من الف فی الحج من علماء جبل عامل و البقاع نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من الف فی الحج من علماء جبل عامل و البقاع - نسخه متنی

هادی حسن قبیسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



المقدّمة


إنّ الدور العلمي الذي مرّ على جبل عامل بمراحله الثلاث ـ حسب ما قسّمه وتعرّض إليه المؤرّخون ـ لا يخلو من دروس وعبر للأجيال .

ليس من العجيب ما يذكره المؤرّخون من أنّ جبل عامل المشهور قد أخرج عدداً كبيراً من أهل العلم والفضل والشعر والأدب ، بحيث لا يتناسب هذا الكم مع ضيق المساحة الجغرافية وعدد سكّان هذه المنطقة ، إذ بلغ عدد العلماء من الشيعة الإمامية فيه خُمس مجموعهم في أنحاء العالم ، مع أنّها بالنسبة لباقي بلدان الشيعة أقل من عُشر العُشر ، هذا ما ذكره الحرّ العاملي في كتابه أمل الآمل ، وعن بعضهم أنه اجتمع في جنازة في قرية من قرى جبل عامل سبعون مجتهداً ، وذلك في عصر الشهيد الثاني
(قدس سره)
، كما ذكره الأمين في أعيانه .

كان جبل عامل في مقدمة البلدان المحيطة به من بلاد الشام من حيث الشهرة العلمية ، خصوصاً في القرون الأخيرة ، حيث كان مهوى قلوب عشّاق العلم والمعرفة ، ومركزاً من مراكز التدريس ، وكان يستقبل الطلاّب من كلّ مكان ، لم ينقطع فيه العلم ولا انطفأ نوره إلاّ في فترات وجيزة كانت من آثار ما تخلفه الحروب من دمار وخراب وتعطيل للمدارس والمعاهد .

كانت المدارس والمعاهد العلمية في جبل عامل أشبه بالكلّيات من المدارس ، حيث كان يدرس فيها الفقه والأصول ، والكلام والتوحيد ، والمنطق والفلسفة ، إضافة إلى العلوم العربية ، كالنحو والصرف والبيان واللغة ، بل وحتى علم الهيئة والحساب والجبر والطبّ والهندسة ، وكان يؤمها الطلاب من الشيعة والسنّة .

أمّا الزمن الذي بدأت فيه الحياة العلمية في جبل عامل فلا يمكن تحديده والجزم به ، لفقد المستندات والوثائق التاريخيّة ، غير أنّ الذي يدور على الألسن وتتناقله الناس خلفاً عن سلف ، قد أصبح في حكم الحقائق المقرّرة .

إن انتشار مذهب أهل البيت
(عليهم السلام)
والعمل بفقههم في جبل عامل بدأ في القرن الأوّل للهجرة وفي عصر الخلفاء ، وذلك في الوقت الذي نفي فيه الصحابي الجليل أبو ذر

الغفاري
(رحمه الله)
من الحجاز إلى الشام في عهد الخليفة عثمان ، فشاءت الظروف والأقدار الإلهيّة أن يحل هذا الجليل في بلاد جبل عامل ، ويغرس فيها علوم وفضائل أهل البيت
(عليهم السلام)
، حيث اتّخذ لنفسه فيها مقامين ، أحدهما في قرية

فتحكّم بالبلاد أحمد باشا الجزار ، وفتك بمن قبض عليه من العلماء ، وهاجر من لم يُقتل أو يُسجن إلى خارج البلاد

الصرفند على ساحل البحر الأبيض المتوسّط ، والآخر في قرية ميس الجبل في الجهة الجنوبية الشرقية ، وهما في جبل عامل ، وله فيهما مسجدان أو مزاران عُرفا باسمه إلى يومنا هذا ، ومنهما انبعثت روح التشيع في بني عاملة ، وانتشر حتى شمل جميع قراه .

ولاريب أن علماء هذه البلاد وفقهاءها كانوا على اتّصال في القرون الأولى بالأئمّة الأبرار من أهل البيت
(عليهم السلام)
، وعنهم أخذوا اُصول المذهب وفروعه(1) .

وجاء في كتاب أمل الآمل في تراجم علماء جبل عامل للحرّ العاملي في رواية طويلة يسندها إلى الإمام الصادق
(عليه السلام)
، ما مجمله : أنه يصف قوماً من شيعة أهل البيت
(عليهم السلام)
، ولما سئل عن مكان وجودهم؟ قال: بلدة بالشام . . . بأعمال شقيف أرنون ، وبيوت تعرف بسواحل البحر ، وأوطئة الجبال . . . الحديث .

