شرح نهج البلاغه (علي انصاريان) - شرح نهج البلاغه المقتطف من بحارالانوار نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه المقتطف من بحارالانوار - نسخه متنی

محمدباقر المجلسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

شرح نهج البلاغه (علي انصاريان)


خطبه ها

خطبه 001-آغاز آفرينش آسمان و

.

.

.

بيان: الفقره الاولى اقرار بالعجز عن الحمد باللسان كما ان الثانيه اعتراف بالقصور عن الشكر بالجنان، و الثاثه عن العمل بالاركان.

و الهمه القصد و الاراده و بعدها علوها و تعلقها بالامور العاليه، اى لا تدركه الهمم العاليه المتعرضه لصعاب الامور الطائره الى ادراك عوالى الامور.

و الفطن بكسر الفاء و فتح الطاء- جمع فطنه بالكسر-، الحذق وجوده استعداد الذهن لتصور ما يرد عليه، اى لا يصل الى كنه حقيقته الفطن الغائصه فى بحار الافكار.

قوله- عليه السلام- الذى ليس لصفته اى لا يدخل فى صفاته الحقيقيه حد محدود من الحدود و النهايات الجسمانيه، و يحتمل ان يكون الصفه بمعنى التوصيف اى لا يمكن توصيفه بحد.

و وصف الحد بالمحدود اما لان كل حد من الحدود الجسمانيه فله حد ايضا كالسطح ينتهى الى الخطوط مثلا، او على المبالغه كقولهم: شعر شاعر.

و يمكن ان يقرا على الاضافه و ان كان خلاف ما هو المضبوط، و يمكن ان يكون المعنى: انه ليس لتوصيفه- تعالى- بصفات كماله حد ينتهى اليه بل محامده اكثر من ان تحصى.

و لا يوصف ايضا بنعت موجود اى بالصفات الزائده ردا على الاشعرى، و انما قيد بقوله موجود اذ لا ضير فى توصيفه بالصفات الاعتباريه و الاضافيه، و يحت
مل ان يكون المراد نعت موجود فى المخلوقين، او يكون الموجود من الوجدان اى نعت يحيط به العقل.

و احتمال الاضافه فيها و فى قرينتيها باق مع بعده.

و لا يمكن وصفه ايضا بالوقت و الاجل، و الفرق بينهما باعتبار الابتداء و الانتهاء اى ليس له وقت معدود من جهه الازل و لا اجل موجل ممدود من جهه الابد.

و قال ابن ابى الحديد: يعنى بصفته ههنا كنهه و حقيقته، يقول: ليس لكنهه حد فيعرف بذلك الحد قياسا على الاشياء المحدوده لانه ليس بمركب و كل محدود مركب.

ثم قال: و لا نعت موجود اى لا يدرك بالرسم كما يدرك الاشياء برسومها و هو ان يعرف بلازم من لوازمها و صفه من صفاتها.

ثم قال: و لا وقت معدود و لا اجل ممدود.

و فيه اشاره الى الرد على من قال: انا نعلم كنه البارى- تعالى- لا فى هذه الدنيا بل فى الاخره.

و قال ابن ميثم: المراد انه ليس لمطلق ما يعتبره عقولنا له من الصفات السلبيه و الاضافيه نهايه معقوله تقف عندها فيكون حدا له، و ليس لمطلق ما يوصف به ايضا وصف موجود يجمعه فيكون نعتا له و منحصرا فيه.

ثم قال: ليس لصفته حد اى ليس لها غايه بالنسبه الى متعلقاتها كالعلم بالنسبه الى المعلومات، و القدره الى المقدورات.

انتهى.

و لا يخفى بعد تلك الوجوه.

و (ال
فطر) الابتداع، و (الخلائق) جمع خليقه بمعنى المخلوق او الطبيعه، و الاول اظهر.

(و نشر الرياح) اى بسطها برحمته اى بسبب المطر او الاعم، و يويد الاول قوله- تعالى-:(هو الذى يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته).

(وتد بالصخور) يقال: وتد اى ضرب الوتد فى حائط او غيره، و الصخور حجاره العظام.

و الميدان بالتحريك، الحركه بتمائل و هو الاسم من ما ديميد ميدا و هو من اضافه الصفه الى موصوفها و التقدير: (و تد بالصخور ارضه المائده)، و انما اسند الى الصفه لانها العله فى ايجاد الجبال كما قال- تعالى-: (و القى فى الارض رواسى ان تميد بكم) و قال: (و الجبال اوتادا) ثم اعلم انهم اختلفوا فى انه لم صارت الجبال سببا لسكون الارض على اقوال: الاول: ان السفينه اذا القيت على وجه الماء فانها تميل فاذا وضعت فيها اجرام ثقيله استقرت، و لعل غرضهم ان الارض اذا لم توتد بالجبال لامكن ان تتحرك بتموج الهواء و نحوه حركه قسريه.

الثانى: ما ذكره الفخر الرازى حيث قال: قد ثبت ان الارض كره و ان هذه الجبال بمنزله خشونات و تضريسات على وجه الكره فلو فرضنا ان الارض كانت كره حقيقه لتحركت بالاستداره بادنى سبب لان الجرم البسيط المستدير يجب كونه متحركا على نفسه بادنى سبب و ان لم تجب حركته بنفسه عقلا، اما اذا حصل على سطحها هذه الجبال فكل واحد انما يتوجه بطبعه الى المركز فيكون بمنزله الاوتاد، و لا يخفى ما فيه من التشويش و الفساد.

الثالث: ما يخطر بالبال و هو ان يكون مدخليه الجبال لعدم اضطراب الارض بسبب اشتباكها و اتصال بعضها ببعض فى اعماق الارض بحيث تمنعها عن تفتت اجزائها و تفرقها فهى بمنزله الاوتاد المغروزه المثبته فى الابواب المركبه من قطع الخشب الكثيره بحيث تصير سببا لا لتصاق بعضها ببعض و عدم تفرقها، و هذا معلوم ظاهر لمن حفر الابار فى الارض فانها تنتهى عند المبالغه فى حفرها الى الاحجار الصلبه.

الرابع: ما اول بعضهم الايه به و هو ان المراد بالاوتاد الانبياء و العلماء و بالارض الدنيا فانهم سبب استقرار الدنيا، و لا يخفى انه لو استقام هذا الوجه فى الايه لا يجرى فى كلامه- عليه السلام- الا بتكلف لا يرتضيه عاقل.

الخامس: ان يقال: المراد بالارض قطعاتها و بقاعها لا مجموع كره الارض و يكون الجبال اوتادا لها انها حافظه لها عن الميدان و الاضطراب بالزلزله و نحوها، اما لحركه البخارات المحتقنه فى داخلها باذن الله- تعالى- او لغير ذلك من الاسباب التى يعلمها مبدعها و منشئها، و يويده ماسياتى من خبر
ذى القرنين، و سياتى تمام القول فى ذلك فى كتاب السماء و العالم.

