• عدد المراجعات :
  • 855
  • 8/29/2009
  • تاريخ :

يا كوكباً ما كان أقصر عمره

السيد عبد العزيز الحكيم

في السنة الحادية والستين من الهجرة لقي سبط النبي (صلى الله عليه و سلم) مصرعه في كربلاء ، كان حدثا" جللا" و مصابا" كبيرا" ، طاف خصومه برأسه البلدان .. ولما استقر الجسد المقدس مع رأسه ، اشتعلت الثورات في كل مكان على خلفية المطالبة بدم المقتول بكربلاء .

التاريخ يستعيد نفسه .. وا لمشهد الحسيني الذي يطوف في البلدان ، يتكرر مع جثمان عبد العزيز الحكيم .. هذا امام يهبط اخيرا" بمثوى الخالدين في النجف ، و كأنه يهبط على جموع الاتباع من السماء و ليس من الطائرة ..

و اذ ينهي الألم مسيرة سنتين من الضغط الشديد على جسده النحيل .. تنتهي اسطورة كفاح طويل لرجل سيخلف ورائه مكاسب بحجم المسيرة مثلما سيخلف احزانا" بحجم المكاسب !.

كان قليل الكلام .. كثير الفعل ، يوصل الليل بالنهار و ايته المكوث هناك عند اقرب نقطة في الحدود مع زرباطية تخطيطا" لعملية جهادية او بناء لخلايا سرية ، هي مفتح دورة الحياة في وقت كان العراق يعيش احتباس الحياة .

لم يتصرف مرة بوصفه احد انجال الامام الحكيم ، ولم يشعر الاخرون من الاتباع بايقاع هذا الامتداد النسبي ، و هم يتواصلون معه في حركة الثورة او في التوثيق لجرائم النظام .. كان في حركته ابنا" سببيا" لمرجعية الناس قبل ان يكون نجلا" نسبيا" لمرجعية الامام .

و هكذا يخرج الرجل النحيل من غرف الدرس في النجف الى ميدان العمل الوطني الواسع ويبدأ معه عصر جديد من التوهج العالي في سماوات التمرد العراقي الكبير !.

هو اخر انجال المرجع الحكيم .. لكنه اول الابناء الذين تركوا بصمة واضحة في مسيرة الدولة منذ بدايات التاسيس الاول ..

و رغم وجود الشقيق الشهيد في محراب التثقيف و بناء المشروع الوطني والاصلاح الاجتماعي السياسي لكن السيد عبد العزيز الحكيم ، كان في قلب العملية السياسية .. و ميدانيا" ، هو الزعيم الفعلي للأكثرية النيابية عبر اول تجربة وطنية في التاريخ السياسي العراقي الحديث .

هذا يعني ان الرجل هو المسؤول الاول عن الحقوق المدنية و السياسية للشيعة في العراق ..

و حين يمثل الام وتطلعات هذه الشريحة الاساسية في البلد يعني ان المهمة ثقيلة و الحمل مكلف و لا ينهض بالحمل الثقيل الا اهله .

و خلال سنوات و رغم معاناة المرض الطويلة اختصر ابو عمار الطريق على المعذبين فقد تحول المظلومون قواعد تاسيس و الضحايا منذ عصر كلكامش نواة لحرية منهوبة و ها هو الطريق يشيع في عبد العزيز بيعة مطلقة للحق المغصوب و الديمقراطية الذبيحة والحلم الذي لم يتحقق الا بعد دهور .

في بيت الامام الحكيم .. و في اوائل الخمسينات من القرن الفائت عانق وجهه شهاب القباب العلوية ..

ان هؤلاء الانجال لا يولدون كما تولد الاشياء العادية في مستهل انبثاق الاشياء انهم يتشكلون كما تتشكل البحار والمحيطات .

رأى بام عينيه عباءة المرجع .. و دوران الارض حول مسائل الفقه و تطورات السياسة وتشكل الاحزاب و تحديات الواقع المفروض المرفوض من قبل مرجعية الامام .

شاهد عناق التوحد بين الاسلام و الامة تحت راية المرجع العتيد .. و اختمرت في ذهنه فكرة ان لا دولة الا بالحرية و لا حرية شاملة الا بالاعتماد على الخزين المتوقد في حركة الناس و حشود الاتباع .

هذه القراءة تقدم عبد العزيز الحكيم للناس بوصفه الامتداد الجغرافي لمرجعية التاريخ فيما الثانية فهي المقصودة المغلوب على امرها.... المأمورة باداء وظيفة التامر على التاريخ !!.

حتى و هو في مجلس الحكم .. او وهو يرفع يده لملايين الاتباع زعيما" لاغلبية برلمانية نوعية لم يخالجه اعتداد او زهو .. وبقى رهين محبس التقاة والنزاهة والادمية الفذة .. وعاش وهو اقرب الناس للناس واكثرهم احساسا" بمعاناتهم وعقد تسويات حقيقية مع المحيط اكراما" لوطن الامهات والمقدسات ومواكب الشهداء !!.

من الاخطاء الفادحة .. هي ان يؤخذ الحكيم الراحل بوصفه نسيجا" لوحده .. او انه شقيق محمد باقر الحكيم الذي قدم لرئاسة المجلس وزعامة الصوت الشيعي الوطني من بوابة الشقيق القتيل !!.

عبد العزيز الحكيم امتداد لمدرسة الاسلام العراقي وهو يمثل في هذا الامتداد 70% من الصوت الوطني الذي استقدم الاسلاميين العراقيين لاول برلمان في تاريخ العراق بعد التجربة البرلمانية الاولى في العهد الملكي ..

بقلم: عمار البغدادي

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)