الانتفاضة الشعبية في العراق <p/> الاسباب والنتائج - إنتفاضة الشعبیة فی العراق نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إنتفاضة الشعبیة فی العراق - نسخه متنی

سید محمد تقی مدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






الانتفاضة الشعبية في العراق


الاسباب والنتائج


حاضر العراق ومستقبله


بنظرآية الله السيد محمد تقي المدرسي


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة


ثلاثة وعشرين عاماً من المسخ والتشويه لمعدن الشخصية العراقية،لم تكف في التأثير على هذا المعدن فلقد.. حاول النظام طوال هذه الفترة أن يكسو الشخصية العراقية بغطاء سميك من الخوف والتردد..وفعلاً بدا أن ذلك للوهلة الأولى قد أصبح ساري المفعول ، لكن تتابع الأحداث التي أدخلت الشعب العراقي في حربين متتاليتين وخاسرتين خلال عقد واحد من الزمن ،أضعف سمك هذه الغطاء رويداً رويداً حتى أصبح هشاً .. وحينها اشتعل فتيل الانتفاضة بما يدل على رشد ونضج معين وصلت إليه هذه الشخصية .


وهذا الرشد والنصج لم يأتي على طبق من ذهب للشعب العراقي ، بل جاء على أنهار جارية من دماء الطليعه ودماء كل معارض شريف رفض نظام صدام ، أو فكر في رفضه ، وبالاضافة الى هذه الدماء ، فان سجون النظام التي امتلأت بنصف مليون تقريباً أدخلت الرعب في كل بيت والى كل اسرة ..لذالك فان التعايش بين النظام وبين الشعب العراقي غير معقول ، لأن الحدود الفاصلة بين الطرفين من الدم ومن السجون ومن التشريد .. وهذا يجري في عروق كل مواطن عراقي .


بعد هذا جاءت الانتفاضة المباركة داخل العراق مع قرب حلول شهر رمضان المبارك ، لتعلن للعالم عدة دقائق كانت غائبة وراء ستار القوة والاعلام .. ونذكرهنا بعضها :_


1- انتفاضة الداخل :-انتفاضة الداخلية ، ولاشك في ذالك ، لأن الدمار الذي لحق بالشعب العراقي طوال حكم هذا النظام ..أنضج على نار هادئة قناعة واحدة لا مفرمنها عند عامة الشعب العراقي ، وهي ان سقوط النظام أمر حتمى ،ولكن الاعلام العراقي وكعادتة حاول الترويج الى أن الانتفاضة جاءت بمساعدة دولة خارجية واستمرار المؤتمرات تحاك ضد نظام صدام ، لكن هذا الزعم والادعاء يخالف كل ما يجري على الارض ، بدلالة الانتفاضة التي تفجرت في أغلب المحافظات العراقية وفي فترة واحدة ، واستطاعت خلال فترة وجيزة تحرير أكثر من عشرين مدينة ، بمساعدة بعض القوى النظامية التي رفضت اوامر القيادة العسكرية ، كل هذا انما يدل على ان الانتفاضة جاءت بامرالشعب وبقراره هو ، وحتى لو استطاع النظام اخماد هذه الانتفاضة لفترة ، الا ان تداعيات هذه الانتفاضة كفيلة باسقاط النظام خلال فترة ليست طويلة ، لا سيما اذا أدركنا ان رهان هذه الانتفاضة لم يكن على انتصار عسكري على القوات العسكرية للنظام ، لان ذلك غير معقول كما يعرف الجميع ، خصوصاً اذا عرفنا بأن القسم المبتلي من قوات الجيش العراقي هي قوات الحرس الجمهوري المعدة خصيصاً لحماية نظام صدام حسين فرهان الانتفاضة كان على اساس ايجاد نقمة شعبية عارمة تجاوزت حاجز الخوف و التردد .. وهذه النقمة سوف تتواصل -ان شاء الله- بصورة أو باخرى حتى يضعف النظام ، وبمعني آخر انه حتى لو توقفت الانتفاضة ، فانما هو بمثابة الرماد الذي يغطي الجمر ، لكنه لا يلبث ان يزول بمجرد هبوب رياح حتى لو كانت ضعيفة ، وهذا يعني ان النظام بدأ يتأرجح داخلياً.


2- مخاوف لا مبر لها ..من الملاحظ بعد بدء الانتفاضة الشعبية داخل العراق ، انه كان بامكان الدول الكبرى وبالخصوص قوات التحالف التي دخلت في حرب عسكرية مع النظام العراقي ، وهزيمته شر هزيمة ، كان بامكانها تقديم مساعدات كبيرة للشعب العراقي لايصاله الى مخرج حسن في ما يخص الاطاحة بالنظام بمساعدة الشعب العراقي ، غير ان الذي بدا بوضوح وجود تلكؤ في الاقدام نحو هذا الموضوع .


و بدأت الانتفاضة في أكثر المحافظات العراقية ولكل الاطراف والفئات والقوميات ، ولم نلاحظ أي مساعدة من قبل قوات التحالف عسكرياً ، ولا من حكومتها سياسياً ، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على وجود مخاوف لدى مصادر القرار السياسي في الولايات المتحده والغرب ، وكان ذلك بحجة أن سقوط النظام سوف يحدث فراغاً سياسياً في العراق و في المنطقة ، ولما قامت فصائل المعارضة العراقية بجهود دبلوماسية واعلامية كبيرة ، لاثبات انها البديل الطبيعي لنظام صدام ، الا ان ذلك لم يفلح في اقناع هذه القوى بامكانية ذلك ، ثم لما رأت هذه القوى بدء الانتفاضة الشعبية وامكانية قيام بديل لنظام صدام ، حدثت مخاوف أخرى مفادها عدم الاطمئنان الى صورة الحكومة المقبلة حتى لو كانت شعبية وطنية ، للخوف من عدم اسهامها في تحقيق المصالح الحيوية لهذه القوى ، وزاد من هذه المخاوف زعم بعضهم من امكانية ان تكون هذه الحكومة ((اصولية)) ، وبالتالي فان مساعدة هذه الانتفاضة -سوف يؤدي حسب هذا الزعم والادعاء الى تعزيز الحركات الاصولية -.


وعلى أساس هذه المقدمة تشكل قرار أميركي وغربي بعدم مساعدة الشعب العراقي المنتفض ، والحفاظ ما أمكن على نظام صدام ، لان هذا النظام خاضع بالقوة وبالفعل لقوات التحالف العسكري ، وللقرارات الصادرة من مجلس الأمن والبنود المتفق عليها في اتفاقية وقف اطلاق النار بين الطرفين.


اذن هذه المخاوف كانت انطلاقاً من الخوف من مستقبل العراق السياسي، وعلى رغم ان فصائل المعارضة العراقية أوضحت بأن النظام السياسي المقبل هو نظام ديمقراطي يؤمن بالتعددية السياسية وبحقوق الأطراف الاخرى والأقليات ، هذا بالاضافة الى ان العراق في ظل الحكومة البديلة سوف تتسم علاقاتة الخارجية بعلاقة متميزة مع الدول الجارة ، وسوف يساهم في أي مشروع سياسي أو اقتصادي من شأنه احلال الامن والسلام وتنمية الحياة الاقتصادية في المنطقة .


ولكن على رغم هذه التأكيدات المتعددة المصادر من قوى المعارضة ، الا ان ذلك لم يفلح في إزلة هذه المخاوف، وبدلاً من ذلك اكتفت هذه الدول بتقديم مساعدات انسانية وهي تشكر على هذه الجهود، الا أن هذه المساعدات لاترتقى الى حجم المأساة التي يمر بها الشعب العراقي .


