آیات الغدیر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آیات الغدیر - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


آيـات الغديـر


بحث في تفسير آيات الغدير وخطب حجة الوداع

مقـدمـة


بســــم اللّه الرحمن الرحيم .

الحمد للّه رب العالمين , وافضل الصلاة واتم السلام على .

سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

تـوجـد ثـلاث مـسـائل في عمل الانبيا والرسل (ع ) لم يعطها الباحثون حقها في تدوين سيرتهم , ودراسة اعمالهم :.

الـمـسالة الاولى : ان اصل مهمتهم (ع ) هو تبليغ الناس رسالة ربهم فقط فالمحورالذي تدور عليه اعمالهم هو التبليغ والادا , من اجل اقامة الحجة لربهم عز وجل على عباده .

فالرسول مبلغ رسالة ومؤديها وهو يتقي ربه سبحانه ويخاف من غضبه وعذابه ان هو قصر في الادا , او خالف حرفا مما كلف بان يؤديه ولذا تراه يشهد الناس على انه ادى اليهم , ليشهدوا له عند ربه .

والرسول مبلغ , وليس له اجبار الناس على قبول الهدى , ولا على الالتزام به ولايمكنه ذلك .

فـلا اكـراه فـي الـدين الالهي وحرية الناس يجب ان تبقى محفوظة , ليؤمنوا ان شاؤوا او يكفروا ويـلـتزموا بالدين او ينحرفوا عنه لان ذلك معنى فتح مدرسة الحياة في هذه الدار , وامتحان الناس بالهدى والضلال , واعطائهم القدرة على فعل الخير او الشر ثم محاسبتهم في مرحلة لاحقة في دار اخرى .

واجبارهم يتنافى مع اصول الامتحان , وما يلزمه من حرية اختيار.

والـمـسـالـة الثانية : ان هدف الانبيا والرسل (ع ) يتركز على القضايا ( الكبرى ) في حياة الناس ومسار المجتمعات فالرسول (ع ) مهندس رباني , ولكنه مهندس مدن ومجتمع , ومسيرة تاريخ .

واعماله يجب ان ينظر اليها بهذا المنظار , وان تقاس بهذا المقياس , وان يسال الباحث نفسه : ماذا كان سـيحدث في ثقافة الناس ومسار التاريخ , لو لم يبعث هذاالرسول , وماذا حدث بسبب بعثته وادائه لرسالته ؟.

او يسال نفسه : كيف كانت حالة العالم الوثنية اليوم , لو لم يبعث ابراهيم (ع )ويرسي اساس التوحيد , ويزرع كلياته في مسيرة المجتمع الانساني ؟ او كيف كانت حالة الجزيرة العربية , والبلاد العربية , والعالم في عصرنا , لو لم يبعث نبينا (ص ) , ولم يحدث هذا المد الاخير من التوحيد والحضارة ؟ لقد كان عمله (ص ) تكوين امة , ودفعها لتاخذ موقعها في مصاف امم العالم ,بل في ريادتها باحسن ما يمكن من مقومات الامة , مضمونا وشكلا.

كان عمله انشا سفينة , واطلاقها في بحر شعوب العالم وفي مجرى التاريخ وكان حريصا ان يكون ربـانـهـا بـعـده اهل بيته , الذين اصطفاهم اللّه وطهرهم , واورثهم الكتاب ولكن ان لم تقبل الامة بقيادتهم , فليكن الربان من يكون , حتى يبلغ اللّه امره في هذه الامة , ثم يبعث فيها المهدي الموعود (ع ).

والـمـسالة الثالثة : ان الجانب الذاتي في الرسول (ع ) موجود ومؤثر دون شك ,فهو مفكر , نابغ , مخطط , فاعل مختار ولكن الذاتية في عمله ضئيلة جدا وما يقابل الذاتية هنا ليس الالية , فان اطاعة الرسول (ع ) لما يوحى اليه انما هوعن قناعة , وايمان , وتعبد.

