حکم الاضحیة فی عصرنا نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حکم الاضحیة فی عصرنا - نسخه متنی

ناصر مکارم الشیرازی؛ گردآورنده: احمد قدسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



تمهيد


حينما تشرّفت بزيارة بيت الله الحرام لأوّل مرّة، ذهبت الى المسلخ في منى; لأشاهد عن قرب نحر الأضاحي يوم العيد، فاذا بي أواجه مشهداً عجيباً، حيث رأيت أن الآلاف المؤلّفة من أشلاء الأنعام من الشياه والبقر والإبل قد غطّت أرض المسلخ بحيث كان من الصعب العبور من خلالها، في حين كانت شمس الحجاز الحارقة التي تلهب بحرارتها كلّ شيء فتعفّنها تدريجيّاً، دون أن يستفيد منها أحد من النّاس خاصةً المساكين.

وتبادر الحكومة السعودية ـ ومن أجل أن تمنع انتشار الأوبئة بين الحجيج بسبب تعفّن الأضاحي بعد نحرها ـ إلى دفنها رغم ما يعترض هذا العمل من صعوبات. وبعد أن اطلعت على هذا الوضع سعيت ـ بدوري ـ للحصول على شاة صحيحة تتوفّر فيها المواصفات المطلوبة، فتمّ لي ذلك، وقدّمتها لبعض المساكين هناك، ولعلّهم اكتفوا ببعض منها وتركوا الباقي.

كما لاحظت وجود عدد من الفقراء المعوزين، الذين كانوا ينقلون أجزاءً من الأضاحي خارج المسلخ، ولا تتجاوز نسبة ما يقتطعونه من الأضاحي في أحسن الأحوال عشرة بالمئة، ويتلف الباقي بالدفن أو الحرق.

وكما قلنا فإنّ عملية الإتلاف لا تتمّ بسهولة; ولهذا قد تُنجز بشكل ناقص ممّا يؤثّر على أجواء منطقة منى الّتي تعاني من جرّاء ذلك من التلوّث يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجّة، ولا سيّما المناطق القريبة من المسلخ.

ولعلّ الكثير من الأشخاص، الذين يدخلون المسلخ، ويشاهدون الوضع فيه، يتساءلون عن رأي الشارع المقدّس في هذه الظاهرة، وموقف الفقهاء ومراجع الدّين منها، وهل هي من المسائل المستحدثة، أم أنّها كانت منذ عصر المعصومين وفقهاء السلف؟

في تلك الفترة كنت من طلاب العلوم الدينية، وحديث عهد ببحوث الفقه الاستدلالي، وكنت مقلّداً في عدد من المسائل، ومنها مسائل الحج، فكانت وظيفتي الذبح، ثم طرح الأضحية في محلّها، أو أن أقوم بعملية صورية عن طريق أخذ النيابة من جانب الفقير، ثمّ القبول من ناحيته، وتركها في نفس المحلّ.

ولكن بعد أن حصلت على قدرة أكثر في استنباط المسائل، استغرقت في التفكير، وعزمت على ملاحظة أدلّة المسألة بالدقّة والتأمّل اللائقين، وعدم الاقتناع بأنّ الآخرين قد فعلوا كذا فعلينا أن نفعله أيضاً، خصوصاً بعد أن صارت المسألة أعقد بانتقال جميع المذابح من منى إلى خارجها (عير مثلث صغير يكفي لجماعة قليلة من الحجّاج فقط) مع أنّ من شروط صحّة الأضحية عند فقهاء الشيعة كونها في منى، وعدم كفاية ما يقع في خارجها، ولذلك تفحّصت جميع روايات أبواب الذبح بدقّة وتدبّر، وتعمّقت في كلمات القوم وفتاوى الفقهاء الكرام واستدلالالتهم، وناقشت بعضهم، وسعيت لأن أفرغ ذهني من الجوّ الموجود حتّى أفتي في المسألة مع فراغ البال، وعدم انجذاب الفكر إلى أيّ شيء غير الأدلّة المعتبرة ـ كما حصل في قصّة العلاّمة الحلّي
(رحمه الله)
في حكمه بردم بئر داره، ثمّ الفحص عن أدلّة اعتصام ماء البئر، وفي النهاية أفتى بالاعتصام خلافاً لجميع ما كانوا قبله ـ فانتبهت إلى أنّ مثل هذه الأضاحي ليست مجزية لوظيفة الحج، وعلى الحجّاج الاجتناب عنها، والاحتياط بالإتيان بها في أيام ذي الحجّة في أوطانهم أو مكان آخر.

ولهذا عزمت على بيان ما ثبت لي من الدليل على هذه الفتوى ـ مع أداء التكريم والاحترام لجميع المراجع والفقهاء العظام ـ حتّى ينفتح بذلك للسائرين باب بحث أكثر وفحص أبلغ حول هذه المسألة المهمّة.

/ 7