قد مضى شرح اكثر فقرات هذه الخطبه فى كتاب التوحيد و نشير هنا الى بعض ما يناسب المقام: (المدحه) بالكسر، الحاله التى تكون المادح عليها فى مدحه، و الاضافه للاختصاص الخاص اى المدحه اللائقه بعزه جلاله، و لعل المراد عجز جميع القائلين و ان اجتمعوا.

و (الاجتهاد) السعى البليغ، العباده.

و ظاهر قوله (و لا وقت معدود و لا اجل ممدود نفى الزمان مطلقا عنه- تعالى- كالمكان و يمكن حملهما على الازمنه المعدوده المتناهيه، و لعل الاول للماضى و الثانى للمستقبل.

و (الفطر) الابتداء و الاختراع، و اصله الشق.

و نشر الرياح بسطها، و كل ما جاء فى القرآن بلفظ الرياح فهو للرحمه و ما ورد فى العذاب فهو بلفظ المفرد، و لعله اشاره الى قله العذاب و سعه الرحمه، و يمكن ان يراد بالرحمه هذا المطر، كما قال- سبحانه-: (و هو الذى يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته).

و قرى بالباء و النون، و قيل: زعمت العرب ان السحاب لا تلقح الا من رياح مختلفه، فيمكن ان يكون المراد بالنشر ذلك.

و قال الفراء: (النشر) من الرياح الطيبه اللينه التى تنشى السحاب، و التعميم اولى لان رياح الرحمه كثيره منها اللواقح و مهيجه الس
حب الماطره و الحابسه لها بين السماء و الارض و العاصره لها حتى تمطر و المجريه للجوارى فى البحار و غيرها.

و (وتد الشى ء) بالتخيف، اى جعله محكما مثبتا بالوتد.

و (الصخور) جمع الصخره، و هى الحجر العظيم الصلب.

و (الميدان) بالتحريك، التحرك و الاضطراب، و قد مر تحقيق ذلك و سياتى بعضه.

قوله- عليه السلام- و كمال معرفته التصديق به الفرق بينهما اما بحمل المعرفه على الاذعان بثبوت صانع فى الجمله، و التصديق على الاذعان بكونه واجب الوجود او مع سائر الصفات الكماليه او بحمل الاول على المعرفه الفطريه و الثانى على الاذعان الحاصل بالدليل، او لاول على المعرفه الناقصه و الثانى على التامه التى وصلت حد اليقين.

و انما قال- عليه السلام- و كمال التصديق به توحيده لان من لم يوحده و اثبت له شريكا فقد حكم بما يستلزم امكانه فلم يصدق به بل بممكن غيره.

فمن وصف الله-اى بالصفات الزائده- فقد قرنه اى جعل له شيئا يقارنه دائما.

و من حكم بذلك فقد ثناه اى حكم باثنينيه الواجب اذ القديم لا يكون ممكنا، و من حكم بذلك فقد حكم بانه ذو اجزاء لتركبه مما به الاشتراك و ما به الامتياز، او لان التوصيف بالاوصاف الزائده الموجوده المتغايره لا يكون الا بسبب الاجزاء المتغايره المختلفه، او لان اله العالم و مبدعه اما ان يكون ذاته- تعالى- فقط مع قطع النظر عن هذه الصفات او ذاته معها، و الاول باطل لان الذات الخاليه عنها لا تصلح للالهيه، و كذا الثانى لان واجب الوجود اذا يصير عباره عن كثره مجتمعه من امور موجوده فكان مركبا فكان ممكنا.

قوله- عليه السلام- (و من اشار اليه) اى بالاشاره الحسيه فقد حده بالحدود الجسمانيه او بالاشاره العقليه فقد حده بالحدود العقلانيه.

و من حده فقد عده اى جعله ذا عدد و اجزاء، و قيل: (عده من الممكنات) و لا يخفى بعده.

و كمال الاخلاص له نفى الصفات عنه لعل مناسبه الاخلاص لنفى الصفات ان الاخلاص فى العباده بالنظر الى عامه الخلق هو ان لا يقصدوا فى عبادتهم غيره- تعالى- من المخلوقين، و بالنظر الى الخواص ان يعرفوا الله بحسب وسعهم و طاقتهم بالوحدانيه ثم يعبدونه، فمن عبد الله وحده بزعمه و زعم ان له صفات زائده فلم يعبد الها واحدا بل آلهه كثيره، بل لم يعبد الله اصلا كما مر فى الخبر: من عبد الاسم دون المعنى فقد كفر، و من عبد الاسم و المعنى فقد اشرك، و من عبد المعنى بايقاع الاسماء عليه بصفاته التى وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه و نطق به لسانه فى سر امره و علانيته فاولئك اصحاب اميرالمومنين حقا.

و قال ابن ميثم: المراد بالمعرفه المعرفه التامه التى هى غايه العارف فى مراتب السلوك، و اوليتها فى العقل لكونها عله غائيه، و بين الترتيب بان المعرفه تزاد بالعباده و تلقى الاوامر بالقبول، فيستعد السالك اولا بسببها للتصديق بوجوده يقينا ثم لتوحيده
ثم للاخلاص له ثم لنفى ما عداه عنه فيغرق فى تيار بحار العظمه، و كل مرتبه كمال لما قبلها الى ان تتم المعرفه المطلوبه له بحسب ما فى وسعه، و بكمال المعرفه يتم الدين و ينتهى السفر الى الله- تعالى-.

و ما ذكرنا انسب كما لا يخفى.

قوله- عليه السلام- (و لا يستوحش) كان كلمه (لا) تاكيد للنفى السابق، اى و لا سكن يستوحش لفقده او زائده كما فى قوله- تعالى-: (ما منعك ان لا تسجد).

و يحتمل كون الجمله حاليه.

قوله- عليه السلام- (و الزمها اشباحها) الضمير المنصوب فى قوله (الزمها) اما راجع الى الغرائز او الى الاشياء، فعلى الاول المراد بالاشباح الاشخاص اى جعل الغرائز و الصبائع لازمه لها، و على الثانى فالمراد بها اما الاشخاص اى الزم الاشياء بعد كونها كليه اشخاصها، او الارواح اذ يطلق على فى الاخبار عالم الاشباح، و فى بعض النسخ (اسناخها) اى اصولها.

قوله- عليه السلام- (بقرائنها) اى بما يقترن بها.

و (الاحناء) جمع حنو و هو الجانب و الناحيه.

ج: فى خطبه اخرى له- عليه السلام- (اول عباده الله معرفته، و اصل معرفته توحيده، و نظام توحيده نفى الصفات عنه، جل ان تحله الصفات لشهاده العقول ان كل من حلته الصفات مصنوع، و شهاده العقول انه- جل جلاله- صانع ليس بمصنوع، فصنع الله يستدل عليه، و بالعقول يعقد معرفته، و بالفكر تثبت حجته، جعل الخلق دليلا عليه فكشف به عن ربوبيته، هو الواحد الفرد فى ازليته، لا شريك فى الهيته، و لا ندله فى ربوبيته، بمضادته بين الاشياء ا
لمتضاده علم ان لا ضد له و بمقارنه بين الامور المقترنه علم ان لا قرين له.

