تحفة اللطیفة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تحفة اللطیفة - نسخه متنی

محمد بن خضر الرومی؛ الإعداد: محمدرضا الأنصاری القمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


التحفة اللطيفة


الرسالة التي بين يديك ـ أيّها
القارئ الكريم ـ مأخوذة عن مخطوطة تحتفظ بها مكتبة دير الاسكوريال بإسبانيا وهي في
مجموعة برقم (1708) وتبدأ رسالتنا من ورقة 88ب وتنتهي في ورقة 93ب ، وعنوان
الرسالة كما هو مثبّت في صدر الرسالة هكذا : «كتاب التحفة اللطيفة في عمارة
المسجد النبوي وسور المدينة الشريفة . تأليف العلاّمة الإمام شيخ الإسلام قاضي
الحنفيّة بها الجلالي محمّد بن خضر الرومي الحنفي تغمّده الله برحمته وأسكنه فسيح
جنّته . آمين .»

والرسالة كتبها الشيخ محمّد بن خضر
الرومي قاضي الحنفيّة بالمدينة المنوّرة والمتوفّى عام 948هـ ، وهي
تتحدّث عن سقوط أجزاء من سور المدينة وتهدّم أعاليه وخوف أهالي المدينة المنوّرة من
هجمات الأعراب عليهم والنهب والسلب المتواصل منهم ، فاستلزم ذلك الاستنجاد
بالخليفة العثماني سليمان الأوّل (927 ـ 974هـ ) حيث أمر بإجراء تعميرات واسعة
في سور المدينة وأبراجها وأبوابها ، فشرعوا : بالتعمير عام 939هـ ،
وأكملوا بناء السور والأبراج ، ثمّ وصل التعمير إلى جدران المسجد النبويّ
الشريف ومآذنه ومرافق أخرى في المسجد ، والأعمدة والسقف والأرضيّة والمحراب
والمنبر وغير ذلك . واستمرّ البناء مدّة عشر سنوات (من عام 939هـ لغاية
948هـ ) مع انقطاع لعدّة أشهر في كلّ سنة لأسباب عديدة . والرسالة تشرح
مراحل التعمير والاصلاحات ومواقعها وتذكر أسماء المشرفين عليها وأسماء بعض
المهندسين وعدد العمّال وكمّيات الأموال المصروفة وحجم المواد الانشائيّة المستعملة
في البناء من الأعمدة والحجر والمرمر والرخام والحديد وغير ذلك . كما تتحدّث
الرسالة في طيّاتها عن أحوال المدينة المنوّرة الاجتماعيّة والسياسيّة ، فتشير
إلى بعض حالات القحط والجوع ، كما تشير إلى الخلافات والنزاع القائم بين
الأحناف (المدعومين من البلاط العثماني في الباب العالي) والشوافع ، أثر تجديد
محراب الحنفيّة في المسجد النبوي وتقديمه ليحاذى محراب الشافعيّة، وتقديم القاضي
الحنفي على القاضي الشافعي في جميع الأمور ، ممّا أثار حنق الشوافع (ووصل من
بعض الشافعيّة بسبب ذلك كلمات) . ولا شك أنّ هذه الرسالة تنفع الدارسين عن
المدينة المنوّرة وتطورات أحوالها .

(88 ب)
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ ربّ العالمين ،
والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيّد الخلق أجمعين ، محمّد وآله ، وصحبه
والتابعين.

أمّا بعد ، فهذه نبذة
لطيفة ، ونخبة شريفة ، تتضمّنُ ما وقع من العمائر الشريفة ، بسور
المدينة النبويّة ، والمسجد الشريف ، والمنارة
السنيّة .

وذلك أنّه لمّا أنهى إلى
مولانا ، السلطان الأعظم ، والخاقان الأكرم ، صاحبِ السّيفِ
والقَلَم ، والبند1
والعَلَم ، ظِلّ الله في الأرضين ، قَهْرمان2 الماء والطين ، قامع الكفرة والمبتدعة
والمشركين ، نصرة الغزاة والمجاهدين ، حسنة الله في الأرض ، القائم
بالسنّة والفرض ، خادم الحرمين الشريفين ، والمحلين المنيفين; سلطان
الغرب والعراقين ، والشرق واليمن ، والروم والحِجاز وعدن ، سلطان
الإسلام والمسلمين ، السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان
ابن السلطان أبو [المظفّر]3 خان ، السلطان سليمان شاه ، ابن السلطان سليم
شاه ، ابن السلطان بايزيد ، ابن السلطان محمّد ، ابن السلطان بايزيد
خان ، نَصَره الله تعالى نصراً عزيزاً مؤيّداً ، وفتح له فتحاً مبيناً
سرمداً ، وأدام أيّام دولته الزاهرة ، وجعلها مسعودة; [و]على أعدائها
متظاهرة ، بجاه سيّد أهل الدنيا والآخرة .