3- كانت الانتفاضة بالنسبة للمعارضة العراقية في الخارج ، بداية لمرحلة عمل سياسي مكثف تقوم به المعارضة عبر المنابر الاعلامية ، وهذا النشاط الاعلامي يستهدف اقناع العالم بان وجود نظام صدام في سدة الحكم في العراق ، سوف لن يدع المنطقة تنعم بالأمن والسلام ، فتركيبة نظام صدام تقوم على الاستفادة من الثغرات ليخلق مشاكل متجددة في المنطقة لذالك فان اسقاط هذا النظام هو الحل الوحيد لتخليص المنطقة من هذا ،كما ان اشتعال الانتفاضة كان بداية لظهور اعلامي متواصل لقوى المعارضة ولرموزها بكافةالتوجهات حيث لا يمر يوم الا ووكالات الانباء تتناقل أخباراً أو تصريحات عن فصيل من فصائل المعارضة ، وهذا يعني ان المعارضة أصبحت قناة شبه رسمية وشبه بديلة عن النظام ، وعلى رغم ان الكثير من الرسائل والاقتراحات وردت الى بعض المؤسسات الدولية بشأن سحب البساط الرسمي من النظام ، والاعترافات بالمعارضة كممثل عن الشعب ، الا ان الوضع الدولي يمشي بخطوات وئيدة نحو هذا الموضوع ، لا سيما وانها تخاف كما قلنا من قيام نظام لا يتوافق مع مصالح النظام الدولي . من هنا فان تكثيف النشاط الدبلماسي والاعلامي والميداني هو المطلوب من قوى المعارضة ، للاستفادة من الانتفاضة وتداعياتها ، وفي هذا الاطار عقد مؤتمر المعارضة العراقية في بيروت تحت شعار ((وحدتنا ضمانة لخلاصنا من الديكتاتورية وصيانة لوحدة وطننا وانتصار للبديل الذي يختاره شعبنا )) والذي عقد بتاريخ 10/3/1991


وفي هذا الاطار ، وتكميلاً للجزء الاول الذي صدر بعنوان ((أضواء على أزمة الخليج )) والذي ضم حوارات صحفية أجريت مع آية الله السيد محمد تقي المدرسي ، وتعميماً للفائدة ارتأينا اصدار الجزء الثاني من هذه الحوارات الصحفية ، والتي جاءت متزامنة مع الانتقاضة داخل العراق ، مما جعل طابع الحديث يتركز حول الانتفاضة وكيفية استثمارها سواءً في الداخل ، أو في الخارج . خصوصاً في كيفية الاستفادة من النظام الدولي في احداث تطور يصب لصالح الشعب العراقي ، وهذه الاستفادة تتجلى في عدة امور ، منها الضغط على النظام واجبارة على عدم استخدام الاسلحة المدمرة ضد الشعب ، بالاضافة الى المساهمه في التخفيف من أكبر مأساة انسانية وقعت خلال هذا القرآن ، هذا ملخص ما دار في تسعة عشر لقاء صحفياً أجرتة مع سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي عدة وكالات غربية وعربية وهذه اللقاءات تكتسب أهميتها باعتبار آية الله المدرسي زعيم سياسي و مفكر اسلامي ومنظر حركي ، فزعامتة السياسية تتجلي في تصديه للعمل في مختلف الابعاد للقضية العراقية منذ أكثر من عشرين عاماً ، سواءً عبر تأسيس واجهات سياسية أو على شكل ارشاد و توجيه لحركات معارضة للنظام ، أما كونه مفكرا اسلامياً ، فلأن له العديد من الدراسات و السلاسل التى كشفت نقاطاً مضيئه في الفكر الاسلامي ، فهو على سبيل المثال كتب تفسيراً للقرآن ، يتكون من ثمانية عشر مجلداً ، تطرق فيه الى قضايا حيوية معاصرة مرتبطة بالواقع الاجتماعي للأنسان والمجتمع ، وهو بالاضافة الى ذلك كتب في التاريخ والاجتماع والمنطق والفكر و الفلسفة و الفقه ، أما عن تنظيره الحركي للمجاميع الاسلامية فان له أطروحة خاصة حول برنامج الحركات الاسلامية تشمل التربية والثقافة والسياسة والاستراتيجية .


اعداد قاسم زين العابدين

الفصل الاول


المقابلات الصحفية التي أجريت


مع سماحة آية الله المدرسي حول الانتفاضة


((انتفاضة الشعب العراقي سوف تطيح بنظام صدام عاجلا أم آجلا ))


((نص المقابلة التي أجرتها وكالة الانباء الايطالية مع آية الله السيد محمد تقي المدرسي بتاريخ 24/3 حول انتفاضة الشعب العراقي ومستقبل الحكم في العراق ))


*الى أي حد يستطيع صدام المقاومة في ظل الوضع الراهن ازاء الثورة الشعبية في العراق وما هو تصوركم عن طبيعة الحكم في العراق بعد صدام ؟


** أعتقد ان صداماً لا يمكنه المقاومة أكثر من ثلاثة أشهر ، طبعاً هذا مرتبط بالموقف الذي ستتخذه الدول وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية فيما يتعلق بالقمع الذي يمارسه النظام والمشكلات المتزايدة التي يعاني منها الشعب ، فان كانت أميركا متمسكة بمطالبها ، ودعت الشعب الى الاستمرار في الثورة ، ونفذت وعدها الذي أطلقته بشكل علني بمحاكمة صدام ، ان حدث كل ذلك فان عملية سقوط صدام ستتعجل ، و ان لم يحدث ذلك ، فان النظام لا يمكنه ان يقاوم في ظلّ الاوضاع القائمة أكثر من ثلاثة أشهر على أكثر الاحتمالات ، لانّ القوات الموالية له والمتمثله في قوى الحرس الجمهوري في حالة التحاق تدريجي بصفوف الشعب كما انها في طريقها الى الانهيار ، ونحن نشهد اليوم انهيارها .


اما فيما يتعلق بالحكومة التي ستمسك بزمام الامور بعد صدام ، فان استمرت الاوضاع على هذا المنوال ولم يقع حادث مفاجئ فنحن سنشكل في اطار ميثاق دمشق الذي يضم جميع الفئات المعارضة العراقية الرئيسية حكومة مؤقتة ولعل هذه الحكومة ستستمر سنتين لحين اجراء الانتخابات ، بعدها سيقوم الشعب بتعيين مصيره .


*كيف ستكون هذه الحكومة المؤقتة ؟ ومن الذي سيشارك في هذه الحكومة ؟


**لقد تم التحضير لجميع الامور ، وقد حددنا النقاط الاساسية لحركتنا ، و تتألف هذه الحكومة المؤقتة من أمانة عامة منبثقة عن ذلك المؤتمر ، وقد تم تشكيل هذه الامانة العامة من خمسة أعضاء، عضوين من الحركات الاسلامية ، وعضو من الحركة الكردية ، وعضو من الاشتراكيين ، وعضو من القوميين ، وبالطبع فان هذا القالب قابل للتغيير ، وهذه الأمانة العامة تمثل (17)فئة وحركة اجتمعت في مؤتمر دمشق ، كما انها ستشكل المجلس المركزي للحكومة المؤقتة ، أي انها النواة المركزية للحكومة المؤقتة ، ومن الممكن ان يلتحق بها أشخاص آخرون اما من بين الأشخاص السبعة عشر أو من الخارج .


*لقد ذكرتم ان هناك شخصين يمثلان الحركات الاسلامية ، فهل هذان الشخصان من منظمة العمل الاسلامي ، وان كان ممكناً تفضلوا بتوضيح هذين الممثلين الاسلاميين وما هي الاختلافات بينهما ؟


**ان الحركات الشيعية في العراق بالخصوص تتألف أساساً من ثلاث فئات هي حزب الدعوة الاسلامية ، ومنظمة العمل الاسلامي ، و المجلس الأعلى ، ومن بين هذه الفئات الثلاث تنتخب بشكل متناوب فئتان منها ، أي أنّ شخصاً واحداً يستبدل كل شهرين .


الإختلافات بين هذه الحركات ليست جذرية ، فهي عبارة عن حركات تأسست في أزمنة مختلفة ونمت في أمكنة مختلفة ، ومن الممكن ان تكون هناك اختلافات جزئية بينها، لكننا الآن وبفضل المساعي التي حدثت خلال السنوات الماضية التي قضيناها في الخارج ، استطعنا ان نقضي على 70% من الاختلافات بيننا ، اما النسبة المتبقة فهي لا تمثل أموراً حساسةً وأساسيةً تستحق ان يناقشها الانسان ، ومن الممكن ان تكون الأساليب مختلفة ونحن لا نعتبرها قضايا مهمة . و نحن الآن نمثل مجموعة واحدة تنسّق أعمالها فيما بينها .


*سماحة السيد المدرسي ؛ هل تطالب القوى الشيعية المعارضة بتشكيل حكومة اسلامية في العراق كايران ؟


**باعتبارنا دعاة دينيّين ، ندعو الى تشكيل جمهورية اسلامية في العراق ، اما ان تكون الحكومة الاسلامية جمهورية أو غير جمهورية فهذه قضية اخرى .


اما باعتبارنا سياسيين فنحن نركز دعوتنا الان الى تشكيل حكومة مؤقتة و اجراء انتخابات حرة ، ونحن نعلق آمالنا على الشعب ، فان قبل هذا الشعب فيا حبذا ، وان لم يوافق فانه حر ، ونحن نذعن لاي حقيقة يذعن لها الشعب .