شا: ابوالحسن الهزلى عن الزهرى و عيسى بن زيد عن صالح بن كيسان، ان امير المومنين- عليه السلام- قال فى الحث على معرفه الله- سبحانه- و التوحيد له: اول عباده الله معرفته.

.

.

.

الى آخر الخبر.

(كائن لا عن حدث موجود لاعن عدم ظاهره الاختصاص به- سبحانه- و حدوث ما سواه، و كذا قوله- عليه السلام- (متوحد اذا لاسكن يستانس به) يدل على حدوث العالم.

و (الانشاء) الخلق، و الفرق بينه و بين الابتداء بان الانشاء كالخلق اعم من الابتداء، قال- تعالى-: (خلق الانسان من صلصال).

و (الابتداء) الخلق من غير سبق ماده و مثال و ان لم يفهم هذا الفرق من اللغه لحسن التقابل حينئذ و ان امكن التاكيد.

و (همامه النفس) اهتمامها بالامور و قصدها اليها.

و (الاضطراب) الحركه، و (الحركه فى الهمامه) الانتقال من راى الى راى او من قصد امر الى قصد امر آخر بحصول صوره، و فى بعض النسخ (و لا همه نفس) بالكسر.

(احال الاشياء لاوقاتها) فى اكثر النسخ بالحاء المهمله اما من الاحاله بمعنى التحويل اى نقل كلا منها الى وقتها، فاللام بمعنى الى و التعليل- كما قيل- بعيد، و اما من قولهم (حال فى متن فرسه) اى وثب، فعدى بالهمزه اى اقر الاشياء فى اوقاتها كمن احال غيره على فرسه- كما قيل- و لا يخفى بعده، و لعله بمعنى الحواله المعروفه اظهر، و فى بعض النسخ الصحيحه بالجحيم كانه- سبحانه- حرك الاشياء و رد دها فى العدم حتى حضر وقتها، و فى الاحتجاج:(اجل) بالجيم المشدده اى اخر.

(و لام بين مختلفاتها) اى جعلها ملتئمه موتلفه كما الف بين العناصر المتخالفه فى الطباع و بين النفوس و الابدان.

(و غرز غرائزها و الزمها اسناخها)، (الغريزه) الخلق و الطبيعه، و (السنخ) بكسر السين و سكون النون، الاصل، و فى بعض النسخ (اشباحها) جمع الشبح محركه اى اشخاصها، و (تغريز الغرائز) ايجادها او تخصيص كال بغريزه خاصه لها او من (تغريز العود فى الارض ليثمر) على ما قيل، و الضمير المنصوب فى (الزمها) راجع الى (الاشياء) كالسوابق و المعنى: جعلها بحيث لا يفارقها اصولها، او جعل الاشخاص لازمه للكليات على النسخه الاخيره، او راجع الى (الغرائز) اى جعل كل ذى غريزه او كل ش
خص بحيث لا تفارقه غريزته غالبا او مطلقا.

(عالما بها قبل ابتدائها) العامل فى (عالما) و ما بعدها اما (الزم) او الافعال الثلاثه الاخيره على الترتيب او الاربعه، او العامل فى الجميع قوله (انشا و ابتدء) بقرينه قوله (قبل ابتدائها).

(محيطا حدودها و انتهائها) لعل المراد بالحدود الاطراف و التشخصات او الحدود الذهنيه، و بالانتهاء الانتهاء اللازم للمحدود او انقطاع الوجود.

(عارفا بقرائنها) اى ما يقترن بها على وجه التركيب او المجاوره او العروض.

و (احنائها) هى جمع (حنو) اى الجانب، و (احناء الوادى) معاطفه، و يدل على جواز اطلاق العارف عليه- سبحانه- و منعه بعضهم.

(ثم انشاء- سبحانه- فتق الاجواء و شق الارجاء و سكائك الهواء)، (الفتق) بالفتح، الشق و (الجو) ما بين السماء و الارض و قيل: الفضاء الواسع و (الارجاء) جمع (الرجا) مقصورا، و هى الناحيه و (السكاك و السكاكه) بضمهما، الهواء الملاقى عنان السماء.

و قال فى النهايه: السكاك و السكاكه الجو، و هو ما بين السماء و الارض، و منه حديث على- عليه السلام- شق الارجاء و سكائك الهواء.

و (سكائك) جمع (سكاكه) كذوابه و ذوائب.

و (الهواء) بالمد، ما بين السماء و الارض، و يقال: كل خال هواء، و منه قوله- تعالى-: (و افئدتهم هواء).

و كلمه (ثم) هنا اما للترتيب الذكرى و التدرج فى الكلام يكون لوجوه منها الانتقال من الاجمال الى التفصيل، و منها الاهتمام بتقديم الموخر او المقارن لوجه آخر، و يستعمل الفاء ايضا كذلك كما مر مرارا، و اما بمعنى الواو المفيده لمطلق الجمع كما قيل فى قوله- تعالى-: ثم اهتدى.

و على التقديرين لا ينافى كون الماء اول المخلوقات كما سياتى، و المراد بفتق الاجواء ايجاد الاجسام فى الامكنه الخاليه بناء على وجود المكان بمعنى البعد و جواز الخلاء او المراد بالجو البعد الموهوم، او احد العناصر بناء على تقدم خلق الهواء كما هو الظاهر
مما سنورده من تفسير على بن ابراهيم، و هذا الكلام لا تصريح فيه بالصادر الاول و سياتى الكلام فيه ان شاء الله.

و قوله (و شق الارجاء) كالتفسير لفتق الاجواء او المراد بالارجاء الا مكنه و الافضيه و بالاجواء عنصر الهواء.

و قوله (و سكائك الهواء) بالنصب كما فى كثير من النسخ معطوف على (فتق الاجواء) اى انشاء- سبحانه- سكائك الهواء، و الجر كما فى بعض النسخ اظهر عطفا على الاجواء اى انشا فتق سكائك الهواء.

قال ابن ميثم: فان قلت: ان الاجواء و الارجاء و سكائك الهواء امور عدميه فكيف تصح نسبتها الى الانشاء عن القدره؟ قلت: ان هذه الاشياء عباره عن الخلا و الاحياز، و الخلاف فى ان الخلا و الحيز و المكان هل هى امور وجوديه او عدميه مشهور، فان كانت وجوديه كانت نسبتها الى القدره ظاهره و يكون معنى فتقها و شقها شق العدم عنها، و ان كانت عدميه كان معنى فتقها و شقها و نسبتها الى القدره تقديرها و جعلها احيازا للماء و مقرا لها لانه لما كان تميزها عن مطلق الهواء و الخلاء بايجاد الله فيها الماء صار تعينها بسبب قدرته- تعالى- فتصح نسبتها الى انشائه، فكان- سبحانه- شقها و فتقها بحصول الجسم فيها.