إنّ سور المدينة قد تهدّم
أعاليه ، وأشرف الباقي على السقوط بمعاليه ، وأنّ أهل المدينة المنوّرة
يحصل لهم بخراب السور ضرر كثير من العربان ، وفساد عظيم على طول الزمان ،
وأنّهم قد رفعوا شكواهم ، وبثّوا (89 ا) نجواهم إلى مولانا السلطان
الأعظم خَلّد الله دولته ، فحينئذٍ برز الأمرُ العالي ، من مولانا
السلطان الأعظم المشار إليه ـ أعزّ الله نصرته ـ إلى وزيره المقام العالي ، ذي
العِزّ المتعالي ، مدبّر الممالك الإسلاميّة ، كافل الأقطار المصريّة
والحجازيّة ، آصف عصره ، ولقمان دهره ، [حضرة] سليمان پاشا أعزّ
الله تعالى مقامه ، وأدام أيّامه ; بأن يتقدّم المقام العالي بتجهيز
المال من الخزانة الشريفة بالقاهرة المحروسة ، لعمارة سور المدينة
المنوّرة ، وتجهيز ما يحتاج إلى ذلك من الدّواب والعُدَد4 والمعلمين5 والبنائين والحمارين6 وغيرهم ، وتجهيز ما يحتاج ذلك من الغَلال7 ، بالسمع
والطاعة ، وشمر على ساق الجد والاجتهاد ، لما يعود نفعه لأشرف
البلاد ، وجهز الأموال صحبة الجناب العالي الزيني محمود چلبي كاتب جدّة
المعمورة ، كان . . . وعينه أميناً على العمارة الشريفة ،
وجعل الناظر على العمارة الجناب العالي السيّد أحمد الرفاعي ، شيخ الحرم
الشريف النبويّ ، وجهّزت الجمال والبهائم نحو مائة جمل ومائة بهيم ، صحبة
أمير الحجّ الركب المصريّ ، وجهزت الغَلال; من القمح والشعير والفول من البحر
على ظاهر المراكب الشريفة ، إلى أنْ وصلت إلى الينبوع8 ، وكان وصول ذلك كلّه في غرّة سنة تسع
وثلاثين وتسعمائة ، وكان المهندس على العمارة المذكورة المعلم علي بن
الصياد ، والمعلم عبدالقادر القليوبي . وكان جملة البنائين والحجّارين
والنحّاتين والعتالين9
والنجارين والطوابين10
والحمّالين والتّرابين أكثر من ثلاثمائة نفراً [نفرٍ] ، من غير الفَعَلَة11
وتوابعهم .

(89 ب) وكان في خدمة
العمارة الشريفة ، من المماليك السلطانيّة نحو خمسون [خمسين] نفراً ،
منها أرباب الخيل نحو خمسة وعشرين نفراً ، والباقون رُماة بالبندق
والقوس .

ثمّ إنّهم شرعوا في هدم سور
المدينة المنوّرة ، فأوّل ما هدم باب سويقة ، غربي المدينة ،
المسمّى بباب المصريّ ، ثمّ هُدّم أعالي الجدار الغربي من السور ، من
الباب الصغير الشامي إلى باب سويقة المذكورة ، ثمّ من باب سُويقة إلى الركن
القبلي12 ،وطول ذلك سبعمائة
ذراع وأربعة عشر ذراعاً بذراع العمل ، وإنّما لم يُهْدم إلى أساسه ; لأنّ
الجدار المذكور جدّده الملك الأشرف قايتباى13 ، وبناه بالحجر إلى أعالي العقود ، التي من
خلفه من داخل المدينة المنوّرة ، وبناء [وبنى] أعاليه
باللّبن .

فهدّموا اللّبن المذكور ،
وعرضوه14 بالآجر ،
ورمّموا ما احتاج فيه إلى الترميم .

