لطفا منتظر باشید ...
شرح نهج البلاغه (علي بن زيد بيهقي فريد خراساني)
خطبه ها
خطبه 001-آغاز آفرينش آسمان
قوله: لا يدركه غوص الفطن، الغوص اصل يدل على هجوم على امر مستقبل، فالفطنه كالفهم، و قد فطن بكسر الطاء فطنه و فطانه، و من ذلك قول الحكماء: (الجهاله ادنى الى الخلاص من الفطانه البتراء) معناه ان من لا يعتقد الحق، و كان قلبه خاليا عن اعتقاد الحق و الباطل، فهو اقرب الى النظر و تحصيل المعتقد الحق من الذى اعتنق الباطل و اكده بشبهات، و ذب عنه.و ايضا الخالى من اعتقاد الحق و الباطل اقرب الى النظر من المقلد للحق الذى له فطانه بتراء، فاعتقد من طريق التقليد مالا وثوق له به.و معنى قوله: لا يدركه غوص الفطن، اى لا يدركه هجوم الافهام على امر مستقبل، بل انما يعرف، تبارك و تعالى، بالدلايل المحسوسه من افعاله، او بنفس الوجود و اعتباره و انقسامه، كما قال الله، تعالى فى محكم كتابه.اما التوصل فى معرفته من الاشياء المحسوسه اعنى الاجسام، فكما بينه المتكلمون فى مقدمات تصانيفهم.و اما اعتبار نفس الوجود فكقول القايل: الوجود ينقسم الى واجب و ممكن، و وجود البارى، تعالى، واجب، فليس بممكن، و تصحيح ذلك بالبراهين.و كذلك قال الله، تعالى: (سنريهم آياتنا فى الافاق و فى انفسهم)، هذا طريق يسلكه المتكلمون.ثم قال: او لم يكف بربك انهعلى كل شى ء شهيد، هو طريق اعتبار الوجود.قال بعض الحكماء: لك ان تلحظ عالم الخلق فترى فيه امارات الصنعه، و لك ان تلحظ عالم الوجود المحض، و تعلم انه لابد من وجوب بالذات.فان اعتبرت عالم الخلق، فانت صاعد، و ان اعتبرت عالم الوجود المحض، فانت نازل، تعرف بالنزول ان ما ليس بممكن الوجود هو البارى، و تعرف بالصعود ان هذا هذا.[154] و يحتمل ان يكون معنى قوله لا يدركه غوص الفطن على عاده العرب، (19 پ) و هو انهم يقولون: لوسقانا نوء كذا، لامنا بالله و عرفنا وحد انيته، و لو رزقنا الله اننا نحيا، لعرفنا انه الله الذى لا اله الا هو، ففى ذلك الطريق يقال: لا يدركه هجوم الافهام على امر مستقبل متوقع.و الغوص الدخول تحت الماء، و منه الغواص.و الهاجم على شى ء غائص.قيل: يعنى لا يدركه غوص الفطن فى الشبهات.قوله: لا يحصى نعمائه العادون، يحصى ان يطبق قال الله، تعالى: علم ان لن يحصوه اى لن يطبقوه.و قال بعض المحققين معنى قوله: (لا يدركه غوص الفطن) ان العقل عاجز عن ادراك عجزه، كما ان الوهم بالضروره عاجز عن ادراك المعقولات، و ادراك العقل عاجز عن ادراك عجزه الحقيقى.فكيف يتعجب المتعجبون انه عاجز عن ادراك حقيقه الحق، و حقيقه علمه، و تفاصيل
معلوماته و مقدوراته، و التقدير الالهى الذى هو ينبوع الوجود الحاردث.قوله: فقد قرنه، القرن هاهنا يدل على جمع شى ء الى شى ء.الصفه فى اللغه الاماره للشى ء، كالزنه.و قد يكون بمعنى الوصف، و الوصف، تحليه الشى ء، يقال: صف على ما ذكرت، وصفه لى و عند المتكلمين للصفه وضع آخر.فقال بعض المتقدمين من المتكلمين: حد الصفه قول يفيد الموصوف معنى او حالا.و صفه الذات صفه يطلق على الموصوف لتخصيصه، و يشارك فيها جنسه.و صفه العله صفه تحت الموصوف فى حال يجوز ان يكون ضد هاله.و فرق عند المتكلمين بين الصفات و الاحكام.فصحه احتمال الاعراض، حكم من احكام الجوهر، و ليست بصفه.و صحه الفعل حكم من احكام القادر.و الحسن و القبح من احكام الافعال.و اختصاص العرض بالمحل من حكم العرض.لا يتصور من صفات الله، تبارك و تعالى، كثره فى ذاته، و لذلك عند بعض القايلين مثال، و هو (20 ر) ان العشره لها فى ذاتها معنى مفهوم، و ذلك المعنى واحد لا ينقسم، و يدل عليه لفظ العشره فاما اذا اعتبر منها نسبه الى الخمسه، دل عليها بلفظ الضعف.و اذا اعتبر نبستها الى العشرين، دل عليها بلفظ النصف.و اذا اعتبر نسبتها الى الثلثين، دل عليها بلفظ الثلث.و هكذا يمكن ان يدل ع
ليها بالفاظ آخر عند اختلاف، نسبتها الى اعداد آخر.و اذا اعتبرت الوجه الذى يلى بمعنى العشره و ذاتها، لم يوجد فيها تعدد.فكذلك ذات الله، تعالى، يلزمها الوحده و الاحديه التى اخص من الوحده، و لكن لكثره نسب الذات، التى وجب وجودها الى الموجودات الاخر، التى استحقت الوجود من تلك الذات عنها، حتى ينادى حقائق تلك النسب بواسطتها الى افهام الضعفاء، فاذا نسبت تلك الذات الى صدور الموجودات المرتبه عنها، و علم انها ممكنات، و ان الممكن لابد له من واجب يوجده، سميت هذا الاعتبار قادرا و الاوهام تظن هاهنا مغايره، و ليس الامر كذلك.هذا.و قد لقيت فى زمانى من المتكلمين من له السنان الاضخم و المقام الاكرم، يتصرف فى الادله و الحجج تصرف الرياح فى اللجج، كالنجم المضى ء للسارى و الثوب القشيب للعارى.منهم والدى الامام ابوالقسم، قدس الله روحه.و من تامل تصنيفه المعنون بلباب الالباب، و حدايق الحقائق، و مفتاح باب الاصول، عرف انه فى هذا الفن سباق غايات، و صاحب آيات.و منهم الامام الزاهد ابراهيم بن محمد الخزاز، الذى فرغ باب العفاف، و قنع من دنياه بالكفاف، و كان سريع الاجابه بديع الاصابه.