و روى ان زراره و هشاما اختلافا فى الهواء اهو مخلوق ام
لا، فرفع بعض موالى جعفر بن محمد- عليهماالسلام- اليه ذلك فقال له: انى متحير و ارى اصحابنا يختلفون فيه.

فقال- عليه السلام-: ليس هذا بخلاف يودى الى الكفر و الضلال.

و اعلم انه- عليه السلام- انما اعرض عن بيان ذلك لان اولياء الله الموكلين بايضاح سبله و تثبيت خلقه على صراطه المستقيم لا يلتفتون بالذات الا الى احد امرين: احدهما ما يودى الى الهدى اداء ظاهرا واضحا.

و الثانى ما يصرف عن الضلال و يرد الى سواء السبيل.

و بيان ان الهواء مخلوق او غير مخلوق لا يفيد كثيره فائده فى امر المعاد فلا يكون الجهل به مما يضر فى ذلك، فكان تركه و الاشتغال بما هو اعم منه اولى.

(انتهى كلام ابن ميثم- رحمه الله-).

(فاجرى فيها ماء متلاطما تياره متراكما زخاره)، (اللطم) فى الاصل، الضرب على الوجه بباطن الراحه، و تلاطمت الامواج ضرب بعضها بعضا كانه يلطمه، و (التيار) موج البحر و لجته، و (تراكم الشى ء) اجتمع، و (زخر البحر) مد و كثره ماوه و ارتفعت امواجه، اى انه- سبحانه- خلق الماء المتلاطم الزخار فى الامواج و خلاه و طبعه اولا فجرى فى الهواء ثم امر الريح برده و شده كما يدل عليه قوله- عليه السلام- بعد ذلك (حتى تظهر قدرته).

(حمله على متن الريح العاصفه و الزعزع القاصفه)، (المتن من كل شى ء) ما ظهر منه، و (المتن من الارض) ما ارتفع منه و صلب، و (عصفت الريح) اشتد هبوبها، و (الزعزعه) تحريك الشى ء ليقلعه و يزيله، و (ريح زعزع و زعازع) اى يزعزع الاشياء، و (قصفه- كضر به- قصفا) كسره، (قصف الرعد و غيره) اشتد صوته اى جعل الريح حال قصفهاحامله له فكان متحركا بحركتها، او جعل الريح التى من شانها العصف و القصف.

و هذه الريح غير الهواء المذكور اولا كما سياتى فى قول الصادق- عليه السلام- فى جواب الزنديق (الريح على الهواء و الهواء تمسكه القدره)، فيمكن ان تكون مقدمه فى الخلق عليه او متاخره عنه او مقارنه له، و يمكن ان يكون المراد بها ما تحرك منه كما هو المشهور.

(فامرها برده و سلطها على شده و قرنها الى حده) اى امر الريح ان تحفظ الماء و ترده بالمنع عن الجرى الذى سبقت الاشاره اليه بقوله (فاجرى فيها ماء) فكان قبل الرد قد خلى و طبعه اى عن الجرى الذى يقتضيه طبعه و قواها على ضبطه كالشى ء المشدود و جعلها مقرونه الى انتهائه محيطه به.

و لعل المراد بالامر هنا الامر التكوينى كما فى قوله- (تعالى)-: (كن فيكون) و قوله (تعالى): (كونوا قرده).

قال الكيدرى: قوله (فامرها) مجاز لان الحكيم لا يامر الجما
د به.

(الهواء من تحتها فتيق و الماء من فوقها دفيق اى الهواء الذى هو محل الريح مفتوق اى مفتوح منبسط من تحت الريح الحامله للماء، و (الماء دفيق من فوقها) اى (مصبوب) مندفق، و الغرض انه- سبحانه- بقدرته ضبط الماء المصبوب بالريح الحامله له كما ضبط الريح بالهواء المنبسط و هو موضع العجب.

(ثم انشا- سبحانه- ريحا اعتقم مهبها و ادام مر بها) الظاهر ان هذه الريح غير ما جعلها الله محلا للماء بل هى مخلوقه من الماء كما سياتى فى الروايه، و (الاعتقام) ان تحفر البئر فاذا قربت من الماء احتفرت بئرا صغيرا بقدر ما تجد طعم الماء، فان كان عذبا حفرت بقيتها و يكون (اعتقم) بمعنى صار عقيما، و منه: (الريح العقيم) و فى العين: (الاعتقام) الدخول فى الامر.

و قال ابن ميثم تبعا للكيدرى: (الاعتقام) الشد و العقد.

و لم نجده فى كتب اللغه.

و (المهب) مصدر بمعنى الهبوب او اسم مكان، و على الاول فى الاسناد توسع، و (رب) ياتى بمعنى جمع و زاد و لزم و اقام، قيل: المعنى ان الله- تعالى- ارسلها بمقدار مخصوص تقتضيه الحكمه و لم يرسلها مطلقا بل جعل مهبها ضيقا كما يحتفر البئر الصغير فى الكبيره، و قيل: المعنى جعلها عقيمه لا تلقح و هذا انما يصح لو كان الاعتقام بهذا ا
لمعنى متعديا، او كان مهبها و مرفوعا و فى النسخ منصوب، و قيل: و روى (اقم) فيصح، و يحتمل ان يكون بمعنى شد مهبها و عقده على ما تقتضيه الحكمه و المصلحه، و قيل: على تقدير كون (اعتقم) بالتاء، المراد انه اخلى مهبها من العوائق و انه ارسلها بحيث لا يعرف مهبها من مربها.

و هو كما ترى و معنى ادامه مربها جعلها ملازمه لتحريك الماء و ادامه هبوبها، و فى بعض النسخ (مدبها) بالدال، اى جريها.

و (اعصف مجراها) اى جريانها، او اسند الى المحل مجازا.

(و ابعد منشاها) اى انشاها من مبدا بعيد، و لعله ادخل فى شدتها و (المنشا) فى بعض النسخ بالهمزه على الاصل و فى بعضها بالالف للازدواج.

(فامرها بتصفيق الماء الزخار)، (الصفق) الضرب الذى يسمع له صوت، و (التصفيق) ايضا كذلك لكن مع شده.

(و اثاره موج البحار) اى تهييجه.

(فمخضته مخض السقاء)، (المخض) تحريك السقاء الذى فيه اللبن ليخرج زبده.

(عصفها بالفضاء) اى عصفا شديدا لان العصف بالفضاء يكون اشد لعدم المانع.

و (الساجى) الساكن.

و (المائر) المتحرك، يقال: (مار الشى ء مورا) اى تحرك و جاء و ذهب، و به فسر قوله- تعالى-: (يوم تمور السماء مورا).

