولكن الله يحدث لاَوليائه يوم القيامة حاسة سادسة
سوى حواسهم الخمس فيرونه بها ! انتهى.


ولكن دعوى الحاسة السادسة تعني التنازل عن أحاديث الرؤية التي تصرح
بالرؤية بالعين البشرية المعهودة، كما سيأتي.


وأيدوا قول كعب بحديث العماء وادعوا قدم الفضاء مع الله تعالى


ـ مسند أحمد ج 4 ص 11


ابن سلمة عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قلت يا
رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه ؟ قال: كان في عماء. ما تحته
هواء وما فوقه هواء. ثم خلق عرشه على الماء.




ـ سنن الترمذي ج 4 ص 351


قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء. قال
أحمد قال يزيد: العماء أي ليس معه شيء. هكذا يقول حماد بن سلمة. هذا حديث
حسن. انتهى ورواه ابن ماجة في سننه ج 1 ص 64 ورواه البيهقي في المحاسن والمساوئ
ج 1 ص 47


ـ وقال السيوطي في الدر المنثور ج 3 ص 322


وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر
وأبوالشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الاَسماء والصفات عن أبي
رزين رضي الله عنه... قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء.
قال الترمذي رضي الله عنه: العماء أي ليس معه شيء. انتهى. ورواه في كنز العمال ج 1 ص 236
وفي ج 10 ص 370 وقال في مصادره (حم وابن جرير، طب وأبوالشيخ في العظمة.
عن أبي رزين) وقال في هامشه: العماء بالفتح والمد: السحاب. قال أبو عبيد: لا
يدرى كيف كان ذلك العماء. وفي رواية كان في عما بالقصر، ومعناه ليس معه شيء.
النهاية 3 ـ 304. انتهى.


ملاحظة: مقصود الراوي بالعماء الفضاء الخالي، وبعض روايات الحديث نصت
على ذلك، فيكون الفضاء حسب تصوره إلَهاً مع الله تعالى، أو قبله ! ويكون وجوده
تعالى مادياً محتاجاً لاَن يكون في فضاء ! وقد كان الترمذي محتاطاً فابتعد عن
مسؤولية تفسيره بأنه ليس معه أحد، وجعل ذلك على عهدة يزيد وحماد بن سلمة !


ويؤيد ما ذكرنا، أن كلمة العماء تستعمل عند عوام العرب لمكان الخراب في
مقابل العمران، شبيهاً بالاَرض البائرة والمزروعة، فيقولون كانت هذه المنطقة
عماء لا عمران فيها أو لا إنسان فيها. فيكون معنى أن الله تعالى كان في عماء أن
الراوي تصور أن الكون كان فضاء وهواء وكان الله تعالى في ذلك الفضاء العماء، ثم
أعمره بالخلق.




وقد يقال في توجيه الحديث إنه تفسير لقوله تعالى (وكان عرشه على الماء)
ولكن السؤال فيه عما قبل العرش وقبل كل الخلق، أي عما هو قبل القبل، فكيف
يصح جعل العماء والهواء قديماً أو واجب الوجود قبل القبل !


وقد يقال إن المقصود بالخلق في السؤال الملائكة والناس. ولكن إطلاق السؤال
عما قبل الخلق، يأبى تخصيصه بذوي الاَرواح أو ببعض المخلوقات.


وكذلك لا يصح تفسير العماء بالعدم المطلق، لاَن تعبير (ما تحته هواء وما فوقه
هواء) يجعل تفسيره بالعدم المطلق، تعامياً !


وهاجموا أمهم عائشة وأساؤوا معها الاَدب


ـ كتاب التوحيد لابن خزيمة ص 225 ـ 230


قال أبوبكر: هذه لفظة أحسب عائشة تكلمت بها في وقت غضب، ولو كانت
لفظة أحسن منها يكون فيها درك لبغيتها كان أجمل بها، ليس يحسن في اللفظ أن
يقول قائل أو قائلة: قد أعظم ابن عباس الفرية وأبوذر وأنس بن مالك وجماعات من
الناس الفرية على ربهم ! ولكن قد يتكلم المرء عند الغضب باللفظة التي يكون غيرها
أحسن وأجمل منها... الى آخر هجوم ابن خزيمة المجسم وغيره على أمهم
عائشة. راجع الفصل الاَول من كتاب الوهابية والتوحيد.


ثم رووا الرؤية بالعين حتى عن ابن عباس وعائشة


ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 316


أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبدالسلام، ثنا إسحاق
بن إبراهيم، أنبأ إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثني أبي، عن عكرمة، عن ابن عباس
رضي الله عنهما أنه سئل هل رأى محمد ربه ؟ قال: نعم رأى كأن قدميه على خضرة
دونه ستر من لؤلؤ ! فقلت يا ابن عباس أليس يقول الله: لا تدركه الاَبصار وهو يدرك



الاَبصار ؟ قال: يا لا أم لك، ذلك نوره وهو نوره، إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء. هذا
حديث صحيح الاِسناد ولم يخرجاه.


