المقدمـة - مرأة بین مهام الحیاة و مسئولیات الرسالة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مرأة بین مهام الحیاة و مسئولیات الرسالة - نسخه متنی

سید محمد تقی المدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





المقدمـة




على الرغم من كل محاولات استضعاف المرأة، واستغلالها بابشع الاساليب.. تبقى المرأة مشعلاً وضاءاً في طريق الاجيال، وعموداً شامخاً لخيمة المجتمع.



وقد راحت المرأة -ولسنـين طويلة- ضحية النظرات الخاطئة تجاهها. فهناك من كان يرى وكأنها جزء من ممتلكاته الشخصية؛ فلا يدعها تبصر الحياة بعينيها، ولا يسمح لعقلها بالتفكير فيما حواليها.. واذا أرادت الحديث في أية مسألة قمعها، واذا حاولت ان تعرب عن رأيها في أي موضوع استهزء بها.. وعلى هذا كانت ارادة الرجل فقط هي الحاكمة في كل كبيرة وصغيرة، ولم تكن المرأة سوى آلة كأنها خلقت لخدمته وقضاء حاجاته وتنفيذ رغباته. وعـلى عكـس ذلك تمـامـاً هنالك من يتعامل مع المـرأة وكأنهـا هـي كل الحياة، ولا رأي للرجل في مقـابلها. فلها مطلق الحريات، وبيدها كل زمام الامور..



هكذا أخطأ كل من نظر للمرأة نظرة افراط أو تفريط. بينما الاسلام



أعطى للمرأة منزلتها الواقعية، وموقعها الطبيعي في المجتمـع. فلم يحرمها من حقوقها المشروعة، ولم يسلبها دورها، ولم يسقط عنها مسؤولياتها.. فدعاها الى طلب العلم، وطالبها باداء فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشجعها على القيام باعمال الخير والاحسـان، ولم يحرمها من الطيبات التي خلقها الله للإنسان.



ولحفظ منزلة المرأة، وعلو شأنها، وضع الاسلام جملة ضوابط لها؛ كالالتزام بالحجاب، ومراعاة العفة.. حتى لا تصبح المرأة سبباً لفساد المجتمع، وتخريب كيانـه. وهكذا فقد احرزت المرأة موقعاً ممتازاً على خارطة الاسـلام؛ وقد سجل لها التاريخ انجازات ضخمة، وادوار عظيمـة في الـدفـاع عن الحق، ونصرة المظلومين، ومجاهـدة الطغـاة..



وهذا ما يدعو المرأة المسلمـة -دائماً وابداً- ان تعي قدرها، وتدرك قيمتها، دون ان تستخف بشخصيتها، وان لا تستهين بطاقاتها..



هذا ما حاول سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي التأكيد عليـه في جملة أحاديث متفرقـة. ونظراً لأهمية هذا الموضوع فـي واقعنـا المعـاصـر، بـادرنا الى تـحـرير تلك الأحاديث واعدادها في كتاب، بغية تعميم نفعها وفائدتها. وقد اضفنا اليها جملة أحاديث عن التربية، وذلك لما لها من علاقة وثيقة بمهام المرأة الحياتية ومسؤولياتها الرسالية. والله من وراء القصد.



القسم الثقافي في مكتب سماحة آية الله المدرسي



طهران: 13/ جمادي الأولى/ 1419 هـ




عن المرأة




المرأة بين الجاهلية والاسلام



من انظمة الحياة الانسانية الكثيرة والمختلفة في الاجتماع؛ والسياسة والاقتصاد والثقافة والعلم والصحة وغير ذلك نظام الاسرة. فالاسرة هي اللبنة الاولى، والركيزة الاساسية في هيكل البناء الاجتماعي الذي يشمخ رصينـا ومتينا اذا ما كانت النواة او الخلية الاسرية تشدّها أواصر المحبة، وتقوّم بناءها اسس التعاون والاخلاص والتنسيق والروح النشطة المثابرة.



لقد اراد الله تبارك وتعالى ان يكون البناء الاجتماعي الفاضل للحياة منطلقاً من البناء الاسري الذي صمّمته الرسالة الاسلامية. فمن مجموع الأسر المتماسكة يكون البناء الاجتماعي الرصين، وسـير الحياة الطبيعي نحوتحقيق الكمال وعبادة الكامل المطلق.



ولعل أبرز وأعظم ما خطّط وبرمج له الاسلام هوالتنظيم الأسري القائم، والمنطلق من اعماق الفطرة الانسانيـة. ونقصد بالتنظيم الأسري تلك المجموعة من السنن والقوانين والانظمة الالهية، والغرائز المهذبة والموجهة بالاتجاه الايجابي السليم، والتي اودعها الله سبحانه في ذات الانسان ذكرا كان أم انثى.


الاسرة هدية المجتمع:




ولو امعنّا النظر وتدبّرنا في مصدر الرقي والتقدم الحضاري، وتتبّعنا امتدادات أشعّة القيم والفضائل والمثل الخيرة، ومنابت الاخلاق والآداب في الوسط الاجتماعي، لرأينا ان ذلك كله ينطلق من التنظيم الاسري المتماسك. فلو كان الكيان الأسري في المجتمع قائما على ركائز الفضيلة والآداب الخلقية النبيلة، فان هذا المجتمع ستسوده روح التعاون والاخاء والمحبة، وسيكون مجتمعا منسجما متّحداً وأهلاً لحمل الامانة الالهية في الحياة. اما اذا اصبح الكيان الأسري كياناً يقوم على الانحراف والرذيلة والتمزق، فان هذا يعني تحلّل هذا المجتمع وانحطاطه وتخلّفه. ولو اتّسع نطاق هذه الانحرافات فانه سيتحول الى امة سوء وضلال وفساد، لا منحى لها في الحياة غير الهزيمة والتراجع، ولا نهاية غير السقوط.



وعلى هذا الاساس فان الاسرة هي التي تحمل هوية المجتمع وسمات الامة، ولو مثّلناها بشكل هرمي فان الاب يشكل قمة هذا الهرم، فهو مسؤول عن رعاية وحماية الزوجة التي هي الركيزة الثانية للاسرة باعتبارها مسؤولة عن تربية الاولاد، وتنظيم شؤون البيت.



فالزوجـة محـميّة مـن قبل الرجـل في النظام الاسري الفاضل، يوليها



فائق الرعاية، ويوفر لها كافة مستلزمات الحياة بقدر طاقته وامكاناته، ويعاملها بلطف ورقّة امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وآله: المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ([1]). فينفق عليها، ويفي لها بحقوقها.



وهكذا فان موقـع الاب في الاسرة هو موقع القيادة والقيمومة، والذي اشار اليه تعالى في قوله: « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَآءِ» (النساء/34). وهذه القيمومة ليست مفروضة ودخيلة، بل هي فطرية غريزية منسجمة مع طبيعة البناء الأسري، وباعثة على الرضا والطمأنينة والسكينة بين أعضاء الخليّة الاجتماعية الواحدة. ثم انها تمثّل القيمومة الطبيعية التي تدفع الرجل لأن يضحّي براحته طلبا للرزق و لقمة العيش انطلاقـاً من شعوره بالمسؤولية، واحساسه بالقيمومة العائلية. فهو المسؤول عن توفير المستلزمات الضرورية للحياة، واسباب العيش الكريم لمن هم تحت مسؤوليته ورعايته. ثم انـه مسؤول أيضاً عن توفير الحماية والامن لأسرته لان الرزق والامان يمثّلان امرين اساسيين في حياة الانسان.


الفهم السلبي لقيمومة الرجل:




وعنـدمـا جـعلت القيمـومـة للـرجـل عـلى المـرأة وكيـان الأسـرة ككـلّ، ظهـر الفهـم السلبي لهذه القيمومـة، والذي يشكل خطـراً على التنظيـم الاسـري، والحياة الاجتماعية. ويتمثل هذا الفهم السلبي بـ (الاستبداد)، وهو ان يفرض الرجل آرائه وأحكامه الصارمة على اعضاء اسرته، وخصوصا الزوجة التي تمثّل مركز الامومة، والنصف الآخر من المجتمع الانساني.



وعلى سبيل المثال فان اليونانيين القدماء كانوا يعتبرون المرأة اداة وآلة بيد الرجل، وقد خلقت لتعمل في خدمته ليلاً ونهاراً. فتأمّل مدى انحطاط هذه الرؤية الجاهلية التي نشأت منها عادات كثيرة تسيء الى المرأة ومكانتها، وتحطّ من قيمتها الانسانية؛ ومن هذه العادات المقيتة التي ربما ماتزال آثارها موجودة؛ قتل او حرق المرأة ودفنها حيّة مع زوجها في حالة موته، حيث تجري هذه العادة في بعض مناطق الهند.