الـرسـول يجتهد في امور , شخصية او عامة ولكن مساحة الامور التي يسمح لنفسه ان يجتهد فيها ويعمل فيها برايه , جز قليل من مساحة عمله الواسع الكبير فمثله كمثل مهندس ارسله رئيسه لتنفيذ مشروع كبير , وهو مقتنع ان عليه ان يتصل دائما برئيسه , لـيـاخـذ منه التعليمات الحكيمة الصحيحة , حتى لا يقع في اخطا ضارة فهو يعمل ويفكر وينفذ , ولكنه على اتصال دائم بمركزه , ياخذ منه مراحل الخارطة , ويستشيره في رفع اشكالات التنفيذ وهذا المثل لمهمة هذا المهندس , مصغر آلاف المرات عن مهمة الرسول (ع ).

اما مركز هداية الرسول (ع ) , فلا يقاس احد باللّه سبحانه , ولا فعل احد بافعاله .

وعـلـى هذا , يجب علينا في دراسة سيرة نبينا (ص ) ان ندخل في حسابنا هذه الامور الثلاثة : انه مـبلغ ما امر به وان عمله انشا امة واطلاقها في مسيرة التاريخ وان عمله دائما بتوجيه ربه , وليس من عند نفسه .

والـمتامل في سيرته (ص ) يلمس هذه الحقيقة لمسا , وان اللّه تعالى كان يديرامره من اول يوم الى آخر يوم , وكان هو يطيع وينفذ مسلما امره الى ربه ,متوكلا عليه , راضيا بقضائه وقدره .

ولـذا جات النتائج فوق مايتصور العقل البشري , وفوق ما يمكن لكل مهندسي المجتمعات , ومنشئي الامم , ومؤسسي الحضارات .

لـقـد اسـتـطـاع الـرسول (ص ) ان يحدث مدا عقائديا حضاريا عالميا في اقل مدة ,واقل كلفة من الخسائر البشرية والمادية فرغم شراسة الاعدا والحروب لم تبلغ قتلى الطرفين الف قتيل وما ذلك الا بسبب ان ادارة الرسول (ص ) كانت من ربه عز وجل .

لقد كان القرآن يتنزل عليه باستمرار من اول بعثته الى قرب وفاته , وكان جبرئيل (ع ) ياتيه دائما , بيات قرآن او وحي غير القرآن , واوامر وتوجيهات واجوبة الخ .

ومـا اكـثر الامثلة في سيرته (ص ) على ذلك , فهي مليئة بالتدخل الالهي والرعاية في كبير اموره وصـغيرها وهي تدل على انه (ص ) ما كان يتصرف من عند نفسه الا في تطبيق الخطوط العامة التي اوحـيـت الـيه , او تنفيذ الاوامر التفصيلية التي بلغه اياهاجبرئيل (ع ) وكثيرا ما كان يتوقف عن العمل , ينتظر الوحي وقـد ورد انه (ص ) قال : اوتيت الكتاب ومثله معه , اي ما كان جبريل ياتيه به من السنن ـ الايضاح / 215 , وان جبريل كان ينزل عليه بالسنة كما ينزل بالقرآن ـ الدارمي : 1/ 145.

وكـانـت هـذه التوجيهات كانت تشمل اموره الشخصية ايضا (ص ) , من زواجه وطلاقه , ولباسه وطـعامه , ونومه ويقظته , ووضوئه وسواكه , فضلا عن عطائه ومنعه , وحبه وبغضه كما كانت شاملة لحالات حله وترحاله , ورضاه وغضبه .

ـ روى فـي الـكـافـي : 4 / 39 , عن الامام الصادق (ع ) قصة شخص كافر جا يحاج النبي (ص ) ويـكـذبه ويؤذيه ويتهدده , قال : ( فغضب النبي (ص ) حتى التوى عرق الغضب بين عينيه , وتربد وجـهـه , واطرق الى الارض , فاتاه جبرئيل (ع ) فقال : ربك يقرؤك السلام ويقول لك : هذا رجل سخي يطعم الطعام فسكن عن النبي (ص )الغضب ورفع راسه , وقال له :.

لـو لا ان جـبرئيل اخبرني عن اللّه عز وجل انك سخي تطعم الطعام , لشردت بك ,وجعلتك حديثا لمن خلفك فقال له الرجل : وان ربك ليحب السخا؟.

فقال : نعم .