*تفضلتم بان الشعب يمتلك الحرية ولكننا لاحظنا ان الشعب في الجمهورية الاسلامية قد قام بالثورة ولكن الفئات الاخرى التي اشتركت في الثورة لا تمتلك حق الاشتراك في الحكم ، فلو انتصرتم أنتم فهل ستسمحون للفئات التي ستشكل ان تشترك في الحكم ؟


**نعم ، لسبب هو أن وضع العراق ليس بالوضع الذي يسمح بأن يحكمه دكتاتور ثاني بعد صدام حسين . فالشعب العراقي لم يعد يطيق حكم دكتاتور جديد أحادي الحكم . ثم أن المناخ الديمقراطي لا يسمح بان يمسك حاكم دكتاتوري بزمام الامور ، فبلدنا يحوي الاكراد والعرب والتركمان والشيعة والسنة .


*ماهو رأيكم حول التغييرات التي أجراها صدام في أعضاء الحكومة ، وقد رأيتم ان رئيس وزراء هذه الحكومة كان شيعياً؟


**في العراق يوجد شخص واحد يحكم ، والآخرون ما هم إلّا أيادي لهذا الشّخص ، ولايستطيعون معارضتة ، ولذلك وحتى لو فرضنا ان جميع الوزراء سينتخبون من بين الشيعة المتدينين فمع وجود صدام لا يمكن ان تحل المشكلة ، وقد قيل ان سعدون حمادي شيعي و من أهالي كربلاء ، والكنّه كالخاتم في يد صدام ، ويستطيع صدام ان يعزله في أي لحظة يشاء .


و هنا سوف ترون انتفاضة الشعب العراقي ستستمر ، و ان هذا الشعب سوف لا يرضى بأقل من الاطاحة بحكم صدام .


*خلال أحاديثكم اعتبرتم تنوّع الافكار قيمة داخل المجتمع ، فهل تنوع الافكار هذا موجود أيضاً خارج العراق ، وهل تعتقدون انه موجود في ايران ؟


**الحقيقة انني اعتبره قيمة وأتابعه باهتمام ، وفي الجمهورية الاسلامية تتركز جهودنا على ان تنفذ بعض البرامج المثيرة لتنوع الأفكار.


وهنا أؤكد على نقطة أخرى لحقيقة وهي ان تركيبة المجتمع في العالم الثالث ليست بالشكل الذي يسمح له بالانتقال الى الحالة الديمقراطية الكاملة ، فهنالك من في هذا العالم الثلاث يجب تؤمن اولاً لكي تصل الى الديمقراطية الموجودة في الغرب ، ومن الممكن ان نصل الى هذه المرحلة بطريق وأسلوب آخرين .


كما اننا لانستطيع ان نصنع سيارة (مرسيدس) دفعة واحدة ، كما لا يمكننا ان نؤمن الحرية بأكملها في مدة قصيرة ، حتى انكم ترون ان الحالة (الديمقراطية) في اوربا تختلف من بلد لاخر ، فالبرتغال تختلف عن ايطالية وايطالية تختلف عن بريطانية .


*سماحة السيد المدرسي تعلمون ان وزير خارجية ايطالية سيصل مساء الاربعاء الى طهران ، فان كان لديكم نداء تريدون توجيهه فبامكاني ان أنقل هذا النداء وسيكون لي الشرف في نقله من جانبكم .


**ان انتفاضة العراق ستطيح بحكم صدام عاجلا ام آجلا ، و سنبقى الى جانب الشعب العراقي فقد عانى هذا الشعب الكثير من الاضطهاد ، وهو يلقي جزء من تبعة هذا الضطهاد على الدول الغربية سواء كانت متمثلة في أميركا أو أوروبا ، وقد وصلتنا أخبار تفيد ان عدد القتلى العراقيين في حرب الخليج و الكويت بلغ مائة الف شخص ، أي بمقدار (10000) شخص في كل ساعة ، ومن المعلوم ان الحرب قد استغرقت مائة ساعة .


ولو قدمت الدول الغربية المساعدات الى شعب العراق أو مارست الضغوط على على صدام لكي يوقف ارتكابه للمجازر الجماعية ، أو سمحت بوصول الاسلحة الى الشعب العراقي من قبل بعض الدول ، لقد سمحت أميركا للعراق بان يستخدم طائرات الهليوكوبتر السمتية ، حسناً فلتزود الشعب العراقي بصواريخ (ستنغر) لكي يدافع عن نفسه ، فالشعب يحترق اليوم في نار الحرب الداخلية ، ويعيش أسوء الظروف المعيشية ، أطفاله يموتون بسبب انعدام الحليب ، وشيوخ يتوفون متأثرين بالجوع والامراض ، كيف يمكن لهذا الشعب ان يعيش بانسجام مع العالم في المستقبل ؟!


وهنا أطالب بالحاح مرّة أخرى دول العالم ومنظمة الامم ان تقدم مساعداتها الانسانية على الاقل الى الشعب العراقي ، فالمساعدات التي تقدّم اليوم لا تصل إلّا الى جيش النظام .


مدن جنوب العراق تعيش اليوم أسوء الظروف من الناحية المعيشية والانسانية ، فأهاليها لا يمتلكون لا الطعام ولا الدواء ولا الملابس ولا الماء الصالح لشرب .وهذا هو ندائي لوزير الخارجية الايطالي وجميع رؤوساء دول العالم .


اسقاط نظام صدام..سوف ينقذ المنطقة من أزمات مزمنة قد تحصل في المستقبل


((نص المقابلة التي أجرتها صحيفتا (الكوريديلاسيرا ) و (لاريبوبليك) الايطاليتين مع سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي حول تطورات الانتفاضة في العراق)) بتاريخ 26/3/1991


*علمانا ان آية الله الخوئي قد فرضت عليه الاقامة الجبرية في بيته بالنجف الاشرف ، نرجو ان تزودونا ببعض المعلومات حول الظرف الذي يمر به والأوضاع القائمة في النجف الاشرف ؟


**انطلاقاً من عقيدتنا _نحن الشيعة _ بان الامام علي (ع) يعد الشخصية الاسلامية الثانية بعد النبي (ص) ، و لانه مدفون في مدينة النجف الأشرف ، فان علماء الشيعة الكبار قد تركزوا منذ فترة طويلة جداً تصل الى الف سنة مضت ، كما قاموا بتشكيل الحوزات العلمية ، وكان العالم الشيعي يستند بالاساس الى النجف الاشرف من الناحية الدينية ، وفي الحوزات العلمية يوجد علماء على مستويات مختلفة ، ثقة الاسلام ، حجة الاسلام ، آية الله ، المرجع ، والمرجع بدوره ينقسم الى قسمين ؛ مرجع عادي ، وآخر أعلى ، و قد نال آية الله الخوئي الدرجة الاخيرة بسبب أعلميّته وتقدّمه في السن ، كما وتحمل ضغوطاً كثيرة في فترة لصالح الجمهورية الاسلامية ، واتخذ موقفاً محايداً ، حتى ان حزب البعث قام في تلك الفترة باعتقال عدد من تلامذته ، واعلن ان السيد محمد باقر الصدر هو من اللامذته الممتازين ، (وباختصار) فانه في الوقت الحاضر المرجع الاعلى للعالم الشيعي في الامور الدينية ، كما انه متوعك صحيّاً لتقدمه في السن .


وفي غضون حدوث الثورة في النجف وسقوطها بيد الثوار ، قام باعداد مجموعة للحيلولة دون ان تسود الفوضى في النجف ، ولكن وعندما استعاد النظام السيطرة على مدينة النجف الاشرف ، قام باعتقاله ونقله الى بغداد ، وقد تبيّن من الحوار الذي جرى بينه وبين صدام انه كان مجبورا .


وقد عاد الان الى النجف ، وتفرض عليه الرقابة في الوقت الحاضر ، كما وهددته الحكومة بانها ستقوم بنهب النجف الاشرف وانها ستفعل فيها مثل ما فعلته في الكويت ، .. هذه هي الحال التي يعيش عليها الان في النجف .


*ما هو تصوّركم عن دور اللجنة التي أشرتم اليها والتي شكّلت في مدينة النجف الاشرف في السيطرة على الاوضاع خصوصاً بعد مؤتمر بيروت ؟


**لقد انحلت هذه اللجنة بالطبع ، وقام صدام باعتقال أكثر أعضائها ، وأنا أعتقد ان أيّة قوة في العراق لا يمكنها ان تتشكل في هذه المرحلة لكي تكون بديلة عن النظام بسبب الارهاب اللامحدود السائد في العراق ، وعلينا ان نقوم بذلك خارج العراق ، وفعلاً فقد شكلت لجنة في سورية لادارة القضايا المتعلقة بالثورة ، وهذه اللجنة متشكلة من خمسة أشخاص ، كردي واشتراكي وقومي وشخصان اسلاميان ، وقد عقد مؤتمر لهذا الغرض ، وقام بتشكيل هذه الامانة العامة أو اللجنة وما زال نشاطه قائماً لحد الان .


