سباحة فی الوحل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سباحة فی الوحل - نسخه متنی

محمد یوسف الصلیبی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الشارع أحاول أن أتفادى السيارات لأذهب
إلى الرصيف الآخر. لم أعره انتباهاً.
- يا هلالي.
لا أود الحديث معه. يسألني كثيراً ويقطع
سيل أفكاري التي أحبها. أشرت له بيدي أن
ابتعد. لكنه أصرّ على أن ألتفت إليه. فعلت.
شدهت. عمقت نظراتي فيه. إنه هو. من أين أتى
هذا الذي أمامي؟ تسمرت قدماي. انعدمت
قدرتي على الحركة. وسط الطريق. وصلني.
تعانقنا. أخذت السيارات تتزاحم حولنا.
شتمنا أحدهم وصرخ فينا آخر أن انتقلا إلى
الرصيف. فعلنا متعانقين. أمام مطعم بو كمال
وقفنا.
- أين أنت؟‍ سألني أحمد.
وأحمد الشاوي هذا صديق أيام المرحلة
الإعدادية. كان يحدثنا عن مغامراته
الطفولية أيام كان يذهب إلى مصر حيث كان
يرافق والده الذي كان يعمل بالتجارة بين
مصر وغزة. كنا نلتف حوله وهو يتوه بنا في
مغامراته والتي كان جزءً منها حقيقياً
والآخر من بنات أفكاره. كان من الطلبة
الممتازين، لكنه لم يصل إلى مستوانا
الدراسي حيث كنت وفاروق من الأوائل أما
عبد الكريم فكان في مدرسة أخرى.
- ها أنذا هنا في دمشق. قلت بحرارة.
- وماذا تعمل؟
- قبلت في الجامعة.
- دمشق؟
- لا.. جامعة غزة. قلت ساخراً.
- لا زلت ساخراً.
- طبعاً جامعة دمشق.
- في أي كلية؟ تابع أسئلته.
- الآداب، قسم اللغة الإنجليزية.
- والطب؟ سألني أحمد، وهو يعرف مقدار
تعلقي بكلية الطب.
- ذهبت مع الريح. قلت له مستعيراً عنوان
تلك الرواية الأمريكية الذائعة الصيت.
- أنت كما أنت. أيامك كلها تذهب مع الريح.
وغادة قالت لي ها أنت ذا تعود أنت. من وسط
وحدتك تظهر لك. وما أجملها من وردة تنغرس
في حياتك وترويها بأفكارك. هذه الأحلام لا
تفارقني. وأنا لا أفارقها.
- هي...هي.
- عدت إلى المتاهات.
اختطفني من لحظتي. لحظتي مع أحمد الشاوي،
ولحظتي مع غاده. ينتزعني من وحدتي حتى وأنا
مع الآخرين.
- ماذا تريد؟
- من هذا الذي احتضنته بكل ثناياك؟
- وما دخلك أنت؟
- ظننت أنني الأثير عندك!
- لا تظن. إبق على يقينك.
لكزني أحمد الشاوي. أعادني إليه.
- أما زلت كما أنت؟
- وماذا تغير؟
- لقد تخلصت من ذيب وذيبه.
- إنهما يسكناني.
- ألست جائعاً؟
- من قال ذلك؟ الجوع والوحدة وأحلام
اليقظة هي حياتي.
دخلنا مطعم بو كمال. لم أتردد لحظة. أعرف
أن أسعاره غالية. الجيب مملوءة بالنقود.
تردد الشاوي. دفعته إلى الأمام. أنت ضيفي
اليوم. دخلنا. دخل معنا. ثلاثة. لم يره أحمد.
يحدثني وأرد عليه. فيجيب الشاوي. استمتعنا
بالطعام والشاي. أشعلت لفافة تبغ. قدمت
واحدة لأحمد. اعتذر بأنه لا يدخن. استعرت
كلمات فاروق، وربما صديق آخر لا أذكر أسمه.
"الرأس اللي ما فيها كيف حلال قطعها." ابتسم
أحمد وابتسم ثالثنا. أشعل لفافة هو الآخر.
- أين تسكن؟
- لا زلت بلا سكن. وأنام في الفندق.
- كما أنت دائماً. تسكن ولا تسكن.
يا لهذه الكلمات المنطلقة من فيه تذكرني
بصاحبة الغيمة السوداء. تساقطت الأمطار
بغزارة. كنت أرقبها من زجاج المطعم الذي
يفصلنا عن الشارع. لم أعلق على ملاحظته.
- أين ستذهب. سألني أحمد.
- لا أعرف.
تهت عنه. رجعت إلى تلك الأيام الطويلة في
غزة. الأمطار غزيرة. وشوارع غزة موحلة.
ومنذ معرفتي بكرة القدم كنت من مشجعي
النادي الأهلي المصري. واليوم هو يوم كرة
القدم. مباراة بين الأهلي والزمالك.
الحجرة مغلقة. حجرة ذيب، ولا أكلم ذيبه.
أريد أن أسمع وصفاً للمباراة. رغبتي
اكتسحت كل المحاذير. وهذه لحظات لن تتركها
ذيبة تمر دون أن تلقي كل القاذورات في
طريقي. الراديو.. راديو ذيب في الحجرة. كيف
الوصول إليه؟ هو في العمل. تسللت إلى الباب
المغلق. حاولت فتحه. مقفل بالمفتاح. كيف
السبيل إليه؟
- أريد أن أحضر قصتي من حجرته. قلت.
لم ألفظ أسمها. لا أكلمها. والمرات
القليلة التي كنا فيها على وفاق كانت
كريمة معي.
- قال أخوك بأن لا يدخل حجرته أحد.
- لكني أريد قصتي.
عرفت قصدي. وعرفت كيف تذلني. وتدلق عفن
الزمن على أشلائي.

/ 88