ـ وقال في هامش تهذيب التهذيب ج 4 ص 113


في تهذيب الكمال عن عكرمة عن ابن عباس قال: رأى محمد صلى الله عليه
وسلم ربه تعالى، فقلت لابن عباس: أليس الله يقول: لا تدركه الاَبصار وهو يدرك
الاَبصار ؟ قال: أسكت لا أم لك، إنما ذلك إذا تجلى بنوره لم يقم لنوره شيء. اهـ.


ـ مجمع الزوائد ج 7 ص 114


وعن ابن عباس قال: إن محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه، قال عكرمة: يا ابن
عباس أليس يقول الله: لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار ؟ فقال ابن عباس لا أم
لك، إنما ذلك إذا تجلى بكيفية لم يقم له بصر.


قلت: له حديث رواه الترمذي غير هذا رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن الحكم بن
أبان وهو متروك. انتهى.


ـ مجمع الزوائد ج 1 ص 78


... وعن ابن عباس أنه كان يقول: إن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه مرتين
مرة ببصره ومرة بفؤاده. رواه الطبراني في الاَوسط ورجاله رجال الصحيح، خلا
جهور بن منصور الكوفي، وجهور بن منصور ذكره ابن حبان في الثقات.


ـ كتاب التوحيد لابن خزيمة ص 198


... عن عبدالله ابن أبي سلمة أن عبدالله بن عمر بن الخطاب بعث إلى عبدالله بن
العباس يسأله هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فأرسل إليه عبد الله بن
العباس أن نعم، فرد عليه عبدالله بن عمر رسوله أن كيف رآه ؟ قال فأرسل أنه رآه في
روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة،
ملك في صورة رجل، وملك في صورة ثور، وملك في صورة نسر، وملك في صورة
أسد. انتهى.




هذه هي الرواية التي شهرها ابن خزيمة سيفاً على مذهب أمه عائشة، لاَنها
خالفت فيه مذهب الخليفة عمر، وهي رواية إسرائيلية مع الاَسف ! وقد علق عليها
الشيخ محمد الهراس بقوله (لعل ابن عباس أخذ رأيه هذا من كعب الاَحبار فقد كان
كعب يقول إن الله قسم كلامه ورؤيته بين موسى ومحمد.)


ـ ثم قال ابن خزيمة في ص 199


عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة،
واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمداً بالرؤية... عن عكرمة عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال: رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه... عن شعبة عن قتادة عن أنس
بن مالك قال: رأى محمد ربه. انتهى.


وعلق عليه الهراس بقوله (هذا رأي لا دليل عليه، وهذا مخالف لقوله عليه السلام في
حديث أبي ذر (نور) أني أراه.


وقد روى ابن خزيمة نفسه حديث أبي ذر في نفي النبي رؤية ربه بعينه ! قال في
ص 206:... محمد بن بشار بن بندار حدثنا بهذا الخبر، قال ثنا معاذ بن هشام، قال
حدثني أبي، عن قتادة، عن عبدالله بن شقيق، قال قلت لاَبي ذر: لو رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم لسألته، فقال عن أي شيء كنت تسأله ؟ فقال كنت أسأله هل
رأيت ربك ؟ فقال أبوذر: قد سألته فقال رأيت نوراً. انتهى.


ويلاحظ أن ابن خزيمة لم يرو تعجب النبي صلى الله عليه وآله من سؤال أبي ذر (أنى أراه !)
فقد علق عليه الهراس بقوله (قوله رأيت نوراً: يفيد أنه لم يرد بذلك النور نور ذاته عز
وجل، وإلا لقال للسائل نعم رأيته، فهو أراد أن يفهم السائل أن الذي رآه هو النور،
ولعله نور الحجاب كما ورد في حديث أبي موسى (حجابه النور) وهو الذي حال
دون رؤيته له سبحانه). انتهى.


ولم يترك ابن خزيمة شيئاً إلا وتشبث به لاِثبات الرؤية بالعين فقد روى أن الحسن



البصري كان يحلف الاَيمان على الرؤية بالعين ! ! قال في ص 199:.. ابن سليمان عن
المبارك بن فضالة قال: كان الحسن يحلف بالله لقد رأى محمد ربه. انتهى.


وعلق عليه الهراس بقوله: كيف يحلف الحسن سامحه الله على أمر لم يتبين
صدقه، وهو محل خلاف بين الصحابة وجمهورهم على نفيه ! انتهى.


ثم أفتوا بكفر وضلال من خالفهم وشملت فتواهم أمهم عائشة !