*هل نجح النظام في قمع انتفاضة مدينة كربلاء أم انها ما زالت مستمرّة ؟


**الاخبار التي وصلتنا اليوم تفيد ان الأهالي استعادوا هذه المدينة ، ولا بأس هنا أن أكشف عن الظروف التي يمر بها النظام ، فأقول ان هذا النظام قد فقد تماسكه في هذه المرحلة بسبب انقطاع التّيار الكهربائي وانقطاع برامج التلفزيون ، وهو من الناحية الاعلامية قد وصل الى نقطة الصفر ، كما ان الاتصالات التلفونية مقطوعة ، والتهمت الحرائق دوائر المؤسسات المختلفة كالاتصالات السلكية ، والسفر والجنسية وجميع الدوائر الاخرى بسبب الدمار الذي لحق بها من جرّاء القصف الجوي والاهالي أنفسهم ، الشيء الوحيد الذي بقي للعراق هو البقية الباقية من الجيش الذي يتألّف من قسمين ؛ القسم الأوّل هو القوات النظامية التي يعتمد عليها النظام وهي الحرس الجمهوري ، والقسم الآخر هو القسم الذي أضيف الى الجيش و الذى أجبر على الخدمة ، وهذا القسم قد تم القضاء عليه ، ولم يبق من الجيش سوى تلك القوات المعتمد عليها . وبسبب تمتّع الحرس الجمهوري بالأسلحة المتطورة فان النظام يعول عليه اليوم كثيراً ، ولم يستطع الشعب لحد الآن هزيمة هذه القوات لا من الناحية المعنوية ولا من الناحية العسكرية ، وفي الغالب فان النواة المركزية لهؤلاء الحرس مؤلفة من أشخاص أوفياء للنظام ، وقد أفهمهم هذا النظام أنهم سيبادون بشكل كامل لو انهم قاموا بتسليم أنفسهم .


و من ناحية العسكرية فان هذه القوات مجهزة بـ(400) طائرة هليكوبتر ، واعداد كبيرة جداً من دبابات (ت72) المتطورة التي لا يستطيع حتى سلاح الـ(آر بي جي ) مواجهتها ، والنظام الآن يواجه الشعب بجميع امكانيّاته ، وهو يحكم السيطرة على أية مدينة تتوزع دبابته في ساحاتها ، وعندما تخرج هذه الدبابات من المدينة فان هذه المدينة تسقط بأيدي الأهالي مباشرة . مثل هذه الاوضاع تسود جميع المدن العراقية ، وفي مدينة البصرة لا يحكم النظام قبضته بشكل كامل ، فالأهالي هم الذين يسيطرون عليها .


النظام يمتلك الدبابات ، وعندما تغادر هذه الدبابات المدن يقوم الاهالي بماهجمة المعسكرات ، ويحتلون المباني ، وهكذا الحال بالنسبة الى مدينة كربلاء والمدن الجنوبية بل وحتى الضواحي المحيطة بمدينة بغداد .


وبسبب فقدان الحكومة لتماسكها فان قوات الأمن لا تستطيع حفظ النظام ، كما ان الشرطة لا يمكنها الحفاظ على المدينة ، وبصورة عامة فان الأوضاع في العراق هي على هذه الحالة التي أراها ، وسوف أتحدث فيما بعد عن المذابح التي يرتكبها النظام ، والاساليب التي يتبعها لارهاب الشعب ، والتي لم تجده أيّ نفع .


*كم عدد الذين قتلوا في هذه الانتفاضة ؟


**للأسف فاننا لانستيع تحديد هذا العدد بشكل دقيق ، فقد أوضحت آنفا ان النظام مفقود في العراق في الوقت الحاضر ولا يمكن الاعتماد عليه في تقديم احصائية عن القتلى .


كما ان الارهاب قد وصل الى حدّ انتقال الأخبار من مكان لآخر أصبح صعباً جداً ، ولكننّي أستطيع ان أخّمن ان أكثر من خمسمائة ألف قتلوا ، ومثل هذا التخمين يستند الى أرقام تقريبيّه ، فقد وصلتنا أخبار ان هنالك لحد الآن جثثاً للقتلى في البصرة والنجف وكربلاء ما زالت مبعثرة حولها ، ومع الأخذ بنظر الاعتبار ان المسلمين يولون احتراماً فائقاً للموتى ومن الواجب الشرعي عليهم ان يدفونهم ، ولكنّهم مع ذلك لم يفعلوا ذلك بسبب عددهم الهائل ، وبالطبع فانكم تعلمون ان القتلى في العراق لا ينقلون الى الثلاجات لعدم وجودها أصلاً ، والشخص المقتول يجب ان يبقى في مكانه حتى يعثر عليه الاهالي ويدفنونه بشكل من الأشكال .


*ما هي أنواع الأسلحة التي يستخدمها الأهالي؟


**الحقيقة ان هذه هي المشكلة الأساسية التي تواجهنا ، فنحن لا نمتلك الأسلحة حيال القوّات الحكومية ، وقد وقعت بعض الاسلحة في يد الشعب كالدبابات التي غنموها ، اما الرشاشات وبنادق الكلاشنكوف فتشاهد بكثرة عند الأهالي ، ولذلك فان الناس يعانون في بعض الأحيان من نقص الذخيرة والعتاد ، كما يواجهون أيضاً مشكلة عدم وجود التنظيم والقيادة المناسبة ، والأشخاص القادرون يمكنهم الاستفادة من هذه الأسلحة التي غنموها من الحكومة ، وفي الأيام التي حظرت فيها القوّات الأميريكية على العراق استخدام طائرات الهليوكوبتر ، وصل نشاط الأهالي الى ذروته ، ولكنّ القوات الغربية ما لبثت ان سمحت للعراق باستخدام الطائرات فحدثت مجازر جماعية مرّة اخرى .


وأوكد هنا ان النظام يستخدم طائرات الهليوكوبتر لاغراض مختلفة منها: _


1_ ارتكاب مجازر جماعية بحق الاهالي عن طريق قصفهم بالصواريخ والمدافع الرشاشة .


2_ توزيع البيانات الحكومية التي تهدد فيها باستخدام الأسلحة الكيمياويّة التي يخشاها الناس كثيراً .


3_وفي بعض الأحيان ومن أجل القاء الرعب في قلوب الأهالي تقوم القوات الحكومية بخطف الأطفال والقائهم من طائرات الهليوكوبتر في المناطق الآهلة بالسكان ، ومن الطبيعي ان الطفل الذي يسقط من ارتفاع (500) متر يلقي حتفه ، وتستطيعون ان تتصوّروا الحالة التي يكون عليها الناس عندما يرون منظر الأطفال الساقطين خصوصاً وانهم أطفالهم .


هذه الأغراض التي من أجلها يستخدم النظام طائرات الهليوكوبتر ، ونحن محتارون حقاً من سماح الاميريكيين للقوّات العراقيية باستخدام الطائرات الهليوكوبتر الـ (450)المتبقية لدى العراق ليستخدمها النظام في تصفية الأهالي بهذا الشكل الرهيب!


وبالطبع فان القوات الحكومية تستخدم في بعض الأحيان هذه الطائرات لأغراض نقل الجنود ، ففي مدينة النجف قام النظام بانزال قوات بالاستفادة من (160) طائرة هليوكوبتر ، استطاع بواسطتها السيطرة على هذه المدينة .


*متى تتوقّعون سقوط النظام ؟


** من الطبيعي ان أي انسان ثوري يتعجل سقوط النظام ، ولكنّي أعتقد ان سقوط النظام يستغرق عدّة أشهر ، إلا في حالة واحدة وهي ان دول التحالف تلعب دوراً أساسياً في تعجيل سقوط هذا النظام ، فلو شاءت ذلك فان النظام سرعان ما سيطاح به ، وان لم تشأ فمن الممكن ان يستغرق سقوطه أكثر من ثلاثة أشهر ، اما ان تسمح _أكثر من أي وقت مضى _ بارتكاب المجازر الجماعية ضد الأهالي ، فهنا نطالب وبالحاح الدول الغربية ان تضع فصل الختام لمآسي القرن هذه فالذين قاموا باحتلال بلدنا وأرضنا ، وفرضوا شروطهم دونما نقاش على نظام صدام ، يستطيعون وبكل سهولة ان يطلبوا من صدام مغادرة العراق وهذا شيء ممكن ، أوعلى الأقل ان يسمحوا بوصول الأسلحة الى الأهالي ، ونحن نعتقد ان هذا السماح لم يحصل ، وأننا نعلم ان الغرب قد مارس الضغوط على ايران لكي لا تقدّم المساعدات الى الأهالي ، ونعلم ان العربية السعودية لم تقدّم مساعدة لحدّ الآن رغم ارتباطها مع العراق بحدود مشتركة ، ربما لأن الغرب لم يعط الضوء الأخضر لها .