ولاشك ان مصدر هذه الخرافات، والممارسات اللاانسانية؛ التصور المغلوط القائل ان المرأة هي مجرد خادمة خلقت لسدّ احتياجات الرجل، وتنفيذ مطالبه. فاذا به يصبح دكتاتوراً يأمر وينهى ويفعل ما يحلو له.



ان غالبيّة الرجال في ظل مثل هذه الاوهام يشكّلون عصبة تعيش الاحساس العنصري والتمييز، وحالة الاستعلاء على المرأة التي تذهب بدورها ضحية هذا الشعور. فترى الرجل يفرض ارادته المجحفة، ويملي الاوامر التعسّفية عليها. ومـن خلال مطالعة التأريخ الانساني نكتشف ان العديد من الرجال الذين غرز في قلوبهم حب النساء، واوجد فيهم الحالة الشعوريـة التي ينطلقـون منها في الدفـاع عن المرأة، وحماية الأسرة ككل، إذا بهم يتحولون بسبب الخرافات والاساطير المسيطرة على مجتمعاتهم الى وحوش كاسرة تفترس المرأة، وتمزق الكيان الاسري لدواع تافهة يسندها الجهل وانعدام الوعي والثقـافــة.



والغريب في الامر ان هذه المعتقدات الخرافية كانت توضع وتصاغ في أطر فلسفيّة، ومن هذه الصياغات الفلسفية القديمة انطلقت تشريعات واهية تستهين بالمرأة؛ منها ما كان يعتبر المرأة جزءً من التركة والميراث، شأنها شأن الاموال والممتلكات، تشترى وتباع، وتورث، فتصبح بعد موت الزوج أمة يرثها احد الابناء عند تقسيم الارث.



ولعلّ افضل تلك التشريعات لم يكن يصل الى مستوى مساواة المرأة مع الرجل بأي شكل من الاشكال. ومن ضمن هذه التشريعات الظالمة؛ ان المرأة كانت تعامل في اوربا الى فترة قريبة بما يشبه ذلك التعامل الروماني. فقد كانت تكد وتعمل وتكدح ليل نهار، ولكنها في نهايـة المطـاف لم يكن لها حق التملك، وليس لها حـرية التصرّف بمـا يقـع تحـت يـدها مـن الاموال، لانها قبل بضعـة قرون لم تكن انسانة في نظرهم.



وهكذا فان النظرة الى المرأة لدى الجاهليتين الاولى والحديثة، انما هي نظرة واحدة، وهي التشاؤم والاستصغار، ولكنّهما تختلفان في طريقة التعامل معها؛ ففي العصر الجاهلي الذي سبق ظهور الاسلام كانوا يرتكبون الجرائم ليتخلّصوا -حسب زعمهم- من شرّ المرأة. فهي مصدر الشؤم عندهم كما يقول تعالى: « وإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالاُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ» (النحل/58-59). ولذلك فقد كانت الانثى تواجه مصير الموت او الحرمان والاحتقار، كحرمانها من الارث ومعاملتها معاملة الأمة والخادمة.. وهذه هي النظرة الجاهلية القديمة.



اما الجاهلية المعاصرة فقد اضحت المرأة فيها العوبة ووسيلة لهو وترفيه وتمتّع، وكأنها ليست تلك الانسانة المكرّمة المحترمة التي اطّرها الله سبحانه وتعالى بالعفاف والحرمة، ورسم لها طريق الرقي والكمال، كما هو الحال بالنسبة الى الرجال. فهي اليوم لاشغل لها إلا الاهتمام بمنظرها وزينتها، لكي تكون جاهزة لأن يقضي الرجل منها وطره، ويشبع نزوته، كما وأضحت سلعة عامة تجذب الرجال اليها بعرض مفاتنها في الشوارع.


حدود القيمومة في الاسلام:




صحيح ان للرجل قيمومة عـلى الأسرة، والمـرأة بشـكل خـاص في الاسلام إلاّ أن هذه القيمومة لها حدودهـا وشروطها التي تنتهي عند التجاوز والتعدي، وعندما تتحول الى عامل ضرر. وشأن هذه القيمومـة هي كشأن قيمومة الحاكم الذي يحكم على الناس. فهي باقية ومستمرة



مادامت في اطارها الصحيح.



ويحدد القرآن الكريم لنا حدود هذه القيمومة بقوله: « بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» (النساء/34). فهي قيمومة مشروطة مقيّدة، وابرز شروطها القدرة على تأمين الرزق، والعقل. فالتفضيل الالهي يراد به هنا -كما أرى- التفاوت في مستوى التفكير والتدبير والابداع الذي مصدره القدرة العقلية، والنشاط الذهني. فالرجل قيّم على المرأة من حيث الانفاق والمسؤولية المعيشية، اللذان يدفعانه الى الحركة والعمل بجد ونشاط لكسب القوت، وتوفير مستلزمات الحياة. امّا الرجل الكسول الاتكالي الاناني الذي لايهمّه إلاّ نفسه، ولا ينهض ليكسب ما ينفقه على زوجته وعياله، فان هذا وامثاله تسقط عنه القيمومة، واذا ما حاول فرضها فان هذا هو الاستبداد بعينه.



ان الأب الحقيقي يجب ان يكون مهتما بشؤون العائلة، فهو اوّل من يحمل آلامها وهمومها. فيجب ان يكون جديرا بهذه المسؤولية، قادرا على استخدام الحكمة والعقل، فيرشد ويوجّه الزوجة والأولاد، ويـكون مضحّيا براحته وسعـادته في سبيل توفيرهما لاهله واطفاله. وهذا هو المعنى الحقيقي للأبوّة والقيمومة على الاسرة.



الدور الأمثل للمرأة:



ولاشك في ان اعظم دور، وافضل نشاط يمكن ان تقوم بهما المرأة ما ينسجم مع طبيعتها التكوينية والنفسية، وهو ما تؤديه في اطار بيتها واسرتها. وهـذا الرأي يؤيده كل انسان منصف لم يتأثر بالابواق الدعائية الفاسدة، والتيارات المنحرفة التي تريد للمرأة الانجراف في عوالم الفساد والانحلال والضياع والمقولات الرخيصة التي تستهدف الحطّ من مكانة المرأة، ومنزلتها المقدسة في المجتمع، والهبوط بها الى الحضيض.



وفي نظري ان المرأة هي عمود خيمة الاسرة، وهي المحول الذي تلتف حوله الاسرة، وينجذب نحوه اعضاؤها، فبها تتآلف الأسرة وتنسجم. ولقد اثبت العلم الحديث ان الطفل يكتسب بعض الطبائع وهو مايزال في بطن أمّه، ويتأثر بالكثير من حـالاتها النفسية سواء كانت ايجابية أم سلبية، وفي الحقيقة فان هذا الاكتشـاف جاء ليؤيد الحديث الشريف القائل: الشقي من شقى في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمّه ([2]) . كما واثبت العلم الحديث ان تأثير طبائع الأم يستمر على الطفل ، ويستمر الى مدة خمسة عشر عاماً. كما ولوحظ -أيضاً- ان الطفل يتأثر، ويرضخ لكلام أمّه واسلوبها العاطفي اكثر من الأب.



وهنا تبرز اهمية ثقافة المرأة ووعيها، وتفتح مداركها. فهي المدرسة الأولى التي يتخرج منها الجيل الجديد الواعـي والناضج، إن أحسن المجتمع تربيتها بحيث تكون اهلا للامومة الصالحة، والتربية الطيبة.



وهناك بعض النساء يتسائلن عن دورهن الاجتماعي الذي من الممكن ان يقمن به؟



وللجواب على هذا السؤال نقول: ان بامكان المرأة ان تؤدي أي نشاط ينسجم مع بنيتها الجسمية، وصفاتها الروحية والعاطفية، وفي حدود المحافظة على عفافهـا. فهي على الصعيد الاجتماعي يمكـن ان تقوم بدور التأليف والتوجيه، والتعليم.. علماً ان بعض الوظائف لايمكن ان تقوم بها إلا المرأة؛ كالتمريض والطبابة الخاصة بالنساء. اما على صعيد البيت الذي هو عالمها الحقيقي المفضّل فهي المسؤولـة عـن ادارة شؤونـه، وتربية وتوجـيه الاطفال، وما الى ذلك من الأمور المنزلية.



فالأم الصالحة الواعية هي التي تنشئ جيل الرجال الابطال الذين وصفهم القرآن الكريم قائلاً: « رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ » (النور/37). فهم الرجال الذين ينشأون في احضان مباركة طاهرة لامّهات كريمات تقف عـلى رأسهنّ فـاطمة سلام اللـه عليها، والسائرات على نهجها.