ـ قال النووي في شرح مسلم ج 2 جزء 3 ص 15 ص 8


باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم.. إن مذهب أهل السنة أن رؤية الله
ممكنة.. وزعمت طائفة من أهل البدع المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة أن الله
تعالى لا يراه أحد من خلقه، وأن رؤيته مستحيلة عقلاً.


ـ قال الشاطبي في الاِعتصام ج 1 ص 331


ومنها ردهم أهل البدع للاَحاديث التي غير موافقة لاَغراضهم ومذاهبهم..
كالمنكر لعذاب القبر والصراط المستقيم والميزان، ورؤية الله في الآخرة، وكذلك
حديث الذباب وقتله، وأن في أحد جناحيه داء والآخر دواء !


ـ وقال الذهبي في سيره ج 14 ص 396


أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه: أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك،
أخبرنا أبو روح بهراة، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبدالواحد بن أحمد
المليجي، أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف، حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال: من
لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول من
يسألني فأعطيه، فهو زنديق كافر، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يصلى
عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.


قلت: لا يكفر إلا إن علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، فإن جحد بعد



ذلك فهذا معاند، نسأل الله الهدى، وإن اعترف أن هذا حق ولكن قال أخوض في
معانيه فقد أحسن، وإن آمن وأول ذلك كله أو تأول بعضه، فهو طريقة معروفة.


ـ وقال الذهبي في سيره ج 7 ص 381


قال حفص بن عبدالله: سمعت إبراهيم بن طهمان يقول: والله الذي لا إلَه إلا هو
لقد رأى محمد ربه.


وقال أبوحاتم: شيخان بخراسان مرجئان: أبوحمزة السكري وإبراهيم بن طهمان
وهما ثقتان.


وقال أبو زرعة: كنت عند أحمد بن حنبل فذكر إبراهيم بن طهمان وكان متكئاً من
علة فجلس وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ. وقال أحمد: كان مرجئاً شديداً
على الجهمية.


ـ وقال الدميري في حياة الحيوان ج 2 ص 72


واختلف في جواز الرؤية فأكثر المبتدعة على إنكار جوازها في الدنيا والآخرة
وأكثر أهل السنة والسلف على جوازها فيهما ووقوعها في الآخرة.


ـ وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ ج 2 ص 435


وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: جمعني وهذا المبتدع
ابن أبي صالح مجلس الاَمير عبدالله بن طاهر فسألني الاَمير عن أخبار النزول
فسردتها، فقال ابن أبي صالح: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء ! فقلت: آمنت
برب يفعل ما يشاء.


هذه حكاية صحيحة رواها البيهقي في الاَسماء والصفات. قال البخاري: مات
ليلة نصف شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين وله سبع وسبعون سنة.


ـ وقال السبحاني في بحوث في الملل والنحل ج 2 ص 373


... وقفنا على فتوى لعبد العزيز بن عبد الله بن باز مؤرخة 8|3|1407 مرقمة



1717|2 جواباً على سؤال عبدالله عبدالرحمن في جواز الاِقتداء والاِئتمام بمن لا
يعتقد بمسألة الرؤية يوم القيامة فأفتى: من ينكر رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة
لا يصلى خلفه وهو كافر عند أهل السنة والجماعة. واستدل لذلك بما ذكره ابن القيم
في كتابه (حادي الاَرواح) ذكر الطبري وغيره أنه قيل لمالك: إن قوماً يزعمون أن الله
لا يرى يوم القيامة فقال مالك رحمه الله: السيف السيف.


وقال أبو حاتم الرازي: قال أبو صالح كاتب الليث: أملى عليَّ عبدالعزيز بن سلمة
الماجشون رسالة عما جحدت الجهمية فقال: لم يزل يملي لهم الشيطان حتى
جحدوا قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة.


... عن أحمد بن حنبل وقيل له في رجل يحدث بحديث عن رجل عن أبي
العواطف إن الله لا يرى في الآخرة فقال: لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ثم
قال: أخزى الله هذا.


وقال أبو بكر المروزي: من زعم أن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر. وقال: من لم
يؤمن بالرؤية فهو جهمي والجهمي كافر.


وقال إبراهيم بن زياد الصائغ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الرؤية من كذب بها
فهو زنديق، وقال: من زعم أن الله لا يرى فقد كفر بالله وكذب بالقرآن ورد على الله
أمره، يستتاب فإن تاب وإلا قتل.. إلخ) انتهى.


ويشمل حكم الشيخ ابن باز هذا أم المؤمنين عائشة لاَنها كذبت من زعم أن
النبي صلى الله عليه وآله رأى الله تعالى واستدلت على نفي إمكانية رؤية الله تعالى مطلقاً في الدنيا
والآخرة بقوله تعالى: لا تدركه الاَبصار. ولا طريق أمام ابن باز إلا أّ يقول بكفر عائشة،
أو يكذب روايات البخاري ومسلم عنها !!