ثمّ إنّهم هدموا الباب الصغير
الشامي ، والباب الكبير الشامي ، وشرعوا في بناء الباب المصري بالأحجار
المنحوتة; بعد أن حفر له لذلك أساس جيّد ، ثمّ إنّ بعض المهندسين ذكر للنّاظر
أنّ الحجر المنحوت يذهب عليه مال عظيم ، فأمرهم ببناء الباب الصغير الشامي
بالحجر الغشيم15 ،
فلمّا أن كمل بناء الباب المصري والباب الشامي المذكور ، وشاهد النّاظر حسن
الباب المصري بالحجر المنحوت ، وقباحة الباب الشامي بالحجر الغشيم ،
أمرهم ببناء الباب الشامي الكبير بالحجر المنحوت .

ثمّ بعد مدّة يسيرة بعد الشروع
في البناء ، حصل بين الناظر ـ السيّد الرفاعي المذكور ـ وبين محمود چلبي
الأمير المذكور شنآن16
عظيم ، ثمّ انتقل محمود چلبي المذكور إلى رحمة الله تعالى في سابع عشر رمضان
(90 ا) المعظّم قدره ، سنة تسع (بتقديم التاء) وثلاثين وتسعمائة ودفن
ببقيع الغرقد .

ثمّ إنّ الناظر المذكور باشر
عمل العمارة الشريفة بنفسه ، خصوصاً الباب الشامي الكبير والصغير ، ثمّ
انتقل إلى رحمة الله تعالى في عشر ذي الحجّة الحرام سنة تسع وثلاثين وتسعمائة
[و] توجّه
غالب المعمارية إلى الحجّ إلى بيت الله الحرام ، واستمرّت العمارة بطالة17 ، وكان من قضاء الله
وقدره أنّ مولانا الباشا المذكور عيّن عوض18 الزيني محمود چلبي المذكور ، بسبب مكاتبات السيّد
الرفاعي فيه ، أميناً على العمارة الشريفة ، وكاتب الأمين هو الجناب
الزيني مصطفى چلبي ، أحد ساعي الدولة العادلة العثمانيّة ، والكاتب هو
الزيني نصوح ، أحد الأعيان من العساكر العثمانيّة بالطور19 ، ووصل صحبتهم أيضاً مهندسٌ على
العمارة كلّها من طايفة الأروام20 ، يسمى مصطفى خليفة; فوصلوا جميعاً من البحر إلى
المدينة المنوّرة غرّة صفر الخير سنة أربعين وتسعمائة ، ولمّا وصل إلى مولانا
الباشا المذكور خبر وفاة السيّد الرفاعي شيخ الحرم الشريف ، وبرز أمره الكريم
الزيني إلى مصطفى چلبي الأمير المذكور ، بأن يضبط معلقات21 شيخ الحرم الشريف ، ويباشر المنصب
المنيف; إلى أن يرد من الأبواب الشريفة الجندكارية ما يُعتمد
عليه .

فاستمرّ الزيني مصطفى چلبي
المذكور ، مع الكاتب نصوح ، والمباشر المذكور ، والمهندس بخدمة سور
المدينة المنوّرة ، فشرع في هدم الجدار القبليّ22 منه إلى الأساس ، لكنّه لم ينقض
أساسه ، وبناه بالحجر إلى أعاليه ، (90ب) وجعل عليه الشراريف23 الموجودة الآن ،
واستمرّ في بناء الجدار القبلي .

ثمّ إنّ الزيني نصوح الكاتب
المذكور انتقل إلى رحمة الله تعالى في سلخ ذي الحجّة الحرام سنة أربعين
وتسعمائة .

ثمّ وصل في العام المذكور من
البحر إلى مكّة المشرّفة مولاي المعزّ الكريم العالي ، المولويّ الذخرى ،
عين الأماثل والأدان ، فخر الأماجد والأعيان ، المتحصّن بعناية الملك
المعبود ، الزيني محمود چلبي وهو متوليّ لمشيخة الحرم الشريف ، وناظر على
العمارة السلطانيّة .

فوصل إلى المدينة المنوّرة
غرّة سنة إحد[ى] وأربعين وتسعمائة ، وباشر خدمة الحجرة الشريفة ، وقام
بالنظر على العمارة المنيفة كما ينبغي .

واستمرّ المهندس مصطفى خليفة
المذكور ، قائماً بهندسة البناء المذكور ، من الركن الغربي من جهة القبلة
إلى الباب الشرقي ـ باب بقيع الغرقد ـ وطول ذلك سبعمائة ذراع بذراع العمل ،
ثمّ انتقل المهندس المذكور إلى رحمة الله تعالى .