المرأة في الواقعالإسلامي




نور اللـه سبحانه لابد ان يتجلى في مشكاة، والمشكاة وحدها لاتكفي فهي تحتاج الى مصباح، والمصباح لايضيء إلا بوقود نقي، ولايتسنى له بلوغ ذروة التجلي من دون زجاجة شفافة.



البيوت الفاضلة:



هذه الخصائص كلها متوفرة في الاسرة الفاضلة، التي يقول عنها عز وجل: « فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» (النور/36). فهذه البيوت سمت الى الاهداف العليا، وتخلّت عن صغائر الامور وتوافهها بسبب شيوع ذكر الله في اطرافها. وسمّو هذه البيوت لايأتي من حيث هي بيوت، بل ينبعث من سمو الرجال الذين يعيشون فيها، وسمو هؤلاء الرجال يكون بذكر الله ليل نهار؛ هذا الذكر الذي يتعالى بدوره على الماديات كالبيع والتجارة.



« فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيـُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَـهُ فِيهَـا



بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ*رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الـلَّهِ» (النور/36-37)



والذي يدفع هؤلاء الرجال الى ذكر اللـه في كل وقت، والالتزام بالعبادات والفرائض دوما؛ هو وجل قلوبهم وخوفهم وخشيتهم من ذلك اليوم الرهيب، الذي عـظم في السماوات والارض. ومن خشيته تتحول الجبال الى كثبان مهيلة، وتتفجـر البحـار نيرانا هائلة، وترتعد فرائص ملائكة اللـه وحملة عرشه.



«يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاَبْصَارُ» (النور/37)



والتقلب يعني ان القلوب تتبدل وتتحول في يوم القيامة، رغم انها في الدنيا قد لاتتبدل بسبب القسوة التي لازمتها.



اذن فليوجه كل واحد منا قلبه في هذه الدنيا على هدى رسالات الله، قبل ان يقسو القلب فيرين عليه الذنب، ويحجبه الاثم، ويعيش في أكنة الخطايا. وجزاء هؤلاء الذين يربّون قلوبهم على ضوء التعاليم الالهية عظيم، حيث ان الانبياء سيحتفون بهم كثيرا، ويدعونهم الى مجالسهم. وحتى الله سبحانه وتعالى يستضيفهم تحت ساق عرشه فيتجلى لقلوبهم، وهذا التجلي هو اعظم من كل نعم الجنة على عظمتها، فيقعون ساجدين للرب شكرا له، فيأمرهم تعالى برفع الرؤوس قائلاً لهم: إليَّ قد اعطيتكم سبعين ضعفاً اضافة لما سبق من الثواب تطبيقا لقوله عز من قائل: «لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (النور/38)


البيوت الكافرة:




وفي مقابل بيوت هؤلاء المؤمنين تبدو بيوت الذين كفروا مهدمة جدرانها، خربة سقوفها. فهي لاتستطيع ان تحفظ شيئا من اعمالهم. فهي لاتحجز في مكان حفيظ، بل تتناثر وتذهب هنا وهناك، كما يشير الى ذلك عز وجل في قوله:



«وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْاَنُ مَآءً حَتَّى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ سَحَابٌ» (النور/39-40)



فالليل والسحاب وظلمات البحر والامواج المتراكمة فيه، كل ذلك لايبقي بصيصا من النور في القلوب المظلمة التي تربّت في بيوت اللهو والإنشغال بالدنيا؛ البعيدة عن سنن الله واحكامه، والتي تشبه ظلمات قيعان البحر. فتكون قلوب الذين يعيشون فيها مظلمة، من جراء ظلمات الذنوب والفساد والطبيعة البشرية غير المهذبة.



والنور الكفيل بازالة هذه الظلمات لايستطيع احد تسليطه سوى الله جل وعلا، وقد قال ربنا عزوجل: «وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ» (النور/40). ويأتي نور الهداية هذا عـبر ذكر الله جل وعلا.



دور المرأة في بناء الاسرة الفاضلة:



والاسر الفاضلة التي يشكل قسما من افرادها رجال مهديون، بحاجة ماسة الى نساء. لان الله عز وجل يلقي بالمسؤولية على عاتق الاثنين؛ فالمرأة هي التي تحافظ على الاسرة، فهي مشكاتها ووقودها. ولذلك فان علينا ان ندرس مليا الحضارات السائدة، والتجمعات الموجودة، والمجموعات العاملة عبر طبيعة معاملتها للمرأة، ومدى الدور الذي تنهض به فيها، فاذا كانت المرأة ذات بصيرة منحرفة، فان هذه البصيرة ستنعكس على الرجل. وهكذا الحال بالنسبة الى الرجل. فالمجتمع لايمكن ان يكون له موقفان، بل موقف واحد.



ان موقفنا من المرأة ينبغي ان ينبعث من ولائنا لفاطمة الزهراء عليها السلام، والمعرفـة بدورها في تأسيس البيت الرسالـي، والشجـرة المحمديـة التي ماتزال مستمرة، وستظل كذلك الى يوم القيامة. وموقفنا منها عليها السلام يعبّر عن موقفنا من المرأة اليوم، كما ان اهتمامنـا ومعرفتنا بفاطمة الزهراء عليها السلام ينعكسان على اهتمامنا بأيـة امرأة.



النظرة الايجابية للمرأة:



وعلى كل رجل ان ينظر الى المرأة نظرة ايجابية سليمة، لئلاّ يظلم حقها. كما ان على المرأة بدورها ان لاتنظر الى نفسها بمنظار الحقارة فتستاء، لان الله عز وجل بعث كل الانبياء من الرجال. فالله لم يغفل دور المرأة الرئيسي، حيث انه جعل من النساء قدوات حسنة امثال مريم عليها السلام سيدة نساء عالمها، والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين، والسيدة زينب بنت امير المؤمنين والسيدة خديجة بنت خويلد وآسية بنت مزاحم..



ومن مميزات الخط الرسالي عن الخطوط الاخرى، فهمه العميق لدور المرأة، واهتمامه الجاد بهذا الدور؛ حتى ان الحركات الرسالية في التأريخ الاسلامي كانت تستلهم من شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام الشئ الكثير، لانها وقفت بصلابة في سبيل تكريس الخط الرسالي، وترسيخ القيم القرآنية، رغم انها امرأة. ومع ذلك نهضت فاطمة عليها السلام لتكون مثالا اعلى للقيم والمبادئ.



فاطمة الزهراء انموذج المرأة الرسالية:



وقد كانت عليها السلام منبعا للحنان الذي فقده رسول الله صلى الله عليه وآله في طفولته، فقد تجلى الحب الذي لم يره في حياته في تعلق فاطمة به.



وهكذا فان نور الله يتجلى في بيوت المؤمنين مثل بيت فاطمة عليها السلام، التي تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الارض عندما تقف في محراب عبادتها. وعندما كانت تربي اطفالها الحسن والحسين عليهما السلام وزينب وأم كلثوم على اسمى معاني الخير والفضيلة، فيغدون انواراً تضيء لأهل الارض. كما انها كانت تقوم بدور جهادي هائل في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وبعد وفاته، وتؤدي دور الدعم لزوجها أمير المؤمنين عليه السلام وهو يمارس اعماله ومهامّه في الساحة الاسلامية.



وبالطبع فان المسؤولية ليست مقتصرة على المرأة فحسب، لأن تربية الرجل لها وهي صغيرة، ومعاملته لها كأخت، وموقفه منها كزوجة أو أم، كل ذلك يؤثر في التخطيط المستقبلي للمرأة. لان الرجل الذي يتطلع الى التقدم في الوقت الذي يأمر فيه زوجته بالاقامة في البيت للقيام بالاعمال المنزلية لا غير؛ لايمكنه ان يساهم في اعطاء المرأة دورها الرسالي.



المرأة لايقتصر دورها على البيت:



والمرأة التبريرية هي التي تشعر بالانهزام أمام الحياة، عندما تحصر دورها بين جدران البيت. صحيح ان من مهمة المرأة ادارة بيتها، ولكن لا يعني هذا ان لا تتطلع الى ادوار اخرى في حياتها.



فالمرأة يجب ان تواصل مسيرة العمل الرسالي الخالد، ففاطمة الزهراء عليها السلام كانت تأخذ بيد حسنيها الى بيوت المهاجرين والانصار لتطالبهم بالاستقامة والثبات على طريق الرسالة باتباع امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ونصرته وامرأة اليوم عليها ان لاتتعلّل بابنائها، بـل عليها ان تذهب معهم الى سوح العمل الرسالي لتؤدي رسالتها الخالدة.



