آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الواقع أنّ القصاص أو صاحب العمل الفني الذي يصوّر فيه جانباً من حياة الناس والأشخاص، لا يعطينا ترجمة ذاتية حقيقية حتى وإن تطابقت الوقائع والشخصيات والطباع مع ما نعرفه عنه وعمّن حوله، وهو في نفس الوقت لا يعطينا عملاً منفصلاً عن ذاته تماماً، بل يقدّم عجينة أو طبخة تمتزج فيها وقائع حقيقية مع وقائع متخيّلة مع مشاعر صادقة ومفترضة، وكل هذا يقلب تقليباً جيداً يمزج مزجاً بارعاً ليصبّ في قالب نسميه القصة أو الرواية أو غير ذلك من الأنواع الأدبية.

ولذلك لا أستطيع أن أسمّي أي عمل فني ترجمة ذاتية إلاّ إذا كان مكتوباً بهذه النيّة ولهذا الغرض بالضبط، أي أن يقول لنا المؤلف هذه هي مذكراتي، أو هذه هي حياتي، ويكتبها بأسلوب السرد المباشر لحياته. أمّا إذا صبّ هذه الحياة في قالب روائي أو فني أيّاً كان فإنّه في الحال يصبح عملاً فنياً لا ينبغي لنا بأية حال من الأحوال أن نسميه ترجمة ذاتية، وإن كان للناقد أحياناً أن يستشف من هذا العمل الفني بعض القرائن التي تعينه على رسم صورة ذاتية للمؤلف أو عصره، ولكن على أن يكون مجرّد قرائن من اجتهاد الناقد أو الدارس وتحت مسؤوليته الشخصية، وليس له بأي حال من الأحوال أن يستند إلى هذا العمل الفني باعتباره ترجمة ذاتية للمؤلف، لأنّه متى دخلت يد الفن والصياغة الفنية في عمل من الأعمال لم يعد بوسعنا أن نفرز أو نميّز بين ماهو حقيقي وماهو متخيّل، فالفن هو الفن والترجمة الذاتية هي الترجمة الذاتية"(3).

وعلى الرغم من كل ما بين ديكنز وتوفيق الحكيم من اختلاف بيّن في مدى الرؤية الروائية، فإنّ المتوازيات بين عودة الروح ورواية مثل الآمال العظام لديكنز تدعو إلى عقد نوع من المقارنة تجعلنا نرى شيئاً ممّا لتوفيق الحكيم وما عليه في ميدان الرواية من خلال مقارنة بينة، وبين أحد عمالقة الرواية مثل ديكنز.

أولاً صورة الفلاح، أو ابن الريف، وهي الصورة المحورية في الروايتين. بطل الآمال العظام مثل محسن ابن الريف، وأصله هذا هو الذي يشكّل الصراع في الرواية من أولها إلى آخرها. كادت الأقدار تحتّم على بب أن يعيش حياته كلّها في الريف بجانب جو صاحب المحددة وزوج أخته، وهو الريفي الصادق الذي لا تتغيّر صورته المشرقة والتي تتّسم بالطيبة والصدق، وكأنّه أنموذج رائع أبدعه ديكنز ليكون الصورة المثالية للريفي. كان من المفروض أن يبدأ حياته متدريّاً على الحدادة على يدي جو وهو ما يسمّى بالإنجليزية apprentice ليصبح بعد ذلك معلماً في أمور الحدادة. لكن خيال بب يرفض الحياة المملّة والرتيبة التي يتميّز بها سير الحياة في الريف، ويجد هوى في نفسه على التمرّد منذ الفرصة الأولى عندما يلتقي باستيلا الفتاة التي كانت تكبره بقليل. يقع محسن في غرام سنيه مثل ما يقع بب في غرام استيلا وهي أيضاً تكبره بقليل. يذهب محسن إلى بيت سنيه على سبيل اللهو والتسلية، مثل ما يذهب بب إلى بيت استيلا، تباعد الظروف بين العشيقين في رواية ديكنز مثل ما تباعد الظروف بين محسن وسنيه، وذلك ليلتهب شعور العاشق ويصبح درساً في العشق من جانب واحد. وفي النهاية يحظى درمل باستيلا مثل ما يحظى مصطفى بسنيه لا لسبب إلاّ لأنّ العشيقة في الروايتين تريد ذلك. يعود مصطفى إلى رشده (وهنا تبادل في الدور بين محسن ومصطفى)، ويذهب إلى المحلة الكبرى ليعمل في مصنع والده وينقذه من الضياع إلى الأبد) مثل ما يذهب بب إلى مصر ليبدأ العمل الجاد ويكسب عيشه بعرق الجبين ويرجع بعد عدّة أعوام وقد أصبح جنتلماناً حقيقياً من خلال كسب العيش الكريم بدلاً من اعتماده على أموال غيره مدّة من الزمن أثناء إقامته في لندن بعد أن هجر الريف وآثر عيش المدينة أملاً في الظهور أمام استيلا بمظهر ابن المدينة. في النهاية يعود محسن إلى رشده مثل ما يحصل مع بب وتعود الروح التي تخليا عنها ردحاً من الزمن إلى صاحبها ليشق طريقه من جديد بروح استعادها من جديد(4).

/ 137