وكان لمّا وصل البناء إلى مشهد
السيّد اسماعيل24 ،
أدخل بعض البناء داخل المدينة المنوّرة من غير أساس تحته ، فبعد وفاته هدّمه
أمين العمارة الزيني مصطفى چلبي المذكور مع المهندس عليّ بن الصياد المذكور ،
[و] قاما ببناء باب البقيع أتمّ قيام ، بعد أن وصلوا بأساسه إلى الماء ،
وشرعوا بهدم سور المدينة المنوّرة من باب البقيع من الجهة الشاميّة إلى أن وصلوا
بالهدم إلى الباب الشامي الكبير ، ونقض جميع أساسه ، [و]بني على هذه
الهيئة الموجودة عليه الآن على زيادة الإحكام والإتقان ، ثمّ قصر النفقة على
العمارة ، واقتضى الحال إلى أن توجّه الأمين مصطفى المذكور للقاهرة المحروسة
من البرّ (91 ا) صحبه القاصد ، فوصل إلى القاهرة المحروسة ، فوجد
مولانا الباشا سليمان المذكور قد اعتد إليها ، وكان قد صرف خسرو باشا ،
ثمّ إنّ الباشا سليمان دفع للأمين المذكور ما تحتاج إليه العمارة الشريفة من
الأموال ، وأمر نائب جِدّة المعمورة بأن يدفع له جميع ما يحتاج إليه من
الأموال ، وجهّز من البحر غِلالاً كثيرة ، وعيّن صحبته كاتباً على
العمارة الشريفة; وهو الجناب العالي الزيني رمضان چلبي ، ووصلا جميعاً إلى
المدينة المنوّرة سنة أربع وأربعين وتسعمائة ، ووصل أيضاً في هذا العام من
البحر عسكراً معيناً [عسكر معين] بسبب الإقامة بالقلعة 25 التي بالمدينة
المنوّرة ، وهو نحو ستّون [ستّين] نفراً رماة بالبندق ، وجعل عليهم
باش26 ، ويسمى
دزدار ، فوصلوا إلى المدينة المنوّرة ، وكانت القلعة حينئذ لم يشرع في
بنائها .

ثمّ إنّ الأمين مصطفى چلبي
المذكور أتمّ باقي السور ، وباب البقيع ، وهدم القلعة القديمة ،
وكانت مبنيّة على هيئة القاعة من غير أبراج ، ثمّ إنّ الأمين المذكور
غيّرها ، وأحكم بناءها وشيّد أبراجها ، وأحدث لها جداراً وباباً من داخل
المدينة المنوّرة ، وجعل البناء محيطاً بها ، وجعل بيوتاً للعسكر في
داخلها ، وجعل بيتاً لنائب القلعة على الجبل الذي هناك في محلّ القلعة ،
وذرع داير27 القلعة من
الباب الشامي الكبير إلى الباب الصغير خمسمائة وثمانية عشر ذراعاً وذرع الجدار
الشرقي لها من داخل المدينة المنوّرة مائة واحد وستون ذراعاً ، وذلك بذراع
العمل .

واستمرّ في بناء ذلك ،
وتكميل ما بقي من سور المدينة المنوّرة ، إلى أن تمّ جميع ذلك (91ب) في النصف
من شهر شعبان المعظّم قدره ، سنة ستّ وأربعين وتسعمائة ، فكان مدّة
الإقامة بالبناء بسور المدينة سبع سنوات ونصف سنة ، بما في ذلك من تخلّل
البطالات28
المذكورة .

وفي هذا التاريخ تمّ بناء جميع
سور المدينة المذكور ، بما فيه الأبواب والأبراج من التجاويف نحو أربعين ألف
ذراعاً [ذراع] ، وبدون التجاويف المذكورة ثلاثة آلاف وأربعمائة واثنين وثمانين
ذراعاً بذراع العمل .

وفي آخر الشهر المذكور توجّه
كلّ من الأمين مصطفى المذكور ، والزيني رمضان چلبي الكاتب المذكور إلى الأبواب
العالية29 ، وسمعت
من الأمين المذكور أنّ المصروف بسبب بناء السور المذكور على من تقدّم ذكرهم من
العسكر والبنائين وغيرهم ، من الغلال كالقمح والشعير والفول ، نحو خمسة
عشر ألف أردبا [أردب]30 ، والمصروف من الذهب السليماني31 الجديد الوازن نحو مائة ألف
ديناراً [دينار] ذهباً .

