آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وليس من قبيل التعميم أن نقول إنّ الموهبة الفنية أكثر ما تحتاج عندما تنطلق في مجال الإبداع الروائي إلى خلفية محليّة. وتظلّ الخلفية الحضارية العالمية رافداً ومعيناً لموهبة الروائي الفردية ومحليتها. فعلى سبيل المثال عندما كتب ديكنز الرواية، كان تأثير دوستوفسكي فيه، وكذلك عدد آخر من الروائيين الروس واضحاً، لكنه صاغ فنّه الروائي من محلية إنجليزية سواء ما اتّصل بها من واقع، أو فن سابق في الرواية الإنجليزية. وينسحب هذا على العديد من مشاهير الروائيين. وفي حالة توفيق الحكيم، فقد كان لسيطرة الفقه والبلاغة والمقالة ولغتها على المشهد الأدبي تأثيراً سلبيّاً، إذ إنّه لا يمكن أن يساعد الحكيم في شيء نحو الانطلاق بالرواية. إنّ الرواية أي رواية تحتاج بادئ ذي بدء إلى لغة روائية لها مميّزات تختلف عن لغة النثر الفني أو العادي سواء ما اتّصل منها بالوصف أو الحوار(1). فاللغة الروائية هي العمود الفقري الذي تقوم عليه الشخصية وتنهض من سياقها على يد الراوي. يقول فتجنشتاين أن حدود عالمه هي حدود لغته.

كتب توفيق الحكيم عودة الروح وهو لا يجد مرتكزاً محلياً يرتكز عليه، وقبل البحث في التفاصيل، أودُّ أن أقول إنّ توفيق الحكيم لم يجد بُداً من الارتكاز على مصرية مصر في الفرعونية واللغة العامية كبقايا خلفية محلية لا مناص من البحث عنها والتشبث بأهدابها. فعندما كتب ديكنز الآمال العظام وقبلها ديفد كوبرفيللد كانت اللغة الروائية جاهزة بالنسبة له، وأكثر من ذلك، فقد كانت الرواية كجنس أدبي معترف بها، وعلى الرغم من أنّ روّاد القرن الثامن عشر أمثال فيلدنجز وريتشاردز لم يكتبا رواية بالمعنى المتعارف عليه للرواية، إلاّ أنّ أعمالهما الروائية أشاعت الثقة في روائيي القرن التاسع عشر أمثال ديكنز. أليست هذه العجالة تبريراً لصعوبة الموقف الذي كان يواجه توفيق الحكيم؟

إنّ الركيزة الأساسية التي اتخذها توفيق الحكيم منطلقاً له في عودة الروح هي المسرحية وتقنيتها، إذ إنّه كتب الرواية وفي ذهنه المسرحية وليس العكس، وأعتقد أنّ تفوّق الحكيم في المسرحية كان عاملاً مشجعاً على كتابة الرواية. وكان يدرك مدى أهمية الرواية كجنس أدبي وضرورة تقديمها في الأدب العربي، وفي الوقت ذاته كان مسلّحاً بتقنية المسرحية. ولا ريب في ذلك، فالرواية جنس أدبي منفتح على مختلف التقنيات في الأجناس الأدبية الأخرى. ونحن نعلم مثلاً أنّ الروائي الإنجليزي هنري فيلدنجز الذي يُعَدُّ الرائد الأول في الرواية الإنجليزية، كتب روايته تحت عنوان ملهاة بصورة ملحمة تكتب بالنثر، أي أنّه استعار الملحمة كجنس أدبي يكتب من خلاله رواية، وذلك بسبب غياب الرواية كجنس أدبي عن الأدب الإنجليزي آنذاك، وفي توفّر الملحمة كجنس أدبي رأى فيلدنجز الاستعانة به كأقرب تقنية يمكن التشبث بها لإخراج الروائية إلى حيّز الوجود، وهكذا فعل توفيق الحكيم الذي لم يجد أمامه من سبيل إلاّ أن يخرج عودة الروح في تقنية مسرحية ما تستطيع أن تناله.

/ 137