و قال الضحاك: اى تموج موجا.

و العباب بالضم، معظم الماء و كثرته و
ارتفاعه، و عب عبابه اى ارتفع، و عب النبت اذا طال.

و ركام الماء بالضم، ما تراكم منه و اجتمع بعضه فوق بعض.

فرفعه فى هواء منفتق اى رفع الله ذلك الزبد بان جعل بعضه دخانا فى هواء مفتوق مفتوح بخلق ما خلق سابقا، او برفع ذلك الدخان.

و فى جو منفهق، و الانفهاق الاتساع و الانفتاح.

قال ابن ميثم: ان القرآن الكريم نطق بان السماء تكونت من الدخان، و كلامه- عليه السلام- ناطق بانها تكونت من الزبد، و ماورد فى الخبر ان ذلك الزبد هو الذى تكونت منه الارض، فلا بد من بيان وجه الجمع بين هذه الاشارات، فنقول: وجه الجمع بين كلامه- عليه السلام- و بين لفظ القرآن الكريم ما ذكره الباقر- عليه السلام- و هو قوله: فخرج من ذلك الموج و الزبد دخان ساطع من وسطه من غير نار فخلق منه السماء.

و لا شك ان القران الكريم لا يريد بلفظ الدخان حقيقته لادن ذلك انما يكون عن النار، و اتفق المفسرون على ان هذا الدخان لم يكن عن نار بل عن تنفس الماء و تبخيره بسبب تموجه فهو اذا استعاره للبخار الصاعد من الماء، و اذا كان كذلك فنقول: ان كلامه- عليه السلام- مطابق للفظ القرآن الكريم و ذلك ان الزبد بخار يتصاعد على وجه الماء لم ينفصل فانه يخص باسم الزبد و ما لطف و غلب عليه
الاجزا الهوائيه فانفصل خص باسم البخار و اذا كان الزبد بخارا و البخار هو المراد بالدخان فى القرآن الكريم كان مقصده و مقصد القران واحدا، فكان البخار المنفصل هو الذى تكونت عنه الارض و هو الزبد، و اما وجه المشابهه بين الدخان و البخار الذى صحت لاجله استعاره لفظه له فهو امران: احدهما حسى و هو الصوره المشاهده من الدخان و البخار حتى لا يكاد يفرق بينهما فى الحس البصرى، و الثانى معنوى و هو كون البخار اجزاء مائيه خالطت الهواء بسبب لطافتها عن حراره الحركه كما ان الدخان كذلك و لكن عن حراره النار، فان الدخان ايضا اجزاء مائيه انفصلت عن جرم المحترق بسبب لطافتها عن حر النار فكان الاختلاف بينهما ليس الا بالسبب، فلذلك صح استعاره اسم احدهما للاخر (و بالله التوفيق).

(انتهى كلام ابن ميثم- رحمه الله-).

جعل سفلا هن موجا مكفوفا و عليا هن سقفا محفوظا و سمكا مرفوعا، الكف المنع، و السقف معروف، و قال الجوهرى و غيره: السقف اسم للسماء.

و المعروف ههنا انسب، و سمك البيت سقفه، و سمك الله السماء سمكا رفعها، و المسموكات السماوات، اى جعل السماء السفلى موجا ممنوعا من السيلان اما بامساكه بقدرته او بان خلق تحته و حوله جسما جامدا يمنعه عن الانتشار و السيلان، او بان اجمدها بعد ما كانت سياله.

و ظاهر هذا الكلام و غيره من الاخبار اختصاص الحكم بالسماء الدنيا.

قال الكيدرى- رحمه الله-: شبه السماء الدنيا بالموج لصفائها و ارتفاعها، او اراد انها كانت فى الاول موجا ثم عقدها، و المكفوف الممنوع من السقوط.

و قال ابن ميثم: شبهها بالموج فى الارتفاع و اللون الموهوم، و قيل: شبهت به لارتعاد الكواكب حسا، و لعل المراد بحفظ العليا امساكها عن النقص و الهدم و السقوط و الخرق الا بامره- سبحانه-.

و قال اكثر الشارحين: اى عن الشياطين و هو لا يناسب العليا بل السفلى، و يناسب ان يكون المراد بقوله- تعالى-: و جعلنا السماء سقفا محفوظا السماء العليا، و يخطر بالبال وجه آخر و هو ان يكون المراد انه- تعالى- جعل الجهه السفلى من كل من السماوات مواجه متحركه واقعا او فى النظر، و الجهه العليا منها سقفا محفوظا تستقر عليه الملائكه و لا يمكن للشياطين خرقها، فيكون ضمير زينها و سائر الضمائر راجعه الى المجموع، فيناسب الايه المتقدمه و هو قوله- سبحانه-: و حفظا من كل شيطان مارد.

و قد يمر بالخاطر وجه آخر يناسب قواعد الهيئه و هو انه- عليه السلام- شبه السماء الدنيا بالموج المكفوف لكون الحركه الخاصه للقمر اسر
ع من جميع الكواكب، فكانه دائما فى الموج و مع ذلك لا تسقط، و وصف العليا بالمحفوظيه لانه ابطاها بالحركه الخاصه فكانها محفوظه ثابته، و على الطريقه السابقه يمكن ان يكون المراد بالسفلى من كل منها خوارج مراكزها و تداويرها و بالعليا منها ممثلاتها، فالاول مواجه لسرعه حركتها و البواقى محفوظه لبطوها.

لكن هذان الوجهان بعيدان عن لسان الشرع و مقاصد اهله، و الوجه الاول مما ابدعنا لا يخلو من قوه و لطافه.

بغير عمد يدعمها و لا دسار ينظمها، العمد بالتحريك، جمع كثره لعمود البيت و كذا العمد بضمتين و جمع القله اعمده و قال الخليل فى العين: العمد بضمتين، جمع عماد و الاعمده جمع عمود من حديد او خشب.

و يظهر من تذكير الفعل انه من اسماء الجمع.

و الدعم بالفتح، ان يميل الشى ء فتدعمه بدعام كما تدعم عروش الكرم و نحوه ليصير له مساكا، و الدعامه الخشبه التى يدعم بها، و فى اكثر النسخ على بناء المجرد مفتوحه العين و هو اظهر، و فى بعضها يدعمها بتشديد الدال على بناء الافتعال من الادعام بمعنى الاتكاء.

و الدسار بالكسر، المسمار و جمعه دسر، و نظم اللولو جمعه فى السلك، و فى بعض النسخ ينتظمها و هو ايضا جاء متعديا، و الضميران المنصوبان راجعان الى السماوا
ت او الى العليا او الى السفلى بقرينه قوله ثم زينها بزينه الكواكب حيث ان الظاهر ارجاع الضمير فيه الى السفلى ليكون اوفق بقوله- تعالى-: انا زينا السماء الدنيا بزينه الكواكب، لكنه بعيد لفظا.