وكان المعزّ الكريم
العالي ، ذو الخصايل الحميدة ، والآراء السديدة الزيني محمود چلبي ،
شيخ الحرم الشريف النبويّ وناظره ، أعزّه الله تعالى وأدام أيّامه ،
توجّه إلى الأبواب العاليّة السلطانية ، فكان ممّا عرضه على مولانا السلطان
الأعظم والخاقان الأكرم32 ، احتياج المسجد الشريف النبوي إلى بناء وترميم
جدرانه ، وهدم المنارة المسمّاة بالسنجاريّة33 ، وغير ذلك من المشاهد
والآثار .

فبرز الأمر الشريف العالي
ببناء ذلك ، فجهّز مولانا المقام العالي ، ذي[ذو]المجد المتعالي ،
من الجمال والدّواب والبنائين والحجارين والنحاتين ، وجهّز من البحر ما يحتاج
إليه من الغلال وجهز من البحر34 (92 ا) أيضاً الأهلّة35 المجهزّة من الأبواب الشريفة36 ، برسم القبة
المنيفة ، فوصل إلى المدينة الشريفة ، ووُضع الهلال على القبّة الشريفة
في تاسع عشر شوال المبارك سنة ستّ وأربعين وتسعمائة ، وهو الموجود على القبّة
الشريفة الآن ، وهو من نحاس مطلي بالذّهب ، وأرسل أيضاً بخمسة أهلّة;
لكلّ منارة هلال ، وللمنبر الشريف هلال أيضاً ، ووضع ذلك
عليهم .

ويقال : إنّ المصروف على
طلاء الأهلّة من الذهب السليماني المسكوك ألف وثمانمائة ديناراً [دينار]
ذهباً .

وفي ذي الحجّة الحرام سنة
ستّ وأربعين وتسعمائة وصلت الجمال والبهايم المذكورة صحبة الأمين الذي عُيّن
للعمارة الشريفة ، وهو الجناب العالي الزيني حسن أحد المماليك
السلطانيّة ، وعدّتها مائة جمل وخمسون بهيماً ، ووصل من البرّ المعلمين
المذكورين [المعلمون المذكورون] .

وفي أوائل ربيع الثاني سنة سبع
وأربعين وتسعمائة وصل الكاتب على العمارة ، وهو الزيني عبدي چلبي ،
والمباشر على ذلك ، وهو تاج الدين الخضيري ، وصحبتهم الغلال الشريفة من
القمح والشعير والفول .

ثمّ إنّ أمين العمارة المذكور
ورد بالمراسيم37
الشريفة ، التي من مضمونها : أنّ ما يحتاج إليه المسجد الشريف من العمارة
يعمّر ، والنظر في جميع ذلك جزئيّةً وكليةً لمولانا المعزّ العالي ، شيخ
الحرم الشريف المذكور .

فجمع مولانا شيخ الحرم الشريف
السّادة القضاة ، والأمين المذكور ، والمهندس على العمارة المذكورة وهو
المعلّم علي بن تبك ، ومن حضر من البنائين الواردين إلى المدينة المنوّرة
والمقيمين بها ، فكشفوا على المسجد الشريف النبويّ ، فكان ممّا رآه
المهندس والبنائين [البنائون] في ذلك أنّ بعض جدار المسجد الغربيّ من باب
الرّحمة ، محتاج إلى الهدم والإعادة ، وأنّ الباقي (92ب) من الجدار
الغربي مع الجدار الشرقي محتاجٌ إلى الترميم ، بهدم بعض أسافله ، وترك
العلوّ على حاله ، وأنّ باب النساء محتاج إلى تقويته بأبراج خلفه من خارج
المسجد ، وأنّ المنارة السنجاريّة ، التي هي في الركن الشامي من جهة
الشرق ، تحتاج إلى هدمها كلّها .