وهذا يدهشنا حقاً ، فالرئس الأميركي كان قد وعد بمحاكمة صدام في الحرب الكلامية التي حدثت بينهما ، بينما نرى ان (نوريغا ) الذي لم يرتكب سوى نسبة ضئيلة من جرائم صدام قد تم القبض عليه ، ونقل الى أميركا ، ومن المحتمل ان تتّم محاكمته ، اما بالنسبة الى صدام فقد سمح له باستخدام طائرات الهليوكوبتر ليهاجم الشعب بها .


من الواضح بالنسبة الينا ان الغرب يلعب دوراً مؤثراً ، وان لم يؤدّ دوره هذا ، فان تساؤلاً سيظل دائما يراود أذهان الشعب العراقي وهو لماذا لا يلعب الغرب مثل هذا الدور ؟!


*يخشى الغرب قيام جمهورية إسلامية في العراق ، فكيف ترون هذه المخاوف؟


**هذه المخاوف موجودة ، ونحن نعترف بوجودها ، وكحقيقة أعلن عن وجود مثل هذه الحالة ، ولكن مع وجود هذه المخاوف هل من الصحيح ان نسمح بفناء بلد بأكمله وتدمير شعب .


ان جميع طغاة التاريخ وأولئك الذين دعموا الطاغية ولزموا الصمت حيال جرائمه لجاؤا الى مثل هذه التبريرات ، وحتى (هتلر) نفسه كان يقدم مثل هذه التبريرات أثناء ارتكابه المجازر الجماعية ، وكذلك الحالة بالنسبة الى (ستالين) الذي جرّ شعبه الى الاوضاع التي نعرفها بحجّة انّ الامبريالية تريد السيطرة على الاتحاد السوفياتي ، نحن لا يمكن أبداً ان نقبل بمثل هذه الاوضاع التي خلقها صدام بحجّه تلك التبريرات ، هذا في الدرجة الأولى ، وفي الدرجة الثانية فانّ هذه المخاوف لا وجود لها ، حقاً لا وجود لها . الغربيون تعتريهم المخاوف ولكن بدون أيّ داع ، فلا يوجد مبررّ لمخاوفهم ، ذلك لأن ّ العراق يختلف تماماً عن ايران ، فسكان العراق مؤلّفون من فئات مختلفة . الأكراد ، العرب ، السنة ، الشيعة ، وأوضاع العراق مرتبة بشكل بحيث لا تسمح بقيام جمهورية اسلامية تستحق ان يخشاها الغرب ويعتريه القلق ازاءها.


*الدول الغربية لا تعير أيّ اهتمام لارادة الشعوب ، وانما ينحصر اهتمامها في الأوضاع السياسية ، وهذه ليست المرّة الأولى التي تتصرف فيها مثل هذا التصرف وأنتم تعلمون ذلك؟


**ان من واجبنا ، ومن واجب المراسلين بالخصوص أولئك الذين يعرفون هذه القضايا بشكل أفضل ، ان يقوموا بتوعية الرأي العام ، وهنا أضيف بدوري تساؤلاً آخر وهو : _ ماهي الطبغة لمعدة للعراق في الغرب ؟ والسؤال الذي أوجّهه فيما يخصّ العراق هو هل يستطيع صدام حسين الاستمرار في الحكم مع هذه الدماء التي أراقها ؟ وعلى أيّة حال يجب ان يأتي ذلك اليوم الذي يطاح فيه بحكمه ، ويتولي الشعب زمام الحكم ، هذا الشعب الذي تعرّض للمصائب والمآسي والكوابيس ، وفي منطقة حساسة كالخليج هل من الصحيح ان يبقى وضع الشعب العراقي متوتراً ؟


نحن اليوم نشهد حل عقد عالمية ، أو ليس من الأفضل ان نحلّ هذه العقدة أيضاّ ، وان لا ندع مشكلة جديدة تظهر في المنطقة ؟ هناك (15) مليون نسمة يجب ان تحل مشكلتها ، انها تتعرض للابادة ، وليس هذا هو الحلّ المنطقي لمشكلتها ، ففي يوم من الأيام ستتولى زمام الحكم ، وكلما فات أوان تقديم المساعدة من قبل الغرب للشعب العراقي فأنّ احتمال ان يتولى الحكم في العراق نظام متطرّف سواء كان اسلامياً أم يسارياً سيكون اكبر ، والغرب يجب ان يأخذ هذا الاحتمال بنظر الاعتبار ، فمصالحه معرضة للأخطار في المستقبل ، ولابدّ ان تتأثر المنطقة بهذه الانتفاضة ، فالشعوب في الكويت والبحرين والامارات وعمان والسعودية في طريقها الى التضامن مع انتفاضة الشعب العراقي ، ان هذه الانتفاضة تشكل مخاطر جديدة ضد مصالحهم ، لذا ذكرت في رسالة بعثتها الى الرؤساء في العالم وحذرتهم من مغبّة ذلك ، وأنا آمل ان نوفق في قطع رأس الفساد هذا ، وان تنقذ المنطقة برمتها من أزمة مزمنة يمكن ان تحصل في المستقبل .


استمرار نظام صدام يعني زرع عقدة جديدة تسود المنطقة كلها


((نص المقابلة التي أجرتها وكالة الأنباء الأمريكية (A.B.C) مع سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي بتاريخ 27/3/1991م ، حول الانتفاضة في العراق ومستقبل الحكم والمعارضة العراقية)) .


*لاتوجد هنالك أخبار جديدة من جنوب العراق ، فعدد المراسلين فيه قليل للغاية ، فهل من الممكن ان تتفضلوا بتوضيح رأيكم بصورة عامة حول الأوضاع هناك ؟


**في جنوب العراق يتركز تواجد الحكومة في المعسكرات ، والمعسكرات الرئيسية التي يسيطر عليها النظام الآن تتمثل في الحرس الجمهوري ، ومن الطبيعي ان الحرس الجمهوري يقمع الأهالي بكل بطش وعنف ، ويمارس التعذيب بحقهم بشكل مستمر ، والحكومة تتواجد بشكل رئيسي في المعسكرات كما هو حال الحكومات الغاصبة ، وحياتها مقترنة بالدبابات ، فما دامت تمتلك الدبابات والمعسكرات وطائرات الهليوكوبتر فهي موجودة ، وبمجرد ان تفقد هذه الامكانيات ينعدم وجودها . وقد عمدت الحكومة أخيراً الى استخدام نوع من الشباك الحديدية فعندما تحدث مظاهرات شعبية فانها تقوم بالقاء هذه الشباك على الأهالي لتصطادهم بها وتسحبهم الى ارتفاع (300) أو (400) متر ثم تسقطهم من هذا الارتفاع ليسقطوا أرضاً ويلقوا حتفهم بطبيعة الحال ، هذا هو أحد الأساليب التي يستخدمها النظام لقتل الأهالي وقد عمل به في العمارة والبصرة أيضاً .


هذه هي احدى طرق القمع ، واما الطريقة الأخرى فهي ان يجمع النظام الأطفال ويؤسرهم في مكان يتواجد فيه الناس ثم يلقيهم من طائرات الهليوكوبترعلى مرآى من آبائهم وأمهاتهم ومعارفهم ، وهؤلاء الأطفال لا تتجاوز أعمارهم أربع أوخمس سنوات ، فعندما يلقون من ذلك الارتفاع تتفتت أجسادهم ويلقون حتفهم ، وبطبيعة الحالة فان الأمّهات عندما يرين أطفالهن وهم يموتون على هذه الحالة يجّن جنونهن .


*هل تحيطون علماً بخبر حجز الأهالي في مباني جامعة البصرة ، فنحن نعلم ان مبنى جامعة البصرة قد استخدم من قبل النظام كقاعدة عسكرية ، ومن الطبيعي ان أي شخص يقترب من أيّ معسكر يصار الى سجنه ، وبصورة عامة فنحن لانمتلك أخباراً دقيقة ، فهل لديكم أخبار حول الاعدامات ؟


**ان أول فقرة من قائمة العقوبات عند نظام صدام حسين تبدأ بالاعدام هو أهون عقوبة في العراق .


*ولديّ خبر يفيد انه قد تمّ في مرحلة واحدة اعدام (500) شخص عندما استعاد صدام في البداية بعض المناطق في البصرة ؟


**الأسلوب الجديد من الاعدام الذي يمارسه النظام ، والذي طبق في مدن العراق المختلفة هو ان يعمد الى حرق المجاهدين أمام عوائلهم ، وان عمد شخص من الحاضرين الى ادارة وجهه اعدم هو الآخر .