و ارجاع الضمير الى الجميع اظهر و تزيين البعض تزيين للجميع، و هذا مما يقرب الوجه الذى ذكرنا اولا.

و الزينه اما مصدر او اسم ما يزان به كالليقه لما يلاق به اى يصلح به المداد.

قال فى الكشاف: قوله- تعالى- بزينه الكواكب يحتملهما، فعلى الاول اما من اضافه المصدر الى الفاعل بان تكون الكواكب مزينه للافلاك، او الى المفعول بان زين الله الكواكب و حسنها لانها انما زينت السماء لحسنها فى انفسها، و على الثانى فاضافتها الى الكواكب بيانيه.

(انتهى كلام الزمخشرى).

و تنوين الزينه كما قرئت الايه به ليس موجودا فى النسخ.

و زينه الكواكب للسماء اما لضوئها او للاشكال الحاصله منها كالثريا و الجوزاء و نحوهما او باختلاف اوضاعها بحركتها او لرويه الناس اياها مضيئه فى الليله الظلماء او للجميع.

و قوله- تعالى-: بمصابيح فى موضع آخر مما يويد بعض الوجوه، و سياتى القول فى محال الكواكب فى محله.

و ضياء الثواقب المراد بها اماالكواكب، فيكون كالتفسير لزينه الكواكب و ال
كواكب ثواقب اى مضيئه كانها تثقب الظلمه بضوئها، او الشهب التى ترمى بها الشياطين فتثقب الهواء بحركتها و الظلمه بنورها.

فاجرى فيها سراجا مستطيرا و قمرا منيرا و فى بعض النسخ و اجرى بالواو، و المراد بالسراج الشمس، كما قال- تعالى-: سراجا و قمرا منيرا.

قيل: لما كان الليل عباره عن ظل الارض و كانت الشمس سببا لزواله كان شبيها بالسراج فى ارتفاع الظلمه به.

و المستطير المنتشر الضوء، و استطار تفرق و سطح.

و انار الشى ء و استنار اى اضاء.

و قيل: ما بالذات من النور ضوء، و ما بالعرض نور.

كما قال- سبحانه-: هو الذى جعل الشمس ضياء و القمر نورا.

و قيل: لان النور اضعف من الضوء، و الاحتمالات فى الضمائر السابقه جاريه هنا و ان كان الاظهر عند الاكثر رجوعه الى السفلى.

فى فلك دائر الظرف اما بدل عن فيها فيفيد حركه السفلى او العليا او الجميع على تقادير ارجاع الضمير بالحركه اليوميه او الخاصه او الاعم، و اما فى موضع حال عن المنصوبين، فيمكن ان يكون المراد بالفلك الدائر الافلاك الجزئيه.

و الفلك بالتحريك، كل شى ء دائر، و منه فلكه المغزل بالتسكين و يقال: فلك ثدى المراه تفليكا اذا استدار.

و سقف سائر و رقيم مائر، الرقيم فى الاصل، الكتاب، فعيل بمعنى
مفعول، قال ابن الاثير: منه حديث على- رضى الله عنه- فى صفه السماء (سقف سائر و رقيم مائر يريد به و شى الساء بالنجوم.

و المائر المتحرك، و ليس هذرا بالمومر الذى قال الله- تعالى- يوم تمور السماء مورا.

و هاتان الفقرتان ايضا تدلان على حركه السماء لكن لا تنافى حركه الكواكب بنفسها ايضا كما هو ظاهر الايه.

ثم فتق ما بين السماوات العلى فملا هن اطوارا من ملائكته الظاهر ان كلمه ثم للترتيب المعنوى، فيكون فتق السماوات بعد خلق الشمس و القمر بل بعد جعلها سبعا و خلق الكواكب فيه، و يحتمل ان يكون للترتيب الذكرى و الظاهر ان المراد بفتقها فصل بعضها عن بعض فيويد بعض محتملات الايه كما اشرنا اليه سابقا.

و يدل على بطلان ما ذهبت الفلاسفه اليه من تماس الافلاك و عدم الفصل بينها بهواء و نحوه.

و الاطوار جمع طور بالفتح، و هو فى الاصل التاره، قال الله- تعالى-: و قد خلقكم اطوارا.

قيل: اى طورا نطفه و طورا علقه و طورا مضغه.

و قيل: اى حالا بعد حال.

و قيل اى خلقكم مختلفين فى الصفات: اغنياء و فقراء، و زمنى و اصحاء.

و لعل الاخيرهنا انسب.

و لو كانت الملائكه مخلوقه قبل السماوات كما ظاهر بعض الاخبار الاتيه فقبل فتقها كانوا فى مكان آخر يعلمه الله.

منهم سجود لا يركعون، و ركوع لا ينصبون، و صافون لا يتزايلون و مسبحون لا يسامون السجود و الركوع هنا جمع ساجد و راكع و فاعل الصفه يجمع على فعول اذا جاء مصدره عليه ايضا.

و الانتصاب القيام.

و الصف ترتيب الجمع على خط كالصف فى الصلوه و الحرب.

و قال ابوعبيده: كل شى ء بين السماء و الارض لم يضم قطر
يه فهو صاف، و منه قوله- تعالى-: و الطير صافات اى نشرت اجنحتها، و بالوجهين فسر قوله- تعالى- و الصافات صفا، و التزايل التباين و التفارق.

و السامه الملاله و الضجر.

لا يغشاهم نوم العيون، و لا سهو العقول، و لا فتره الابدان و لا غفله النسيان، غشيه- كعلمه- اذا جائه اى لا يعرضهم.

و الفتره الانكسار و الضعف، و ظاهر الكلام اختصاص الاوصاف بهذا الصنف و يمكن ان يكون التخصيص بها جميعا او ببعضها لامر آخر غير الاختصاص.

و منهم امناء على وحيه الوحى فى الاصل ان يلقى الانسان الى صاحبه شيئا بالاستتار و الاخفاء، و يكون بمعنى الكتابه و الاشاره و الرساله.

و السنه الى رسله اى رسلا اليهم، كما قال- تعالى-: الله يصطفى من الملائكه رسلا.

و مختلفون بقضائه اى مقتضياته كما ياتون به فى ليله القدر و غيرها.

و امره اى احكامه او الامور المقدره، كما قال- تعالى-: باذن ربهم من كل امر، فالاحكام داخله فى السابقتين، و يمكن تخصيص الاخير بغير الوحى اى يختلفون لتمشيه قضائه و امره و تسبيب اسبابهما.

و منهم الحفظه لعباده لعل المراد غير الحافظين عليهم الذين ذكرهم الله فى قوله و ان عليكم لحافظين كراما كاتبين، بل من ذكر هم بقوله- سبحانه-: له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله.

و يمكن ان يكون المراد فى كلامه الكاتبين للاعمال بتقدير مضاف، و ربما يفهم من بعض الاخبار اتحاد الصنفين.