فاقتضى الحال الشروع في الهدم
والبناء ، فأوّل ما بنى باب الرّحمة ، ورمّم الجدار الذي يليه غربي
المسجد النبويّ ، وكان مائلاً من جهة المنارة الخشبيّة ، التي هي في
الركن الشامي غربي المسجد النبوي ، ليرى هل الميذ في النزايه38 أم لا ؟ ثمّ هُدمت
المنارة المذكورة ، ونقض أساسها ، وزيد في الحفر على الأساس القديم; إلى
أن وصل الماء ، بحيث إنّ الماء تزايد على المعلمين ، حتّى نقلوه
بالقرب39 ، فلمّا
رأوا أيضاً نقله بالقرب لا يفيد ، جعلوا ثلاثة دواوير كبار من الخشب
السمر ، ووضعوها في الماء ، وبنوا على الأخشاب ، إلى أن علا البناء
على الأخشاب قدر قامة ، ثمّ حفروا تحت الدواوير حتّى نزل بما عليها من البناء
إلى أصل الأرض الطيّبة ، ثمّ أزيل الماء المجتمع في جوف الدواوير ، ودكّ
وسطها بالحجر ، الملوّنة الطيّبة الجيّدة ، وكان عمق أسسها ثلاثة عشر
ذراعاً ، بذراع العمل ، وعرضه سبعة أذرع في سبعة أذرع ، وبنيت
بالحجر المنحوت .

ثمّ لمّا وصل البناء إلى وجه
الأرض ، اختصر من عرضها ذراع ، وبنيت على التربيع إلى أن تعلت على سطوح
المسجد فتمت .

وفي أثناء ذلك هدم ما يحتاج من
الهدم من الجدار الشرقيّ ـ جدار المسجد الشريف النبوي ـ ورمم ، ولم يهدم شيء
من أعاليه ، وإنّما نقض بعض أسافله من خارج المسجد ، وبني أيضاً باب
النساء ، وجُعل له برجين عظمين [برجان عظيمان
]تقويةً .

وكتب التاريخ على كلّ من
البابين باب الرحمة ، وباب النساء ـ باسم مولانا (93 ا) السلطان الأعظم
نصره الله تعالى وأدام أيّامه .

واستمرّت العمارة في المنارة
الشريفة ، ثمّ في غرّة محرم الحرام سنة ثمان وأربعين وتسعمائة توجّه مولانا
المعزّ الكريم العالي محمود چلبي شيخ الحرم الشريف المذكور إلى الأبواب العالية;
صحبة المصري لعرض أحوال أهل المدينة المنوّرة ، وما هم عليه من الأذى والشدّة
بسبب تأخير إرسال قمح الدشيشة وغيره ،كتب الله تعالى سلامته وأنجح مقاصده
آمين .

ثمّ بيّض داخل المسجد الشريف
النبويّ واسطواناته ممّا كان محتاجاً إلى التبييض ، فجيء على حاله ، وكتب
التاريخ أيضاً باسم مولانا السلطان الأعظم نصره الله تعالى في جدار المسجد الشريف
من جهة الغربي في الخشب المسقوف برفوف عليه ، كما جعل للملك الأشرف قايتباى في
الجدار القبلي والشرقي40 .

وكانوا في أواخر سنة سبع
وأربعين وتسعمائة ورد صحبة أمير الحاج المصري ، مراسيم شريفة من مضمونها تجديد
محراب الحنفيّة وتقديمه ليحاذي محراب الشافعيّة41 ، وتقديم القاضي الحنفيّ على القاضي الشافعي في
جميع الأمور; من الجلوس والمصالح والأنظار وغير ذلك .

وفي سابع عشر محرّم الحرام سنة
ثمان وأربعين وتسعمائة ، شرع في بناية محراب الحنفيّة ، وجعل محلّه بين
المنبر وحدّ المسجد النبوي محاذياً لمحراب الشافعية42 ، وحصل من بعض الشافعيّة بسبب ذلك كلمات سامحهم
الله في ذلك ، ولا شكّ أنّ الإمامين منزهين [منزهان] من ذلك ، نسأل الله
العظيم أن يوفقنا لاتّباعهم في العلم والعمل بحقّ محمّد وآله وصحبه
أجمعين .

وفي ليلة مولد النبيّ(صلى الله
عليه وآله) ثاني عشر ربيع الأوّل43 (93ب) تقدّم إمام الحنفيّة وصلّى في المحراب
المذكور ، وجعل من الرّوضة الشريفة إلى حدّ المسجد النبوي درابزين44 من الخشب أمام محراب
الحنفيّة ، وجعل مقابل الروضة المطهرة درابزين عالية تمنع ضرر المار لكي لا
يقطع الصفّ ، ثمّ مدّ الوتر الخشب الذي يوضع عليه القناديل الصغار في الليالي
الشريفة ، فزيد فيه من الروضة المطهّرة إلى حدّ المسجد النبوي ، وكان
أولاً إلى حدّ الروضة المطهّرة فقط ، وكان متعلّقاً إلى جهة المنبر
الشريف .

تمّ بذلك بحمد الله
وعونه ، والحمد لله .

/ 3