قوة فكرية في طريقها إلى التوازن - اخلاق عند الامام الصادق نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اخلاق عند الامام الصادق - نسخه متنی

محمد امین زین الدین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ولعل هذا وأمثاله يكشف لنا حكمة مستورة في بعض الأحاديث الواردة عن الأئمة من أهل البيت(ع) في الحث على الفضائل التي تقرب بظاهرها التفريط، فهي تحث على الزهد والقناعة لتقابل الإفراط في بهيمية الشهوة، وتدعو إلى الحلم والرفق لتحد من وحشية الغضب، وكم لأمناء الشرع في هذا وأمثاله من كلمة جامعة.

وقد عرفنا ان الاعتدال الخلقي يقوم بملكات أربع يعدها علماء الأخلاق أصولاً للأخلاق الفاضلة ورؤوساً للملكات الصحيحة الفرعية، فمن الجدير ان نشير إلى بعض خواص هذه الأصول، ونستعرض جانباً من فروعها لنلم بعض الإلمام بآراء الإمام الصادق(ع) في ذلك.

الحكمة

التوازن العادل في القوة الفكرية هو الحكمة، والرذيلة التي تقابل الحكمة من جانب التفريط هي الحمق والبلادة ويعنون بها تعطيل القوة الفكرية عن العمل، وكبت مالها من مواهب واستعداد، والخسيسة التي تضادها من جانب الإفراط هي المكر والدهاء ويريدون منه التجاوز بالفكر عن حدود البرهان الصحيح، واستخدام قوة العقل في ماوراء الحق فقد تثبت نتائج ينكرها الحس وقد تنفي أشياء تثبتها البداهة.

ولست أرى ان لفظ المكر والدهاء يدلان على هذا المعنى لأنهما بمعنى الاحتيال والخداع، وهو شيء آخر وراء الحكمة الباطلة التي يقصدها هؤلاء المفسرون، أما الدهاء بمعنى جودة الرأي فهو يقرب من معنى الحكمة، وإذن فلنسم هذه النقيصة الخلقية(بالحكمة الباطلة) كما يسميها علماء الأخلاق.

ونحن إذا فحصنا الفضيلة العقلية(الحكمة) وجدناها تتألف من عنصرين أساسيين لا غِنَّي لهما عن أحدهما:

قوة فكرية في طريقها إلى التوازن

وعلم يرشد هذه القوة إلى طريق الاعتدال.

ليس التوازن في القوة الفكرية من الأشياء التي تمنحها المصادفة، ويكونها الاتفاق، وليس بالأمر السهل الذي تكفي في حصوله للإنسان خبرة قليلة وتجربة نادرة، لأنه توازن في كل ما يعتقد، وتوازن في كل ما يقول، وتوازن في كل ما يعمل، وأنى للقوة الفكرية بهذه الاستقامة التامة إذا هي لم تستعن بإرشاد العلم الصحيح، وأنّى للعقل بمفرده ان يبصر هداه في الطريق الشائك والمسلك الملتوي.

كلنا نتمنى التوازن العادل في طبائعنا والاستقامة التامة في سلوكنا، وأي أفراد البشر لا يتمنى الكمال لنفسه ولكن الجهل يقف بنادون الحد، وميول النفس تبعدنا عن الغاية، والعقل هو القوة الوحيدة التي يشيع فيها جانب التفريط بين أفراد الإنسان، وذلك من تأثير الجهل، فالجهل أول شيء يحاربه علم الأخلاق، لأنه أول خطر يصطدم به الكمال الإنساني، وأول انحطاط تقع فيه النفس البشرية، وأول مجرّئ لها على ارتكاب الرذيلة، بل هو أول خطيئة وآخر جريمة.

يرتكب الجاهل إخطاء خلقية تعود بالضرر على نفسه وقد يعود ضررها على أمة وشعبة أيضاً، وعذره في ذلك أنه جاهل، وإذا كان الفقيه لا يعد الجهل عذراً في مخالفة النظام الشرعي، فإن الخلقي أجدر ان لا يقبل ذلك العذر لأن الفقه اسلس قياداً والفقيه أكثر تسامحاً أما العالم الخلقي فإنه يطبق نظامه بعنف، ويقرر نتائجه بدقة، ولا يجد في المخالفة عذراً لمعتذر، ولا سيما إذا كان ذلك العذر أحد المحظورات الخلقية كالجهل.

وإذن فمن الرشد أن يكون العلم أول شيء يفرضه علم الأخلاق، ومن الحكمة ان يقول النبي العربي(ص) (طلب العلم فريضة على كل مسلم) وأن يقول وصيه الإمام الصادق(ع): (إِني لست أحب ان أرى الشاب منكم إِلا غادياً في حالين: أما عالماً أو متعلما، فإن لم يفعل فرًط، فإن فرَّط ضيّع،فإن ضيّع أثم، فإن أثم سكن النار والذي بعث محمداً بالحق).

الشباب دور القوة والعزيمة، وعهد الطموح والرغبة، وزمان الجد والعمل والشباب دور تكامل القوى، وتوثب النزعات، وبعد ذلك كله فالشباب هو الدور الأول الذي يتسلم فيه الإنسان قيادة نفسه، ويختص به تهذيب خلقه وتثقيف ملكاته، ولعل المربي قد أساء الصنع بتربيته فأنجد في الطريق وأتهمت الغاية،

/ 41