ولا شكّ أنّ الضغط والاضطهاد الذي وقع على العلويين في العصرين الأموي والعباسي ألجأ من كان منهم في جبل عامل إلى التكتم والتقيّة ، درءاً للأضرار وخوفاً من الموت المحتم ، ولذلك غمضت الأخبار وخفيت كثير من الحقائق ولم يصلنا من حوادث تلك الأيام إلاّ القليل منها ، ولما انقضى العهد الأموي والعباسي استطاع الشيعة أن يجاهروا بمذهبهم في مختلف الأقطار .

وأقصى ما يذكره المؤرّخون أنّه في مطلع القرن السابع الهجري اشتهر

جماعة من أهل العلم والفضل في جبل عامل ، لكن لم يذكروا أنّ أحداً منهم أسّس مدرسة أو درس في معهد ، بل كانوا يدرّسون ويتلقون الدروس تحت طي الخفاء والتكتّم .

ويعتبر الدور العلمي الأوّل لجبل عامل ابتداءاً بافتتاح أوّل مدرسة فيه حيث انتظم فيها التدريس بالمعنى المتعارف بشكل علني ، ألا وهي مدرسة جزين ، التي أنشأها الشيخ شمس الدين محمد بن مكّي العاملي المعروف بـ
«الشهيد الأوّل»
.

وازدهر العلم بمختلف أشكاله ، وفتحت في جبل عامل أكثر من مدرسة ، وبقي على هذا الحال حتى قتل زعيمه السياسي ناصيف بن نصار الوائلي في سنة 1195هـ ـ 1780م ، فتحكّم بالبلاد أحمد باشا الجزار ، وفتك بمن قبض

عليه من العلماء ، وهاجر من لم يُقتل أو يُسجن إلى خارج البلاد ، وشخص

بعضهم إلى بلاد مختلفة كإيران والعراق والهند وغيرها من البلدان ، وخلت جبل عامل من العلماء إلاّ من أقعده العجز ، فوقف التدريس

أغلقت المدارس ، ونهبت المكتبات وأحرق أكثرها في أفران عكّا ، وبقيت الأفران مشتعلة ثلاثة أيّام من الكتب التي صودرت من مختلف مناطق جبل عامل

وأغلقت المدارس ، ونهبت المكتبات وأحرق أكثرها في أفران عكّا ، وبقيت الأفران مشتعلة ثلاثة أيّام من الكتب التي صودرت من مختلف مناطق جبل عامل ، واستمرّت الأوضاع على هذه الحال حتى أراح الله البلاد من الجزار ، فهلك في عام 1219هـ ـ 1804م ، فتباشر الناس بموته ، وتلاعب الشعراء بهجائه إلى أن آل الحكم إلى عبد الله باشا ، فأعاد لأبناء جبل عامل حكم بلادهم وحباهم بالمنح الجزيلة ، ثم عادت الحياة العلمية إليه بعد الخمول والزوال .

وهذا ما يسمى بالدور العلمي الثاني لجبل عامل ، وأوّل مدرسة اُسّست في هذا الدور هي مدرسة الكوثرية التي أسّسها الشيخ حسن قبيسي ، وبعدها اُسست مدارس اُخرى .

هذا مختصر عن الحياة العلمية في جبل عامل ، وما تكشف الأحداث من المعاناة التي مرّ بها .

ولما خطر ببالي أن أحصي كلّ ما صنّفه علماء جبل عامل في الحجّ من مظانه ، إحياءاً لذكرهم وتخليداً للتراث العلمي ، فوجئت بعدد قليل

جداً من المؤلّفات ، فقلت في نفسي ليس هذا هو المعروف منهم من قلّة التأليف والتصنيف ، وعندها خطر الجواب ببالي أن أسبابه تعود إلى انعدام تراثنا الضخم الذي أحرق على يد الجزار أحمد باشا ، وهذا ما يدلّل على أن كثيراً من المصنّفات لم تصل إلينا . بل العجب كيف بقي هذا النزر القليل ووصل إلينا بعد الذي جرى من المآسي على جبل عامل وعلمائه .

فكان عملي كالتالي: ترجمة حال كلّ مؤلّف بإيجاز لإظهار مكانته العلمية وجهوده المبذولة ، ثم ذكر ما صنّفه في الحجّ مع الإعراض عن مصنّفاته الاُخرى .

/ 16