سباحة فی الوحل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

سباحة فی الوحل - نسخه متنی

محمد یوسف الصلیبی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

- لا بأس.
أطفأت لفافتي. عدت مكاني. تقلصت حريتي
التي ظننت أنني استرددتها كاملة. لا تدخن.
لكنه كان لطيفاً. وما فائدة اللطافة إن
كانت ستمنعك من الاستمتاع بلفافتك؟ كانت
دموعي تحفر لها مجريين على صفحتيّ وجنتيّ.
كنت أبكي نفسي! حالي.. لوعتي..ضياعي وتيهي.
أينما يممت وجهك فثمة مأساتك أمامك تفضح
بهجة لحظتك ومظاهر سعادتك. مأساتك تلك لن
تغادرها ولن تغادرك.
صحوت على صوت دمشق يملأ خلاياي. أنا لك
وأنت لي. أخاف منك. أنت الغامضة. أنت
الواضحة. أنت المبتسمة. أنت المكتئبة.
دمشق.. مرحباً بك أسترد بك ذاتي. بردها أقسى
من برد غزة. عدلت عن الذهاب إلى الفندق.
آثرت أن أتجول في شوارعها. سرت على طول سور
معرض دمشق الدولي. نهر بردى.. جدول ضيق يقسم
المدينة إلى جزأين. ومشاعري تقسمني جزأين.
روحي وأفكاري هناك في شوارع مخيم جباليا
وجوارحي هنا في دمشق. نظيف هذا الشارع.
غسلته الأمطار. من يغسل أدران روحي؟ صنعت
دنياي. هي لي وحدي. أحدهم يحتضن ذراعاً
بضةً أنيقة. يهمس في أذنها وتهمس له.
تطايرت الهمسات. طرت معها.
غادة.. تلك الابتسامة الهادئة المرسومة
على شفتين دقيقتين انزلق عليهما أحمر
الشفاه فترك بصماته عليهما. كلماتها
هامسة. غزالة تتجول في المدينة. كنت
بجانبها. هي أذن غزالة أليفة وأنا صاحبها.
وتقول إن إحباطاتك أبدية؟! هي لحظة ذبت
فيها. كثيرة تلك اللحظات. لا ليس كما تظن.
لكنها لحظة تساوي العمر كله. ما لهذه
الدنيا تستولي على كل لحظات الصفاء التي
أقتنصها من بين فكيّ القدر؟! لم ألمس
شفتيها، ولم أكن لأفعل لو أتيحت لي الفرصة.
هي مقلة العين ومقلة العين لا يمكن تقبيلها
إلا عن بعد. تحترق مشاعري داخلي. تحس بها.
ذاك زمن مضى. لن تستطيع أن تسترده. ومع ذلك
فأنا أخلقها في دنياي.
تزاحمت الأمطار الخفيفة فوق وجهي. أحس بها
كوخزات الإبر الخفيفة. إحساس ممتع. تركتها
تنساب على هذا الرأس المهموم وأفكاره
المتراكمة. تبللت ملابسي. أسرعت الخطى إلى
مسكني. نعم إنه مسكني. وعند المدخل انهمرت
الأمطار بشراسة. نجوت. وكم مرة نجوت في
حياتك؟! بل كم مرة سينقذك القدر من هلاك
محقق؟! ها أنت ذا تعود إلى سوداويتك التي
كثيراً ما حذرك منها عبد الكريم وفاروق.
أين هما؟ وهل سيعوضني القدر بمن هم على
شاكلتهما؟ لا أظن. علني ألتقي بهما مرة
أخرى! من يدري؟ فالقدر له تصاريفه العجيبة.
وقفت دقائق أتابع انهمار المطر من خلف زجاج
الباب الأمامي. كأنني تحولت إلى قطرات ماء
امتزجت مع هذا المطر، عله يطهر روحي. لا
أحد في الشارع المحاذي للفندق. فقط سيارات
تمر مسرعة. تحاول الهروب. وكنا نحاول
الهروب أيضاً. ولكن من رمضاء الطريق. عندما
خرجنا من منازلنا القرميدية، مصطفى الواوي
وجهاد وحسان. تسللنا من المخيم إلى قرية
بيت لاهيا القريبة. كنا حفاة وشمس الظهيرة
تلفح الأرض ووجوهنا بحرارة حارقة. تقافزنا
حتى لا تخترق حرارة الطريق الرملية
أقدامنا. انتهينا تحت أشجار الجميز .
تسلقنا إحداها وأخذ كل واحد منا يزدرد
ثمارها باستمتاع. لا يستطع صاحبها أن
يكتشفنا، فالوقت وقت غداء واستلقاء، ونحن
نستلقي على أفرع الشجرة الضخمة نلتهم
ثمارها بنهم يضاهي نهم الجراد إذا حط على
شجرة مورقة. امتلأت أمعاؤنا. نزلنا. تركنا
أجسادنا تستريح طويلاً في ظلال الشجرة.
تفتقت أفكارنا عن فكرة رائعة. اقتلعنا
"قولايح" الصبر. خلصناها من أشواكها. بحثنا
عن بعض الخرق البالية. صنعنا منها ومن
"قواليح" الصبر شباشباً تقي أقدامنا حرارة
الطريق الرملية. نجحت الفكرة لبعض الوقت.
بعدها تقطعت الخرق البالية وتكسرت
"القواليح" وعادت الحرارة تخترق أقدامنا
من جديد لتصل إلى مراكز الحس في عقولنا
فنقفز بسرعة كمن لسعته عقرب سامة.
صحوت على صوت موظف الاستقبال في الفندق
يدعوني إلى فنجان من الشاي. تقافزت
أحاسيسي مختلطة بشهوتي. علها هناك! خاب
ظني. خيبتي الأبدية. إحباطاتي المتتالية.
دلقت فنجان الشاي إلى معدتي وبرفقته دفقات
من لفافة دخنتها باستمتاع. استأذنت الجلوس
وغادرت إلى حجرتي. استبدلت ملابسي
المبتلة. راقبت المطر الذي لا زال ينهمر
بغزارة من النافذة. أطفأت نور الحجرة.
استلقيت على سريري.
لم أدخل دمشق بعد.
خطوتك الأولى كانت في دهاليز مظلمة أضاءت
دنياك المقفرة. كانت لحظة شعرت فيها
برجولتك. عبق السنين التي احتوت تيهك وأنت
صبي ترتع في شوارع مخيم جباليا. استنسختها
ثانية أمامي. تخلصت من ملابسها. ألست
راقصة؟ بلى. قالت. وماذا لو أمتعتيني برقصة
قبل أن تنتهكي ذاتي وتستخلصي رحيقها؟
استجابت. انزلقت من على السرير. افترشت أنا
الأرض. باردة. الحرارة المنبعثة من أطرافها
آنستني تلك البرودة فاحتضنتها بأفكاري.

/ 88