فقال : اني اشهد ان لا اله الا اللّه وانك رسول اللّه , والذي بعثك بالحق لا رددت من مالي احدا انتهى .

ـ وروى في الكافي : 1 / 289 , ان شخصا سال الامام الباقر (ع ) فقال :.

حدثني عن ولاية علي , امن اللّه او من رسوله ؟.

فـغـضب افترضها اللّه , كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحج انتهى ولا نطيل الكلام بامثلة ذلك , فهي موضوع مهم لرسالة دكتوراه , بل لعدة رسائل .

والخلافة بعد النبي (ص ) موضوع بسيط وليس معقدا.

فـقـد قـال اهل البيت وشيعتهم ان النبي (ص ) نصب عليا (ع ) وليا للمسلمين من بعده , وان ذلك كان بامر ربه عز وجل , فلا مجال فيه لاختيار قريش او غيرقريش .

وقـالـت قـريـش انـه لم ينصب احدا , ولم يوص الى احد , وان ( سلطانه ) ترثه كل قبائل قريش الثلاث وعشرين , لانه ابن قريش .

لذلك اختارت قريش بعده قرشيا من قبيلة تيم هو ابو بكر , ثم اختار ابو بكرقرشيا من قبيلة عدي هو عمر , ثم اختار عمر بواسطة الشورى قرشيا ثالثا من بني امية هو عثمان .

ولـم يـخـتاروا خليفة من الانصار , لانه ليسوا قرشيين فلا حق لهم في سلطان محمد (ص ) , ولم يختاروا من بني هاشم , لان حقهم في سلطانه ليس اكثر من غيرهم من قبائل قريش , ولم تخترهم اكثرية قبائل قريش انـه مـوضـوع بـسيط , يدور حول وجود النص وعدم وجوده ولكنه موضوع شائك لا تحب فتحه قريش , لانه يضع نظام خلافتها تحت الاستفهام واذا فتحته حذرك القرشيون وقالوا لك : انه صعب معقد , وافتوا لك بان الكلام فيه حرام وآيـات الـغـديـر , جـز مـن مـجموع الايات التي نزلت في علي واهل البيت (ع ) ,وقد الف قدما الـمفسرين والمحدثين حتى السنيين منهم , كتبا خاصة في الايات التي انزلها اللّه تعالى في اهل بيت نـبـيه (ص ) , وفي الاحاديث التي قالها فيهم النبي (ص ) الذي لاينطق عن الهوى الـحـافظ ابي نعيم الاصفهاني باسم ( ما نزل في علي من القرآن ) , وكتاب النسائي صاحب الصحيح باسم ( خصائص امير المؤمنين علي ) , وهما كتابان معروفان مطبوعان .

واثـنـا بحثنا لايات الغدير الثلاث : ( بلغ ما انزل اليك من ربك ) و ( اليوم اكملت لكم دينكم ) و ( سال سائل بعذاب واقع ) وجدناها مرتبطة بخطب النبي (ص ) في حجة الوداع ارتباطا وثيقا , فكان لا بد ان يشمل موضوعنا بحوثا في هذه الخطب الست الثقلين من بعده : القرآن والعترة , وبشارته الامة في خطبة عرفات بان اللّه تعالى حل مشكلة الحكم فيها , واختار لهامن بعده اثني عشر اماما ربانيا.

كـذلـك كـان من اللازم ان نبحث العلاقة التي كانت قائمة بين النبي (ص ) وزعماقريش في قضية حكم اهل بيته من بعده (ص ).

وقـد اخترنا للكتاب اسم ( آيات الغدير ) رغم اشتماله على هذه الموضوعات ,لانه الاسم الانسب لها , وان زادت عن تفسير آيات الغدير بالمعنى الاصطلاحي .

نـرجو ان تكون بحوثا مفيدة , وان ينفعنا اللّه تعالى بها في آخرتنا , ويشملنا بسببهافي شفاعة النبي وآله الطاهرين (ص ).

مركز المصطفى للدراسات الاسلامية .

علي الكوراني العاملي .

في الثالث عشر من رجب المكرم 1419


الفصل الاول بحوث تمهيدية لتفسيرآية العصمة من الناس .