*ماهو تصوركم عن عدد القتلى الذين سقطوا منذ ان انتفض الأهالي ونظّموا المظاهرات ؟


**سؤال تصعب الاجابة عليه ، فنحن لا نمتلك أية احصائيات دقيقة ، وأنا أعتقد ما يقرب من (15_20) ألف شخص قتل لحد الآن في مدينة كربلاء وحدها .


*ينقل المراقبون الغربيون أخباراً تفيد ان قوات الحرس الجمهوري قد استعادات السيطرة على الجزء الأكبر من الجنوب وعلى المعسكرات والمدن ، فهل هذه الأخبار صحيحة ؟


**المدن الكبرى في الجنوب هي بيد الحكومة نهاراً ، وتحت سيطرة الأهالي ليلاً ، فالمناطق القريبة من الدبابات و المدافع هي في يد الحكومة ، واما المناطق الأخرى فلاوجود للحكومة فيها ، ونقصد بالحكومة هنا ان يكون هنالك مركزللشرطة ودائرة أمن ، وهذه المؤسسات لا وجود لها إلا اذا كانت الدبابات والمدافع موجودة ، كما هو الحال في الأيام الأولى من الثورة في ايران فقد حدثت مثل هذه الحالة ، اما القصبات والقرى وحتى النقاط الواقعة بين المدن فهي تحت سيطرة الأهالي ، وبالطبع فان القسم الأكبر من مدينة كربلاء بيد الأهالي وما زالت مقاومة لحد الآن .


*أنتم تمتلكون بنادق الكلاشينكوف ، والقوات الحكومية مجهزة بالدبابات ، أنتم تمتلكون قاذفات الـ (آر بي جي ) وهم يمتلكون طائرات الهليوكوبتر، فبأي قوة تريدون مواجهة النظام ؟


**في كل ثورة شعبية هنالك جانبان : جانب معنوي وجانب تسليحي ، ونحن نتحرك على أمل ان يتمزق الحرس الجمهوري من الداخل أخيراً ، ونحن نبشر بذلك ، صحيح انه يستغرق وقتاًطويلاً ولكنه سيحدث أخيراً كما حدث للجيش نفسه ولم يبق منه سوى الحرس الجمهوري وهو أيضاً قابل للتمزق من الداخل ، ونحن نأمل إلى حدّ ما (بعد أملنا بالله) ان لا تسمح دول العالم لصدام بان يستمر في ارتكابه المجازر الجماعية ضد الشعب .


*لو فرضنا ان دول العالم لم تقم بمثل هذا الاجراء ، ولو فرضنا انّ الحرس الجمهوري قد احتفظ بتماسكه من الداخل ولم يتلاش ، فهل تعتقدون ان هذا نهاية الثورة ؟


**ان كل ثورة هي بمثابة مغامرة ، وكل ثورة تستمد استمراريتها من الأمل ، وأنا واثق شخصياً ان النظام سيفقد خلال الأشهر الثلاثة القادمة قدرته وقوته الداخليّتن .


لهذه الأسباب التي بينتها فان كل ّ نظام يجب ان يكون لديه مبررلاستمراره ، وقد فقد صدام مبرراستمراره في الحكم ، فلا يوجد أي سبب ومبرر لبقاء هذا النظام ، وهو لا يمتلك ما يقوله في هذا الصدد .


فماذا يمكن للنظام ان يفعل إذا بقي ؟ هل يبقى ليعمرالبلاد وهو الذي جر هذه البلاد إلى الدمار ؟ وهل يبقى ليقيم العدالة وهوالذي داسها ؟ وهل يبقى لتتعاون دول العالم معه ، وهذه الدول ترفض صداماّ؟


ان بقاء صدام مرهون بحدوث معجزة إلهيّة سوف لاتحدث بالتأكيد ، ان صداماً قد جر بلدنا إلى الدمار ولكن بيد الدول الغربية ، فقد قتلت جيوش هذه الدول لحد الآن مائة ألف من هذا الشعب وهذه حقيقة ، وقواتها تحتل الآن أراضينا ، وان مصالحها المستقبلة مرتبطة بالعراق ودول الخليج الأخرى ، وهي تبشر باقامة عالم جديد .


وبالاستناد إلى هذه الأسباب الأربعة أعتقد ان دول المعسكر الغربي وخصوصاً الولايات المتحدة الأميريكية تتحمل أكثر من أي بلد آخر مسؤولية تقديم المساعدات إلى شعبنا ، وهذا الواجب ليس واجباً إنسانياً فحسب ، وانما هو بالإضافة إلى ذلك واجب سياسي .


اننا نعتبر صدام هو المسؤول عن القتل والدمار ، ولكنه إذا توخينا الدقة فانه قد فعل ذلك على يد الدول العربية .


*تتصور الدول الغربية ومن بينهما أميركا وبريطانيا .. ان دعم الثورة شيء ، ودعم الشعب العراقي شيء آخر حتى يستطيع الشعب العراقي ان يتخذ قراره بنفسه ، انهم في الوقت الحاضر يتخذون موقفاً محتاطاً فلا يقدّمون المساعدات . فمن أي جهة تعتقدون انكم ستطلبون هذا النوع من المساعدات السياسية والاقتصادية والشعبية والدولية ، هل تقصدون ان ندع الغربيين جانباً لانهم لا يقدّمون المساعدات ؟!


**انهم لا يريدون ذلك لجملة أسباب منها ان نهاية القرن العشرين تختلف عن بداية هذا القرن . لقد أصبح موضوع حقوق الإنسان في هذا العالم حقيقة ، ولقد رأينا ماذا كان تأثير هذا الموضوع في المعسكر الشرقي .


لقد أصبح الغرب جزءاً من سياسية المنطقة ، وهو لا يستطيع ان يقف موقف المتفرّج ، ذلك لانه كانت تربطه بالمنطقه في السابق مصالح ، واليوم وباالضافة إلى هذه المصالح فانّه يمتلك قوات عسكرية ، في هذه المنطقة ، وعلى هذا فان الغرب لا يملك ان يعتبر نفسه شخصاً متفرجاً .


وهنا أضيف ان الكلمة التي يقولها الرئيس بوش ليست كلمته شخصياً ، بل هي تتعلق بشرف الولايات المتحدة ،لأنه رئيس الولايات المتحدة هذا ما أقوله كمقدّمة .


وقد كان بوش قد وعد بمحاكمة صدام . ونحن نسأله متى وكيف ؟ لقد طلب من الشعب العراقي ان يثور ، كما قال ، نأمل ان ينتفض الشعب العراقي ، وقد قال ذلك قبل الحرب ، وها هم يثورون الآن ، فهل هذا يعني ان نتركهم يقتلون بالجملة؟!


أنا متأكد ان الضمير الغربي لا يمكن ان يسمح أبداً باستمرار ارتكاب المجازر الجماعية ضد الشعب العراقي ، ومثل هذا التحول مشهود تقريباً في سياسية أميركا ، فعندما قال ذلك بوش الليلة الماضية ، فانّ هذا هو على أيّة حال خطوة إلى الأمام ، ان سياسيّي الغرب يخشون بشكل رئيسي من قيام جمهورية إسلامية وهو انّ يظهر احساس في المنطقة أكثر من أيّ وقت مضى ان الغرب لا يفكّر بشيء سوى مصالحة ، وهذا الاحساس سيتعمق بين شعوب المنطقة بشكل متصاعد ، وهذا يعني اننا سنكون قد زرعنا عقدة جديدة في المنطقة ، عقدة جديدة في سياسية منطقتنا ، لا يمكن حلّها في القريب العاجل . وهذه العقدة ستسود المنطقة كلها لا العراق فحسب ، حتى في البلدان الخليجيّة الواقعة في الجانب الآخر وحتى في إيران وبين الشعوب المسلمة الأخرى ، ولذلك فأنا آمل ان يدركوا بدورهم هذا الموضوع و يمارسوا بالتالي ضغوطاً أكبر على صدام .


*هل قدمت لكم إيران لحد الآن مساعدات من الناحية التسليحية ؟


**نحن نعاتب في الأساس الجمهورية الاسلامية لانّها لم تقدم لنا المساعدات بالقدر الكافي ، ذلك لانّ أكثر امكانياتنا التسليحية في الداخل قد أمّنت من المعسكرات نفسها ، وتعلمون ان وصول الأسلحة من إيران إلى مدينة كربلاء مثلاً عمليّة غير ممكنة ، فهذه الأسلحة يجب أن تعبر مناطق شاسعة ونحن لا نعاني من مشكلة أسلحة تريد إيران تقدميها إلينا ، بل ان مشكلتنا الرئيسية في أمرين : قلّة المضادات الجوية التي بامكانها مقاومة الهليوكوبتر ، وانصدام صواريخ بامكانها مواجهة دبابت (ت 72) التي يمتلكها الحرس الجمهوري ، فلوكنّا نمتلك مثل هذه الأسلحة لانحّلت جميع مشاكلنا في العراق ، وفي هذا الصدد لم تقدّم لنا إيران أيّة مساعدة .