وقد كان الاَلباني أرحم من أستاذه ابن باز فقد رفع حكم التكفير عن أمه عائشة
وعن عدة فئات من المسلمين فقال في فتاويه ص 123


ـ علماء السلف كفروا الجهمية وأعلنوا كفرهم. وأفتوا بقتل رأسهم لكنهم لا



يكفرون الاَباضية الذين ينكرون رؤية الله في الآخرة كذلك المعتزلة.. لكنهم يكتفون
بتضليلهم دون كفرهم.. وقال في ص 292 قال ابن تيميه:... كان أبو حنيفه
والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الاَهواء إلا الخطابيه ويصححون الصلاة
خلفهم.. أئمة الدين لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحداً من المجتهدين
المخطئين لا في مسائل علمية ولا عملية... كتنازع الصحابة هل رأى محمد ربه.


.. وأهل السنه لا يبتدعون قولاً ولا يكفرون من اجتهد فأخطأ، كما لم تكفر
الصحابة الخوارج مع تكفيرهم لعثمان وعلي ومن والاهما.


وفي مقابل حملة التكفير هذه، فإن الذين نفوا رؤية الله تعالى بالعين لم يكفروا
أصحاب الرؤية بل أفتوا بأنهم: لا يفهمون ما يقولون ! قال الشاطبي في الاِعتصام ج 1
ص 236: حكى أبو بدر العزلي عن بعض من لقي بالمشرق من المنكرين للرؤية أنه
قيل له: هل يكفر من يقول بإثبات الرؤية ؟ فقال لا، لاَنه قال بما لا يعقل.. قال ابن
العزلي: فهذه منزلتنا عندهم !


وكبَّر كعب الاَحبار لاَنه انتصرعلى المسلمين !!


ـ روى الذهبي في سيره ج 14 ص 45 عن عكرمة حديث ابن عباس، وقال الناشر في
هامشه: أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص 199 من طريق عبد الوهاب بن الحكم
الوراق، حدثنا هاشم بن القاسم، عن قيس بن الربيع، عن عاصم الاَحول، عن
عكرمة، عن ابن عباس قال: إن الله.. الخ. وأخرجه أيضاً ص 197 من طريق محمد
بن بشار، ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة،
عن عكرمة، عن ابن عباس.... وهذا رأي لا دليل عليه، وهو مخالف للاَدلة الكثيرة
الوفيرة في أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة. وقد حكى عثمان بن
سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك. أنظر التفصيل في زاد المعاد ج 3 ص
36ـ37. انتهى.




هذا، ولكن المعروف عن ابن عباس أنه كان ينفي التشبيه والرؤية كما تقدم، فلا
يبعد أن يكون الحديث مكذوباً عليه من عكرمة غلامه، فقد كان عكرمة معروفاً
بالكذب على ابن عباس في حياته وبعد وفاته، حتى ضربه ابن عباس وولده
وحبسوه لهذا السبب في المرحاض، كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل.
وكان عكرمة يروي الاِسرائيليات عن وهب وكعب وغيرهما من اليهود.


ويؤيد ذلك أن السهيلي روى هذا الحديث في الروض الاَنف ج 2 ص 156 عن كعب
وليس عن ابن عباس. وغرض كعب من هذه الرواية أن يثبت تجسم الله تعالى ورؤيته
بالعين، فقد كان ذلك مطلباً مهماً يسعى إليه، فقد روى ابن خزيمة في كتاب التوحيد
ص 225 ـ 230.... عن الشعبي عن عبدالله بن الحرث قال: اجتمع ابن عباس وكعب
فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم نزعم أو نقول: إن محمداً رأى ربه مرتين، قال فكبر
كعب حتى جاوبته الجبال ! فقال: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى صلى
الله عليهما وسلم ! انتهى.


ومن الواضح أن تكبير كعب الاَحبار (حتى جاوبته الجبال !) يدل على أن إثبات
رؤية النبي صلى الله عليه وآله كان مطلباً مهماً عند كعب وأنه كان يبحث عمن يوافقه عليه ولا يجد،
فلما وافقه ابن عباس كما تدعي الرواية صرخ بصوت عال من فرحه، لاَن ذلك يوافق
مصادره اليهودية في تجسيد الله تعالى وجلوسه على عرشه ونزوله إلى الاَرض
ومصارعته ليعقوب.. إلى آخر افتراءات اليهود على الله تعالى !


واشتغل الوضاعون وكثرت أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم


تقدم عن عائشة وغيرها تكذيب أحاديث الرؤية عموماً، وقد طفح كيل هذه
الاَحاديث من كل لون، لاَن الدول كانت تشجعه، ولاَن الموضوع قابل للاَسطورة..
حتى اعترفت مصادر الجرح والتعديل عند إخواننا بوضع عدد كبير منها !


/ 29