خلاصة آيات الغدير الثلاث

امـر اللّه تـعالى رسوله (ص ) قبل حجة الوداع , ان يدل امته على حجهم , كما دلهم على صلاتهم , وزكاتهم , وصومهم , وان يدلهم على امامهم من بعده ويعلن عهده الى وصيه من عترته , وينصبه علما لامته لانه تعالى لم يقبض نبيا من انبيائه (ع ) الابعد ان يكمل له دينه , ويورث الكتاب الالهي لوصيه , وينصبه علما لامته .

ودعا النبي (ص ) المسلمين الى الحج معه , ليعلمهم مناسك حجهم , ويقيم لهم عليا (ع ) علما من بعده ولـكـنـه كـان يـخشى ان تعارض ذلك قريش , لحسدها القديم لبني هاشم , وان يطعنوا في نبوته , ويـتـهموه بانه يريد تاسيس ملك لاسرته كملك كسرى وقيصر فيؤدي ذلك الى حدوث حركة ردة في الامة .

وحـج النبي (ص ) حجة الوداع , وبلغ الامة فريضة الحج , وخطب في مكة وعرفات ومنى خمس خطب بين فيها للامة معالم دينها , وبشرها بالائمة الاثني عشر من اهل بيته (ع ) , وشدد على انه لا امان للمسلمين من الضلال الا بالتمسك بالثقلين : القرآن والعترة .

كما حذرهم من الائمة المضلين , واصحابه الذين سينقلبون من بعده على اعقابهم , فيمنعهم اللّه تعالى من ورود حوضه يوم القيامة .

وبسبب حساسية قريش , لم يكرس النبي (ص ) ولاية العترة الطاهرة بشكل رسمي ولم ياخذ البيعة من المسلمين لعلي (ع ).

وفي طريق عودته (ص ) من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل (ع ) بقوله تعالى بالاية الاولى ( يا ايها الـرسـول بلغ ما انزل اليك من ربك الخ ) فاوقف النبي (ص )المسلمين في الجحفة عند غدير خم , وبـلغهم ما امره به ربه , واصعد عليا (ع ) معه على المنبر , ورفع بيده معلنا ولايته من بعده , وامر ان تنصب له خيمة , وان يهنئه المسلمون بالولاية , فهنؤوه وبايعوه فنزلت عند ذلك آية اكمال الدين واتمام النعمة بولاية العترة الطاهرة , وهي قوله تعالى : اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا الخ وذلك في يوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجة .

وقـبـل وصول النبي (ص ) الى المدينة وبعده , بدات تحركات قريش والمنافقين ,ولكن اللّه تعالى احـبطها , وعصم رسوله من ارتداد الامة على نبوته في حياته , وذلك بوسائل متعددة , كان منها ان انزل العقاب على عدد من المعترضين على النبي (ص ), وكان احدهم جابر بن النضر بن الحارث من بني عبد الدار , الذي كان ابوه زعيم بني عبد الدار , وحامل لوا قريش يوم بدر.

قال ابو عبيد الهروي في كتابه غريب القرآن :.

لـمـا بـلـغ رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غدير خم ما بلغ , وشاع ذلك في البلاد ,اتى جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري , فقال :.

يـا محمد والـزكـاة , فقبلنا منك ثم لم ترض بذلك , حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه فقال رسول اللّه (ص ) : واللّه الذي لا اله الا هو , ان هذا من اللّه .

فولى جابر يريد راحلته وهو يقول : اللهم ان كان ما يقول محمد حقا فامطر عليناحجارة من السما او ائتـنا بعذاب اليم وانزل اللّه تعالى : سال سائل بعذاب واقع الخ .

ومع ان عددا من مصادر السنيين توافقنا على تفسير الايات الثلاث بقصة الغديرواعلان النبي (ص ) ولاية علي والعترة الطاهرة (ع ) ولكن اكثر مفسريهم ومحدثيهم فسروها بوجوه اخرى , متعددة ومتضاربة , كما سترى .

لذلك حررنا بعض البحوث التمهيدية اللازمة لتفسير هذه الايات الكريمة .