وقد استطاعت فاطمة الزهراء عليها السلام ان تبرمج حياتها؛ الأمر الذي مكّنها من ممارسة جميع نشاطاتها. فقد كانت تدير بيتها، وفي نفس الوقت كانت تقوم بدورها الجهادي نهارا، والعبادي ليلا.



وعندما انهزمت مجتمعاتنا انهزمت المرأة تبعا لها؛ فالرجل اصابه الانهزام بسبب تنصّله من مسؤوليته، والقائها على عاتق العلماء والمثقفين. اما المرأة فانها انهزمت متذرعة بانها ضعيفة لاتستطيع التحرك لتغيير مجتمعها. ولكن هذه الاعذار غير مقبولة عند الله، سواء كانت من الرجل أو المرأة.


وصايا الى المرأة المسلمة:




وفي هذا المجال اقّدم بعض الوصايا للمرأة، علّها ترتفع الى مستوى المسؤولية الخطيرة الملقاة على عاتقها:



1- لابد ان يساهم الرجل في تنظيم حياة المرأة سواء بالتوجية، ام باتخاذ المواقف المناسبة من خلال معرفة دور الطرف الآخر. فالرجل عليه واجبات، وكذلك المرأة. ولكن طبيعة تقسيم الادوار ينبغي ان تكون عادلة، لان ذلك سوف يؤثر في مواقف المرأة ومدى تحرّكها في الساحة.



2- على المرأة ان تخطط لمستقبلهـا الستراتيجي للتكيّف مع الظروف المختلفة التي تنتاب حياتها، وخصوصا من الناحية الجسديّة. فاذا ارادت لنفسها الصحة والسلامة، فانها تستطيع ذلك عبر برمجة اكلها وشربها وطريقـة حياتهـا والالتـزام بالبرامج السليمة لبناء قدرتها البدنيّة.



واذا اعطت المرأة ناحيتها الصحية حقها، فانها ستستطيع حينئذ ان تدخل الى سائر المجالات، فتنظّم برامجها بدقة للوصول الى اهدافها، وتتجنب المسائل التافهة التي تشغل فكر الانسان فتمنعه من التخطيط للمستقبل والبرمجة للحياة.



3- الجدّية في تذليل العقبات، وبالاضافة الى الابتعاد عن الصغائر. فان المرأة بحاجة الى الجدية في تذليل المشاكل، لان البعض قد يخطط للتغلّب على المشاكل، إلا انه سرعان ما يتراجع فور مواجهته للفشل، فينهزم نفسيا، وييأس من روح الله. في حين ان اليأس ذنب عظيم يرتفع الى درجة الكفر كما يقول تعالى: « وَلا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون » (يوسف/87)



وكذلك الحال بالنسبة الى المرأة فان عليها اذا دخلت ساحة العمل ان تبرمج لنفسها، وتكون جدية في تذليل العقبات امام مسيرتها المقدسة، حتى تسير مع الرجل جنبا الى جنب في خدمة الرسالة الالهية، والوقوف في وجه الجاهلية الحديثة حتى دحرها باذن الله.




المرأة في مجتمع الرسالة




من ابرز ما يتميز به الدين الاسلامي؛ منه شمولية المبادئ لجميع الحقول، وعلى كافة الاصعدة والمستويات، وفي شتى المراحل المتواصلة للحياة البشرية.



وتتجلى لنا هذه الحقيقة في القرآن الكريم، حيث نجده يخاطب عقل النبي الاعظم صلى الـله عليه وآله بصفته العقل الأوسع والأكبر، كما انه يخاطب في الوقت ذاته عقل الطفل الذي لايكاد يميّز بين الكثير من الامور. فالنبي صلى الله عليه وآله ينتفع من القرآن، ويستشف منه اعظم المعاني وابلغ العبر، وكذلك الطفل يستفيد من هذا الكتاب العظيم حسب قدراته الذهنية ومداركه.



وعلى هذا فان الآيات القرآنية هي كالسحب التي يسقي الله تعالى بها الارض؛ فهي مرتفعة ساميـة تهطل على الوديـان والهضاب والسهول، كما تروي قمم الجبال وسفوحهـا. وكلام الخالق جل وعلا مرتفع ايضاً، وعندما يفيض نوره، وينبعث هداه يشمل ويحيـط بالجميـع.



وهذه الحقيقة تمثل تجلي طبيعة الاسلام؛ فهي تعاليم وواجبـات على الجميع؛ وتربية وقيم لكلّ الناس، ابتداء من الطفل الصغير الحديث الولادة، وانتهاء بالشيخ الكبير الواقف على اعتاب الموت، كما انها تشمل المرأة والرجل بلا استثناء.



فحينما يأمرنا الاسلام بطلب العلم، ويحثنا على السعي فيه، لم يحصر هذا الأمر بالرجل دون المرأة، بل هو طلب شمولي لكل جنس الانسان. لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وآله: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ([3]).



وكذلك حينما يدعوا الاسلام الى فريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لم يفرق بين الرجل والمرأة في تحمل مسؤولياتهم في هذا المجال. وقد قال ربنا عز وجل: « وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَولِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» (التوبة/71).



ان هذا الاسلوب الشمولي لايؤدي الى تقوية العمل السياسي فحسب، وانما يعمل على تمتين اواصر الحياة الاجتماعية. وعلى سبيل المثال فعندما يريد رجل سياسي -في ظل المذاهب الوضعية- ان يهاجر لأجل ان يتمتّع بحرية سياسية اكبر، وتطرح امامه احتمالات الاعتقال و السجن والاغتيال، فاننا نراه لايستطيع اقناع زوجته وعائلته. لانهم سيقولون ان أمر العالم لايعنينا، بل تعنينا انفسنا فحسب. وبهذا الاسلوب يخاطبه اهله، ولذلك فانه يلاقي صعوبة في تحركه من بيته، وانطلاقه للعمل لوجود الاغلال الاجتماعية التي تمنعه من ذلك.



هذا في حين ان الانسان المؤمن على العكس من ذلك تماما. فهو عندما ينطلق فان زوجته واهله واقاربه هم الذين يشجعونه، ويدفعونه الى العمل والتحرك والتضحية في سبيل الرسالة الاسلامية.



وهكذا فان لغة القرآن هي تلك اللغة التي تنسجم مع طبيعة جميع افراد البشرية، ولذلك نرى المسلمين حقا يشجّعون ابناءهم على الانطلاق والتحرّك؛ الأمر الذي يجعل الإبن لايشعر وهو في المعتقل بوخز الضمير، والندم لعلمه. ان اهله يقدرون موقفه، ويذكرونه بالدعاء له دوماً.



اما الرساليون الذين يعيشون في بلدان المهجر فان اهاليهم لايشعرون بحرج -بدورهم- لعلمهم ان ابناءهم قد ذهبوا لأداء مهام رسالية. وانهم بذلك يدفعون ثمن الجنة، لأنهم يتحملون مسؤولياتهم الرسالية. اما الزوجة او الأم فانها تتحمّل مسوؤلياتها عبر تربية الاولاد، والقيام بمهام البيت.



ان الروح الرسالية لبعض النساء كان لها الأثر الكبير، في الدور الذي أداه الائمة عليهم السلام على مدى التاريخ. فعلى سبيل المثال فان الامام موسى بن جعفر عليه السلام -شأنه في ذلك شأن سائر العترة الطاهرة- شبّ على اجواء التحرّك في سبيل الله عز وجل، على الرغم من كونه اكثر الأئمة عيالا، وبالرغم من تكالب المشاكل السياسية عليه، وبالرغم -وهو الأهم- من ان كبريات المصائب والبلايا قد توالت عليه الا وهي مصيبة السجن؛ فلقد انصرم عمره الشريف متنقّلاً بين معتقلات وسجون العباسيين غير شاك ولامتذمر. فلقد رضي بالسجن محرابـاً للعبادة، والتقرب الى الله تعالى.



وفي غمرة هذه المراحل الحرجة المتأزمة التي مرّ بها هذا الامام الصابر، لم نسمع يوما ان زوجة من زوجاته قد اعترضت مسيرته الجهادية هذه، بل ان كلا من زوجاته وبناته واولاده واقاربه كانوا ملتزمين بخطه، وسائرين على هداه. وهذا ما تؤكّده لنا احاديثه عليه السلام وأدعيته التي لم يذكر فيها قط ولم يشر الى تململ من ضغط عائلي، أو تضجّر مما قد يعانيه اهله من مرارات الفراق بعده.



والسبب في ذلك ان التربية الاسلامية علّمت المرأة كيف تقوم وتنهض بأعباء المسؤولية كاملة، دون اظهار أية بوادر للجزع، وامارات للضعف.



وهكذا الحـال بالنسبـة الى الامام الحسين عليه السلام، فقـد كان هـو واهل بيته يمثّلون قمة الفضائل والمكارم. وقد تجلت هذه الصفات الاخلاقية السامية بشكلٍ جلي إبان ملحمة عاشوراء.