و السدنه لابواب الجنان هم المتولون لامور الجنان و فتح ابوابها و اغلاقها.

و اصل السدانه فى الكعبه و بيت الاصنام.

و منهم الثابته فى الارضين السفلى اقدامهم و فى بعض النسخ فى الارض اقدامهم و هو اظهر.

و الجمع على الاول اما باعتبار القطعات و البقاع، او لان كلا من الارضين السبع موضع قدم بعضهم، و الوصف على الاول بالقياس على سائر الطبقات، و على الثانى بالقياس الى السماء.

و المارقه اى الخارجه، يقال: مرق السهم من الرميه اذا خرج من الجانب الاخر.

من السماء العليا اى السابعه.

و الخارجه من الاقطار اى من جوانب الارض او جوانب السماء العليا اى السابعه.

و الخارجه من الاقطار اى من جوانب الارض او جوانب السماء اركانهم اى جوارحهم.

فهذا بيان لضخامتهم و عرضتهم.

و المناسبه لقوائم العرش اكتافهم لعل المراد بالمناسبه القرب و الشباهه فى العظم، و يمكن ان يراد بها التماس، فالمراد بهم حمله العرش.

ناكسه دونه اى دون العرش ابصارهم، و الناكس المطاطى راسه، و فى اسناده الى الابصار دلاله على عدم التفاتهم فى النكس يمي
نا و شمالا.

متلفعون تحته باجنحتهم، اللفاع ثوب يجلل به الجسد كله كساء كان او غيره و تلفع بالثوب اذا اشتمل به.

و بين من دونهم اى سائر الملائكه او البشر او الجن او الاعم، و فى بعض النسخ ناكسه و مضروبه و متلفعين بنصب الجميع.

لا يتوهمون ربهم بالتصوير اى بان يثبتوا لله صوره، و الغرض تقديس الملائكه عن اثباتهم لوازم الجسميه و الامكان له- سبحانه- و التعريض و التوبيخ للمشبهين من البشر، و النظائر جمع نظيره و هى المثل و الشبه فى الاشكال و الاخلاق و الافعال، و النظير المثل فى كل شى ء، و فى بعض النسخ بالنواظر اى بالابصار اى لا يجوزون عليه الرويه، و فى بعضها بالمواطن اى الامكنه.

الحزن بالفتح، المكان الغيظ الخشن.

و السهل ضده.

و سن الماء صبه عن غير تفريق.

و خصلت اى صارت طينه خالصه، و فى بعض النسخ خضلت بالخاء المعجمه و الضاد المعجمه المكسوره اى ابتلت.

و لا طها بالبله اى جعلها ملتصقا بعضها ببعض بسبب البله.

و لزبت بالفتح اى لصقت كما قال- تعالى-: انا خلقنا هم من طين لازب.

و جبل بالفتح اى خلق.

و الاحناء الاطراف جمع حنو بالكسر.

و الوصول هى الفصول، و الاعتبار مختلف.

و اجمدها اى جعلها جامده.

و اصلدها اى صيرها صلبه.

و صلصلت اى صارت صلصالا.

و اللام فى قوله- عليه السلام- لوقت اما متعلق بجبل اى خلقها لوقت نفخ الصور او ليوم القيامه او بمحذوف اى كائنه لوقت فينفخ حينئذ روحه فيه، و يحتمل ان يكون الوقت مده الحياه و الاجل منتهاها او يوم القيامه.

و مثلت بضم الثاء و فتحها، اى قامت منتصبا.

و انسانا منصوب بالحاليه.

و يختدمها اى يستخدمها.

و قوله- عليه السلام- معجونا صفه لقوله انسانا او حال عنه.

و طينه الانسان خلقته و جبلته.

و لعل المراد بالالوان الانواع.

و استادى وديعته اى طلب ادائها.

و الخنوع الذل و الخضوع.

و المراد بقوله- عليه السلام- و قبيله اما ذريته بان يكون له فى السماء نسل و ذريه و هو خلاف ظواهر الاثار، او طائفه خلقها الله فى السماء غير الملائكه، او يكون الاسناد الى القبيل مجازيا لرضاهم بعد ذلك بفعله.

و اعترتهم اى غشيتهم.

و الشقوه بالكسر، نقيض السعاده.

والتعزز التكبر.

و النظره بكسر الظاء، التاخير و الامهال.

و البليه الابتلاء.

و انجاز عدته اعطاوه ما وعده من الثواب على عبادته، و قيل: قد وعده الله الابقاء.

بسط مقال لرفع شبهه و اشكال اعلم انه اجمعت الفرقه المحقه واكثر المخالفين على عصمه الملائكه- صلوات الله عليهم اجمعين- من صغائر الذنوب و كبائرها، و سياتى الكلام فى ذلك فى كتاب السماء و العالم، و طعن فيهم بعض الحشويه بانهم قالوا: اتجعل و الاعتراض على الله من اعظم الذنوب و ايضا نسبوا بنى آدم الى القتل و الفساد و هذا غيبه و هى من الكبائر، و مدحوا انفسهم بقولهم: و نحن نسبح بحمدك و هو عجب، و ايضا قولهم: لا علم لنا الا ما علمتنا اعتذار و العذر دليل الذنب، و ايضا قوله (تعالى)، ان كنتم صادقين دل على انهم كانوا كاذبين فيما قالوه، و ايضا قوله- الم اقل ل
كم- يدل على انهم كانو مرتابين فى علمه- تعالى- بكل المعلومات، و ايضا علمهم بالافساد و سفك الدماء اما بالوحى و هو بعيد و الا لم يكن لاعاده الكلام فائده، و اما بالاستنباط و الظن و هو منهى عنه.

و اجيب عن اعتراضهم على الله بان غرضهم من ذلك السوال لم يكن هو الانكار و لا تنبيه الله على شى ء لا يعلمه، و انما المقصود من ذلك امور: منها: ان الانسان اذا كان قاطعا بحكمه غيره ثم رآه يفعل فعلا لا يهتدى ذلك الانسان الى وجه الحكمه فيه استفهم عن ذلك متعجبا فكانهم قالوا: اعطاء هذه النعم العظام من يفسد و يسفك لا تفعله الا لوجه دقيق و سر غامض، فما ابلغ حكمتك! و منها: ان ابداء الاشكال طلبا للجواب غير محظور، فكانه قيل: الهنا انت الحكيم الذى لا تفعل السفه البته، و تمكين السفيه من السفه قبيح من الحكيم، فيكف يمكن الجمع بين الامرين؟ او ان الخيرات فى هذا العالم غالبه على شرورها، و ترك الخير الكثير لاجل الشر القليل شر كثير، فالملائكه نظروا الى الشرور، فاجابهم الله- تعالى- بقوله: انى اعلم ما لا تعلمون اى من الخيرات الكثيره التى لا يتركها الحكيم لاجل الشرور القليله.