البحـث الاول خلافة النبي (ص ) كانت مطروحة في حياته



مـضـافا الى منطق الامور , توجد ادلة ملموسة تدل على ان الخلافة وولاية الامربعد النبي (ص ) كانت مطروحة من اول بعثته والى آخر حياته الشريفة , وان الكلام كان يجري في من يخلفه بشكل طبيعي لا كما تقول مصادر السنيين من ان النبي (ص ) لم يوص الى احد , وان المسلمين لم يطرحوا هذا الموضوع معه ابدا , ولاسالوه عنه حتى مجرد سؤال وهذه الادلة غير ما ثبت من نصوص النبي (ص ) على امامة العترة من بعده (ع ).

الـدلـيـل الاول : مـاورد في سيرة النبي (ص ) من انه كان يعرض نفسه على القبائل في اول بعثته , ويـطلب منها ان تحميه لكي يبلغ رسالة ربه وان بعض القبائل قبلت عرضه بشرط ان يكون الامر لها من بعده , فاجابها النبي (ص ) بانه مجرد رسول والامر ليس له , بل هو للّه تعالى يجعله لمن يريد وابـرز مـا وجدنا من ذلك : حديث بني عامر بن صعصعة , وحديث كندة ,وكلاهما في اول البعثة , وحديث عامر بن الطفيل , وهو في اواخر حياة النبي (ص ) ـ ففي سيرة ابن هشام : 2 / 289:.

اتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم الى اللّه عز وجل , وعرض عليهم نفسه , فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس : واللّه لو اني اخذت هذا الفتى من قريش لاكلت به العرب , ثم قال له : ارايت ان نحن بايعناك على امرك , ثم اظهرك اللّه على من خالفك , ايكون لنا الامر من بعدك ؟.

قال : الامر الى اللّه , يضعه حيث يشا.

قال فقال له : افنهدف نحورنا للعرب دونك , فاذا اظهرك اللّه كان الامر لغيرنا فابوا عليه .

فلما صدر الناس , رجعت بنو عامر الى شيخ لهم , قد كانت ادركته السن حتى لايقدر ان يوافى معهم المواسم , فكانوا اذا رجعوا اليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم , فلما قدموا عليه ذلك العام سالهم عـما كان في موسمهم , فقالوا : جانا فتى من قريش ثم احد بني عبد المطلب , يزعم انه نبي يدعونا الـى ان نمنعه ونقوم معه ونخرج به الى بلادنا , قال : فوضع الشيخ يديه على راسه , ثم قال : يا بني عـامـر هل لها من تلاف ؟ وانها لحق , فاين رايكم كان عنكم ورواه الـطـبري في تاريخه :2 / 84 , وابن كثير في سيرته : 2 / 158 , وحكاه في الغدير : 7 /134 , عـن سـيـرة ابـن هـشام : 2 / 32 , والروض الانف : 1 / 264 , وبهجة المحافل لعماد الـديـن الـعـامري 1 / 128 , والسيرة الحلبية : 2 / 3 , وسيرة زيني دحلان : 1 / 302 , بهامش الحلبية ,وحياة محمد لهيكل / 152.

واما حديث قبيلة كندة , فرواه ابن كثير في سيرته : 2 / 159 قال :.

قال عبد اللّه بن الاجلح : وحدثني ابي عن اشياخ قومه , ان كندة قالت له : ان ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك ؟.

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ان الملك للّه , يجعله حيث يشافقالوا :لا حاجة لنا فيما جئتنا به واما حديث عامر بن الطفيل شيخ مشايخ قبائل غطفان , فرواه ابن كثير ايضا في سيرته : 4 /114 , قال :.

عن ابن عباس ان اربد بن قيس بن جز بن خالد بن جعفر بن كلاب , وعامر بن الطفيل بن مالك , قدما المدينة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , فانتهيا اليه وهو جالس , فجلسا بين يديه : فقال عامر بن الطفيل :.

ـ يا محمد , ما تجعل لي ان اسلمت ؟.

ـ فـقـال رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ـقال عامر : اتجعل لي الامر ان اسلمت , من بعدك ؟.

ـ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ليس ذلك لك , ولا لقومك , ولكن لك اعنة الخيل .

ـ قال : انا الان في اعنة خيل نجد , اجعل لي الوبر , ولك المدر.

ـ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا.