وموقف بطلة الطّف السيدة زينب عليها السلام في ليلة الحادي عشر، وهي تشير الى جثمان اخيها الشهيد قائلة: ربنا تقبّل هذا القربان من آل محمد صلى الله عليه وآله؛ هذا الموقف هو اوضح دليل على ذوبان اهل البيت في العقيدة الاسلامية. والادوار التي ملأت بها هذه المرأة الشجاعة اطار ملحمة كربلاء، هي اكثر من ان تحصى او توصف بكلام.



وهكذا الحال بالنسبة الى جميع نساء أهل البيت عليهم السلام في كربلاء، فقد كنّ القلعة المنيعة للثلّة المؤمنة التي نزلت الساحة الدموية المحتدمة لاتلوي على شيء، لعلمها ان هناك وراءها زوجات وامهات واخوات، بل وحتى اطفالا هم في مستوى التحدّي، بل وارفع واسمى منه، لايرتضون لهم العودة إلا بالشهادة. فكانوا يتواثبون بقلوب مؤمنة، ويهرعون الى القتال بشوق، وهم موقنون انهم قد خلّفوا وراءهم اهلا لايتململون من آلام الأسر، ولا تحرفهم مرارة الآلام عن جادة الحق والصواب.



نعـم؛ فهذه هـي حالـة الشموليـة فـي الاسـلام، والتي تعني قيـام كل انسان مسلم بدوره الاولي في الدفـاع عن حريم الرسالة ونصرة المجاهدين. الأمر الذي يجعل كل فرد من افراد المجتمع الاسلامي بأنه يندفع و ينطلق من نفس المبدأ، الذي ينطلق منه الرساليون، ويجعل ذات الفكر والقيم والتوجهات الاسلامية التي يحملونها والتي تحدو بأي شاب مسلم ان يتحرك من بلد الى آخر، حتى وان تعرض للصعوبات والمشاكل.. وهذه التوجهات والقيم والمبادئ والاوامر الالهية هي التي تنفخ روح النهضة في زوجته أو أمه أو أخته، وتحرضها على الصمود في وجه المشاكل، وتدفعها الى القيام بأدوار اساسية في العمل في سبيل الله تبارك وتعالى.



واليوم علينا ان نعرف ان العدو استطاع ان يكتشف هذه الميزة المهمة للرساليين. فالاستعمار يستخدم وبصورة مجزأة قوة الجماهير ومن مختلف القطاعات في سبيل دعم قوّته الشيطانية، ومن ضمن هذه القطاعات القطاع النسوي.



ومن هذا المنطلق فقد عمدت الانظمة والحكومات العميلة المعادية للصحوة الاسلامية الى تعبئة الطاقات النسويّة، وصبّ هذه الطاقات في مجالات لاتخدم بأي حال من الاحوال الرسالة الاسلامية. فقاموا بتأسيس الاتحادات النسويّة التي هي في الحقيقة بؤرة موبوءة بانواع المفاسد الاجتماعية، وتضمّ بين طيّاتها مجموعة من النساء اللواتي ليس لهنّ أية علاقة بالقضايا الالهية.



وبعـد تركيـز العمـل، وتعبئـة الطاقـات دخل قسم كبير من النساء المسلمات في هذه الاتحادات طوعا وكرها. وقد راحت بعضـهن يدافعن عن الانظمة الجاهلية، ويسندن الباطل..



والسبب في ذلك ان الجاهليين المجرّدين من الافكار الالهية الاصيلة، اخذوا بزمام المبادرة وعملوا على تثبيت مواقفهم.. اما الاسلاميون فقد تراجعوا وتلكّأوا وتقاعسوا، وحاولوا ان يقنعوا المرأة بأن البيت هو افضل مكان لها، ورضت هي بدورها بقرار لم يكن لها ايّ يد في اصداره.



ونتيجة لتلك الجهود التي بذلتها الحكومات والانظمة المعادية للاسلام، والمتمثلة في إلهاء المرأة، واقحامها في مجالات غير تلك التي عيّنها لها الله سبحانه وتعالى. فقد انشغلت عن ادارة شؤون البيت، والقيام بمسؤوليتها المتمثلة في دعم مسيرة الرجل الرسالية، لتنهمك في الأمور التافهة من قبيل الجري وراء الكماليّات، والحياة المرفّهة. وهي في هذا المجال لايهمّها من اين يحصل الزوج على الأموال التي تؤمن تلك الاحتياجات الكاذبة.



ومن المؤسف ان نرى هذه الظاهرة منتشرة عند بعض الاخوة الرساليين. فقد كان الواحد منهم يفكّر في كيفية القيام بالمشاريع الجهادية، اما الآن فانه اصبح يفكّر في كيفية الخروج مع زوجته للتنزّه والترفيه، أو أن يفكّر في كيفية تلبية رغبات زوجته وتهيئة وسائل الرفاه والرخاء لها!



ان على المرأة التي تمارس على زوجها شتى انواع الضغوط، ان تفكّر بان له طاقة محدودة لايمكن ان تدوم من اجل تحقيق طلباتها الخيالية؛ وعليها ان تدرك ايضاً انه لايستطيع ان يوفّق بين مهامه الرسالية، ومشاغل البيت بشكل كامل. فالحياة تكتنفها الصعوبات، وخصوصاً بالنسبة الى المجاهدين والمهاجرين الذين يريدون ان يطوّروا المسيرة الجهادية، ويعطوا من انفسهم الكثير.



ومن هنا اذا ما أرادت المرأة ان تقدم العون لزوجها العامل في سبيل الله، فعليها ان تتبع اسلوب التقشّف والاقتصاد في حياتها، لكي تسهم بذلك في تخفيف الضغط المعاشي على زوجها.



فالمرأة انما تعتبر زاهدة اذا عرفت كيف تدير البيت، وتدبّر امور المعيشة، دون ان تجعل الرجل محتاجا الى القيام بأعباء هذه الامور لوحده اما اذا فعلت العكس، فلن تكون -عندئذ- تلك المرأة الزاهدة المتقية.



ولا يغيب عنا؛ ان وجود النساء الميّالات الى البذخ والترف لايدعن رجال الأمة ان يساهموا في بناء كيانهم الرسالي، ويسلبن منهم تطلعاتهم في الاعمار..



وعلى هذا يجب تكثيف الجهود والتوجهات حيال القطاع النسوي من المجتمع؛ سواء كان متمثلاً بالأم أو الزوجة أو الأخت أو البنت.. وذلك من خلال تزويد هذا القطاع بالتربية الاسلامية، وتركيز الأفكار والرؤى الرسالية في.. كل ذلك لأجل أن يتمتع النصف الثاني من المجتمع بالوعي والنباهة، وبذلك لا يفقد دوره في مسيرة نهوض الأمة وتقدمها.




عقبات في طريق المرأة




ان الاسلام يؤمن بان مسؤولية المرأة هي كمسؤولية الرجل، ولذلك فان القرآن الكريم يطلق خطاباته لتشمل كلاّ من الرجل والمرأة؛ فهو اما ان يقول يا أيها الناس او يا أيها الذين آمنوا . ومن المعلوم ان تعبيري الناس، والذين آمنوا، ينطبق على الانسان بصورة عامة بغضّ النظر عن كونه ذكرا ام انثى.



وهكذا فان الخطاب القرآني موجّه الى كل الناس، سواء كانوا رجالاً أم نساءً، ومن الخطأ ان نخصص المسؤوليات الدينية بالرجال. ومثل هذا التصور المغلوط هو افراز لعهود التخلف والانطواء، والهروب من المسؤولية، والغَيبة عن الساحة. فالكثير من المسلمين يتصورون خطأً ان النساء غير مسؤولات عن الواقع الاجتماعي، في حين اننا نرى ان المرأة طيلة تأريخنا الاسلامي المديد كانت تشارك الرجل في كل المجالات الاجتماعية بلا استثنـاء؛ والمثال الواضح على ذلك خديجـة الكبرى سـلام الله عليها، وفاطمـة الزهراء عليها السلام، و العقيلة زينب عليها السلام وغيرهنّ من النساء اللاتي اشتركن بشكل مباشر في العمل الرسالي والنشاط النهضوي، وكنّ شاهدات علـى ان الاسـلام يدفع المرأة للمساهمة في تحمل المسؤوليات الاجتماعيـة والتربـويـة.



وحتى في عصرنا الحديث نرى ان المرأة قـد قامت بين الحين والآخـر بأدوار جبارة؛ والمثال الواضح على ذلك، ثورة العشرين في العراق التي ساهمت فيها المرأة المسلمـة مساهمة فاعلـة؛ وثـورة التنباك في ايران، والتي يروي لنا التأريخ ان المرأة هي التي فجّـرت هذه الثورة، حيث خرجت في اليوم الأول تظاهرة نسائية ضد ناصر الدين شاه في طهران.