*هل زودّتكم إيران بأسلحة خفيفية مثل الكلاشنكوف والـ (آر بي جي) ؟


**كلا ، فمثل هذه الأسلحة كان يمتلكها العراقيون في إيران ، وهي لا تساوي شيئاً ، وأنتم أنفسكم قلتم قبل قليل انّه لا يمكن مقاومة الدبابة بالكلاشنكوف .


ففي مدينة البصرة _ مثلاً _ كانت أسلحة الكلاشنكوف موجودة بكثرة ، ذلك لأن الجيش عندما دخل البصرة قادماً من الكويت كان أفراده يلقون أسلحتهم ويذهبون ، وربما كان كل بيت يمتلك من (5) إلى (6) أسلحة كلاشنكوف ، ثم ان الحكومة العراقية نفسها وزّعت هذه الأسلحة بين أفراد الشعب قبل نشوب الحرب البرية .


*يعتقد المراقبون الغربيون ان إيران زودت الشعب العراقي بأسلحة خفيفة ؟


**في الحقيقة كانت مساعدة إيران الرئيسية ، تتمثل في تقديم المساعدات الإنسانية فقط إلى أولئك الذين دخلوا إيران ولجأوا اليها ، وقد كانت هذه المساعدات الإنسانية مفيدة جداً عند ما قامت إيران بتقديمها .


*لقد طلب بعض زعماء المعارضة العراقية الدعم السياسي والتسليحي والعسكري من العربية السعودية ، فهل هذا صحيح ؟


**نحن لم نستلم شخصيّاً مساعدة ، ولكننا نعتقد انه لو قدّمت السعودية مساعدات عسكرية وخصوصاً أنواع معينة من الأسلحة إلى القوى العراقية فستكون هذه المساعدات مؤثرة جدّاً .


*أي نوع من الأسلحة ؟


**النوعان اللذان أشرت إليها آنفا .


*هل تحيطون علماً بان هذه المساعدات من الممكن ان تقدّم إليكم ؟


**كلا ، لانني أعتقد ان السعودية تنتظر التنسيق مع الولايات المتحدة .


*أريد ان أعلم ما هي المشكلة التي يعاني منها العراقيون في العراق ، و هل هم يعانون من مشاكل تتعلّق بنقص المواد الغذائية والأدوية والمواد الأخرى ، وكيف هو وضعهم الآن ؟


**تقدير مثل هذه الأوضاع صعب بالنسبة إلينا نحن ، والعسير علينا ان نبيّن هذه الأوضاع باللسان ، ففي مدينة كربلاء _ على سبيل المثال _ أحطنا علماً ان في كل نصف ساعة _ كحد أدنى _ يموت شخص واحد من شدّة الجوع ، وقد جاءنا شخص من هذه المدينة قال لنا : انه لو حصل شخص ما في تاك المدينة على رغيف خبز في اليوم الواحد فانه سيكون في وضع يحسد عليه . حتى ان الأهالي قد أكلوا العلف ، وأكلوا جميع الحيوانات الأهلية الصالحة للأكل ، والمياه ليست صحيّة ، وتعلمون ان النظام يمنع _ بشدّة في المناطق التي تنشب فيها الحرب _ دفن الموتى وتكفينهم ، وهؤلاء الموتى يبقون بطبيعة الحال وتتعفن جثثهم ، وقد ظهرت على اثر ذلك كلاب كثيرة ، ومثل هذه الحالة من شأنها ان تترك آثاراً سيئة على الصحة العامّة .


*ما هو عدد أفراد الشعب الذين يعانون من هذه الأوضاع ؟


**إذا استثنينا الأشخاص المرتبطين بالنظام ، فان جميع أفراد الشعب العراقي يعانون من هذه الأوضاع ، فالمساعدات التي تقدّم إلى العراق يسلّمها النظام إلى قوات الحرس الجمهوري ، وتخزّن مقادير منها للمستقبل ، ويوزّع القسم الآخر إلى الأطراف المقرّبة للحكومة والبعثيين بصورة عامة .


وقد بعثت برسالة إلى منظمة الصليب الأحمر طلبت فيها ان تصل المساعدات إلى الشعب بشكل بحيث امّا ان تقوم بتوزيعها مباشرة على أفراد الشعب ، واما ان توصلها إلى الثوار بشكل من الأشكال لكي يوصلوها بدورهم إلى الشعب .


*نحن نمثل مؤسسة خبرية واسعة جداً ( A.B.C ) وتبثّ أفلامنا وتباع في جميع أنحاء العالم ، ويولي العالم الاهتمام الكبير لهذه الأفلام ، ونحن نريد أن نقدّم مساعداتنا الإعلامية المتاحة ، وكما حدث في شمال العراق عندما أرسلنا فريقاً من هذه المؤسسة إلى كردستان العراق ، فنحن نريد أن نرسل فريقاً آخر إلى جنوب إيران أوحتى جنوب العراق لكي نرى بأنفسنا الأوضاع التي تفضّلتم بها من مثل معاناة الشعب ، وتطوّرات الثورة ، والأوضاع القائمة بصورة عامّة ، كما نريد الذهاب إلى مخيّم جنوب إيران في حالة وجوده ، ونتحدّث مع القوى العراقية والثورية ، ونحن في هذا المجال بحاجة إلى إجازتين : إجازة حكومة إيران وإجازتكم أنتم حيث بإمكانكم مرافقتنا وتزويدنا بالمعلومات ؟


**نحن مستعدّون ، إلا انّ الذهاب إلى العراق يحتاج من جانبكم إلى ان تؤمنوا بفلسفة الشهادة .


*أنا أدرك قصدكم ، فلو ذهبنا حتى إلى جنوب إيران فان هنالك أموراً كثيرة سندركها ، وأول مشكلة تواجهنا استحصال اجازة من الحكومة الايرانية فهل تستطيعون حلّ هذه المشكلة ؟


**سنتحدّث مع الاخوة في الحكومة الايرانية .


احساس العالم بمأساة الشعب العراقي _ نأمل ان يكون بداية الدعم السياسي والاعلامي والعسكري بل والعسكري


((مقابلة سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي مع الراديو والتلفزيون اليابانيN.H.K حول الإنتفاضة في العراق والمعارضة العراقية ،


2/4/1991م))


*ما هي نظرتكم السياسية بعد نظام صدام ، هل تقيمون حكومة إسلامية ، أو ديمقراطية ؟


**أنا بصفتي مبلغاً إسلامياً أن أدعو إلى حكم إسلامي ، ولكن بصفتي سياسي أعتقد ان أفضل حكم يناسب هذه المرحلة في العراق هو النظام الديمقراطي الذي يتكون من عدة أحزاب .


*هل لديكم استعداد بقبول حزب البعث والتعامل معه ؟


**حزب البعث كحزب نتعاون معه ، لكن العناصر التي ساهمت واشتركت بصورة مباشرة بقتل الناس قد يحاكمون محاكمة عادلة ، ولحزب البعث العراقي فرع في سوريا نحن معه في عمل مشترك .


*حالياً من الملاحظ أن حزب البعث الحاكم يسيطر على قضية الحرب الداخلية في الشمال والجنوب ، فهل لديكم تفاؤل في المرحلة القادمة ؟


**طبعاً عندي تفاؤل ، وتفاؤلي قائم على أساس أن حزب البعث انما يسيطر عسكريا ، ولكن لا يحكم العراق حالياً ، لان النظام تقلص هذه الأيام فيما يتصل بالجنوب والشمال وتحول النظام إلى قواعد عسكرية تملك الطائرات والدبابات ، لذلك سيطرة النظام ليست تلك السيطرة الكاملة ، وأينما توجد دبابة وسلاح ثقيل للنظام توجد سيطرتهم ، وإذا انسحبت الدبابة تذهب سلطة النظام وهذا السبب الأول لتفاؤلي .


السبب الثاني ، ان العالم بدأ يحس بآلامنا ، وأتصور ان العالم سوف يزداد اهتماماً بقضيتنا العادلة ، ونرجو ان يكون في ذلك سبب لدعم شعبنا ، دعماً سياسياً و إعلامياً وربما عسكريا .وهذا مما ، يدعوني للتفائل .