ـ فلما قفل من عنده , قال عامر : اما واللّه لاملانها عليك خيلا ورجالا ـ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يمنعك اللّه .

ـ وفـي ص 112 , قـال : وكـان عـامـر بن الطفيل قد اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ,فقال : اخـيرك بين ثلاث خصال : يكون لك اهل السهل ويكون لي اهل الوبر , واكون خليفتك من بعدك , او اغزوك بغطفان بالف اشقر والف شقرا قـال فطعن ( اصيب بالطاعون ) في بيت امراة فقال : اغدة كغدة البعير , وموت في بيت امراة من بني فلان الدليل الثاني : ان بيعة النبي (ص ) للانصار تضمنت ثلاثة شروط:.

الاول : ان يحموه مما يحمون منه انفسهم .

الثاني : ان يحموا اهل بيته وذريته مما يحمون منه اهل بيوتهم وذراريهم الثالث : ان لا ينازعوا الامر اهله .

وهذا يعني ان يطيعوا من يختاره اللّه تعالى للقيادة بعد نبيه (ص ) , وان مبداالاختيار الالهي للائمة بعد النبي (ص ) كان مفروغا عنه من اول الرسالة .

وقـد وفـت الانـصـار بـالشرط الاول خير وفا , ولكنها حنثت بالشرطين الاخيرين حنثا سيئا مع الاسف ـ ففي صحيح البخاري : 8 / 122.

عـن عبادة بن الصامت قال : بايعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره , وان لا ننازع الامر اهله , وان نقوم او نقول بالحق حيثما كنا , لا نخاف في اللّه لومة لائم .

ـ ورواه مسلم : 6 / 16 والنسائي : 7 / 137 , بعدة روايات , وعقد بابا بعنوان .

( باب البيعة على ان لا ننازع الامر اهله ).

ـ ورواه ابـن ماجة : 2 / 957 , واحمد : 5 / 316 , وفي ص 415 وقال ( قال سفيان : زادبعض الناس : ما لم تروا كفرا بواحا ) ورواه البيهقي في سننه : 8 / 145.

ورووا روايـات فيها الزيادة التي ذكرها سفيان , وزيادة اخرى كما في صحيح البخاري : 8 / 88 قال : دعانا النبي صلى اللّه عليه وسلم فبايعنا , فقال فيما اخذ علينا ان بايعناعلى السمع والطاعة في مـنـشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , واثرة علينا , وان لاننازع الامر اهله , الا ان تروا كفرا بواحا , عندكم من اللّه فيه برهان انتهى .

ورواه البيهقي في سننه : 8 / 145.

ـ وروى احـمـد فـي مـسنده : 5 / 321 : عن عبادة بن الصامت قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : عليك السمع والطاعة , في عسرك ويسرك , ومنشطك ومكرهك ,واثرة عليك , ولا تنازع الامر اهله , وان رايت انه لك انتهى .

وهاتان الزيادتان محل شك , لان البيعة كانت قبل الهجرة , ولم يكن فيها استثنامن الطاعة , ولم تكن مسالة اثرة القرشيين على الانصار مطروحة ابدا الا بعد بيعة ابي بكر , واعتراض رئيس الانصار صـاحـب الـسقيفة سعد بن عبادة , وما جرى له وهذايوجب الاطمئنان بان زيادتي الاستثنا والاثرة نشاتا من جو علاقة الانصار مع الخلافة القرشية بعد وفاة النبي (ص ).

ويـلاحـظ ان الـصـحاح القرشية اكثرت من رواية شرط النبي (ص ) على الانصار ان لا ينازعوا الامر اهله , لاجل ان تحتج عليهم بانهم لا سهم لهم في الخلافة القرشية ولكنها لم ترو شرط النبي (ص ) عـلـى الانصار ان يمنعوا اهل بيته وذريته ممايمنعون منه اهليهم , لان ذلك في غير مصلحة الخلافة القرشية , التي هاجمت بيت فاطمة وعلي (ع ) , واشعلت فيه النار لتحرقه بمن فيه , ان لم يخرجوا ويبايعوا ـ قال في مجمع الزوائد : 6 / 49.