اما في عهود التخلف التي لم تشهد قيام أية نهضة، فقد كان المجتمع يوحي للمرأة ان عليها ان تجلس في البيت فحسب.



لا شك؛ ان هناك ثمة عقبـات تعتري دور المرأة، وتحد من مشاركتها في الاعمال التي يقـوم بها الرجل والمسؤوليات الملقاة علـى عاتقه. ومن تلك العقبات ما يلي:


1- الضغوط النفسية والاجتماعية:




ان النساء قد يشتركن احيانا في بعض الاعمال، ولكن خلفية الجمود والجبن، وعدم الشعور الكامل بالمسؤولية.. هذه الخلفية تمارس الضغط عليهنّ.. حالهنّ في ذلك كحال الانسان الذي يريد ان يتسلق مرتفعاً، ولكنه يحمل معه حملاً ثقيلاً. فمن جهة نرى ان عنده اندفاعاً للصعود، ومن جهة اخرى نرى ان الثقل يحاول ان يسحبه ويبطئ من حركته. فالمرأة في مجتمعاتنا تحاول ان تعمل وتتحرك، ولكنّ المجتمع يقف حائلاً دونها.



وفي بعض الاحيان نرى الثقافة التبريرية هي المترسخة في ضمير المرأة، فهذه الثقافة توحي اليها أن ليس من الواجب عليها ان تعمل شيئاً.


2- الزواج ومسؤوليات البيت:




قد يؤدي الزواج بالمرأة المسلمة العاملة الى تحديد نشاطها، أو انسحابها منه بشكل كامل، بسبب عدم قدرتهنّ على التوفيق بين مهام الزواج ومسؤوليات العمل الرسالي. فهناك الكثير من النساء كن يعملن ويجاهدن، وكانت الواحدة منهنّ تمثل كتلة من النشاط والتحرك، ولكنهنّ -للاسف الشديد- لم يعـرفن كيف ينتفعن من الزواج ويحـوّلنه الى باب للمزيد من العمل والنشاط، والجمع بين العمل البيتي والعمل في سبيل الاسلام.



وللاسف فان القسم الاكبر من نسائنا يتصورن ان مهمّتهنَّ في الحياة تتلخص في الاهتمام بالبيت والزوج والأولاد.. وهذا تصور صحيـح، شريطـة ان لاتطغى هذه المهمة على جـميع جوانب حياتها، فعلى الانسان ان يوفّق بين جوانب حياته المختلفة.


3- الجوانب الخلقيّة المبالغ فيها:




ومـن المشاكل الأخـرى التي تقف عقبة في طريق مشاركة المرأة في ساحة العمل؛ الجوانب الخلقيّة المبالغ فيها. فهناك البعض من النساء غير مستعدات لان ينتمين الى مجموعة عاملة من النساء يديرها احد الاخوة المؤمنين ويستصعبن على أنفسهن ذلك، لتصورهن ان هذه الحالة تسلبهن شخصيتهن. في حيث ان العمل مع اخوة مؤمنين يكرس شخصيتهم وينميها.



اضف الى ذلك فان طبيعة العمل الرسالي تقتضي ان تتوزّع المهام، وان تكون هناك عناوين واسماء يعمل الانسان من خلالها. كما يتطلب التفاعل مع من يتصدى لشؤون العمل.



4- عدم معرفة الاساليب المناسبة للعمل:



عدم معرفة المرأة لأساليب العمل المناسبة لها. فهناك البعض من النساء يتصورن ان الابواب مغلقة امامهنّ، ومن الطبيعي ان المجتمع يحاول هو بدوره ان يغلق هذه الابواب في وجه المرأة، لان فمجتمعاتنا لا زالت تعاني من التخلف الكثير الكثير. والذي يزيد الطين بـلّة، ان المرأة تتهيّب و تستصعب عملية فتح تلك الابواب، والمبادرة الى دخول المجالات الكامنة وراءها.



وهكذا فان الكثير من الاعمال بحاجة الى ارادة واندفاع وشجـاعة، لكي يستطيع الانسان ممارستها وفتح ابوابها المغلقة. الا اننـا - للاسف -



لا نبادر الى ذلك بحجة ان الآخرين لم يبادروا إليه.



واذا ما سلّمنا جدلاً بأن المرأة لاتستطيع اقتحام المجـالات المغلقة امامها، فانها تستطيع -على الأقل- ان تساهم بشكل فاعل في حقول العمل المفتوحة أمامها؛ من مثل التأليف والعمل التعليمي... فمثل هذه الاعمال وغيرها من الممكن للمرأة ان تمارسها دون ان تخلّ باعمالها المنزلية.



ومن جملة الاعمال الاخرى التي تستطيع المرأة المسلمة ان تزاولها دون ان تصطدم بأية عقبة؛ عملية تربية النساء الاخريات وارشادهن. وبالطبع فان هذه العملية بحاجة الى شجاعة وصبر من قبل المرأة التي تمارسها. فالانسان الذي يريد ان يوجه الآخرين يجب عليه ان يتحمل الصعوبات اكثر من غيره. والمرأة يمكنها ان تقوم، ولاسيّما في المراحل الاولى من العمل بتوجيه مثيلاتها من النساء، وان تتحمل في سبيل ذلك الصعوبات المتمثلة في الحواجز النفسية التي هي من افرازات عهود الجهل والتخلف.



وحينما ندعو إلى ازالة هذه الافرازات، والقضاء على التحجّر، يجدر ان نتسلّح بشجاعة بالغة وارادة قوية ومثابرة عالية وعدم الشعور بالتعب..



وعلى هذا؛ فان القضيـة المهمّـه التي يجـب التوجـه إليها بجـديـة هي قضية مقاومة الرواسب الجاهلية، وضغوط الشهوات. لأجل أن تأخذ المرأة مكانتها الطبيعية في المجتمع.




المرأة حرة؛ تلك مسؤولة




ترى كيف يتعامل الله سبحانه وتعالى مع عباده بقضائه، وكيف يحقق ارادته في اعطاء الملك للمستضعفين في الارض؟؟



ان لذلك تفصيلاً يبيّنه القرآن الكريم، ومن خلال بيانه للتفاصيل يوضح لنا فلسفته ورؤيته العامة تجاه الحياة.



والحقيقة التي يؤكد عليها القــرآن في هذا المجـال؛ ان التاريـخ يُصنـع بحركـة الافراد، لا بحركة الجماعات. فالمجتمعات والشعوب ماهي إلا افراد يقومون بصياغـة التأريـخ، والدليل على ذلك قصـة النبـي موسى عليه السـلام. فهذا النبي العظيم كان يمثل شخصاً يتمتع بقـدرة التحدي، وكـان ينشر هذه القوة بين صفوف بني اسرائيـل الذيـن كانوا قوما مستضعفين لم يستطيعوا لوحدهم تحدي ضغوط فرعـون، بل انتظـروا مجـيء بطـل وقائـد لهم، فكـان النبي موسى عليـه السـلام.



هـذا فـي حـين ان المـذاهـب الاخـرى -كالمـاركسية- تـرى ان الجماهـير هي التي تصنع التأريـخ. وهذه رؤية خاطئة، لان الجماهير لايمكن ان تتزود بالوعي، إلا من خلال افراد يتحركون بين صفوفها، ويستقطبون طاقاتها. وقد صدق المؤرخ المعروف (ارنولد توينبي) عندما قال: ان التأريخ هو التحدي، والاستجابة لهذا التحدي من قبل الامم والشعوب، وبقيادة افراد من دونهم لايمكن ان تؤسس هذه الامم الحضارات.



من مدرسة الامهات:



والقرآن الكريم يؤكد دائما على ان هؤلاء الابطال الذين غيّروا مسيرة التأريخ قد تخرّجوا من مدرسة الامهات. فيذكر لنا مقاومة ام النبي موسى عليه السلام، لا رهاب فرعون وسلطته، وتحديها لقراراته الجائرة. كما يذكر لنا قصة الصديقة مريم بنت عمران عليها السلام ومعجزة ولادتها للنبي عليه السلام.. وغيرهن كان لهن ادوار مهمّة في تأريخ رسالات السماء، وهذه الأدوار تتمثل في بناء وتربية جيل من الابطال الذين يصنعون التأريـخ.



وللأسف فان البعض منا يتصور ان المرأة يجب ان تلازم بيتها ولا تفارقه ابداً، لان الله تعالى قد أوجب عليها الحجاب؛ ولان الحجاب واجب عليها، فيجب ان تبقى في بيتها، ويجب ان تتحـدّد مسؤوليتها في اداء امور وواجبات معينة لاتتعداها.



