آفاق الروایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آفاق الروایة - نسخه متنی

محمد شاهین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الكلمة الأولى في البداية هي بيت القصيد، إذ إنها تؤسس المسافة بين الراوي والمروي عليه، وتبعد شهرزاد الحقيقة عن شهريار الحقيقي، ممّا يؤهّلها لأن تقدّم هوية شهرزاد الراوي الضمني لتخلق بدورها شهريار المتلقّي الضمني، وهذا ما يفكّ الارتباط بين شهريار القاتل، وشهريار المتلقّي الضمني. وأول مهمّات السرد هنا بل وأصعبها هو فكّ مثل هذا الارتباط، إذ لا يمكن أن يكون للسرد تأثير في قاتل دون أن يتحول عن موقف القتل هذا. فشهريار ليس كبقية الخلق من جمهور المتلقّين الذي يستقبلون الحكي بقلب مفتوح وحميمية بريئة يَفْقِدُ المتلقّي براءته عادة تدريجياً مع سماع السرد. فشهريار القاتل لا يتمتّع بأدنى درجات البراءة. وهنا تكمن الإشكالية، فشهرزاد تروي للقاتل المقتول.

وأبرز المفارقات في أمر التواصل بين الراوي والمروي عليه في ألف ليلة وليلة هي أنّ الميّزة التي يتمتّع بها السرد في الحكاية المحكيّة نتيجة القرب المكاني والزماني، والتي من شأنها عادةً توثيق الأولى إلغاء الوضع الذي وجدت شهريار عليه، نظراً للحاجة الماسّة إلى تبديله. من هنا تبرز أهمية الكلمة الأولى في افتتاحية شهرزاد التي تدعوه بأدب جمّ أن يخرج من الزمن والحدث اللذين كبّلاه طيلة المدة، وأن يدخل مدخل صدق في زمن وحدث جديدين هما في واقع الأمر أزمنة وأحداث متنوّعة غير محدودة تتوالى في الحكايات المختلفة، تتعدّى في آفاقها أفق الزمن والحدث القاتلين حدّيهما ومحدوديتهما. وحياديّة هذه الأزمنة والأحداث يكوّن مصدر جذب أساسي يُدخل شهريار في دائرة السحر. وهكذا يؤتي الحكي ثماره، ويصبح شهريار قادراً على التمتّع بأهم ميّزة السرد وهي التأمل، وأكثر من ذلك، فإنّ حكايات شهرزاد ليست من النوع الذي هو للاستهلاك، إذ إنها تعلّق انتباه شهريار إلى ما لا نهاية، وهي تنساب في زمن اللانهاية، وتقدّم له النصّ ليكتشفه هو بنفسه، وتَمْثُل أمامه شخصيات الحكايات، وهي تنبض بالحياة ليحاكيها ويتأمّلها بوعي جديد يستبدل شبح الموت بصورة الحياة.

إشكاليّة التلقّي في ألف ليلة وليلة إذن هي أنّ السرد لا يبدأ من الصفر، ولا ببراءة المتلقّي المعهودة، بل بفكّ الارتباط بين شهريار وذاته وزمانه أولاً، يتلوه ارتباط، أو ما يعرّفه رولان بارت في حديثه عن فن الرواية الحديثة بالتعاقد بين الراوي والمروي عليه، بين الكاتب والقارئ. ويقترح وولتر بنجامين (الناقد الذي يتمنّى على تقنية الرواية الحديثة أن تعود في حميميتها إلى ما كانت تقدّمه الحكاية قديماً" وصفاً لهذا التعاقد، يتبنّاه بحماس بيتر بروكس، فيقول: "إنّ فكرة الحكي هي موهبة، وهي فعل يدلّ على السخاء ينبغي على المتلقّي أن يستجيب له بسخاء مماثل، فإمّا أن يروي قصّة أخرى (كما هي الحال في حكايات ديكاميرون وموروثها)، وإمّا أن يعلّق على القصّة المحكيّة. وفي جميع الأحوال، يكون الحكي برهاناً على أنّ هذه الموهبة قد استقبلت [بحفاوة من قِبَل المتلقّي]، وأنّ الحكي قد أحدث تغييراً."(12)

ونظراً لأنّ الارتباط بين الراوي والمروي عليه في ألف ليلة وليلة ذا إشكالية خاصّة، فإنّه من الطبيعي أن يكتفي شهريار بالاعتراف بموهبة، شهرزاد، وأن يظلّ أغلب الوقت صاغياً حتى النهاية كدليل صامت على تحوّله وتغيّره، بل واستجابة لهذه الموهبة.

هذه الإشكالية الخاصة، هي التي أمدّت في عمر ألف ليلة وليلة وجعلتها تتميّز عن سائر الحكايات الأخرى في نطاق موروث الحكاية العالمي الذي أصبح سجلاً في تاريخ الحكاية أكثر منه أنموذجاً في تقنيتها، إذ إنّ ألف ليلة وليلة تتضمّن ميّزات الحكاية التي استُثْمرت في تقنيات الرواية، وأهمّها كما أشرنا أعلاه الراوي الضمني، والمتلقّي الضمني، أو ما يشير إليه حازم شحاته في حكايات الطيور قناع الراوي ومرآة المروي عليه. وهنا يبلغ نجاح شهرزاد أقصاه عندما طلب شهريار منها أن تحدّثه حتى يسمع حكاياتها. فتروي شهرزاد وتروي وتظل تروي ونصغي ونصغي، ونظل نصغي، وفي الختام تعيش شهرزاد وتسقط الجناية، وفي الختام يحيا الراوي على مرّ الزمن ويسقط الجاني في هوّة الزمن.

/ 137