عـن عبادة بن الصامت ان اسعد بن زرارة قال : يا ايها الناس , هل تدرون على ماتبايعون محمدا صلى اللّه عـلـيه وسلم ؟ انكم تبايعونه ان تحاربوا العرب والعجم ,والجن والانس لمن حارب , وسلم لمن سالم .

قالوا : يارسول اللّه اشترط.

قال : تبايعوني على ان : تشهدوا ان لا اله الا اللّه , واني رسول اللّه , وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة , والسمع والطاعة , وان لا تنازعوا الامر اهله , وان تمنعوني مماتمنعون منه انفسكم واهليكم .

وعـن حسين بن علي قال : جات الانصار تبايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على العقبة فقال : يا علي قم فبايعهم , فقال علي : ما ابايعهم يا رسول اللّه ؟.

قـال : عـلـى ان يطاع اللّه ولا يعصى , وعلى ان تمنعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واهل بيته وذريته , مما تمنعون منه انفسكم وذراريكم انتهى .

وستاتي روايته من مصادر اخرى في ( مهمة نبينا (ص ) في التبليغ ).

الدليل الثالث : حديث الدار المعروف , الذي ورد في تفسير قوله تعالى ( وانذرعشيرتك الاقربين ).

ولا بـد هنا من التنبيه على امر مهم , وهو ان مدوني السيرة النبوية الشريفة طمسوا مرحلة دعوة بني هاشم من السيرة , مع انها منصوصة في القرآن , واخترعوابدلها مرحلة ما قبل بيت الارقم , وما بعد بيت الارقم ورووا فيها الصحيح وغيرالصحيح , والمعقول وغير المعقول وتـدل الايـة الـكريمة على ان اللّه تعالى امر رسوله (ص ) في المرحلة الاولى ان يدعو بني هاشم فقط فماذا فعل النبي (ص ) في هذه المرحلة ؟.

وهل استمرت مدتها شهورا , او سنوات , حتى نزل الامر بتوسيع نطاق الدعوة ؟.

ومـا مـعـنـى الامـر الالهي : ان تكون نبوة الرسول (ص ) اولا لبني هاشم خاصة ,وبعدها لقريش والعرب والناس عامة ؟.

ومـا مـعنى ان قريشا اتخذت قرارا بمحاصرة بني هاشم , فالتفوا جميعا حول النبي (ص ) , مؤمنهم وكافرهم , وتحملوا الحصار الشامل الذي استمر من السنة السادسة او السابعة , الى السنة الحادية عشرة للبعثة ولم يقل احد منهم آخ ومـا مـعنى انه عندما كانت تقع شدائد على المسلمين , لا ينهض بحملها الا بنوهاشم ؟ المسلمون جميعا في احد , ولم يثبت غير بني هاشم ثم انهزموا في حنين وهم عشرة آلاف فلم يثبت غير بني هاشم ان هـذه الـحـقائق والظواهر تفسر الحديث الذي روته مصادرنا ( بعثت الى اهل بيتي خاصة , والى الناس عامة ).

كـمـا تدل آية ( انذر عشيرتك الاقربين ) على ان انذار بني هاشم كان مبرمجا من اللّه تعالى ويدل حـديـث الدار على ان تعيين وصي النبي (ص ) وخليفته من بينهم ,كان عملا مبكرا , من ضمن ذلك البرنامج .

ـ فقد قال السيوطي في الدر المنثور : 5 / 97.

واخرج ابن اسحق , وابن جرير , وابن ابي حاتم , وابن مردويه , وابو نعيم ,والبيهقي في الدلائل , مـن طـرق , عـن عـلي (رض ) قال : لما نزلت هذه الاية على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : وانـذر عـشيرتك الاقربين , دعاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال : ياعلي ان اللّه امرني ان انذر عشيرتي الاقربين فضقت بذلك ذرعا , وعرفت اني مهما ابادؤهم بهذا الامر ارى منهم ما اكره , فـصـمـت عـلـيها حتى جا جبريل فقال : يامحمد انك ان لم تفعل ماتؤمر به يعذبك ربك , فاصنع لي صاعامن طعام , واجعل عليه رجل شاة , واجعل لنا عسا من لبن , ثم اجمع لي بني عبدالمطلب , حتى اكلمهم وابلغ ما امرت به .

/ 28