وهنـا لابـد ان نقول: ان المرأة حرّة، ولانها حرّة ومريدة ومختارة فهي مسؤولة عن كل خطأ يصدر منها، وعن جزء من الفساد الذي يظهر في المجتمع؛ وهي مسؤولة عن اصلاح وازالة هذا الفساد، لان المسؤولية مرتبطة بالحرية، وحيثما كانت الحرية والقدرة على الاختيار تكون هناك ايضاً المسؤولية.



الحجاب في القرآن:



ولقد ذكر القرآن الكريم كلمة الحجاب مرة واحدة، وذلك في قوله تعالى: « وَإِذَا سَأَلْتُـمُوهُنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرآءِ حِجَابٍ » (الاحزاب/53).



وفي موضع آخر اشـار القـرآن الى الحجاب في الآيــة التي تقـول: « وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى» (الاحزاب/33). هذا في حين انه تحدث عن الزواج في آيات كثيرة تربو على المائة.



ونحن نفهم من ذلك ان الشارع المقدس اراد ان يقيم العلاقة الاجتماعية الصحيحة بين الرجل والمرأة والتي من شأنها ان تجتثّ جذور الفساد.



فالحجـاب مهمّ وواجـب، ولكنـه لايشكل عقبة في طريق المرأة، ولا يمنعها من ان تتحرك وتقدم العطاء.



وللأسف فاننا نرفع الحجاب شعارا وتبريرا لتخلفنا، وسلاحا ضد مساهمـة المرأة؛ كما نرفع سائر الافكار والتصورات الخاطئة سلاحاً ضد مساهمة الرجل في بناء الحضارة والحياة.



ان الآيات التي تحدث فيها القرآن الكريم عن المرأة من زاوية وجوب الحجاب عليها، وحرمة التبرج؛ هذه الآيات تقع في سورة الاحزاب، وهي السورة التي خصصت لهذا الموضوع. فلنتأمل هذه الآيات لنرى كيف تحدث القرآن الكريم عن الحجاب:



« يَـا نِسَآءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِـهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيمًا * يَآ نِسَآءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَءَاتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ اِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً * اِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّآئِمِينَ وَالصَّآئِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُم ْوَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِـرَاتِ أَعَـدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْـراً عَظِيمًا » (الاحزاب/30-35)



ونحـن نلاحـظ في الآيـات السابقـة ان القرآن الكريم تحدث عن الحجاب على ضوء الامور الاخرى التي تطرق اليها، كالعلاقة بين رسول الله صلى الله عليه وآله، وبين نسائه في مجال الدعوة الاسلامية. كما ونلاحظ انه بعد ان تحدث عن الحجاب اشار مباشرة الى اشتراك المرأة والرجل في القيام بالواجبات الدينية، فأوضح النقاط المشتركة بين الرجل والمرأة. فكيف يحق لنا ان نغضّ النظر عن هذه الامور المشتركة، ونركّز على نقاط الاختلاف، فننظر الى الحجاب نظرة مغلوطة نستهدف من خلالها ان نبعد المرأة عن مسؤولية القيام بواجبات الحياة.



وحتى فيما يتعلق بالجهاد، فاني لم أجد آية تدل على ان الجهاد مختص بالرجال. صحيح ان الجهاد كان مقتصرا في عصر النبي صلى الله عليه وآله على الرجال، ولكن هناك ظروفا معينة قد تستوجب ان تشترك المرأة في عملية الجهاد من خلال القنوات المناسبـة لهـا، كما تشهـد على ذلـك مـواقف فاطمـة الزهـراء عليها السلام، وزينب الكبرى عليها السلام.



وهكذا فان علينا ان لانلغـي دور النساء، وان لانطلب منهن ان يكتفين بادارة شؤون البيت ليتحمل الرجـل وحده تبعات الحيـاة.



وللأسف فان هذه الفـكرة جاءت لتتلائم مع حـب نسائنا للراحة، وانسجاماً مع الثقافة التبريرية الشائعة في اوساطهن..، فتخلّصن من مسؤوليـة الامـر بالمعـروف والنهي عـن المنـكر، والقيـام بالواجبات الاخرى.. لذا جلسن في البيوت منتظرات ان يأتي رزقهن لهن رغداً.



صحيح ان واجبات البيت كانت في السابق اضخم، واكبر من واجبات خارج البيت. ولكن المرأة اليوم توفـرت لها كل وسائـل الراحة، والاجهزة الحديثة التي من شأنها ان تعينها على القيام بواجبات البيت في اقصى سرعة، واقل جهد ممكن؛ فهل هنالك عذر بعد هذا؟



أين يتجسّد دور المرأة؟



وعلى هذا يجدر بالمرأة في مثل هذه الاحوال ان تقوم بأي دور مـن الادوار، التي تسهم في عملية الاصلاح الاجتماعي. إلاّ اننا -للاسف- لانهتم بهذا الجانب، الذي هو من أهمّ الجوانب التربويــة والاجتماعية. فالمـرأة بامكانها ان تعلّم اولادهـا الكثير مـن دروس التربيـة السليمـة، اما المرأة التي لا همّ لها سوى الغيبة، والنميمة، وتوجيه التهم والافتـراءات..، فكيف مـن الممكن ان تـربّي اولادها التربية الصحيحة، وكيف تستطيع ان تخرّج الاجيال المضحية البطلـة؟



انها في هذه الحالة سوف لاتخرّج إلا أجيـالا متقاعسة، كسولة، لا همّ لها سوى اثارة الفتن والمشاكل الاجتماعية، والانغماس في الامور الجزئية التافهة.



ان مثل هذه الافكار والسلوكيات يجب ان تحذف من حياتنا، لنبدأ حياة جديدة؛ حياة المرأة الرسالية كما يريدها الاسلام، وان لا نفرق بين الرجل والمرأة، إلاّ في الامور التي نص عليها الاسلام؛ كالحجاب، والتبرج، وما الى ذلك.



ومن هنا نعود لنؤكد على ان دور المرأة في المسؤولية هو كدور الرجل، لان المسؤولية -كما قلنا- مرتبطة بحرّية الانسان، والمرأة حّرة. فهي -اذن- مسؤولة تمامـاً، كما هو الحال بالنسبة الى الرجل.




عن المرأة و العمل الاسلامي




من المعلوم ان النظرة الاسلامية الى الحياة هي نظرة شاملة؛ فالاسلام لايرى أي فرق بين ابناء البشر مهما كانت انتماءاتهم العنصرية والاجتماعية، اللهم إلا بعض الفوارق التي ترتبط بطبيعة التنظيم الاجتماعي؛ من مثل قانون الولاية، حيث للأب - على سبيل المثال- الولاية على اسرته، والامتيازات التي اعطيت للرجل على المرأة، او للمرأة على الرجل..



ومع ذلك فان ابتعاد المسلمين عن الثقافة الاسلامية الاصيلة، وسوء فهمهم لها، كان لهما الأثر الأكبر في ترسّخ الكثير من المفاهيم المغلوطة حول الاسلام في اذهانهم. فلقد توغلوا في بعض الافكار والعادات الجاهلية، فقالـوا: ان المـرأة شرّ لابد منه، وفضلوا الرجل عليها... وكل ذلك كان نوعاً من الابتعاد عن الاسلام، اعقبتـه موجة غربية حوّلت هـذا الفعـل الى ردّ فعـل. فظهـرت فئـات تطالب بـ (حقـوق)



المرأة، وكأن حقوق المرأة مهضومة في الاسلام!



ومن ضمن الفروقات والتبعيضات التي أفرزتها حالة الابتعاد عن الاسلام فيما يخص المرأة؛ تحديد المسؤولية بالرجال، وخصوصاً الشباب المثقفين، سواء المسؤولية السياسية ام الاقتصادية ام الدينية.. ومثل هذه الثقافة ماتزال رواسبها في نفوس الكثير من الرجال والنساء الذين يرون ان دخول المرأة في مجالات العمل الاسلامي انما يعني تجاوز حدودها، والخروج من تعاليم الاسلام. وهذا النوع من التفكير ينسجم مع الطبيعة التبريرية لشعوبنا؛ فالمرأة ليس من حقها التدخل في السياسة، كما ليس من حقها ان تدخل في أي مشروع اجتماعي..