*كيف ترون الموقف الأمريكي الحالي ، بعد ان تحرك الرئيس بوش سابقاً ضد صدام حسين ، ولكن الآن يلاحظ تحليق الطائرات العراقية وقصفها المدن المنتفضة ؟


**بالنسبة إلى بوش أنا أتوقع ان الرأي العام الأمريكي سوف يضغط عليه لدعم الشعب العراقي في القريب العاجل ، وهناك تحول جرى اليوم في الموقف الأمريكي حسب ما أراه عبر الإعلام . وبالنسبة إلى سبب التأخير يبدو لي ان الإدارة الأمريكية تنتظر صدور قرار مجلس الأمن لتثبيت وقف إطلاق النار ، ومن ثم يتحركون في قضية صدام حسين ، وانهم يفضلون ان يتعاملوا في هذه المرحلة مع صدام حسين الضعيف أفضل مما يتعاملوا مع (ثورة منتصرة مليئة بالغرور والاعجاب بالنفس) . فهم ينتظرون التوقيع النهائي اليوم الذي يصدر ثم في ظني سوف يتحركون في دعم الشعب العراقي ، وان كان هذا الدعم يأتي متأخراً لكن أفضل من ان لا يأتي .


*هل تعتقدون ان أمريكا بعد تثبيت وقف اطلاق النار مع نظام صدام سوف تتوجه إلى شعب العراقي ؟


*نعم أعتقد ذلك ، وان ضغط الرأي العام الأمريكي بدأ يزداد لان الرئيس بوش شخصياً طالب الشعب العراقي بالانتفاضة والتحرك والشعب العراقي تحرك ، والشعب يرى بان بوش ساهم في ما جرى عليه من مشاكل . ولولا سماح أمريكا للعراق باستخدام طائرات الهليوكوبتر لربما الانتفاضة كانت تتجه باتجاه آخر ، وكل هذا يجعل ضمير الانسان الأمريكي يتأنب لماذا نحن جئنا إلى العراق وقتلنا مئة ألف إنساناً عراقياً ، ثم تركنا صدام يقتل البقية الباقية من أبناء الشعب . وهذه أصبحت كلمة مشهورة في وسائل الاعلام الامريكية وأعتقد غداً ستصبح هذه الكلمة على لسان كل أمريكي ، لذلك أنا أتوقع بان الادارة الأمريكية سوف تغير من سياستها فيما يتصل بانتفاضة الشعب العراقي .


*كيف ترى تحرك السعودية خلال هذا الحديث ؟


**نحن نعتقد ان العربية السعودية تنسق في مواقفها مع أمريكا والمهم هو التبدل في الرأي الأمريكي .


*ألا تعتقد ان السعودية خائفة من نجاح الانتفاضة من قبل الشيعة ؟


**يحتمل هذا الشيء ولكن حسب ما أخبرونا ، نعم يقولون انهم يرون خطورة صدام أكبر .


*نلاحظ في مؤتمر بيروت ان هناك وجوداً للخط السعودي ، سابقاً كان ممثلين المعارضة 17 فصيلاً ، ولكن بعد ذلك لوحظ 23 فصيلاً ، والملاحظ ان هؤلاء الـ 6 من قبل السعودية الذين حاولوا أن يدخلوهم بطريقة أو بأخرى مع المعارضة العراقية ؟


**ليس جميعهم ، بعضهم فعلاً عندهم علاقة بالسعودية ، ولكن ليست علاقة عملاء انما هم يتعاونون مع السعودية ضد النظام العراقي ، ومن هذه التجمعات التي زادت هناك شخصيات مستقلة .


*كيف ترى وضع الشيعة في الكويت ، يلاحظ ان هناك نوعاً من التنافر بين الشيعة الذين بقوا في الكويت وحملوا السلاح وبين النظام الكويتي الذي خرج من أول يوم ؟


**في أوضاع الاحتلال الأفكار تتضارب والعواطف تتحكم أكثر من التخطيط العقلائي ، و لكن بصورة عامة هناك وعود من قبل الحكومة الكويتية بتحسين علاقاتها مع الشيعة في الكويت ، والشيعة عموماً في الكويت الآن يريدون ان يطالبوا بحقوقهم ضمن النظام الدستوري ، وليس خارج هذا الاطار ، وقد دافعوا عن الكويت دفاعاً مستميتاً مما أثبتوا ولائهم لهذه الأرض ، وهناك أيضاً ضغط أمريكي على دول المنطقة ان تعطي المزيد من الحريات لشعوبها وهذا الضغط يشتمل الكويت أيضاً .


*هل هناك اختلاف بين مجموعتكم و مجموعة الحكيم ؟


**إختلافات ايديولوجية واستراتيجية غير موجودة ، قد تكون اختلافات في منهجية العمل ، نحن نفضل العمل في العراق بطريقة متحررة عن العلاقة الوثيقة مع الجمهورية الاسلامية ، يعني بطريقتنا الخاصة .


*هل هناك علاقة جيدة مع الأكراد ؟


**طبيعي نحن كلنا في خندق واحد ونشترك مع الأكراد بورقة عمل مشترك وقعت في دمشق وأعلن عنها في بيروت .


*بما انك من كربلاء وسعدون حمادي من كربلاء أيضاً هل تعرفه ؟


**أعرفه ولكن ليست معرفة دقيقة .


*أي نوع من الرجال هو ، فإذا أزيح صدام حسين هل يمكن التحدث معه ؟


**في تصوري الشعب العراقي لا يقبل الذين تعاونوا مع صدام في هذه الأيام ونحن مع ارادة الشعب ، وسعدون حمادي يشبه خاتم في أصبع صدام ، ليس أكثر ، أنا شخصياً لا أرى التحدث معه مفيداً للشعب العراقي .


بين صدام وبين كل عراقي حدود من الدم .. لا تدع مجالا لاستمرار النظام


((نص مقابلة وكالة ( باسفيك ) الأميركية للأنباء مع سماحة آية الله السيد محمد تقي المدرسي ، والتي أجريت هاتفياً ، بتاريخ 5/4/1991 ، وذلك حول تطورات الانتفاضة في العراق))


*الى متى يستطيع نظام صدام مقاومة الانتفاضة والاستمرار في الحكم ؟


**في ظني ان النظام قد انتهى من الناحية العملية ، باعتبار انه أصبح بينه وبين كل إنسان عراقي حدود من الدم ، ومن المستحيل ان يستمر هذا النظام فترة طويلة في الحكم ، وسوف يرحل سواء عبر الانتفاضة أوعبر طريقة أخرى .


*كم يستغرق من الزمن حتى يرحل ؟


**ان المسألة مسألة أشهر فقط .


*كيف ترون ، اللقاء الذي حصل بين بعض رموز المعارضة العراقية والحكومة الأميركية ؟


**بالنسبة إلى الساحة الأميركية ساحة كبيرة وذات علاقة مباشرة مع أحداث الخليج ، والقوات الأميريكية لا تزال موجودة على 15% من أراضينا لذلك هي معنية بما يجري في العراق أكثر من غيرها .


وبالنسبة إلى الاجتماع في تصوري سوف يكون بناءً لسبب واحد وهو ان الاميركيون يستطيعون ان يقدموا خدمة كبيرة للشعب العراقي بمنع النظام العراقي من استخدام قوات تدمير شاملة ضد الشعب العراقي .


وحول العناصر التي اجتمعت بالحكومة الأميركية أنا لا أعرفهم جميعاً لكن يبدو لي ان التنوع الذي كان في العناصر يعطينا انطباعاً بان هناك تمثيلاً متكاملاً نوعاً ما للشعب العراقي .


*الوجود الأميركي على الأراضي العراقية وعدم تدخله في ما يجري داخل العراق كيف يراه الشعب العراقي ؟


**في تصوري انه سيبقى عند الشعب العراقي هذا التساؤل لفترة طويلة ، وستشجع هذه الحالة بعض التوجهات المتطرفة في المنطقة إلى ان يعتقدوا ان الوجود الأميركي في المنطقة ليس وجوداً مفيداً .


*هل الشعب العراقي مصمم على إزالة صدام وحزبه من دفة الحكم مهما كلف الأمر من تضحيات وخسائر ؟


**نعم .. هذا هو قرار الشعب العراقي بكل طوائفه و قومياته ، والسبب الذي يدعوه إلى ذلك ان الانسان العراقي وصل الى نقطة الصفر وانه يفضل اليوم الموت على ان يعيش تحت ظل نظام صدام الذي قتل حتى الآن وخلال شهر ونصف بطريقة مباشرة (300) ألف أنساناً يعني انه أدخل العزاء الى كل عائلة عراقية وأوصل العراق الى حافة الانهيار وأعاده قرناً إلى الوراء .


*الملاحظ ان النظام العراقي يسعى لاخماد الانتفاضة في الشمال والجنوب ، فماذا ترون المستقبل ؟


/ 6