و منها: ان سوالهم كان على وجه المبالغه فى اعظام الله- تعالى- فان العبد ال
مخلص لشده حبه لمولاه يكره ان يكون له عبد يعصيه.

و منها ان قولهم: اتجعل مساله منهم ان يجعل الارض او بعضها لهم ان كان ذلك صلاحا، نحو قول موسى: اتهلكنا بما فعل السفهاء منا اى لا تهلك، فقال- تعالى-: انى اعلم ما لا تعلمون من صلاحكم و صلاح هولاء، فبين انه اختار لهم السماء و لهولاء الارض ليرضى كل فريق بما اختار الله له.

و منها: ان هذا الاستفهام خارج مخرج الايجاب كقول جرير الستم خير من ركب المطايا اى انتم كذلك و الا لم يكن مدحا، فكانهم قالوا: انك تفعل ذلك و نحن مع هذا نسبح بحمدك، لانا نعلم فى الجمله انك لا تفعل الا الصواب و الحكمه، فقال- تعالى-: انى اعلم ما لا تعلمون فانتم علمتم ظاهرهم و هو الفساد والقتل، و انا اعلم ظاهر هم و ما فى باطنهم من الاسرار الخفيه التى يقتضى اتخاذهم.

و الجواب عن الغيبه ان من اراد ايراد السوال وجب ان يتعرض لمحل الاشكال، فلذلك ذكروا الفساد و السفك مع ان المراد ان مثل تلك الافعال يصدر عن بعضهم، و مثل هذا لا يعد غيبه، و لو سلم فلا نسلم ذلك فى حق من لم يوجد بعد، و لو سلم فيكون غيبه للفساق و هى مجوزه، و لو سلم فلا نسلم ان ذكر مثل ذلك لعلام الغيوب يكون محرما لا سيما من الملائكه الذين جماعه منهم مام و رون بتفتيش احوال الخلائق و اثباتها فى الصحف و عرضها على البارى- جل اسمه-.

و عن العجب بان مدح النفس غير ممنوع منه مطلقا، كما قال- تعالى-: و.

اما بنعمه ربك فحدث على انهم انما ذكروه لتتمه تقرير الشبهه.

و عن الاعتذار بانه لا يستلزم الذنب بل قد يكون لترك الاولى.

ثم ان العلماء ذكروا فى اخبار الملائكه عن الفساد و السفك وجوها.

منها: انهم قالوا ذلك ظنا لما راوا من حال الجن الذين كانوا قبل آدم- عليه السلام- فى الارض، و هو المروى عن ابن عباس و الكلبى، و يويده ما رويناه عن تفسير الامام- عليه السلام- سابقا، او انهم عرفوا خلقته و علموا انه مركب من الاركان المتخالفه والاخلاط المتنافيه الموجبه للشهوه التى منها الفساد و الغضب الذى منه سفك الدماء.

و منها انهم قالوا ذلك على اليقين، لما يروى عن ابن مسعود و غيره انه- تعالى- لما قال للملائكه: انى جاعل فى الارض خليفه قالوا: ربنا و ما يكون الخليفه؟ قال: ربنا اتجعل فيها، او انه- تعالى- كان قد اعلم الملائكه انه اذا كان فى الارض خلق عظيم افسدوا فيها و يسفك الدماء او انه لما كتب القلم فى اللوح ما هو كائن الى يوم القيامه فلعلهم طالعوا اللوح فعرفوا ذلك، او لان معنى الخليفه اذا كان النائ
ب عن الله فى الحكم و القضاء، و الاحتياج انما يكون عند التنازع و التظالم كان الاخبار عن وجود الخليفه اخبار عن وقوع الفساد و الشر بطريق الالتزام.

و قيل: لما خلق الله النار خافت الملائكه خوفا شديدا فقالو: لم خلقت هذه النار؟ قال: لمن عصانى من خلقى.

و لم يكن يومئذ لله خلق الا الملائكه، فلما قال: انى جاعل فى الارض خليفه عرفوا ان المعصيه منهم.

و جمله القول فى ذلك انه لما ثبت بالنصوص و اجماع الفرقه المحقه عصمه الملائكه لابد من تاويل مايوهم صدورالمعصيه منهم على نحو ما مر فى عصمه الانبياء- عليهم السلام-.

(هذا بيان آخر فى صفه خلق آدم- عليه السلام-:) توضيح: استادى وديعته اى طلب ادائها، و الوديعه اشاره الى قوله- تعالى-: و اذ قال ربك للملائكه انى خالق بشرا.

و الخنوع الخضوع.

و القبيل فى الاصل، الجماعه تكون من الثلاثه فصاعدا من قوم شتى، فان كانوا من اب واحد فهم قبيله، و ضم القبيل هنا الى ابليس غريب فانه لم يكن له فى هذا الوقت ذريه و لم يكن اشباهه فى السماء فيمكن ان يكون المراد به اشباهه من الجن فى الارض بان يكونوا مامورين بالسجود ايضا، و عدم ذكرهم فى الايات و سائر الاخبار لعدم الاعتناء بشانهم، او المراد به طائفه خلقها الله-
تعالى- فى السماء غير الملائكه، و يمكن ان يكون المراد بالقبيل ذريته و يكون اسناد عدم السجود اليهم لرضاهم بفعله كما قال- عليه السلام- فى موضع آخر: انما يجمع الناس الرضا و السخط و انما عقر ناقه ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا فقال - سبحانه- فعقروها فاصبحوا نادمين (الشعراء: 157( اعترتهم اى غشيتهم.

والتعزز التكبر.

و استوهنه اى عده وهنا ضعيفا.

نفاسه اى بخلا.

و ارغد عيشته اى جعلها رغدا و الرغد من العيش الواسع الطيب.

و المحله مصدر قولك: حل بالمكان و الاسناد مجازى.

و اغتره اى طلب غفلته و اتاه على غره و غفلته منه.

و نفست عليه الشى ء و بالشى ء بالكسر، نفاسه اذا لم تره له اهلا.

و نفست به بالكسر ايضا، اى بخلت به.

و المقام بالضم، الاقامه.

و قيل: فى بيع اليقين بالشك وجوه: الاول: ان معيشه آدم فى الجنه كانت على حال يعلمها يقينا و ما كان يعلم كيف يكون معاشه بعد مفارقتها.

الثانى ان ما اخبره الله من عداوه ابليس بقوله: ان هذا عدو لك و لزوجك كان يقينا فباعه بالشك فى نصح ابليس اذ قال: انى لكما لمن الناصحين.

الثالث: ان هذا مثل قديم للعرب لمن عملا عمل لا ينفعه و ترك ما ينبغى له ان يفعله.

الرابع: ان كونه فى الجنه كان يقينا فباعه بان اكل من الشجره فاهبط الى دار التكليف التى من شانها الشك فى ان المصير منها الى الجنه اوالى النار.

و جذل كفرح لفظا و معنى، و سيتضح لك ما تضمنته الخطبه فى الابواب الاتيه.

/ 50