وهذه الثقافة التبريرية أدت الى ظهور السلطات الظالمة في بلداننا. فشعوبنا تتهرب من المسؤولية باسم او بآخر؛ فالبعض يتذرعون بانهم طاعنون في السن، وآخرون يبررون عدم تدخلهم لصغر سنهم. اما النساء فيتذرعن بانهن امهات او زوجات، وآخرون يقولون اننا آباء... وبذلك بقيت الحكومات الظالمة متسلطة على رقابنا. اما اذا شارك الجميع في تحمل المسؤولية، واندفعوا في مجالات العمل والنشاط، فحينئذ سوف لايعود بامكان أي أحد ان يختلق الاعذار والتبريرات، وبالتالي فان الانظمة الطاغوتية سوف تتساقط الواحدة تلو الاخرى.



وللمـرأة المسلمـة اسوة حـسنة في هذا المجـال بالمرأة الايرانية ايام الثورة الاسلامية. فقد كانت النسوة الايرانيات يشتركن في التظاهرات وهنّ يحملن اطفالهن الرضع، معرّضات أنفسهن وأطفالهن لرصاص نظام الشاه المقبور. وهذا يعني ان المرأة الايرانية المسلمة كانت قد قطعت علاقاتها بالدنيا بشكل كامل.



وهذه البطولات قد استلهمتها المرأة المسلمة من واقعة الطف، عندما حمل ابو عبد الله الحسين عليه السلام طفله الرضيع وتقدم باتجاه العدو، فما كان من الاعداء القساة القلب إلا ان امطروا هذا الطفل البريء بوابل من سهامهم الحاقدة؛ ليفهمنا الامام من خـلال موقفه البطولي هذا، ان دماء أطفالكم ليست بأزكى من دماء طفلي.



لقد أقمنا المجالس الحسينية مئات السنين، وذرفنا الدموع على علي الاصغر، وهذه الدموع يجب ان تكون ذات جدوى وفائدة، وان تتحول الى مواقف سلوكية وعملية. وفائدتها تتمثل في ان يدفعنا موقف ابي عبد الله عليه السلام الى التضحية، حتى بأطفالنا الرضع في سبيل الاسلام.



وهكذا فان المسؤولية الكبرى الملقاة الآن على عاتق المرأة المسلمة؛ ان تدخل ساحة الجهاد. فالاسلام لاتقتصر احكامه على الصلاة والصوم والحج والزكاة وما الى ذلك من عبادات، بل يجب ان نضيف الى ذلك التقوى التي هي شرط قبول تلك العبادات، كما يقول ربنا تبارك وتعالى: «إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ» (المائدة/27). والتقوى تعني تطبيق جميع الاحكام الاسلامية، ومن اهم هذه الاحكام اليوم الدفاع عن الاسلام، واقامة وحدانية الله تعالى وجعل كلمة الله هي العليا وهذا لا يمكن الا من خلال اسقاط الطواغيت.



والمرأة ليست معذورة في عدم تحملها لمسؤولية العمل في سبيل الله. فهذه المسؤولية لاتقتصر على الرجال فحسب، كما انه ليس من الضروري ان يعطي الرجل للمرأة الضوء الاخضر للمشاركة في ذلك، بل عليها ان تبادر من تلقاء نفسها. فهي ليست معذورة في عدم اداء مسؤوليتها في الدفاع عن الاسلام اذا ما منعها والدها او أخوها او زوجها. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . كما يقول الامام أمير المؤمنين عليه السلام.



وفي القرآن الكريم آيات كثيرة توبّخ الكافرين، لانهم اتبعوا آباءهم بالباطل. وعلينا نحن ان لانكون مصداقـاً لهذا التوبيخ.



وبالطبع فاني لا اقصد هنا ان نخرج عن المألوف، وان نرفع عقيرتنا بصرخات الاحتجاج ضد اولياء امورنا بل علينا ان نتبع الحكمة في ذلك من خلال ارضاء اوليـاء الأمور بطريقة او بأخرى. ولكن جوهر الامر -وهو خدمـة الاسـلام- لا يمكن ان يسقط بأي حال من الاحوال. فنحن لسنا معذورين في ترك العمل الرسالي اساساً، بحجـة ان اولياء امورنـا لايوافقـون على مشـاركتنا فيه؛ لان هذا العمل هو بمنزلة الصلاة والصوم وسائـر العبادات الواجبـة.



والمرأة باستطاعتها ان تقوم باعمال رسالية كثيرة؛ كالتوجيه الديني والاجتماعي، وتقديم الخدمات الاجتماعية.. ولكن -وللاسف الشديد- فان مشاركة المرأة المسلمة ضئيلة حتى في هذه المجالات، رغم ان باستطاعتها ان تجمع بين عملية ادارة شؤون البيت والقيام بتلك الاعمال. اما ان تجلس وتنثر الكلمات والعبارات التبريرية السلبية، فان كل انسان من السهولة عليه ان يفعل ذلك، فيلغي قدرته، ويجمّد مواهبه وطاقاته. وهذا هو ما أراده الاستعمار لنا. فلقد استهدف ان يسلب ايماننا بأنفسنا، وقدراتنا ونشاطنا..



وهكذا فان على المرأة المسلمة ان تفجر طاقاتها، وان لاتكون حبيسة بيتها، وتقيّد نفسها بالاوهام والمخاوف من اقتحام الساحة الاجتماعية والسياسية؛ وذلك من خلال الاقدام، وتدريب نفسها على تلك الاعمال، وتنمية مواهبها. فعليها ان لاتنتظر احداً ليعظها ويوجّهها، فالانسان يجب ان يكون المربي الاول لنفسه.



وهاهو ذا القرآن موجود بين ايديهن، وبامكانهن ان يربين أنفسهن في هذه المدرسة العظيمة، بالاضافة الى الاحاديث والادعـية. وبعد هذه المرحلة؛ أي مرحلة التنمية الذاتية، عليهن حينئذ ان يتوجهن الى النساء الاخريات من خلال اقناعهن بضرورة العودة الى ساحات العمل عبر الاساليب المختلفة. وخصوصاً الامهات، ذلك لان المرأة عندما تصبح أمّا فانها تجد لنفسها مجالا اكبر للتبرير والتملّص من المسؤولية بحجة ان مسؤولية، ادارة شؤون البيت، واداء حقوق الزوج، وتربية الاطفال تقع عليها. في حين ان بامكانها ان توفق بين هذه الاعمال، وبين اداء العمل لدينها ورسالتها.



وبهذا الاسلوب عـلى المرأة ان تدخل الساحة، فتخرج بذلك من جمودها. وبالتالي من اطار الثقافة التي حددتها وسلبت منها ثقتها بنفسها، وايمانها بطاقاتها وقدراتها. وعندما ينوي الانسان المساهمة والمشاركة في العمل الرسالي فان اللـه جـل اسمه، سوف يوفّقه ويهديه بدوره كما وعد بذلك قائلا: « وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا» (العنكبوت/69)



وحينئذ ستكتشف المرأة ان امامها سبلا كثيرة ومختلفة بامكانها ان تقتحمها، وان تقوم بدورها فيها. فهي تستطيع ان تمارس الكتابة، والخطابة، وان تسهم في دعم الثورات وتفجيرها.. وهذا ما يشهد به التأريخ القديم والحديث. فقد كان للمرأة الدور الفاعل في تأريخ صدر الاسلام، بل وفي التأريخ الاسلامي برمته. فلماذا -اذن- لاتشترك المرأة المسلمة المعاصرة في العمل الرسالي اسوة بالرجل، وهذا تاريخنا الاسلامي المشرق قد لعبت فيه المرأة دورا فاعلا في تسجيل ملاحمه وبطولاته وصوره المضيئة المشرقة؟



ترى اين المرأة المسملة المعاصرة من النساء اللاتي سطّرن الملاحم والبطولات الخالدة عبر التأريخ الاسلامي المديد، مثل فاطمة الزهراء عليها السلام، وزينب، وخديجة الكبرى، وأم سلمة..؟ انها للأسف الشديد جـالسة في البيت، خـانعة فيـه، منطوية على نفسهـا، منشغلة بالامور التي لاتغني ولا تسمن من جوع.



ان على المرأة ان تجرب العمل الرسالي يوما، وحينئذ سوف تكتشف كيف انه سينقذها من الفراغ الثقافي واللاهدفية في الحياة.. كما انه سيجعلها تعكف على تربية نفسها، وتنمية مواهبها، وتفجير طاقات النساء الاخريات اللاتي يعشن في الوسط الذي تعيش فيه، وتعبئة هذه الطاقات في طريق العمل الاسلامي جنبا الى جنب طاقات الرجل. وبذلك سوف تشعر بوجودها فتصنع الكثير من الاعمال والانجازات..




المرأة الشاهدة على عصرها




من الظواهر المؤسفة في الساحـة الاسلامية، ان امتنا بما تملك من طاقات وقوى بشرية هائلة، لاتزال غائبة عن الساحة السياسية؛ سواء في ادارة شؤونها، أم في المساهمة الفعالة في تقرير مصير العالم.



/ 4